ج3. وج4. كتاب : الأسماء والصفات{من389-الي820}
.ج3. كتاب : الأسماء والصفات
المؤلف : البيهقي أحمد بن الحسين أبو بكر باب ما جاء في
إثبات صفة البصر والرؤية وكلتاهما عبارتان عن معنى واحد
قال الله عز وجل : {إن الله هو السميع البصير}.
وقال : {إن الله بعباده لخبير بصير}.
وقال : {إنه كان بعباده خبيرا بصيرا}.
وقال : {وكان الله سميعا بصيرا}.
وقال : {فسيرى الله عملكم}.
وقال : {ألم يعلم بأن الله يرى}
وقال : {إنني معكما أسمع وأرى}
389- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ
الثَّقَفِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ يَعْنِي الْحَذَّاءَ عَنْ
أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي غَزَاةٍ ، فَجَعَلْنَا لا نَصْعَدُ شَرَفًا ، وَلا نَعْلُو شَرَفًا ، وَلا
نَهْبِطُ فِي وَادٍ إِلاَّ رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا بِالتَّكْبِيرِ ، قَالَ :
فَدَنَا مِنَّا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا
أَيُّهَا النَّاسُ ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، فَإِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمَّ
وَلا غَائِبًا ، إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا ، إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَ
أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ ، مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ.
يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسِ ، أَلا أُعَلِّمُكَ
كَلِمَةً مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ : لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ.
أَخْرِجَاهُ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ
خَالِدٍ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ :
سَمِيعًا قَرِيبًا.
رَوَاهُ مُسْلِمُ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ،
عَنْ
عَبْدِ الْوَهَّابِ ، وَكَأَنَّهُ قَالَهُمَا جَمِيعًا ،
وَذَلِكَ بَيِّنٌ مِنْ رِوَايَةِ النَّرْسِيُّ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ،
عَنْ أَبِي عُثْمَانَ
381- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنِ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ
بْنُ صِدِّيقٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ وَأَخْبَرَنَا
أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيٍّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ،
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرِ ، وَمُحَمَّدُ بْنِ
يُونُسَ النَّسَائِيُّ ، وَهَذَا لَفْظُهُ ، قَالا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
يَزِيدَ الْمُقْرِئُ ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ ، حَدَّثَنِي أَبُو
يُونُسَ ، سُلَيْمُ بْنُ جُبَيْرٍ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ : إِنَّ اللَّهَ
يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ، إِلَى قَوْلِهِ :
إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ، يَضَعُ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ
وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى عَيْنِهِ ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا ،
وَيَضَعُ إِصْبَعَيْهِ قُلْتُ :
وَالْمُرَادُ بِالإِشَارَةِ الْمَرْوِيَّةِ فِي هَذَا
الْخَبَرِ تَحْقِيقُ الْوَصْفِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالسَّمْعِ
وَالْبَصَرِ ، فَأَشَارَ إِلَى مَحَلَّيِ السَّمْعِ
وَالْبَصَرِ مِنَّا لإِثْبَاتِ صِفَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ لِلَّهِ تَعَالَى ،
كَمَا يُقَالُ قَبَضَ فُلانٌ عَلَى مَالِ فُلانٍ ، وَيُشَارُ بِالْيَدِ عَلَى
مَعْنَى أَنَّهُ حَازَ مَالَهَ ، وَأَفَادَ هَذَا الْخَبَرُ أَنَّهُ سَمِيعٌ
بَصِيرٌ لَهُ سَمْعٌ وَبَصَرٌ لا عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ عَلِيمٌ ، إِذْ لَوْ كَانَ
بِمَعْنَى الْعِلْمَ لأَشَارَ فِي تَحْقِيقِهِ إِلَى الْقَلْبِ ، لأَنَّهُ مَحَلُّ
الْعُلُومِ مِنَّا ، وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ إِثْبَاتُ الْجَارِحَةِ ، تَعَالَى
اللَّهُ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ عُلُوًا كَبِيرًا
391- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنِ
يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيِّ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
التَّرْقُفِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ،
عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ
أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَنَامُ ،
وَلا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ، يُرْفَعُ
إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ النَّهَارِ ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ
اللَّيْلِ ، وَحِجَابُهُ النَّارُ لَوْ كَشَفَهَا لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ
كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ
392- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ،
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا جَرِيرُ ، عَنِ الأَعْمَشِ
، بِهَذَا الإِسْنَادِ ، قَالَ
: قَامَ فِينَا فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ سُفْيَانَ
إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : حِجَابُهُ نُورٌ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ،
وَالْحِجَابُ الْمَذْكُورُ في هذا الخبر وغيره يرجع إلى الخلق ، لأنهم هم
المحجوبون عنه بحجاب خلقه فيهم ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكُفَّارِ : كَلا
إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ، وَقَوْلُهُ : لَوْ كَشفها
يعني لَوْ رَفَعَ الْحِجَابَ عَنْ أَعْيُنِهِمْ ، وَلَمْ يُثَبِّتْهُمْ
لِرُؤْيَتِهِ لاحْتَرَقُوا ، وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهَا.
393- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ
، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ ، قَالَ : يُقَالُ فِي السُّبْحَةِ : إِنَّهَا
جَلالُ وَجْهِ اللَّهِ.
وَمِنْهَا قِيلَ : سُبْحَانَ اللهِ إِنَّمَا هُوَ
تَعْظِيمٌ لَهُ وَتَنْزِيهٌ
394- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الْحَرْبِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ
بْنُ دُكَيْنٍ ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ
أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَامَ
فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعٍ ، فَقَالَ :
إِنَّ اللَّهَ لا يَنَامُ وَلا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ
وَيَرْفَعُهُ ، وَيُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمِلُ اللَّيْلِ قَبْلَ النَّهَارِ ،
وَعَمِلُ النَّهَارِ قَبْلَ اللَّيْلِ ، حِجَابُهُ نُورٌ ، لَوْ كَشَفَهَا
لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ ثُمَّ قَرَأَ
أَبُو عُبَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ
وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَفِي هَذَا تَأْكِيدٌ لِقَوْلِ
أَبِي عُبَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ سُبُحَاتٍ مِنَ التَّسْبِيحِ
الَّذِي هُوَ التَّعْظِيمُ ، وَالتَّنْزِيهُ
395- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْمُنَادِي ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمُؤَدِّبُ ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ
الإِيمَانِ ، قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، مَا الإِحْسَانُ ؟ قَالَ : أَنْ تَعْبُدَ
اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَكُنُ تَرَاهُ ، فَإِنَّهُ
يَرَاكَ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ
حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ
جماع أبواب إثبات صفة الكلام وما يستدل به على أن القرآن
كلام الله عز وجل غير محدث ، ولا مخلوق ولا حادث
باب ما جاء في إثبات صفة الكلام
قال الله جل ثناؤه : {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي
لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا}.
وقال عز وجل : {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر
يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله}.
وقال تبارك وتعالى : {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره
حتى يسمع كلام الله} ولم يقل : حتى يرى خلق الله.
وقال : {يسمعون كلام الله ثم يحرفونه}.
وقال : {يريدون أن يبدلوا كلام الله}.
وقال : {واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته}.
وقال : {لا تبديل لكلمات الله}.
وقال : {وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته}.
وقال : {ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر
الكافرين}.
وقال : {ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون}.
وقال : {ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين} {11}.
وقال : {إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو
جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم}.
وقال : {وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس
أجمعين}.
وقال : {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا}
396- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ عَبْدُوسٍ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ
، فِيمَا قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : تَكَفَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ
لا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلاَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ
، أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، أَوْ يُرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ
مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ مَالِكٍ
397- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنِي دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ السُّجْزِيُّ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ
مُحَمَّدٍ التُّرْكُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْجُرَشِيُّ ، وَإِبْرَاهِيمُ
بْنُ عَلِيٍّ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ
بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيِّ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : تَكَفَّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ ، لا
يُخْرِجُهُ
مِنْ بَيْتِهِ إِلاَّ جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللهِ ،
وَتَصْدِيقُ كَلَّمْتِهِ ، بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، أَوْ يُرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ
الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ ، أَوْ غَنِيمَةٍ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ يَحْيَى
398- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ الْمُخَرِّمِيُّ
، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ،
عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : أَتَى
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ
اللهِ ، الرَّجُلُ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً ، وَيُقَاتِلُ
رِيَاءً ، فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا ، فَهُوَ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عِنِ
الأَعْمَشِ
399- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنَ يُوسُفَ وَهُوَ الأَخْرَمُ
، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ
بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : أَتَيْنَا
جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي حَجِّ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ فِيهِ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُمْ بِأَمَانَةِ
اللهِ ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ تَعَالَى.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ حَاتِمٍ
400- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ
مُحَمَّدِ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو دَاوُدَ ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أُمَيَّةَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ ، عَنْ
كُرَيْبٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : خَرَجَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِ جُوَيْرِيَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا ، وَكَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ ، فَحَوَّلَ اسْمُهَا فَخَرَجَ وَهِيَ
فِي مُصَلاهَا ، فَرَجَعَ وَهِيَ فِي مُصَلاهَا ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : لَمْ تَزَالِي فِي مُصَلاكِ هَذَا ؟ ، قَالَتْ : نَعَمْ ، قَالَ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ
ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ لَوَزَنَتْهُنَّ : سُبْحَانَ اللهِ
، وَبِحَمْدِهِ ، عَدَدَ خَلْقِهِ ، وَرِضَاءَ نَفْسِهِ ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ ،
وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنِ ابْنِ
أَبِي عُمَرَ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، قُلْتُ :
وَكَلِمَاتُ اللهِ تَعَالَى لا تَنْتَهِي إِلَى أَمَدٍ وَلا تُحْصَرُ بِعَدٍّ ،
وَقَدْ نَفَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا النَّفَادَ كَمَا نَفَى عَنْ ذَاتِهِ
الْهَلاكَ ، وَالْمُرَادُ بِالْخَبَرِ ضَرْبُ الْمَثَلِ دَلالَةً عَلَى الْوُفُورِ
وَالْكَثْرَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
401- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ
، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلانِسِيُّ ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ
أَبِي إِيَاسٍ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو
دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ ، عَنْ
مَنْصُورٍ ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا :
أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ ،
وَمَنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ ثُمَّ يَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
كَانَ أَبُوكُمْ يُعَوِّذُ بِهِمَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ عَلَيْهِمَا
السَّلامُ لَفْظُ حَدِيثِ جَرِيرٍ ، وَفِي حَدِيثِ شَيْبَانَ : كَانَ أَبُوكُمْ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَالْبَاقِي سَوَاءٌ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ
402- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ
الْقَاضِي ، فِي آخَرِينَ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ
: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ،
وَأَبِيهِ الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ حَدَّثَاهُ ، عَنُ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ
اللهِ بْنِ الأَشَجِّ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي
وَقَّاصٍ ، عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَنَّهَا
سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : إِذَا
نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلا فَلْيَقُلْ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ
مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ، فَإِنَّهُ لا يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ
قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَنِ الْقَعْقَاعِ
بْنِ حَكِيمٍ ، عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ
لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ ، يَعْنِي النَّوْمَ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : أَمَا أَنَّكَ لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ
التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
هَارُونَ بْنِ مَعْرُوفٍ ، وَغَيْرِهِ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ
403- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ
السُّلَمِيُّ ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِينِيُّ ،
حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ
حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنِ
الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ ، قَالَ : إِنَّ يَعْقُوبَ
بْنَ عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ ، يَقُولُ :
سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ خَوْلَةَ بِنْتَ
حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، تَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : مَنْ نَزَلَ مَنْزِلا ، ثُمَّ
قَالَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ كُلِّهَا مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ،
لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
قُتَيْبَةَ بْنِ رُمْحٍ ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ
404- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ
، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالا : أنا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ ، أَخْبَرَنَا
اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ
رَبِيعَةَ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ أَنَّ أَبَا
صَالِحٍ مَوْلَى غَطَفَانَ أَخْبَرَهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ ، لَدَغَتْنِي
عَقْرَبٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ
أَنَّكَ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ
شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّكَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
عِيسَى بْنِ حَمَّادٍ
405- أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ
، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَمِّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي
طَارِقُ بْنُ مُخَاشٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّهُ أُتِيَ بِلَدِيغٍ ،
فَقَالَ : لَوْ قَالَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا
خَلَقَ ، لَمْ يُلْدَغْ ، وَلَمْ يَضُرَّهُ
406- أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ
الْعَنْبَرِيُّ ، أَخْبَرَنَا جَدِّي يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ
الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ
عَمْرٍو ، أَخْبَرَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالِ ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، قَالَ : إِنَّ الْوَلِيدَ
بْنَ الْوَلِيدِ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الأَرَقَ ، حَدِيثُ النَّفْسِ بِاللَّيْلِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا آوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ ، فَقُلْ : أَعُوذُ
بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ ، وَعِقَابِهِ ، وَمَنْ شَرِّ
عِبَادِهِ ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ، وَأَنْ يَحْضُرُونَ ، فَإِنَّهُ
لَنْ يَضُرَّكَ ، وَحَرِيُّ أَنْ لا يَقْرَبَكَ هَذَا مُرْسَلٌ ، وَشَاهِدُهُ الْحَدِيثُ
الْمَوْصُولُ الَّذِي
407- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
الدُّنْيَا ، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ،
عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا كَلِمَاتٍ نَقُولُهُنَّ عِنْدَ النَّوْمِ
مِنَ الْفَزَعِ : بِسْمِ اللهِ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ
غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ ، وَمَنْ شَرِّ عِبَادِهِ ، وَمَنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ
، وَأَنْ يَحْضُرُونَ فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
يُعَلِّمُهَا مَنْ بَلَغَ مِنْ وَلَدِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ كَتَبَهَا
وَعَلَّقَهَا عَلَيْهِ قُلْتُ : فَاسْتَعَاذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمَرَ أَنْ يُسْتَعَاذَ فِي هَذِهِ الأَخْبَارِ
بِكَلِمَاتِ اللَّهِ
تَعَالَى ، كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى جَلَّ
ثَنَاؤُهُ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِهِ ، فَقَالَ : وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ
هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ، وَقَالَ عَزَّ
وَجَلَّ : فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، وَلا يَصِحُّ أَنْ يَسْتَعِيذَ
بِمَخْلُوقٍ مِنْ مَخْلُوقٍ ، فَدَلَّ أَنَّهُ اسْتَعَاذَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ
ذَاتِهِ ، وَأَمَرَ أَنْ يُسْتَعَاذَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ ، وَهِيَ
غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَسْتَعِيذَ بِذَاتِهِ ،
وَذَاتُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ
408- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا
الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ ، حَدَّثَنَا الأَحْوَصُ بْنُ جَوَّابٍ ، حَدَّثَنَا
عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْحَارِثِ ، وَأَبِي
مَيْسَرَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ مَضْجَعِهِ :
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّاتِ
مِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ
بِنَاصِيَتِهِ ، اللَّهُمَّ أَنْتَ تَكْشِفُ الْمَغْرَمَ
وَالْمَأْثَمَ ، اللَّهُمَّ لا يَنْهَزِمُ جُنْدُكَ وَلا يُخْلَفُ وَعَدُكَ ، وَلا
يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ سُبْحَانَكَ ، وَبِحَمْدِكَ قُلْتُ : فَاسْتَعَاذَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْخَبَرِ بِكَلِمَاتِ
اللهِ كَمَا اسْتَعَاذَ بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ ، فَكَمَا أَنَّ وَجْهَهُ الَّذِي اسْتَعَاذَ
بِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، فَكَذَلِكَ كَلِمَاتُهُ الَّتِي اسْتَعَاذَ بِهَا غَيْرُ
مَخْلُوقٍ ، وَكَلامُ اللهِ تَعَالَى وَاحِدٌ ، وَإِنَّمَا جَاءَ بِلَفْظِ
الْجَمْعِ عَلَى مَعْنَى التَّعْظِيِمِ وَالتَّفْخِيمِ ، كَقَوْلِهِ : إِنَّا
نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ، وَقَالَ : فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ
الْقَادِرُونَ ، وَإِنَّمَا سَمَّاهَا تَامَّةً ، لأَنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ
يَكُونَ فِي كَلامِهُ عَيْبٌ أَوْ نَقْصٌ كَمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي كَلامِ
الآدَمِيِّينَ ، وَبَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
أَنَّهُ كَانَ يَسْتَدِلُّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ،
قَالَ : وَذَلِكَ ، لأَنَّهُ مَا مِنْ مَخْلُوقٍ إِلاَّ وَفِيهِ نَقْصٌ قُلْتُ :
وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
أَنَّهُ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَبِمُعَافَاتِكَ
مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَبِكَ مِنْكَ فَلا يُخَالِفُ مَا قُلْنَا وَذَلِكَ ، لأَنَّ
الرِّضَا عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْجِعُ إِلَى
الإِرَادَةِ ، وَهُوَ إِرَادَةُ إِكْرَامِ
الْمُؤْمِنِينَ ، وَكَذَلِكَ الرَّحْمَةُ تَرْجِعُ إِلَى الإِرَادَةِ وَهِيَ
إِرَادَةُ الإِنْعَامِ وَالإِكْرَامِ ، وَالإِرَادَةُ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ ،
فَاسْتَعَاذَتُهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَيْضًا وَقَعَتْ بِصِفَةِ الذَّاتِ كَمَا
وَقَعَتْ فِي قَوْلِهِ : بِكَ بِالذَّاتِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ، وَوَجَدْتُ فِي
كَلامِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ،
أَنَّهُ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ تَعَالَى ، وَسَأَلَهُ أَنْ يُجِيرَهُ بِرِضَاهُ
مِنْ سَخَطِهِ ، وَبِمُعَافَاتِهِ مِنْ عُقُوبَتِهِ ، قُلْتُ : فَالاسْتِعَاذَةُ فِي هَذَا أَيْضًا
وَقَعَتْ بِغَيْرِ مَخْلُوقٍ ، لِيَجْعَلَهُ مِنْ أَهْلِ رِضَاهُ ، وَمُعَافَاتِهِ
دُونَ سَخَطِهِ وَعِقَابِهِ
409- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ
، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو
دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ ،
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ سَالِمٍ ، يَعْنِي ابْنَ أَبِي
الْجَعْدِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ :
كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهَ عَلَى النَّاسِ
بِالْمَوْقِفِ ، فَقَالَ : أَلا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ ، فَإِنَّ
قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلامَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ لَفْظُ
حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ ، وَفِي رِوَايَةِ الدُّورِيِّ ،
قَالَ : لَمَّا أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ
يُبَلِّغَ الرِّسَالَةَ جَعَلَ يَقُولُ : يَا قَوْمِ ، لِمَ تُؤْذُونَنِي أَنْ
أُبَلِّغَ كَلامَ رَبِّي يَعْنِي الْقُرْآنَ
410- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ الأَصْبَهَانِيُّ أَبُو الشَّيْخِ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو يَعْلَى ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ،
قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَازِيًا ،
فَلَقِيَ الْعَدُوَّ ، فَأَخْرَجَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
وَأَشْرَعُوا فِيهِ الأَسِنَّةَ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : ارْفَعُوا عَنِّي
سِلاحَكُمْ ، وَأَسْمِعُونِي كَلامَ اللهِ تَعَالَى هَذَا مُرْسَلٌ حَسَنٌ
باب ما جاء في إثبات صفة القول وهو والكلام عبارتان عن
معنى واحد.
قال الله عز وجل : {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن
حق القول مني}.
وقال تعالى : {لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون}.
وقال جَلَّ وعلا : {ما يبدل القول لدي}.
وقال جَلَّ جلاله : {ومن أصدق من الله قيلا}.
وقال تبارك وتعالى : {ومن أصدق من الله حديثا}.
وقال تعالى : {سلام قولا من رب رحيم}.
وقال عز وجل : {قوله الحق}.
وقال جَلَّ وعلا : {فالحق والحق أقول} ؛ فأثبت الله جل
ثناؤه لنفسه صفة القول في هذه الآيات
411- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو
عَلِيٍّ ، إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ
الرَّمَادِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ،
قَالَ : أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ ، عَنْ طَاوُسٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ
ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، يَقُولُ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ ، قَالَ : اللَّهُمَّ
لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ
قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ، أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكُ الْحَقُّ
، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ ، وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ ، وَالنَّارُ
حَقٌّ ، وَالنَّبِيُّونَ
حَقٌ ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ
وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ ، وَبِكَ خَاصَمْتُ ، وَإِلَيْكَ
حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ ، وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ ،
وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ إِلَهِي لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ مَحْمُودٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ
كِلاهُمَا ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
412- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ بْنُ شِيرَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ
أَبِيهِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ :
كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ
عَيْنَاهُ وَعَلا صَوْتُهُ ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ
جَيْشٍ ، يَقُولُ : صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ ، وَيَقُولُ : بُعِثْتُ أَنَا
وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ وَيُفَرِّقُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ
وَالْوسْطَى
وَيَقُولُ : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ
كِتَابُ اللهِ ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ، وَشَرَّ الأُمُورِ
مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ
ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ
نَفْسِهِ ، مَنْ تَرَكَ مَالا ، فَلأَهْلِهِ ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ
ضَيَاعًا فَإِلَيَّ أَوْ عَلَيَّ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى
413- وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي
إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدُ اللهِ الشَّيْبَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ
عَوْنٍ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ الْهَجَرِيُّ ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ :
الْهُدَى ، وَالْكَلامُ فَأَصْدَقُ الْحَدِيثِ كَلامُ اللهِ ، وَأَحْسَنُ
الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَشَرُّ
الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ
ضَلالَةٌ ، وَكُلُّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ وَهَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
414- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ
بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ
مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُنَا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى مَا
شَاءَ فِيمَا أَوْحَى خَمْسِينَ صَلاةٍ
عَلَى أُمَّتِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَذَكَرَ مُرُورَهُ
عَلَى مُوسَى ، وَأَمْرُهُ إِيَّاهُ بِمَسْأَلَةِ التَّخْفِيفِ ، وَذَكَرَ
مُرَاجَعَتَهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى صَارَ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ ، وَأَنَّهُ قَالَ
: يَا رَبِّ ، أُمَّتِي ضِعَافٌ أَجْسَادُهُمْ ، وَقُلُوبُهُمْ ، وَأَسْمَاعُهُمْ
، وَأَبْصَارُهُمْ ، فَخَفِّفْ عَنَّا ، فَقَالَ : إِنِّي لا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ
لَدَيَّ ، هِيَ مَا كَتَبْتُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ، وَلَكَ بِكُلِّ
حَسَنَةٍ عَشَرُ أَمْثَالِهَا ، هِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ، وَهِيَ
خَمْسٌ عَلَيْكَ.
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ
باب ما جاء في إثبات صفة التكليم ، والتكلم ، والقول سوى
ما مضى
قال الله جل ثناؤه : {وكلم الله موسى تكليما} فوصف نفسه
بالتكليم ، ووكده بالتكرار ، فقال} {تكليما}.
وقال تعالى : {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه}.
وقال جَلَّ وعلا : {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم
من كلم الله} ، وذكر في غير آية من كتابه ما كلم به
موسى عليه السلام ، فقال : {يا موسى إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس
طوى وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم
الصلاة لذكري} ، إلى قوله : {واصطنعتك لنفسي}.
وقال : {يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي
فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين} فهذا كلام سمعه موسى عليه السلام بإسماع الحق إياه
بلا ترجمان بينه وبينه ، دله بذلك على ربوبيته ، ودعاه إلى وحدانيته ، وأمره
بعبادته ، وإقامة الصلاة لذكره ، وأخبره أنه اصطنعه لنفسه ، واصطفاه برسالاته
وبكلامه ، وأنه مبعوث إلى الخلق بأمره
415- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ
، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرٍو هُوَ ابْنُ دِينَارٍ ،
عَنْ طَاوُسٍ ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : احْتَجَّ آدَمُ ، وَمُوسَى
عَلَيْهِمَا السَّلامُ ، فَقَالَ مُوسَى : يَا آدَمُ ، أَنْتَ أَبُونَا
خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةَ ، فَقَالَ آدَمُ يَا مُوسَى
اصْطَفَاكَ اللَّهُ تَعَالَى بِكَلامِهِ ، وَخَطَّ لَكَ التَّوْرَاةَ ،
أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي ؟ قَالَ : فَحَجَّ
آدَمُ مُوسَى فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَلِيٍّ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ ،
وَغَيْرِهِ كُلِّهِمْ ، عَنْ سُفْيَانَ
406- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ هُوَ ابْنُ مِلْحَانَ وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا ابْنَ مِلْحَانَ
، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ قَالَ : أَخْبَرَنِي
حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلاةُ وَالسَّلامُ
، فَقَالَ لَهُ مُوسَى : أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَخْرَجَتْ ذُرِّيَّتَكَ مِنَ
الْجَنَّةَ ؟ فَقَالَ لَهُ آدَمُ : أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ
تَعَالَى بِرِسَالاتِهِ وَبِكَلامِهِ تَلُومُنِي عَلَى أَمَرٍ قَدْ قُدِّرَ
عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ ؟ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ
417- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ أَيُّوبَ ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، حَدَّثَنَا
قَتَادَةُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَئِذٍ
فَيَهْتَمُّونَ لِذَلِكَ الْيَوْمِ ، وَيَقُولُونَ : لَوِ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى
رَبَّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا ، فَيَأْتُونَ آدَمَ
فَيَقُولُونَ : يَا آدَمُ ، أَنْتَ أَبُو النَّاسِ ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ ،
وَأَسْجَدَ لَكَ مَلائِكَتَهُ ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ ، فَاشْفَعْ
لَنَا
إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا
، فَيَقُولُ لَهُمْ : لَسْتُ هُنَاكُمْ ، وَيُذْكَرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ
، وَلَكِنِ ايتُوا نُوحًا أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى الأَرْضِ ،
فَيَأْتُونَ نُوحًا ، فَيَقُولُ لَهُمْ : لَسْتُ هُنَاكُمْ ، وَيَذْكُرُ لَهُمْ
خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ ، وَلَكِنِ ايتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ
، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ ، فَيَقُولُ لَهُمْ : لَسْتُ هُنَاكُمْ ، وَيَذْكُرُ
لَهُمْ خَطَايَاهُ الَّتِي أَصَابَ ، وَلَكِنِ ايتُوا مُوسَى ، عَبْدٌ آتَاهُ
اللَّهُ التَّوْرَاةَ ، وَكَلَّمَهُ تَكْلِيمًا ، فَيَأْتُونَ مُوسَى ، فَيَقُولُ
لَهُمْ : لَسْتُ هُنَاكُمْ ، وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ ،
وَلَكِنِ ايتُوا عِيسَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلِمَتُهُ
وَرُوحَهُ ، فَيَأْتُونَ عِيسَى ، فَيَقُولُ لَهُمْ : لَسْتُ هُنَاكُمْ ، وَلَكِنِ
ايتُوا مُحَمَّدًا ، عَبْدٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ،
وَمَا تَأَخَّرَ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
فَيَأْتُونَنِي ، فَأَنْطَلِقَ مَعَهُمْ ، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ
لِي ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّيَ وَقَعَتُ لَهُ سَاجِدًا ، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ
اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِيَ ، ثُمَّ يَقُولُ لِي : يَا مُحَمَّدُ ، ارْفَعْ رَأْسَكَ
، سَلْ تُعْطَهْ ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ
عَلَّمَنِيهَا وَأَحُدُّ لَهُمْ حَدًّا ، فَأُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ ، ثُمَّ
أَرْجِعُ ثَانِيَةً ، فَأَسْتَأْذِنَ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنَ لِي ، فَإِذَا رَأَيْتُ
رَبِّيَ وَقَعَتُ لَهُ سَاجِدًا ، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ أَنْ يَدَعَنِيَ ، ثُمَّ
يَقُولُ : يَا مُحَمَّدُ ، ارْفَعْ رَأْسَكَ ، سَلْ تُعْطَ ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ
، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا ، ثُمَّ أَحُدُّ لَهُمْ حَدًّا
ثَانِيَةً ، فَأُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ ، ثُمَّ أَرْجِعُ الثَّالِثَةَ ،
فَأَسْتَأْذِنَ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّيَ وَقَعَتُ
لَهُ سَاجِدًا ، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ أَنْ يَدَعَنِيَ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا
مُحَمَّدُ ، ارْفَعْ رَأْسَكَ ، سَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ ، فَأَحْمَدُ
رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا ، ثُمَّ أَحُدُّ لَهُمْ حَدًّا ثَالِثًا ، فَأُدْخِلُهُمُ
الْجَنَّةَ حَتَّى أَرْجِعَ فَأَقُولَ : يَا رَبِّ ، مَا بَقِيَ فِي النَّارِ
إِلاَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِمُ الْخُلُودُ ، أَوْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَفِي
هَذَا أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ مَخْصُوصٌ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَلَّ
ثَنَاؤُهُ كَلَّمَهُ تَكْلِيمًا ، وَلَوْ كَانَ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ مَخْلُوقٍ لَمْ
يَكُنْ لَهُ خَاصِّيَّةٌ ، وَقَوْلُهُ فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ : إِنَّهُ رَسُولُ
اللهِ وَكَلِمَتُهُ ، فَإِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ بِكَلِمَةِ اللهِ تَعَالَى
صَارَ مُكَوَّنًا مِنْ غَيْرِ أَبٍ ، أَوْ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ.
وَعَنْ كَلِمَتِهِ يَتَكَلَّمُ ، وَالأَوَّلُ أَشْبَهُ
بِالتَّخْصِيصِ ، وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَزَّ
وَجَلَّ : إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ
أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ يَعْنِي ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَوْحَى كَلِمَتَهُ
إِلَى مَرْيَمَ ، فَصَارَ عِيسَى مَخْلُوقًا بِكَلِمَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَبٍ ،
ثُمَّ بَيَّنَ الْكَلِمَةَ الَّتِي أَوْحَى إِلَى مَرْيَمَ ، فَصَارَ عِيسَى بِهَا
مَخْلُوقًا ، فَقَالَ : إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ
مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ، فَأَخْبَرَ أَنَّ عِيسَى إِنَّمَا
صَارَ مَكُونًا بِكَلِمَةِ كُنْ ، كَمَا صَارَ آدَمُ بَشَرًا بِكَلِمَةِ كُنْ ،
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
418- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، فِي
آخَرِينَ ، قَالُوا : أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ ، عَنْ حُمَيْدٍ
الأَعْرَجِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَوْمَ كَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ
كَانَتْ عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ ، وَسَرَاوِيلُ صُوفٍ ، وَكِسَاءُ صُوفٍ ،
وَكُمَّةُ قَلَنْسُوَةُ صُوفٍ ، وَنَعْلاهُ مِنْ جَلْدِ حِمَارٍ غَيْرِ ذَكِيٍّ
419- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو
القاسم عبد الرحمن بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا
آدم ، حَدَّثَنَا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله عز وجل : {تلك
الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله} قال : كلم موسى عليه السلام ، وأرسل
محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة
باب قول الله عز وجل {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا
أو من وراء حجاب} قول الله عز وجل : {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من
وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء} ، قال بعض أهل التفسير : فالوحي أول
ما أرى الله سبحانه وتعالى الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- في منامهم كما أمر
إبراهيم- عليه السلام- في منامه بذبح ابنه ، فقال فيما أخبر عن إبراهيم عليه
السلام : {إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر} ،
قال الإمام المطلبي الشافعي رضي الله عنه : قال غير واحد من أهل التفسير : رؤيا
الأنبياء وحي ؛ لقول ابن إبراهيم الذي أمر بذبحه : {افعل ما تؤمر}
420- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أحمد بن محمد
بن عبدوس ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد الدارمي ، حَدَّثَنَا علي بن المديني ،
حَدَّثَنَا سفيان ، قال : قال عمرو هو ابن دينار سمعت عبيد بن عمير ، يقول : رؤيا
الأنبياء وحي ، وقرأ : {إني أرى في المنام أني أذبحك} رواه البخاري في الصحيح عن
علي بن المديني.ورويناه في ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وأما الكلام من وراء
حجاب ، فهو كما كلم موسى عليه السلام
من وراء حجاب ، والحجاب المذكور في هذا الوضع وغيره يرجع
إلى الخلق دون الخالق
421- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ،
قَالَ : أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ
أَبِيهِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ،
قَالَ : يَا رَبِّ ، أَرِنَا الَّذِي أَخْرَجَنَا وَنَفْسَهَ مِنَ الْجَنَّةِ ،
فَأَرَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَالَ : أَنْتَ أَبُونَا
آدَمُ ؟ فَقَالَ لَهُ آدَمُ : نَعَمْ ، قَالَ : أَنْتَ الَّذِي نَفَخَ اللَّهُ
فِيكَ مِنْ رُوحِهِ ، وَعَلَّمَكَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ، وَأَمَرَ الْمَلائِكَةَ
، فَسَجَدُوا لَكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ أَخْرَجْتَنَا
وَنَفْسَكَ مِنَ الْجَنَّةِ ؟ قَالَ لَهُ آدَمُ : وَمَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا
مُوسَى ، قَالَ : أَنْتَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي كَلَّمَكَ اللَّهُ
مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَكَ رَسُولا مِنْ
خَلْقِهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ
: فَمَا وَجَدْتَ أَنْ ذَلِكَ كَانَ فِي كِتَابِ اللهِ
عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : فِيمَ تَلُومُنِي
فِي شَيْءٍ سَبَقَ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ الْقَضَاءُ قَبْلِي ؟ قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عِنْدَ ذَلِكَ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى
، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى وَأَمَّا الْكَلامُ بِالرِّسَالَةِ ، فَهُوَ إِرْسَالُهُ
الرُّوحَ الأَمِينَ بِالرِّسَالَةِ إِلَى مِنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ
رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ
الْمُنْذِرِينَ
422- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو
سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ الرَّقِّيُّ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ
سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ
الثَّقَفِيُّ ، أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ ، وَزِيَادُ
بْنُ جُبَيْرٍ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الطَّوِيلَ :
فِي بَعْثِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرَّنٍ إِلَى أَهْلِ الأَهْوَازِ ، وَأَنَّهُمْ
سَأَلُوا أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ رَجُلا ، فَأَخْرَجَ الْمُغِيرَةِ بْنَ
شُعْبَةَ ، فَقَالَ تَرْجُمَانُ الْقَوْمِ : مَا أَنْتُمْ ؟ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ
: نَحْنُ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ كُنَّا فِي شَقَاءٍ شَدِيدٍ ، وَبَلاءٍ طَوِيلٍ ،
نَمُصُّ الْجِلْدَ وَالنَّوَى مِنَ الْجُوعِ ، وَنَلْبَسُ الْوَبَرَ وَالشَّعَرَ ،
وَنَعْبُدُ الشَّجَرَ وَالْحَجَرَ ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ رَبُّ
السَّمَاوَاتِ ، وَرَبُّ الأَرْضِ إِلَيْنَا نَبِيًّا مِنْ أَنْفُسِنَا نَعْرِفُ
أَبَاهُ ، وَأُمِّهِ ، فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبَّنَا صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ ، أَوْ
تُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ ، وَأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا ، أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ
إِلَى الْجَنَّةِ وَنَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهُ قَطُّ ، وَمَنْ بَقِيَ مِنَّا مَلَكَ
رِقَابَكُمْ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ فَضْلِ بْنِ يَعْقُوبَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ
423- أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ بْنِ قَتَادَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ زَكَرِيَّا الأَدِيبُ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ
الْقُبَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا وَهْبُ
بْنُ جَرِيرٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ،
حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ ، وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ
، وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَصُلْبُ الْحَدِيثِ ، وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ
بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ ، وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ.
وَصُلْبُ الْحَدِيثِ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فُتِنَ
أَصْحَابُهُ بِمَكَّةَ أَشَارَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَلْحَقُوا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ
فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَقَالَ فِيهِ : فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلنَّجَاشِيِّ : بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْنَا رَسُولا
نَعْرِفُ نَسَبَهُ ، وَصِدْقَهُ ، وَعَفَافَهُ ، فَدَعَا إِلَى أَنْ نَعْبُدَ
اللَّهَ وَحْدَهُ لا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَنَخْلَعَ مِنْ يَعْبُدُ قَوْمُهُ
وَغَيْرُهُمْ مِنْ دُونِهِ ، وَأَمَرَنَا بِالْمَعْرُوفِ ، وَنَهَانَا عَنِ
الْمُنْكَرِ ، وَأَمَرَنَا بِإِقَامِ الصَّلاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ
وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَكُلِّ مَا نَعْرِفُ مِنَ الأَخْلاقِ الْحَسَنَةِ ، وَتَلا عَلَيْنَا
تَنْزِيلا لا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ ، فَصَدَّقْنَاهُ ، وَآمَنَّا بِهِ ،
وَعَرَفْنَا أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَذَكَرَ
الْحَدِيثَ قُلْتُ : وَقَدْ كَانَ لِنَبِّينَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
جَمِيعُ هَذِهِ الأَنْوَاعِ ، أَمَّا الرِّسَالَةُ فَقَدْ كَانَ جِبْرِيلُ
عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، يَأْتِيهِ بِهَا مِنْ عِنْدِ اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ ، وَأَمَّا الرُّؤْيَا فِي الْمَنَامِ ، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ : لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ أَنَّهُ
يَدْخُلُ مَكَّةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَهُمْ
وَمُقَصِّرِينَ ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ حِينَ نَحَرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ :
أَيْنَ رُؤْيَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :
لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا يَعْنِي النَّحْرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ
، ثُمَّ رَجَعُوا فَفَتَحُوا خَيْبَرَ ، ثُمَّ اعْتَمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَكَانَ تَصْدِيقُ
رُؤْيَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ
424- أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ
، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا آدَمُ ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فَذَكَرَهُ وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَنَّهَا قَالَتْ : أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ
فِي النَّوْمِ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ
جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ تُرِيدُ الصُّبْحَ إِذَا انْفَلَقَ ، وَأَمَّا
التَّكْلِيمُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى
، ثُمَّ كَانَ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ خَمْسِينَ صَلاةٍ ،
فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ رَبَّهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِهِ حَتَّى صَارَ إِلَى
خَمْسِ صَلَوَاتٍ ، وَقَالَ لَهُ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : إِنِّي لا
يُبَدَّلُ الْقَوْلَ لَدَيَّ ، هِيَ كَمَا كَتَبْتُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ
، وَذَلِكَ بِكُلِّ حَسَنَةِ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ، هِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ
الْكِتَابِ ، وَهِيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ ، وَقَدْ مَضَى الْحَدِيثُ فِيهِ ،
وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ رُؤْيَتِهِ رَبِّهِ عَزَّ
وَجَلَّ ، فَذَهَبَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى أَنَّهُ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرَهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ ، وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ
لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ الأَخْبَارَ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ
اللَّهُ تَعَالَى فِي مَسْأَلَةِ الرُّؤْيَا ، وَقَدْ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ
رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَقْسِيمِ الْوَحْيِ إِلَى زِيَادَةِ بَيَانٍ ، وَذَلِكَ
فِيمَا
425- أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي ، أَخْبَرَنَا أبو
الحسن المحمودي ، حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن علي الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
موسى محمد بن المثنى ، حَدَّثَنَا حجاج بن منهال.
ثنا عبد الله بن عمر ، عن يونس بن يزيد ، سمعت الزهري ، حين
سئل عن قول الله ، عز وجل : {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء
حجاب} الآية قال : نزلت هذه الآية تعم من أوحى الله إليه من النبيين ، قال :
فالكلام كلام الله تعالى الذي كلم به موسى من وراء حجاب ، والوحي ما يوحي الله به
إلى النبي من أنبيائه ، فيثبت الله تعالى ما أراد من وحيه في قلب النبي ، فيتكلم
به النبي عليه الصلاة والسلام ، ويبينه وهو كلام الله ووحيه ، ومنه ما يكون بين
الله ورسله لا يكلم به أحد من الأنبياء أحدا من الناس ، ولكنه سر غيب بين الله
ورسله ، ومنه ما يتكلم به الأنبياء ، ولا يكتبونه لأحد ، ولا يأمرون بكتابته ،
ولكنهم يحدثون به الناس حديثا ، ويبينون لهم أن الله تعالى أمرهم أن يبينوه للناس
ويبلغوهم ومن الوحي ما يرسل الله به من يشاء من اصطفى من ملائكته ؛ فيكلمون
أنبياءه من الناس ، ومن الوحي ما يرسل الله به من يشاء ؛ فيوحون به وحيا في قلوب من
يشاء من رسله ، وقد بين الله عز وجل لنا في كتابه أنه يرسل جبريل عليه السلام إلى محمد
صلى الله عليه وسلم.
قال الله عز وجل في كتابه : {قل من كان عدوا لجبريل فإنه
نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين} ، وذكر أنه
الروح الأمين ، فقال : {وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك}
الآية ، فذهب في الوحي الأول إلى أنه ما يوحي الله به إلى النبي فيثبت ما أراد من
وحيه في قلبه ، فيتكلم به النبي ، وهذا يجمع حال اليقظة والنوم وذهب فيما يوحي
الله تعالى إلى النبي بإرسال الملك إليه إلى أنه يكون على نوعين :
أحدهما : أن يأتيه الملك فيكلمه بأمر الله تكليما ،
والآخر : أنه يأتيه فيلقي في روعه ما أمره الله عز وجل ، وكل ذلك بين في الأخبار
426- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ غَالِبٍ الْخُوَارِزْمِيُّ الْحَافِظُ ، بِبَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ
، حَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ،
عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا ، قَالَتْ : إِنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ ؟ قَالَ : كُلَّ ذَلِكَ
يَأْتِي الْمَلَكُ أَحْيَانًا فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ ، فَيَفْصِمُ
عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ ، قَالَ : وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ ، وَيَتَمَثَّلُ
لِيَ الْمَلَكُ أَحْيَانًا رَجُلا ، فَيُكَلِّمُنِي وَأَعِي مَا يَقُولُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ فَرْوَةَ بْنِ أَبِي الْمَغْرَاءِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرِينَ ، عَنْ
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ
427- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ،
فِي آخَرِينَ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ
، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى
الْمُطَّلِبِ ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَا تَرَكْتُ
شَيْئًا مِمَّا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ إِلاَّ وَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ ، وَلا
تَرَكْتُ شَيْئًا مِمَّا نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهُ إِلاَّ وَقَدْ نَهَيْتُكُمْ
عَنْهُ ، وَإِنَّ الرُّوحَ الأَمِينَ قَدْ أَلْقَى فِي رَوْعِي أَنَّهُ لَنْ
تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا ، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ
وَقَالَ بَعْضُهُمُ ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ : قدْ نَفَثَ فِي رَوْعِي وَقَدْ
رَوِّينَاهُ فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ
مُرْسَلا وَمُتَّصِلا.
ثُمَّ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ فِي الْوَحْيِ إِلَى أَنَّهُ
مِنْهُ مَا كَانَ سِرًّا ، فَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ النَّبِيُّ أَحَدًا ، وَمِنْهُ
مَا لَمْ يَكُنْ سِرًّا ، فَحَدَّثَ بِهِ النَّاسَ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ
مَأْمُورًا بِكَتْبِهِ قُرْآنًا ، فَلَمْ يُكْتَبْ فِيمَا كُتِبَ مِنَ الْقُرْآنِ
، قُلْتُ : وَمِنْهُ مَا كَانَ مَأْمُورًا بِكَتْبِهِ قُرْآنًا ، فَكُتِبَ فِيمَا
كُتِبَ مِنَ الْقُرْآنِ
428- أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الأَدِيبُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيُّ ، أَخْبَرَنِي
الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا
أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :
لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً ، وَكَانَ يُحَرِّكُ
شَفَتَيْهِ فَقَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَخْبَرَنَا
أُحَرِّكُهُمَا لَكَ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُحَرِّكُهُمَا ، قَالَ سَعِيدٌ : وَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا كَانَ ابْنُ
عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا ، فَحَرَّكُ شَفَتَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لا تُحَرِّكْ
بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ، قَالَ :
جَمْعُهُ فِي صَدْرِكَ ، ثُمَّ تَقْرَؤُهُ : فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ
قُرْآنَهُ قَالَ : فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ
تَقْرَأَهُ ، قَالَ : فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ اسْتَمَعَ ، فَإِذَا انْطَلَقَ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَمَا أَقَرَأَهُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي
"الصَّحِيحِ" ، عَنْ قُتَيْبَةَ
429- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْبُخَارِيُّ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
الْحَسَنِ بْنِ عَبْدَةَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ الْبِيكَنْدِيُّ ،
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، وَجَعْفَرُ بْنُ
مُحَمَّدٍ ، وَاللَّفْظُ لَهُ ، قَالا : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ،
أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، قَالا : حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كُنْتُ أَمْشِي فِي حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ مَعَ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ ،
فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنْ يَهُودَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ، لَوْ
سَأَلْتُمُوهُ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لا تَسْأَلُوهُ فَيُسْمِعَكُمْ مَا
تَكْرَهُونَ ، فَقَامُوا إِلَيْهِ ، فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِمِ ،
أَخْبِرْنَا عَنِ الرُّوحِ ، فَقَامَ سَاعَةً يَنْتَظِرُ الْوَحْيَ إِلَيْهِ ،
فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ ، فَتَأَخَّرْتُ عَنْهُ حَتَّى صَعَدَ
الْوَحْيُ ، ثُمَّ قَالَ : وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ
أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلا زَادَ وَكِيعٌ فِي رِوَايَتِهِ
، قَالَ : فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : قَدْ قُلْنَا لَكُمْ : لا تَسْأَلُوهُ
وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُمْ : فَيُسْمِعَكُمْ مَا تَكْرَهُونَ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ وَكِيعٍ ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ
عِيسَى ، وَرَوَاهُ مُسْلِمُ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عِيسَى ،
وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ وَكِيعٍ
430- أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الأَدِيبُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيُّ ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ،
حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ
عُمَارَةَ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
قَالَ : أَتَى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، هَذِهِ
خَدِيجَةُ أَتَتْكَ بِإِنَاءٍ فِيهِ إِدَامٌ ، وَطَعَامٌ ، أَوْ شَرَابٌ ، فَإِذَا
هِيَ أَتَتْكَ ، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا مِنْ رَبِّهَا السَّلامَ ، وَبَشِّرْهَا
بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لا صَخَبَ فِيهِ وَلا نَصَبَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي
شَيْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ
باب ما جاء في إسماع الرب عز وجل بعض ملائكته كلامه الذي
لم يزل به موصوفا ولا يزال به موصوفا ، وتنزيل الملك به إلى من أرسله إليه ، وما
يكون في أهل السماوات من الفزع عند ذلك ، قال الله تعالى : {حتى إذا فزع عن قلوبهم
قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}
431- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنِ
يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيُّ ،
حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ
عَمْرٍو ، عَنْ عِكْرِمَةَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ،
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ
الْمَلائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ
عَلَى صَفْوَانَ ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ ، قَالُوا : مَاذَا قَالَ
رَبُّكُمْ ؟ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ : الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ،
فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ.
وَمُسْتَرِقُو السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُمْ فَوْقَ
بَعْضٍ ، وَصَفَّ سُفْيَانُ أَصَابِعَهُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ، قَالَ :
فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ ، فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ، ثُمَّ يُلْقِيَهَا
الآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ، حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ
الْكَاهِنِ ، فَرُبَّمَا أِدْرَكَهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا ،
وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ ، فَيَكْذِبَ مَعَهَا مِائَةَ
كَذِبَةٍ ، فَيُقَالُ : أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا : كَذَا
وَكَذَا ؟ لِلْكَلِمَةَ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ ، فَيُصَدَّقَ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ
الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ
السَّمَاءِ لَفْظُ حَدِيثِ الْحُمَيْدِيِّ ، وَقَصَّرَ
سَعْدَانُ بِإِسْنَادِهِ أَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنِ الْحُمَيْدِيِّ ، وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي
التَّرْجَمَةِ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ فَذَكَرَ مَا
432- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، وَأَبُو
الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، قَالا
: أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ،
حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا
الأَعْمَشُ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ.
عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ سَمِعَ
أَهْلُ السَّمَاءِ لِلسَّمَاءِ صَلْصَلَةً كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفَا ،
فَيُصْعَقُونَ ، فَلا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ
السَّلامُ ، فَإِذَا جَاءَهُمْ جِبْرِيلُ فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ ، قَالَ :
فَيَقُولُونَ : يَا جِبْرِيلُ مَاذَا قَالَ رَبُّكَ ؟ قَالَ : فَيَقُولُ
الْحَقَّ ، قَالَ : فَيُنَادُونَ الْحَقَّ الْحَقَّ
433- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ هِلالُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّارُ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ
بْنُ يَحْيَى بْنِ عَيَّاشٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِشْكَابَ ،
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ ،
عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا
تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ فَذَكَرَهُ بِمِثْلِهِ مَرْفُوعًا إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ :
فَإِذَا تَكَلَّمَ رَبُّكُمْ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ
فِي كِتَابِ السُّنَنِ ، عَنْ جَمَاعَةٍ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ مَرْفُوعًا
434- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْحٍ الرَّازِيُّ ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالُوا : أَخْبَرَنَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ مُسْلِمٍ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ
إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : فَيَقُولُونَ : يَا جِبْرِيلُ
مَاذَا قَالَ رَبِّكَ ؟ فَيَقُولُ : الْحَقَّ ، قَالَ : فَيَقُولُونَ :
الْحَقَّ الْحَقَّ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ ، عَنِ الأَعْمَشِ مَوْقُوفًا ، وَقِيلَ
عَنْهُ أَيْضًا مَرْفُوعًا ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرِينَ مَرْفُوعًا
435- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ ، حَدَّثَنَا
نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَرْوَزِيُّ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي زَكَرِيَّا
، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا
أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ
يُوحِيَ بِأَمْرِهِ تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ ، فَإِذَا
تَكَلَّمَ أَخَذْتِ السَّمَوَاتُ رَجْفَةً ، أَوْ قَالَ رَعْدَةً ، شَدِيدَةً ،
خَوْفًا مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِذَا سَمِعَ بِذَلِكَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ
صُعِقُوا ، وَخَرُّوا لِلَّهِ سُجَّدًا ، فَيَكُونُ أَوَّلُ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، فَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ
وَحَيِّهِ مَا أَرَادَ ، فَيَمْضِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى
الْمَلائِكَةِ كُلَّمَا مَرَّ بِسَمَاءٍ يَسْأَلُهُ مَلائِكَتُهَا : مَاذَا قَالَ
رَبُّنَا يَا جِبْرِيلُ ؟ فَيَقُولُ جِبْرِيلُ : قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ
الْكَبِيرُ ، قَالَ : فَيَقُولُونَ كُلُّهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ جِبْرِيلُ ،
فَيَنْتَهِي جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ السَّمَاءِ
وَالأَرْضِ
436- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ ، قَالا
: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أَخْبَرَنَا
الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ
مَزْيَدٍ ، أَخْبَرَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا
الأَوْزَاعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ
مِنَ الأَنْصَارِ ، أَنَّهُمْ بَيْنَا هُمْ جُلُوسٌ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ إِسْحَاقُ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ ، حَدَّثَنَا
الأَوْزَاعِيُّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ
الْحُسَيْنِ أُرَاهُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، قَالَ :
أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِنَ الأَنْصَارِ ، قَالَ : بَيْنَا هُمْ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : رُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ ، فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا رُمِيَ بِمِثْلِ هَذَا ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ،
كُنَّا نَقُولُ : وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ ، مَاتَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ
عَظِيمٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِنَّهَا
لا تُرْمَى لِمَوْتِ أَحَدٍ ، وَلا لِحَيَاتِهِ ، وَلَكِنَّ رَبَّنَا تَبَارَكَ
وَتَعَالَى إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَهُ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ، ثُمَّ سَبَّحَهُ أَهْلُ
السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ
السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، ثُمَّ يَقُولُ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ
لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ ،
فَيَسْتَخْبِرُ أَهْلُ السَّمَاءِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ
هَذِهِ السَّمَاءَ ، فَتَخْطَفُ الْجِنُّ السَّمْعَ ، فَيُلْقُونَهُ إِلَى
أَوْلِيَائِهِمْ ، فَمَا جَاؤُوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ الْحَقُّ ،
وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ فِيهِ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ
صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَالأَوْزَاعِيِّ ، وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ، وَمَعْقِلِ
بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الْجَزَرِيِّ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ ، وَزَادَ
يُونُسَ فِي رِوَايَتِهِ ، قَالَ : وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : حَتَّى إِذَا
فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ ،
وَقَالَ : وَلَكِنَّهُمْ يَرْقُونَ فِيهِ يَعْنِي يَزِيدُونَ
437- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ الْعَنَزِيُّ
، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ،
فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ ، قَالَ
: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا
مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ
الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : إِنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ
سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ
، كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : يَأْتِينِي أَحْيَانًا مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ
عَلَيَّ ، فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ مَا قَالَ الْمَلِكُ ، وَأَحْيَانًا
يَتَمَثَّلُ لِيَ الْمَلَكُ رَجُلا فَيُعَلِّمُنِي ، وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ :
فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا :
وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ
الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيُفْصَمَ ، وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ
عَرَقًا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُوسُفَ ، عَنْ مَالِكٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ هِشَامِ
بْنِ عُرْوَةَ ، وَالصَّلْصَلَةُ : صَوْتُ الْحَدِيدِ إِذَا حُرِّكَ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ : يُرِيدُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنَّهُ صَوْتٌ مُتَدَارَكٌ يَسْمَعُهُ
وَلا يَتَبَيَّنَهُ عِنْدَ أَوَّلِ مَا يَقْرَعُ سَمْعَهُ ، حَتَّى يَتَفَهَّمَ وَيَسْتَثْبِتَ
فَيَتَلَقَّنَهُ حِينَئِذٍ وَيَعِيَهُ ، وَلِذَلِكَ قَالَ : وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ وَقَوْلُهُ
: فَيَفْصِمُ عَنِّي : مَعْنَاهُ يَقْلِعُ عَنِّي وَيَنْجَلِي مَا يَتَغَشَّانِي
مِنْهُ ، وَقَوْلُهُ : فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ ، أَيْ ذَهَبَ الْفَزَعُ عَنْ
قُلُوبِهِمْ
باب إسماع الرب جل ثناؤه كلامه من شاء من ملائكته ورسله
وعباده
قال الله عز وجل : {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في
الأرض خليفة}.
وقال جل وعلا : {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا
إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا
منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين}.
وقال تعالى
: {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله}
وذكر في غير موضع من كتابه ما كلم به ملائكته ورسله وعباده ، وتلاوة جميعه في هذا
الموضوع مما يطول به الكتاب ، وكل ذلك ورد بلفظ الكلام أو القول ، أو الأمر ، أو
النداء ، ولم يطلق اسم الخلق على شيء منه
438- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ
بْنِ مُحَمَّدِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُقْرِئِ ، أَنَّ
مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَهُمْ قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُتَوَكِّلَ ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ ، حَدَّثَنَا
أَبِي ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، رَفَعَهُ ، قَالَ : لَمَّا
خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ قَالَ : يَا آدَمُ وَاحِدَةٌ لِي ، وَوَاحِدَةٌ
لَكَ ، وَوَاحِدَةٌ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ، فَأَمَّا الَّتِي لِي فَتَعْبُدَنِي وَلا
تُشْرِكْ بِي
شَيْئًا ، وَأَمَّا الَّتِي لَكَ فَمَا عَمِلْتَ مِنْ
شَيْءٍ جَزَيْتُكَ بِهِ ، وَإِنْ أَغْفِرْ فَأَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، وَأَمَّا
الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنِكَ ، فَمِنْكَ الْمَسْأَلَةُ وَالدُّعَاءُ ، وَعَلِيَّ
الإِجَابَةُ وَالْعَطَاءُ
439- وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ الْخُزَاعِيُّ أَخْبَرَنِي
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنِ
مُعَاذٍ ، أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : قَالَ أَبِي ،
حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ ، عَنْ سَلْمَانَ ، قَالَ لَمَّا خُلِقَ آدَمُ
عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فَذَكَرَهُ مَوْقُوفًا
440- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْقَارِئُ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ
بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ الْحَلَبِيُّ
، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلامٍ ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ سَلامٍ ، أَنَّهُ
سَمِعَ أَبَا سَلامٍ ، يَقُولُ : حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ : أَنَّ رَجُلا قَالَ
: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَنَبِيٌّ كَانَ آدَمُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، مُعَلَّمٌ
مُكَلَّمٌ ، قَالَ : كَمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نُوحٍ ؟ قَالَ : عَشْرَةُ قُرُونٍ ،
قَالَ : كَمْ كَانَ بَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ ؟ قَالَ : عَشَرَةُ قُرُونٍ ،
قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، كَمْ كَانَتِ الرُّسُلُ ؟ قَالَ : ثَلاثُمِائَةُ
وَخَمْسَةُ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا
441- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ مَرْزُوقٍ الْبَصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ ،
حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ عَلَيْهِ
السَّلامُ ، فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ ذُرِّيَّةً ذَرَاهَا ، فَنَثَرَهُمْ نَثْرًا
بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ ، فَقَالَ : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ
قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ
هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ
وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ
442- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ ،
بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ
، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا ،
خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْثِي فِي
ثَوْبَهُ ، قَالَ : فَنَادَاهُ رَبُهُ : أَلَمْ أَكُ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى ؟ قَالَ
: بَلَى يَا رَبِّ ، وَلَكِنْ لا غِنًى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ ، أَوْ قَالَ : عَنْ
فَضْلِكَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
443- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ
مُنَبِّهٍ ، قَالَ : هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْمَلائِكَةُ
يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ : مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ ، وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ ،
وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصْلاةِ الْعَصْرِ ، ثُمَّ يَعْرُجُ
إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ :
كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي ؟ قَالُوا : تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ،
وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
444- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ،
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ لِلَّهِ
مَلائِكَةً فَضْلا عَنْ كُتَّابِ النَّاسِ سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ ، فَإِذَا
وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى تَنَادَوْا : هَلُمُّوا إِلَى
بُغْيَتِكُمْ ، قَالَ : فَيَخْرُجُونَ حَتَّى يَحُفُّونَ بِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا
، قَالَ : فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِيشْ تَرَكْتُمْ عِبَادِي
يَصْنَعُونَ ؟ قَالَ : فَيَقُولُونَ : تَرَكْنَاهُمْ يَحْمَدُونَكَ ،
وَيُسَبِّحُونَكَ ، وَيُمَجِّدُونَكَ ، قَالَ : فَيَقُولُ : هَلْ رَأَوْنِي ؟ قَالَ : فَيَقُولُونَ
: لا ، قَالَ : فَيَقُولُ : كَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي ؟ قَالَ : فَيَقُولُونَ : لَوْ
رَأَوْكَ لَكَانُوا أَشَدَّ تَمْجِيدًا وَأَشَدَّ ذِكْرًا ، قَالَ : فَيَقُولُ :
فَإِيشْ يَطْلُبُونَ ؟ قَالَ : يَطْلُبُونَ الْجَنَّةَ قَالَ : فَيَقُولُ : هَلْ
رَأَوْهَا ؟ قَالَ : فَيَقُولُونَ : لا ، قَالَ : فَيَقُولُ : فَكَيْفَ لَوْ
رَأَوْهَا ؟ قَالَ : فَيَقُولُونَ : لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا
حِرْصًا وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا ، قَالَ : فَيَقُولُ : مِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَتَعَوَّذُونَ
؟ قَالَ : فَيَقُولُونَ : يَتَعَوَّذُونَ مِنَ النَّارِ قَالَ : فَيَقُولُ :
وَهَلْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ : فَيَقُولُونَ : لا ، قَالَ : فَيَقُولُ : فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ؟
قَالَ : فَيَقُولُونَ : لَوْ رَأَوْهَا ، كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا تَعَوُّذًا
وَأَشَدَّ مِنْهَا هَرَبًا قَالَ : فَيَقُولُ : فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ
غَفَرْتُ لَهُمْ ، قَالَ : فَيَقُولُونَ : فَإِنَّ فِيهِمْ فُلانًا الْخَطَّاءَ
لَمْ يُرِدْهُمْ ، إِنَّمَا جَاءَ فِي حَاجَةٍ قَالَ : فَيَقُولُ : فَهُمُ الْقَوْمُ
لا يَشْقَى جَلِيسُهُمْ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ"
مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ ، عَنِ الأَعْمَشِ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي
صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ
445- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ
، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ ،
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : قَالَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ فَاكْتُبُوهَا ، يَعْنِي
الْحَسَنَةَ ، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، فَإِنْ
هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلا تَكْتُبُوهَا ، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا مِثْلَهَا
، فَإِنْ تَرَكَهَا ، فَاكْتُبُوهَا حَسَنَةً.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ
446- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدِ ، وَأَحْمَدُ بْنُ
عَبْدَةَ ، قَالَ قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا وَقَالَ ابْنُ عَبْدَةَ أنا عَبْدُ
الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ
، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا
نَادَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ : قَدْ أَحْبَبْتُ فُلانًا ،
فَأَحِبَّهُ ، قَالَ : فَيُنَادِي فِي السَّمَاءِ ، ثُمَّ يُنْزِلُ لَهُ
الْمَحَبَّةَ فِي
أَهْلِ الأَرْضِ ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ
: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ
الرَّحْمَنُ وُدًّا ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ
السَّلامُ ، قَدْ أَبْغَضْتُ فُلانًا ، فَيُنَادِي أَهْلَ السَّمَاءِ ، ثُمَّ
يُنْزِلُ لَهُ الْبَغْضَاءَ فِي أَهْلِ الأَرْضِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ
قُتَيْبَةَ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ
بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
باب رواية النبي صلى الله عليه وسلم قول الله عز وجل في
الوعد والوعيد ، والترغيب والترهيب ، سوى ما في الكتاب
قال الله عز وجل : {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي
يوحى علمه شديد القوى}.
وقال جَلَّ وعلا : {وما نتنزل إلا بأمر ربك}
447- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، وَأَبُو
يَعْلَى الْمُهَلَّبِيُّ ، قَالا : أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ،
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : هَذَا مَا
حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : أَعْدَدْتُ
لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ ، وَلا أُذُنٌ سَمِعْتُ ، وَلا
خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ
قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي
قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : كَذَّبَنِي عَبْدِي ، وَلَمْ يَكُنْ
لَهُ ذَلِكَ ، وَشَتَمَنِي عَبْدِي ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، وَأَمَّا
تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ ، أَنْ يَقُولَ : لَنْ يُعِيدَنَا كَمَا بَدَأْنَا ،
وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ ، يَقُولُ : اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ، وَأَنَا الصَّمَدُ
لَمْ أَلِدْ ، وَلَمْ أُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ
قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ :
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : أَنْفِقْ ، أُنْفِقْ
عَلَيْكَ
قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : إِذَا تَلَقَّانِي عَبْدِي
بِشِبْرٍ تَلَقَّيْتُهُ بِذِرَاعٍ ، وَإِذَا تَلَقَّانِي بِذِرَاعٍ تَلَقَّيْتُهُ بِبَاعٍ
، وَإِذَا تَلَقَّانِي بِبَاعٍ ، جِئْتُهُ أَوْ أَتَيْتُهُ بِأَسْرَعَ.
أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ الْحَدِيثَ الأَوَّلَ مِنْ
حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مَعْمَرٍ.
وَأَخْرَجَ الْحَدِيثَ الثَّالِثَ ، عَنْ إِسْحَاقَ ،
عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ الْحَدِيثَيْنِ الأَخِيرَيْنِ ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
448- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَيَّوَيْهِ
الإِسْفَرَايِينِي ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ،
وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ أَبِي الْيَمَانِ
449- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ
الْعَدْلُ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ
، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ،
عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، وَأَنَا مَعَهُ
حِينَ يَذْكُرُنِي ، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ،
وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ، وَإِنِ
اقْتَرَبَ إِلَيَّ شِبْرًا اقْتَرَبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا ، وَإِنَّ
اقْتَرَبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا ، اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ
بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ أُهَرْوِلُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنِ
الأَعْمَشِ
450- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَاتِيٍّ
الدِّهْقَانُ ، بِالْكُوفَةِ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْعَبْسِيُّ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأنا أَبُو عَمْرٍو ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ
بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ
، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشَرُ
أَمْثَالِهَا أَوْ أَزِيدُ ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ
مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ ، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا ، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ
ذِرَاعًا ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا ، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا ،
وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي ، أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ
الأَرْضِ خَطِيئَةً لا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا ، لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً.
رَوَاهُ ، مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ شَيْبَةَ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ : قَوْلُهُ إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ
إِلَيْهِ ذِرَاعًا : هَذَا مَثَلٌ وَمَعْنَاهُ حُسْنُ الْقَبُولِ وَمُضَاعَفَةُ
الثَّوَابِ عَلَى قَدْرِ الْعَمَلِ الَّذِي يَتَقَرَّبُ
بِهِ الْعَبْدُ إِلَى رَبِّهِ ، حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ
مُمَثَّلا بِفِعْلِ مَنْ أَقْبَلَ نَحْوَ صَاحِبِهِ قَدْرَ شِبْرٍ ،
فَاسْتَقْبَلَهُ صَاحِبُهُ ذِرَاعًا ، وَكَمَنْ مَشَى إِلَيْهِ ، فَهَرْوَلَ
إِلَيْهِ صَاحِبُهُ قَبُولا لَهُ ، وَزِيَادَةً فِي إِكْرَامِهِ ، وَقَدْ يَكُونُ
مَعْنَاهُ التَّوْفِيقَ لَهُ ، وَالتَّيْسِيرَ لِلْعَمَلِ الَّذِي الَّذِي
يُقَرِّبُهُ مِنْهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
451- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ ، إِمْلاءً
، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ ،
بِمَكَّةَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ ، عَنِ الأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ ، أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ
، وَأَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : مَا جَلَسَ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ
اللَّهَ تَعَالَى إِلاَّ حَفَّتْ بِهِمُ الْمَلائِكَةُ ، وَغَشِيَتْهُمُ
الرَّحْمَةُ ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ
زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ ، وَلِهَذَا وَأَمْثَالِهِ قُلْنَا :
إِنَّ اسْمَ الشَّكُورِ يَرْجِعُ إِلَى إِثْبَاتِ صِفَةِ الْكَلامِ
452- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ
أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ
عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِيَ بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ أَهْلَ السَّمَاءِ ، فَيَقُولُ :
انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي جَاؤُونِي شُعْثًا غُبْرًا
453- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الأَبِيوَرْدِيُّ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ
، عَنْ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ ، مَوْلَى خَالِدِ بْنِ خَالِدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ
سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
، قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ
يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ
قَالَ : دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ
يُدْخِلْهُ مِنْ شَيْءٍ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
قُولُوا : قَدْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا قَالَ : فَأَلْقَى اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :
آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ
آمَنَ بِاللَّهِ إِلَى قَوْلِ اللهِ تَعَالَى : لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا
إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا
تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ : رَبَّنَا
وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا
قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ ، وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ
مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ، قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ وَكِيعٍ
454- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ ، وَأَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
بْنِ قَتَادَةَ ، قَالا : أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ نُجَيْدٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا مَالِكُ
بْنُ أَنَسٍ ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا
السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : مِنْ صَلَّى صَلاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ ، فَهِيَ
خِدَاجٌ ، فَهِيَ خِدَاجٌ ، فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ
فَقُلْتُ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، إِنِّي أَكُونُ
أَحْيَانًا وَرَاءَ الإِمَامِ قَالَ
: فَغَمَزَ ذِرَاعِي ، وَقَالَ : يَا فَارِسِيُّ ،
اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : قَسَمْتُ الصَّلاةَ
بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ : فَنِصْفَهَا لِي ، وَنِصْفَهَا لِعَبْدِي ،
وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: اقْرَؤُوا ، يَقُولُ الْعَبْدُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ،
يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي ، يَقُولُ الْعَبْدُ : الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي ، يَقُولُ
الْعَبْدُ : مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : مَجَّدَنِي
عَبْدِي ، يَقُولُ الْعَبْدُ : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ، فَهَذِهِ الآيَةُ
بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ ، يَقُولُ الْعَبْدُ :
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ
الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ، فَهَؤُلاءِ لِعَبْدِي ، وَلِعَبْدِي
مَا سَأَلَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مَالِكٍ
455- أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْخَالِقِ
بْنِ عَلِيٍّ الْمُؤَذِّنُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ خَنْبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ
، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو
قُتَيْبَةَ سَلَمُ بْنُ الْفَضْلِ الآدَمِيُّ ، بِمَكَّةَ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ
بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ وَأَخْبَرَنَا أَبُو
طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ غَالِبٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ، وَأَبُو الْوَلِيدِ ، قَالا :
حَدَّثَنَا هَمَّامُ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ،
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ :
إِنَّ رَجُلا أَصَابَ ذَنْبًا ، فَقَالَ : رَبِّ ، إِنِّي أَصَبْتُ ذَنْبًا
وَرُبَّمَا قَالَ : أَذْنَبْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْهُ لِي ، فَقَالَ رَبُّهُ :
عِلْمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ ، وَيَأْخُذُ بِهِ ، قَدْ
غَفَرْتُ لِعَبْدِي ، قَالَ : ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا
آخَرَ ، فَقَالَ : رَبِّ ، إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ : إِنِّي
أَصَبْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْهُ لِي ، فَقَالَ رَبُّهُ : عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رِبًا
يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِهِ ، فَقَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ، ثُمَّ مَكَثَ
مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ ، فَقَالَ : رَبِّ ، إِنِّي
أَذْنَبْتُ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ : أَصَبْتُ ذَنْبًا ، فَاغْفِرْهُ لِي ،
فَقَالَ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا
يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِهِ ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَعْمَلْ مَا
شَاءَ لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي الْوَلِيدِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ من وجه آخر ، عَنْ هَمَّامٍ
456- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ ،
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَا رُوِيَ عَنْ رَبِّكُمْ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى ، أَنَّهُ قَالَ : لِكُلِّ عَمَلٍ كَفَّارَةٌ
، وَالصَّوْمُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ
عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسَ
457- أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ
، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو فِي آخَرِينَ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ،
أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَنْبَأَنَا مَالِكٌ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ
الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو
دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ
كَيْسَانَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدِ
الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الصُّبْحِ فِي الْحُدَيْبِيَةِ فِي
أَثَرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ
، فَقَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالُوا : اللَّهُ
وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ :
أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي ، وَكَافِرٌ ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ :
مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ
بِالْكَوَاكِبِ ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ : مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا ،
فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوَاكِبِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" عَنِ
الْقَعْنَبِيِّ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى ،
عَنْ مَالِكٍ
458- حَدَّثَنَا الْفَقِيهُ أَبُو الطِّيبِ سَهْلُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، إِمْلاءً ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ
، أَخْبَرَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ
اللَّيْثِ ، قَالا : أنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ
ابْنِ الْهَادِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ ، عَنْ
سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ
اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ : أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ
الشِّرْكِ ، فَمَنْ عَمِلَ عَمَلا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي ، فَأَنَا مِنْهُ
بَرِيءٌ ، وَهُوَ مِنَ الَّذِي عَمِلَهُ تَابَعَهُ الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
وَمَنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
459- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ فِي
الأَمَالِي ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَافِظُ ،
بِهَمَذَانَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا أَبُو
مُسْهِرٍ عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ
، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنْ جِبْرِيلَ ، عَلَيْهِ الصَّلاةُ
وَالسَّلامُ ، عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ : يَا عِبَادِي ،
إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي ، وَجَعَلْتُهُ مُحْرِمًا بَيْنَكُمْ ،
فَلا تَظَّالَمُوا ، يَا عِبَادِي ، إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ ، وَأَنَا الَّذِي أَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَلا أُبَالِي ،
فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ ، يَا عِبَادِي ، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ
أَطْعَمْتُ ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ ، يَا عِبَادِي ، كُلُّكُمْ عَارٍ
إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُ ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ ، يَا عِبَادِي ، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ
وَآخِرَكُمْ ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ ، كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ
مِنْكُمْ لَمْ يَزِدْ ذَلِكَ
فِي مُلْكِي شَيْئًا ، يَا عِبَادِي ، لَوْ أَنَّ
أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ ، كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ
قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ لَمْ يَنْقُصْ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا ، يَا عِبَادِي
، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمُ اجْتَمَعُوا فِي
صَعِيدٍ وَاحِدٍ ، فَسَأَلُونِي ، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ مَا
سَأَلَ لَمْ يَنْقُصْ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ الْبَحْرُ أَنْ
يَغْمِسَ فِيهِ الْمِخْيَطُ غَمْسَةً وَاحِدَةً ، يَا عِبَادِي ، إِنَّمَا هِيَ
أَعْمَالُكُمْ أَحْفَظُهَا عَلَيْكُمْ ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا ، فَلْيَحْمَدِ
اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ ، فَلا يَلُومَنَّ إِلاَّ
نَفْسَهُ قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : وَكَانَ أَبُو إِدْرِيسَ إِذَا حَدَّثَ
بِهَذَا الْحَدِيثِ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ إِعْظَامًا لَهُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيِّ ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ
460- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ زِيَادٍ الْعَدْلُ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ هُوَ ابْنُ خُزَيْمَةَ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ
الأَعْلَى ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ
، قَالَ : إِنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ حَدَّثَهُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
جُبَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلا
قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ :
رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ
تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي الآيَةَ ، وَقَوْلَ عِيسَى
عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ : إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ
وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، فَرَفَعَ يَدَهُ
، وَقَالَ : اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي ، وَبَكَى ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : يَا
جِبْرِيلُ ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ ؟
فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فَسَأَلَهُ ، فَأَخْبَرَهُ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ ، وَهُوَ أَعْلَمُ ،
فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : يَا جِبْرِيلُ ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ
، وَقُلْ : إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلا نَسُوُءُكَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى
461- أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ ، مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ
بْنِ مُقَاتِلٍ الْهَاشِمِيُّ ، قَدِمَ عَلَيْنَا نَيْسَابَورَ حَاجًّا ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو
أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الْخَفَّافُ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ،
أَخْبَرَنَا جَرِيرُ ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنُ فِرَاسٍ ، بِمَكَّةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْجُمَحِيُّ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالْقَانِيُّ ،
حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ
مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ :
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ
اللهِ ، أَيُّ الْبِقَاعِ خَيْرٌ ؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لا أَدْرِي ، فَقَالَ : أَيُّ الْبِقَاعِ شَرٌّ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : لا أَدْرِي ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ،
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
يَا جِبْرِيلُ ، أَيُّ الْبِقَاعِ خَيْرٌ ؟ قَالَ : لا
أَدْرِي ، قَالَ : أَيُّ الْبِقَاعِ شَرٌّ ؟ قَالَ : لا أَدْرِي ، قَالَ : سَلْ
رَبَّكَ ، قَالَ : فَانْتَفَضَ جِبْرِيلُ انْتِفَاضَةً كَادَ يُصْعَقُ مِنْهَا
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ : مَا أَسْأَلُهُ
عَنْ شَيْءٍ ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : سَأَلَكَ مُحَمَّدٌ أَيُّ
الْبِقَاعِ خَيْرٌ ؟ فَقُلْتَ : لا أَدْرِي ، وَسَأَلَكَ أَيُّ الْبِقَاعِ شَرٌّ ؟
فَقُلْتَ : لا أَدْرِي ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ خَيْرَ الْبِقَاعِ الْمَسَاجِدُ ،
وَأَنَّ شَرَّ الْبِقَاعِ الأَسْوَاقُ لَفْظُ حَدِيثِ الطَّالْقَانِيِّ
462- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ
، بِالْكُوفَةِ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ ،
أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدِ الطَّنَافِسِيُّ.
وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، قَالا : حَدَّثَنَا عُمَرُ
بْنُ ذَرٍّ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ الْمُزَكِّي ، أَخْبَرَنَا أَبُو
الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ
بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ،
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِيَ يُحَدِّثُ ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ
وَالسَّلامُ : مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا ؟
فَقَالَ : {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ الآيَةَ}.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ فَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ
باب قول الله عز وجل {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار}
463- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ ،
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ ، حَدَّثَنِي
اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنِي ابْنُ مُسَافِرٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : يَقْبِضُ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ الأَرْضَ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا
الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ
باب قول الله عز وجل : {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا
أجبتم}
وقوله تعالى : {ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين}.
وقوله جل وعلا : {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت
قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله}.
وقوله تبارك وتعالى : {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن
المرسلين فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين}
464- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بَالَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الْوَاحِدِ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَجِيءُ نُوحٌ وَأُمَّتُهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِنُوحٍ : هَلْ بَلَّغْتَ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ
يَا رَبِّ ، فَيَقُولُ لأُمَّتِهِ : هَلْ بَلَّغَكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : مَا
جَاءَنَا مِنْ نَذِيرٍ ، قَالَ : مَنْ يَشْهَدُ لَكَ ، قَالَ : مُحَمَّدٌ
وَأُمَّتُهُ ، قَالَ : فَنَجِيءُ فَنَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ قَالَ : فَذَلِكَ
قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا
لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا
وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ
465- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ ، أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنُ يَحْيَى بْنِ بِلالٍ الْبَزَّازُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ
اللهِ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ
سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنَّ مُرِيِّ بْنِ قَطَرِيِّ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ
، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لِيَقِ أَحَدُكُمْ وَجْهَ النَّارِ ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ، فَإِنْ لَمْ
يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيْبَةٍ ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يَقُولُ لَهُ : أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَمِعًا
وَبَصَرًا ؟ فَيَقُولُ بَلَى : فَيَقُولُ : أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ مَالا وَوَلَدًا ؟ فَيَقُولُ
: بَلَى فَيَقُولُ : فَمَاذَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ ؟ قَالَ : فَيَنْظُرُ شِمَالا وَيَمِينًا
فَلا يَرَى شَيْئًا
466- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، إِمْلاءً ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ
مُوسَى ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ
بْنُ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا ،
قَالَ فِيهِ : فَيُلْقَى الْعَبْدُ ، فَيَقُولُ : أَيْ فُلْ ، أَلَمْ أُكْرِمْكَ ،
وَأُسَوِّدْكَ ، وَأُزَوِّجْكَ وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالإِبِلَ ،
وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْتعُ ؟ قَالَ : فَيَقُولُ : بَلَى أَيْ رَبِّ ، قَالَ : فَيَقُولُ :
أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلاقِيَّ ؟ فَيَقُولُ : لا ، فَيَقُولُ : فَإِنِّي
أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي ، ثُمَّ يَلْقَى الثَّانِي ، فَيَقُولُ : أَيْ فُلْ ،
فَذَكَرَ مِثْلَ مَا قَالَ لِلأَوَّلِ ، ثُمَّ يَلْقَى الثَّالِثَ ، فَيَقُولُ :
آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرَسُولِكَ ، وَصَلَّيْتُ ، وَصُمْتُ ،
وَتَصَدَّقْتُ وَيُثْنِي بِخَيْرٍ مَا اسْتَطَاعَ ، قَالَ : فَيَقُولُ : فَهَا
هُنَا إِذًا قَالَ : ثُمَّ يُقَالُ : الآنَ نَبْعَثُ شَاهِدَنَا عَلَيْكَ ،
فَيَتَفَكِّرُ فِي نَفْسِهِ مَنِ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيَّ ؟ فَيُخْتَمُ عَلَى
فِيهِ ، وَيُقَالُ لِفَخِذِهِ : انْطِقِي ، فَيَنْطِقُ فَخِذُهُ ، وَلَحْمُهُ ، وَعِظَامُهُ
بِعَمَلِهِ مَا كَانَ ذَلِكَ لَيَتَعَذَّرَ مِنْ نَفْسِهِ ، وَذَلِكَ الْمُنَافِقُ
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنِ
ابْنِ أَبِي عُمَرَ ، عَنْ سُفْيَانَ
467- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي النَّضْرِ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ ، عَنِ الأَشْجَعِيِّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ
عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو.
عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَضَحِكَ ، فَقَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مِمَّا أَضْحَكُ ؟ قَالَ : قُلْنَا : اللَّهُ
وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ ، يَقُولُ : يَا
رَبِّ ، أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ ؟ قَالَ : يَقُولُ : بَلَى ، قَالَ : فَيَقُولُ : فَإِنِّي
لا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلاَّ شَاهِدًا مِنِّي قَالَ : فَيَقُولُ : فَكَفَى
بِنَفْسِكَ عَلَيْكَ شَهِيدًا ، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا قَالَ :
فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ وَيُقَالُ لأَرْكَانِهِ : انْطِقِي ، قَالَ : تَنْطِقُ
بِأَعْمَالِهِ ، ثُمَّ قَالَ : يُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلامِ ، قَالَ :
فَيَقُولُ : بُعْدًا وَسُحْقًا فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ
468- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ، يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي
عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
يُحَدِّثُ ، عَنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لأَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ
الْقِيَامَةِ : لَوْ كَانَ لَكَ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ أَكُنْتَ
تَفْتَدِي بِهِ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ ، فَيَقُولُ لَهُ : قَدْ أَرَدْتُ مِنْكَ مَا
هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا ، وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ أَنْ لا تُشْرِكَ بِي ،
فَأَبَيْتَ إِلاَّ أَنْ تُشْرِكَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي
"الصَّحِيحِ" ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ
469- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا
الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ
، عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ، قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا مِنْكُمْ مِنْ
أَحَدٍ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ عَزَّ جَلَّ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ
تُرْجُمَانٌ ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ ، فَلا يَرَى إِلاَّ مَا قَدِمَ مِنْ
عَمَلٍ ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلا يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ ، وَيَنْظُرُ
بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَلا يَرَى إِلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ ، فَاتَّقُوا
النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ قَالَ عِيسَى : قَالَ الأَعْمَشُ حَدَّثَنِي
عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ ، عَنْ خَيْثَمَةَ بِمِثْلِهِ ، وَزَادَ فِيهِ وَلَوْ
بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي
"الصَّحِيحِ" كِلاهُمَا ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ ، عَنْ عِيسَى
470- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ ، أَخْبَرَنَا
سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُجَاهِدِ الطَّائِيُّ ، حَدَّثَنَا
مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَاءَهُ رَجُلانِ ،
أَحَدُهُمَا يَشْكُو الْعَيْلَةَ ، وَالآخَرُ يَشْكُو قَطْعَ السَّبِيلِ ، فَقَالَ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا يَأْتِي عَلَيْكَ إِلاَّ قَلِيلٌ حَتَّى
تَخْرُجَ الْمَرْأَةُ مِنَ الْحِيرَةَ إِلَى مَكَّةَ بِغَيْرِ خَفِيرٍ ، وَلا تَقُومُ
السَّاعَةُ حَتَّى يَطُوفَ أَحَدُكُمْ بِصَدَقَتِهِ ، فَلا يَجِدُ مَنْ
يَقْبَلُهَا مِنْهُ ، ثُمَّ لَيَفِيضَنَّ الْمَالُ ، ثُمَّ لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ
بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ
يَحْجُبُهُ ، وَلا تُرْجُمَانٌ ، فَيُتَرْجِمَ لَهُ ، فَيَقُولُ : أَلَمْ أُوتِكَ
مَالا ؟ فَيَقُولُ : بَلَى فَيَقُولُ
: أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولا ؟ فَيَقُولُ : بَلَى
، فَيَنْظُرَ عَنْ يَمِينِهِ ، فَلا يَرَى إِلاَّ النَّارَ ، وَيَنْظُرُ عَنْ
يَسَارِهِ ، فَلا يَرَى إِلاَّ النَّارَ ، فَلْيَتَّقِ أَحَدُكُمُ النَّارَ وَلَوْ
بِشِقِّ تَمْرَةٍ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةَ طَيِّبَةٍ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ
471- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الزَّاهِدُ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْعَبْسِيُّ ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ
الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ : يَا آدَمُ ، قُمْ
فَابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ ، قَالَ : فَيَقُولُ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ
وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ ، وَمَا بَعْثُ النَّارِ ؟ فَيَقُولُ : مِنْ كُلِّ
أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٌ وَتِسْعٌ وَتَسْعَوْنَ قَالَ : فَحِينَئِذٍ يَشِيبُ الْمَوْلُودُ
، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ
بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ قَالَ : فَيَقُولُونَ : وَأَيُّنَا ذَلِكَ
الْوَاحِدُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
تِسْعُمِائَةٌ وَتِسْعٌ وَتِسْعُونَ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَمِنْكُمْ
وَاحِدٌ ، قَالَ : فَقَالَ النَّاسُ :
اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةَ
، وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَاللَّهِ
إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، قَالَ : فَكَبَّرَ
النَّاسُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا
أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ فِي النَّاسِ إِلاَّ كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي
الثَّوْرِ الأَسْوَدِ ، أَوِ الشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَبْيَضِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ وَكِيعٍ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنِ
الأَعْمَشِ
472- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، إِمْلاءً ، أَخْبَرَنَا أَبُو
الْمُثَنَّى ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ، وَالْحَدِيثُ لأَبِي الْمُثَنَّى ،
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ
صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ ، قَالَ : إِنَّ رَجُلا سَأَلَ
ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى ؟ قَالَ : يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ
رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ ، فَيَقُولُ : عَمِلْتُ كَذَا وَكَذَا ؟
فَيَقُولُ : نَعَمْ ، فَيُقَرِّرُهُ ، ثَمَّ يَقُولُ : قَدْ سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِي
الدُّنْيَا ، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ قَالَ : ثُمَّ يُعْطَى كِتَابَ
حَسَنَاتِهِ أَوْ يُنْشَرُ كِتَابُ حَسَنَاتِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ : هَاؤُمُ
اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَيُنَادَوْنَ :
هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وَرَسُولِهِ أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ مُسَدَّدٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ ، عَنْ
قَتَادَةَ
473- أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْخَالِقِ
بْنُ عَلِيٍّ الْمُؤَذِّنُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
بْنُ خَنْبٍ الْبَغْدَادِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، أَخْبَرَنَا
زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الأَصَمُّ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا حَسَنُ بْنُ
مُوسَى الأَشْيَبُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ
الْبُنَانِيِّ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ
: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ ، فَلَمْ تَعُدْنِي ،
فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟
فَيَقُولُ : أَمَا أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ ، فَلَمْ تَعُدْهُ ، أَمَا
عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ ، لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ ، فَيَقُولُ : يَا ابْنَ
آدَمَ ، اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي ، فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ ، وَكَيْفَ
أَسْقِيكَ ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ فَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :
أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا اسْتَسْقَاكَ.
فَلَمْ تَسْقِهِ ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ
سَقَيْتَهُ ، لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي ؟ قَالَ : وَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ : يَا ابْنَ آدَمَ ، اسْتَطْعَمْتُكَ ، فَلَمْ تُطْعِمْنِي ، فَيَقُولُ :
أَيْ رَبِّ ، وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ فَيَقُولُ :
أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِيَ فُلانًا اسْتَطْعَمَكَ ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ ؟ أَمَا
إِنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ ، لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي لَفْظُ حَدِيثِ الأَشْيَبِ
، وَفِي رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ : فَلَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ
عِنْدِي وَبِمَعْنَاهُ ، قَالَ فِي بَاقِي الْحَدِيثِ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ
بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، وَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ يَقُولُهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَفِي اسْتِفْسَارِ هَذَا الْعَبْدِ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ
عَلَى إِبَاحَةِ سُؤَالِ مَنْ لا يَعْلَمُ مَنْ يَعْلَمُ حَتَّى يَقِفَ عَلَى
الْمُشْكِلِ مِنَ الأَلْفَاظِ إِذَا أَمْكَنَ الْوُصُولُ إِلَى مَعْرِفَتِهُ ،
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ قَدْ يَرِدُ مُطْلَقًا ، وَالْمُرَادُ بِهِ
غَيْرُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ ، فَإِنَّهُ أَطْلَقَ الْمَرَضَ وَالاسْتِسْقَاءَ
وَالاسْتِطْعَامَ عَلَى نَفْسِهِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ وَلِيٌّ مِنْ أَوْلِيَائِهِ
، وَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ
يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَقَوْلُهُ : إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ ، وَقَوْلُهُ : إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ، وَالْمُرَادُ
بِجَمِيعِ ذَلِكَ أَوْلِيَاؤُهُ وَقَوْلُهُ : لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ أَيْ
وَجَدْتَ رَحْمَتِي وَثَوَابِي عِنْدَهُ ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَوَجَدَ
اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ أَيْ وَجَدَ حِسَابَهُ وَعِقَابَهُ
باب قول الله عز وجل : {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا
المتقين} قول الله عز وجل : {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين يا عباد لا
خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون}.
وقوله تعالى
: {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وأزواجهم في
ظلال على الأرائك متكئون لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون سلام قولا من رب رحيم}
474- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ
زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةَ
: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُونَ : لَبَّيْكَ رَبَّنَا ، وَسَعْدَيْكَ
وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ ، فَيَقُولُ
: هَلْ رَضِيتُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا ، وَمَا
لَنَا لا نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ،
فَيَقُولُ : أَلا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ؟
قَالَ : فَيَقُولُونَ : يَا رَبِّ ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ
مِنْ ذَلِكَ ؟ قَالَ : أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ
بَعْدَهُ أَبَدًا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ
الأَيْلِيِّ ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ وَهْبٍ
475- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو طَاهِرٍ الْمُحَمَّدَ آبَاديُّ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ
، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ هُوَ ابْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ
مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبِيدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : آخِرُ
أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولا الْجَنَّةَ ، وَآخَرُ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنَ
النَّارِ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَبْوًا ، فَيَقُولُ لَهُ رَبُّهُ : ادْخُلِ الْجَنَّةَ
، فَيَقُولُ : أَرَى الْجَنَّةَ مَلأَى ، فَيَقُولُ لَهُ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ،
كُلُّ ذَلِكَ يُعِيدُ الْجَنَّةُ مَلأَى ، فَيَقُولُ : إِنَّ لَكَ مِثْلَ
الدُّنْيَا عَشْرَ مَرَّاتٍ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخِرَ ، عَنْ
مَنْصُورٍ
باب قول الله عز وجل : {إن الذين يشترون بعهد الله
وأيمانهم ثمنا قليلا}
قول الله عز وجل : {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم
ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة
ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم}.
وقال جَلَّ وعلا : {إن الذين يكتمون ما أنزل الله من
الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم
الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم}
476- حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ
بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ ، إِمْلاءً ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ
بْنُ سَهْلٍ الْمَرْوَزِيُّ ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ الْمَرْوَزِيُّ ،
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ
تَعَالَى ، وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ، رَجُلٌ حَلَفَ
عَلَى يَمِينٍ عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ فَاقْتَطَعَهُ ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ
بَعْدَ صَلاةِ الْعَصْرِ أَنَّهُ أَعْطَى بِسِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أُعْطِيَ ،
وَهُوَ كَاذِبٌ ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ.
يَقُولُ : الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ
فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ كِلاهُمَا
، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ
477- أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ بْنُ أَبِي
هَاشِمٍ الْعَلَوِيُّ ، بِالْكُوفَةَ ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، قَالا : أَخْبَرَنَا
أَبُو جَعْفَرِ بْنُ دُحَيْمٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ،
أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ
الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ثَلاثَةٌ لا
يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ : رَجُلٌ
بَايَعَ رَجُلا سِلْعَةً بَعْدَ الْعَصْرِ ، فَحَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ لأَخَذَهَا
بِكَذَا وَكَذَا ، فَصَدَّقَهُ ، فَأَخَذَهَا وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ ،
وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لا يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِلدُّنْيَا ، فَإِنْ أَعْطَاهُ
مِنْهَا وَفَى ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ لَهُ ، وَرَجُلٌ عَلَى فَضْلِ
مَاءٍ بِالْفَلاةِ ، فَيَمْنَعُهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي
مُعَاوِيَةَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ وَكِيعٍ ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ
478- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ بْنُ أَبِي
هَاشِمٍ الْعَلَوِيُّ ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، قَالا : أَخْبَرَنَا أَبُو
جَعْفَرِ بْنُ دُحَيْمٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ،
أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبَى حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا
يُزَكِّيهِمْ : شَيْخٌ زَانٍ ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ وَكِيعٍ
479- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَأَخْبَرَنَا
أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا جَدِّي أَبُو
مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ
، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ،
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ
عَمْرٍو ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ثَلاثَةٌ لا
يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ،
وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ : فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَقَالَ : خَابُوا وَخَسِرُوا ، خَابُوا وَخَسِرُوا ،
خَابُوا وَخَسِرُوا قِيلَ : مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : الْمُسْبِلُ
إِزَارَهُ ، وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ ، وَالْمَنَّانُ
عَطَاءَهُ لَفْظُ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ غُنْدَرٍ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ
وَغَيْرِهِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ ، عَنْ
خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ ، وَجَمِيعُ هذه الأخبار صحيحة ، وهذه أقاويل متفرقة يجمع
إلى بعض ، وليس في تنصيصه على الثلاثة نفي غيرهن ، ويجوز أَنْ يَقُولَ : ثَلاثَةٌ
لا يُكَلِّمُهُمُ ، ثُمّ يَقُولُ : وَثَلاثَةٌ آخَرُونَ لا يُكَلِّمُهُمُ ، فَلا
يَكُونُ الثَّانِي مُخَالِفًا لِلأَوَّلِ ، وَفِي ذَلِكَ دَلالَةٌ عَلَى أَنَّهُ
إِذَا لَمْ يُسْمِعْهُمْ كَلامَهُ عُقُوبَةً لَهُمْ يُسْمِعُهُ أَهْلَ رَحْمَتِهِ
كَرَامَةً لَهُمْ إِذَا شَاءَ ، وَإِنَّمَا لا يُسْمِعُ كَلامَهُ أَهْلَ
عُقُوبَتِهِ بِمَا يُسْمِعُهُ أَهْلَ رَحْمَتِهِ ، وَقَدْ يُسْمِعُ كَلامَهُ فِي
قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَهْلَ عُقُوبَتِهِ بِمَا يَزِيدُهُمْ حَسْرَةً
وَعُقُوبَةً قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي
آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي
هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ، إِلَى سَائِرِ مَا وَرَدَ فِي مَعْنَى هَذِهِ الآيَةِ
فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى أَنْ يَقُولُوا : رَبَّنَا أَخْرِجْنَا
مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ، فَيُجِيبُهُمُ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ : اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ، فَبَعْدَ ذَلِكَ لا يُسْمِعُهُمْ
كَلامَهُ ، وَذَلِكَ حِينَ وَجَبَ عَلَيْهِمُ الْخُلُودُ ، أَعَاذَنَا اللَّهُ
مِنْ ذَلِكَ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ
480- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو الفضل
الحسن بن يعقوب العدل ، وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ،
قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب حَدَّثَنَا يحيى بن أبي طالب ،
حَدَّثَنَا عبد الوهاب بن عطاء ، أَخْبَرَنَا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن
أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، رضي الله تعالى عنهما ، قال : إن أهل
النار لينادون مالكا : {يا مالك ليقض علينا ربك} ، قال : فيذرهم أربعين عاما لا يجيبهم
، ثم يجيبهم : {إنكم ماكثون} قال الحسن بن يعقوب في روايته : هانت دعوتهم والله على
مالك ، ورب مالك قالوا : {ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا
منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال اخسئوا فيها ولا تكلمون} وفي رواية الأصم : ثم
ينادون ربهم ، فيذرهم مثل الدنيا ، لا يجيبهم ، ثم يجيبهم : {اخسئوا فيها ولا تكلمون} قال : فما
نبس القوم بكلمة ، ما كان إلا الزفير والشهيق قال قتادة : شبه أصواتهم بأصوات
الحمير ، أوله زفير وآخره شهيق
. قال الشيخ : هذا موقوف وظاهره أن الله تعالى يجيبهم
بقوله : {اخسئوا فيها ولا تكلمون} وظاهر الكتاب أيضا يدل على أن الله تعالى يجيبهم
بذلك وإن كان يحتمل غير ذلك
481- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أحمد بن كامل
القاضي ، أَخْبَرَنَا محمد بن سعد العوفي ، حدثني أبي ، حدثني عمي الحسين بن الحسن
بن عطية بن سعد ، حدثني أبي ، عن جدي عطية ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما :
{اخسئوا فيها ولا تكلمون} هذا قول الرحمن عز وجل حين انقطع كلامهم منه
482- أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أَخْبَرَنَا أبو منصور
العباس بن الفضل النضروي ، حَدَّثَنَا أحمد بن نجدة ، حَدَّثَنَا سعيد بن منصور ،
حَدَّثَنَا أبو معشر ، عن محمد بن كعب ، قال : لأهل النار خمس دعوات يجيبهم الله
عز وجل في أربعة ، فإذا كانت الخامسة لم يتكلموا بعدها أبدا ، يقولون : {ربنا
أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل} فيجيبهم
الله تعالى : {ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله
العلي الكبير} ، ثم يقولون : {ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون} ، فيجيبهم
الله تعالى : {فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب
الخلد بما كنتم تعملون} ، ثم يقولون : {ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل}
فيجيبهم الله تعالى : {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال} ، فيقولون : {ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا
نعمل} فيجيبهم الله تعالى : {أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما
للظالمين من نصير} ، ثم يقولون : {ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا
منها فإن عدنا فإنا ظالمون} ، فيجيبهم الله تعالى : {اخسئوا فيها ولا تكلمون} ،
فلا يتكلمون بعدها أبدا
باب قول الله عز وجل : {إن ربكم الله الذي خلق السماوات
والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش} قول الله عز وجل : {إن ربكم الله الذي خلق
السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا
والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره} ، فأخبر بأن الخلق صار مكونا مسخرا بأمره ثم
فصل الأمر من الخلق ، فقال : {ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} ، قال
سفيان بن عيينة : بين الله تعالى الخلق من الأمر ، فقال : {ألا له الخلق والأمر}.
وقال : {الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان} فلم
يجمع القرآن مع الإنسان في الخلق ، بل أوقع اسم الخلق على الإنسان والتعليم على
القرآن.
وقوله جل وعلا : {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له
كن فيكون} فوكد القول بالتكرار ، ووكد المعنى بإنما ، وأخبر أنه إذا أراد خلق شيء
، قال له : كن ولو كان قوله مخلوقا لتعلق بقول آخر ، وكذلك حكم ذلك القول حتى يتعلق بما
لا يتناهى ، وذلك يوجب استحالة وجود القول ، وذلك محال ، فوجب أن يكون القول أمرا
أزليا ، متعلقا بالمكون فيما لا يزال ، فلا يكون لا يزال إلا وهو كائن على مقتضى
تعلق الأمر به ، وهذا كما أن الأمر من جهة صاحب الشرع متعلق الآن بصلاة غد.
وغد غير موجود متعلق بمن لم يخلق من المكلفين إلى يوم
القيامة ، وبعد ، لم يوجد بعضهم ، إلا أن تعلقه بها وبهم على الشرط الذي يصح فيما
بعد ، كذلك قوله في التكوين والله أعلم
483- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ
سُهَيْلٍ ، قَالَ : كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا : إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا
أَنْ يَنَامَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ ، ثُمَّ يَقُولُ : اللَّهُمَّ
رَبَّ السَّمَاوَاتِ ، وَرَبَّ الأَرْضِ ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا
وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى ، مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ
وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ
آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ،
وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الظَّاهَرُ فَلَيْسَ
فَوْقَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ ، اقْضِ عَنَّا
الدَّيْنَ ، وَاغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ وَكَانَ يُرْوَى ذَلِكَ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَهُوَ ذَا رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَصَلَ بَيْنَ الْمَخْلُوقِ وَغَيْرِ
الْمَخْلُوقِ ، فَأَضَافَ الْمَخْلُوقَ إِلَى خَالِقِهِ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى
الْخَلْقِ ، وَأَضَافَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَالْفُرْقَانَ إِلَى اللهِ تَعَالَى
بِلَفْظٍ لا يَدُلُّ عَلَى الْخَلْقِ ، وَلَمْ يَجْمَعِ بَيْنَ الْمَذْكُورِينَ
فِي الذِّكْرِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
484- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ ، قَالَ :
حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ
بْنُ طَهْمَانَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ مُوسَى بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ شَهْرِ
بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ : عَطَائِي
كَلامٌ ، وَعَذَابِي كَلامٌ ، إِنَّمَا أَمْرِي لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْتُهُ أَنْ
أَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَكَانَ أَمْرُ
اللهِ مَفْعُولا ، فَإِنَّمَا أَرَادَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، مَا قَضَى اللَّهُ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أَمَرِ زَيْدٍ وَامْرَأَتِهِ ، وَتَزَوُّجِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا ، وَجَوَازِ التَّزَوُّجِ بِحَلائِلِ
الأَدْعِيَاءِ ، كَانَ قَضَاءً مَقْضِيًّا ، وَهُوَ كَقَوْلُهُ : وَكَانَ أَمْرُ
اللهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ، وَالأَمْرُ فِي الْقُرْآنِ يَنْصَرِفُ وَجْهُهُ إِلَى
ثَلاثَةِ عَشَرَ وَجْهًا مِنْهَا : الأَمْرُ بِمَعْنَى الدِّينِ ، فَذَلِكَ
قَوْلُهُ تَعَالَى : حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ يَعْنِي : دِينَ
اللهِ الإِسْلامَ وَلَهُ نَظَائِرُ.
وَمِنْهَا : الأَمْرُ بِمَعْنَى الْقَوْلِ ، فَذَلِكَ
قَوْلُهُ تَعَالَى : فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا يَعْنِي قَوْلَنَا ، وَقَوْلُ اللهِ
عَزَّ وَجَلَّ : فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ ، يَعْنِي قَوْلَهُمْ.
وَمِنْهَا : الأَمْرُ بِمَعْنَى الْعَذَابِ ، فَذَلِكَ
قَوْلُهُ : لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ يَعْنِي : لَمَّا وَجَبَ الْعَذَابُ بِأَهْلِ
النَّارِ ، وَلَهُ نَظَائِرُ.
وَمِنْهَا : الأَمْرُ يَعْنِي : عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ
، فَذَلِكَ قَوْلُهُ : إِذَا قَضَى أَمْرًا يَعْنِي عِيسَى ، وَكَانَ فِي عِلْمِهِ
أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ ، فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.
وَمِنْهَا أَمْرُ اللهِ تَعَالَى يَعْنِي الْقَتْلَ
بِبَدْرٍ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللهِ يَعْنِي :
الْقَتْلَ بِبَدْرٍ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ
مَفْعُولا يَعْنِي : قَتْلَ كُفَّارِ مَكَّةَ.
وَمِنْهَا : أَمْرٌ يَعْنِي : فَتْحَ مَكَّةَ ، وَذَلِكَ
قَوْلُهُ : فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ يَعْنِي : فَتْحَ مَكَّةَ.
وَمِنْهَا : أَمْرٌ يَعْنِي : قَتْلَ قُرَيْظَةَ
وَجِلاءَ النَّضِيرِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى
يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ.
وَمِنْهَا أَمْرٌ يَعْنِي : الْقِيَامَةَ ، فَذَلِكُ
قَوْلُهُ : أَتَى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ يَعْنِي : الْقِيَامَةَ.
وَمِنْهَا الأَمْرُ يَعْنِي الْقَضَاءَ ، فَذَلِكَ
قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الرَّعْدِ : يُدَبِّرُ الأَمْرَ
يَعْنِي الْقَضَاءَ ، وَلَهُ نَظَائِرُ.
وَمِنْهَا : الأَمْرُ يَعْنِي : الْوَحْيَ ، فَذَلِكَ
قَوْلُهُ : يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ، يَقُولُ : يَتَنَزَّلُ
الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ يَعْنِي : الْوَحْيَ.
وَمِنْهَا
: الأَمْرُ يَعْنِي أَمْرَ الْخَلْقِ ، فَذَلِكَ
قَوْلُهُ : أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأُمُورُ يَعْنِي أُمُورَ الْخَلائِقِ.
وَمِنْهَا الأَمْرُ يَعْنِي النَّصْرَ ، فَذَلِكَ
قَوْلُهُ : يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ يَعْنُونَ النَّصْرَ
: قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يَعْنِي : النَّصْرَ.
وَمِنْهَا الأَمْرُ يَعْنِي الذَّنْبَ ، فَذَلِكَ
قَوْلُهِ تَعَالَى : فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا ، يَعْنِي جَزَاءَ ذَنْبِهَا ،
وَلَهُ نَظَائِرُ.
485- أَخْبَرَنَا بِمَعْنَى ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ
أَبِي عَلِيٍّ السَّقَّا ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى ، عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنُ مَسْعُودٍ ، أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجَلابُ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ هَانِئٍ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَيْمُونٍ ، حَدَّثَنَا
الْهُذَيْلُ ، عَنْ مُقَاتِلٍ ، فَذَكَرَهُ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُسْتَدَلُّ بِسِيَاقِ
الْكَلامِ عَلَى مَعْنَى الأَمْرِ ، فَقَوْلُهُ : أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الأَمْرَ غَيْرُ الْخَلْقِ ، حَيْثُ فَصَلَ بَيْنَهُمَا ،
فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ كَلامًا يَخْلُقُ بِهِ الْخَلْقَ ، أَوْ إِرَادَةً
يَقْضِي بِهَا بَيْنَهُمْ وَيُدَبِّرُ أَمْرَهُمْ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، قَالَ
الْقُتَيْبِيُّ : هَذَا كُلَّهُ وَإِنَّ اخْتَلَفَ ، فَأَصْلُهُ وَاحِدٌ وَيُكْنَى
عَنْ كُلِّ شَيْءٍ بِالأَمْرِ ، لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ ، فَإِنَّمَا يَكُونُ
بِأَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَسُمِّيتِ الأَشْيَاءُ أُمُورًا ، لأَنَّ
الأَمْرَ سَبَبُهَا يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأُمُورُ
باب قول الله عز وجل {لله الأمر من قبل ومن بعد} قول الله
عز وجل : {لله الأمر من قبل ومن بعد} وهذا كله وإن كان نزوله على سبب خاص فظاهره
يدل على أن أمره قبل كل شيء سواه ، ويبقى بعد كل شيء سواه ، وما هذا صفته لا يكون
إلا قديما ، وقوله تعالى : {ولولا كلمة سبقت من ربك}.
وقوله عز وجل : {لولا كتاب من الله سبق}.
وقوله جل وعلا : {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين
إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون} ، والسبق على الإطلاق يقتضي سبق كل
شيء سواه ، وقوله تعالى : {حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} يعني- والله
أعلم- إنا سميناه- يريد كلامه- قرآنا عربيا ، وأفهمناكموه بلغة العرب لعلكم تعقلون
وهو كقوله : {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا} أي سموهم.
وقوله : {أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه} أي سموا له شركاء
ثم إن الله تعالى نفى عن كلامه الحدث بقوله : {وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم}
فأخبر أنه كان موجودا مكتوبا قبل الحاجة إليه في أم الكتاب.
وقوله عز وجل : {بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ} فأخبر أن
القرآن كان في اللوح المحفوظ يريد مكتوبا فيه ، وذلك قبل الحاجة إليه ، وفيه ما
فيه من الأمر والنهي والوعد والوعيد ، والخبر والاستخبار ، وإذا ثبت أنه كان
موجودا قبل الحاجة إليه ثبت أنه لم يزل كما كان ، وقوله تعالى : {ما يأتيهم من
ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون} يريد به ذكر القرآن لهم وتلاوته عليهم
وعلمهم به ، فكل ذلك محدث.
والمذكور المتلو المعلوم غير محدث كما أن ذكر العبد لله
عز وجل محدث والمذكور غير محدث ، وقوله تعالى : {إنا أنزلناه في ليلة القدر} {11}
يريد به- والله أعلم- إنا أسمعناه الملك وأفهمناه إياه وأنزلناه بما سمع فيكون
الملك منتقلا به من علو إلى سفل ، وقوله تبارك وتعالى : {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا
له لحافظون} ، يريد به حفظ رسومه وتلاوته.
وقوله : {وأنزلنا الحديد} والحديد جسم لا يستحيل عليه
الإنزال ، ويجوز أن يكون ابتداء خلقه وقع في علو ، ثم نقل إلى سفل ، فأما الإنزال
بمعنى الخلق فغير معقول ، وأما النسخ والإنشاء والنسيان والإذهاب ، والترك
والتبعيض ، فكل ذلك راجع إلى التلاوة أو الحكم المأمور به ، وبالله التوفيق
486- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي ،
أَخْبَرَنَا أبو الحسن الطرائفي ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد ، حَدَّثَنَا عبد الله
بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما
في قوله تعالى : {ما ننسخ من آية أو ننسها} يقول : ما نبدل من آية أو نتركها ، أي
لا نبدلها {نأت بخير منها} يقول : خير لكم في المنفعة ، وأرفق بكم
487- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد
الرحمن بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا آدم بن أبي
إياس ، حَدَّثَنَا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن عبيد بن عمير الليثي ، في قوله :
{ما ننسخ من آية أو ننسها} يقول
: أو نتركها نرفعها من عندهم فنأتي بمثلها أو بخير منها
وعن ابن أبي نجيح ، عن أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه
في قوله : {ما ننسخ من آية} أي نثبت خطها ونبدل حكمها ،
أو ننسها أي : نرجئها عندنا نأت بخير منها أو مثلها قلت : وفي هذا بيان لما
قلنا والمخايرة لا تقع في عين الكلام ، وإنما هي في الرفق والمنفعة كما أشار إليه
ابن عباس رضي الله عنهما ، وكذلك المفاضلة إنما تقع في القراءة على ما جاء من وعد
الثواب والأجر في قراءة السور والآيات ، والله أعلم
488- أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي الإسفراييني
ابن السقا ، أَخْبَرَنَا أبو يحيى عثمان بن محمد بن مسعود ، أخبرني إسحاق بن
إبراهيم الجلاب ، حَدَّثَنَا محمد بن هانئ ، حَدَّثَنَا الحسين بن ميمون ،
حَدَّثَنَا الهذيل ، عن مقاتل ، قال : تفسير} {جعلوا} على وجهين : فوجه منهما :
جعلوا الله يعني وصفوا الله ، فذلك قوله عز وجل في سورة الأنعام} {وجعلوا لله
شركاء} يعني وصفوا لله شركاء ، وكقوله في الزخرف : {وجعلوا له من عباده جزءا}
يعني وصفوا له وكقوله في سورة النحل : {ويجعلون لله البنات} يعني ويصفون لله البنات
وكقوله في الزخرف : {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا} يعني وصفوا
الملائكة إناثا ، فزعموا أنهم بنات الرحمن تبارك وتعالى
والوجه الثاني : وجعلوا يعني : قد فعلوا بالفعل ، فذلك
قوله عز وجل في الأنعام : {وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا} يعني قد
فعلوا ذلك ، وقوله في سورة يونس : {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق} يعني الحرث
والأنعام : {فجعلتم منه حراما وحلالا}.
وقوله : {ثم جعل منها زوجها} يعني خلق قلت : وأما قوله عز وجل :
{إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما
تذكرون}.
وقوله : {ذي قوة عند ذي العرش مكين} فقد قال في آية أخرى
: {فأجره حتى يسمع كلام الله} {11}
فأثبت أن القرآن كلامه ، ولا يجوز أن يكون كلامه وكلام
جبريل عليه السلام ، فثبت أن معنى قوله : {إنه لقول رسول كريم} أي تلقاه عن رسول
كريم ، أو قول سمعه من رسول كريم أو نزل به عليه رسول كريم
489- أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الأَدِيبُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيُّ ، حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، يَعْنِي ابْنَ زَكَرِيَّا حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، وَيَعْقُوبُ ،
والمخرمي ، قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ.
حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ ،
عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ قَالُوا : قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا
فَقَالَ : اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ قَالُوا : قَدْ بَشَّرْتَنَا
، فَأَخْبِرْنَا عَنْ أَوَّلِ هَذَا الأَمْرِ كَيْفَ كَانَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَ اللَّهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَكَانَ
عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ وَأَتَانِي آتٍ ،
فَقَالَ : يَا عِمْرَانُ انْحَلَّتْ نَاقَتُكَ مِنْ عِقَالِهَا ، فَقُمْتُ فَإِذَا
السَّرَابُ مُنْقَطِعٌ بَيْنِي وَبَيْنِهَا ، فَلا أَدْرِي مَا كَانَ بَعْدَ
ذَلِكَ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ"
مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، وَزَادَ فِيهِ : ثُمَّ خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ كِتَابِي ، وَالْقُرْآنُ مِمَّا
كُتِبَ فِي الذِّكْرِ لِقَوْلِهِ
: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ
490- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، أَخْبَرَنَا الأَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ
أَبِي قِلابَةَ ، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضَ
بِأَلْفَيْ عَامٍ ، وَأَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ
بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ ، وَلا تُقْرَآنَ فِي دَارٍ ، فَيَقَرَّ بِهَا
شَيْطَانٌ ثَلاثَ لَيَالٍ
491- أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمِهْرَانِيُّ ، وَأَبُو النَّصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، قَالا :
أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ الصِّبْغِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ السُّرِّيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرِ بْنِ
مِسْمَارٍ ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ حَفْصِ بْنِ ذَكْوَانَ ، عَنْ مَوْلَى
الْحُرَقَةِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَرَأَ طه وَيس
قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِأَلْفِ عَامٍ ، فَلَمَّا سَمِعَ
الْمَلائِكَةُ الْقُرْآنَ قَالُوا : طُوبَى لأُمَّةٍ يَنْزِلُ هَذَا عَلَيْهَا ،
وَطُوبَى لِجَوْفٍ يَحْمِلُ هَذَا ، وَطُوبَى لأَلْسُنٍ تَكَلَّمُ بِهَذَا
492- وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَّاجُ ، حَدَّثَنَا مَطَيَّنٌ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ ، إِلاَّ
أَنَّهُ قَالَ : عَنْ مَوْلَى الْحُرَقَةِ يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ
يَعْقُوبَ ، وَقَالَ فِي مَتْنِهِ
: بِأَلْفَيْ عَامٍ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ : طُوبَى
لِجَوْفٍ يَحْمِلُ هَذَا تَفَرَّدَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُهَاجِرِ قَوْلُهُ
: قَرَأَ طه وَيس يُرِيدُ بِهِ تَكَلَّمَ وَأَفْهَمَهَا مَلائِكَتَهُ وَفِي ذَلِكَ
، إِنْ ثَبَتَ ، دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِ كَلامِهُ قَبْلَ وَقُوعِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ
493- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ ، وَأَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالا
: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى
الأَنْصَارِيُّ ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَارِثُ
بْنُ أَبِي ذُبَابٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الأَعْرَجِ ، قَالا : سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ
: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : احْتَجَّ آدَمُ
وَمُوسَى ، عَلَيْهِمَا الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، عِنْدَ رَبِّهُمَا فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى
، فَقَالَ مُوسَى : أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ ، وَنَفَخَ فِيكَ
مِنْ رُوحِهِ ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلائِكَتَهُ ، وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ ، ثُمَّ
أَهْبَطْتَ النَّاسَ
بِخَطِيئَتِكَ إِلَى الأَرْضِ ، قَالَ آدَمُ : أَنْتَ
مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ تَعَالَى بِرِسَالاتِهِ وَكَلامِهِ ،
وَأَعْطَاكَ الأَلْوَاحَ فِيهَا تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَقَرَّبَكَ اللَّهُ
نَجِيًّا ، فَبِكَمْ وَجَدْتَ اللَّهَ كَتَبَ التَّوْرَاةَ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ ؟
قَالَ مُوسَى : بِأَرْبَعِينَ عَامًا ، قَالَ آدَمُ : فَهَلْ وَجَدْتَ فِيهَا
وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : أَفَتَلُومُنِي أَنْ أَعْمَلَ عَمَلا
كَتَبَ اللَّهُ عَلَيَّ عَمَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِيَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً ؟
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى الأَنْصَارِيِّ ، وَالاخْتِلافُ فِي هَذِهِ التَّوَارِيخِ
غَيْرُ رَاجِعٍ إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ
يَظْهَرُ لِمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ ، وَفِي كُلِّ ذَلِكَ دَلالَةٌ عَلَى قِدَمِ
الْكَلامِ
494- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، قَالا : أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ ، أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ هُوَ ابْنُ دَاوَرٍ
الْقَطَّانُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ
الأَسْقَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : نَزَلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ
وَالسَّلامُ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ.
وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ
رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَ الإِنْجِيلُ لِثَلاثَ عَشَرَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ،
وَأُنْزِلَتِ الزَّبُورُ لِثَمَانِي عَشَرَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ، وَالْقُرْآنُ لأَرْبَعَ
وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ خَالَفَهُ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ
، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ ، فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ
عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ قَوْلِهِ ، وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ
بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ قَتَادَةَ مِنْ قَوْلِهِ ، لَمْ يُجَاوِزْ بِهِ ، إِلاَّ
أَنَّهُ قَالَ : لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ بَدَلَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَكَذَلِكَ وَجَدَهُ
جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ فِي كِتَابِ أَبِي قِلابَةَ دُونَ ذِكْرِ صُحُفِ
إِبْرَاهِيمَ قُلْتُ : وَإِنَّمَا أَرَادَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، نُزُولَ الْمَلَكِ
بِالْقُرْآنِ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا
495- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو بكر
بن إسحاق الفقيه ، أَخْبَرَنَا موسى بن إسحاق القاضي ، حَدَّثَنَا أبو بكر ،
وعثمان ، ابنا أبي شيبة ، حَدَّثَنَا جرير ، عن منصور ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن
عباس ، رضي الله عنهما في قوله عز وجل : {إنا أنزلناه في ليلة القدر}.
قال : أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء
الدنيا ، فكان بمواقع النجوم ، وكان الله عز وجل ينزله على رسوله صلى الله عليه
وسلم بعضه في إثر بعض ، قال : {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة
كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا}
496- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو عبد
الله محمد بن عبد الله الصفار ، حَدَّثَنَا أبو طاهر محمد بن عبد الله بن الزبير
الأصفهاني ، حَدَّثَنَا الحسين بن حفص ، حَدَّثَنَا سفيان ، عن الأعمش ، عن حسان
بن حريث ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، قال : فصل القرآن من
الذكر فوضع في بيت العزة في سماء الدنيا ، فجعل جبريل عليه الصلاة والسلام ينزله
على النبي صلى الله عليه وسلم يرتله ترتيلا
497- أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، ببغداد ، أَخْبَرَنَا
أبو جعفر الرزاز ، حَدَّثَنَا علي بن إبراهيم الواسطي ، أَخْبَرَنَا يزيد بن هارون
، أَخْبَرَنَا داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، قال :
أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ، ثم نزل بعد ذلك في عشرين
سنة : {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا} {وقرآنا فرقناه لتقرأه على
الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}
498- وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا علي
بن عيسى الحيري ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن أبي طالب ، حَدَّثَنَا محمد بن المثنى ،
حدثني عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، حَدَّثَنَا داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن
عباس ، رضي الله عنهما قال : أنزل الله تعالى القرآن إلى سماء الدنيا في ليلة
القدر ، فكان الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يوحي في الأرض منه شيئا أوحاه ، أو
يحدث منه شيئا أحدثه قلت : هذا يدل على أن الإحداث المذكور في قوله عز وجل : {وما
يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} إنما هو في إعلامهم إياه بإنزال الملك المؤدي له على
رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقرأه عليه
499- وأخبرنا أبو الحسن المقرئ ، أَخْبَرَنَا أبو عمرو
الصفار ، حَدَّثَنَا أبو عوانة ، حَدَّثَنَا أبو الحسن الميموني ، قال : خرج إلى
يوما أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ، فقال :
ادخل فدخلت منزله فقلت : أخبرني عما كنت فيه مع القوم وبأي شيء
كانوا يحتجون عليك ؟ قال : بأشياء من القرآن يتأولونها ويفسرونها ، هم احتجوا
بقوله : {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} قال : قلت قد يحتمل أن يكون تنزيله إلينا
هو المحدث لا الذكر نفسه هو المحدث قلت : والذي يدل على صحة تأويل أحمد بن حنبل
رحمه الله ما
500- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا
يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ
عَاصِمٍ ، عَنْ أَبَى وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ ، فَأَخَذَنِي مَا قَدِمَ وَمَا
حَدَّثَ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَحَدَثَ فِيَّ شَيْءٌ ؟ فَقَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحْدِثُ
لِنَبِيِّهِ مِنْ أَمْرِهِ مَا شَاءَ ، وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ أَلا تَكَلَّمُوا
فِي الصَّلاةِ فِي هَذَا بَيَانٌ وَاضِحٌ لِمَّا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ ، حَيْثُ
قَالَ : يُحْدِثُ لِنَبِيِّهِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
501- أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أَخْبَرَنَا أبو بكر
القطان ، حَدَّثَنَا أحمد بن يوسف السلمي ، حَدَّثَنَا عبيد الله بن موسى ، عن
إسرائيل ، عن السدي ، عن محمد بن أبي المجالد ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، رضي الله
عنهما ، قال : سأله عطية بن الأسود ، فقال : إنه قد وقع} في قلبي الشك في قول الله
تعالى : {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}.
وقوله : {إنا أنزلناه في ليلة القدر}.
وقوله : {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} وقد أنزل في شوال
وذي القعدة وذي الحجة والمحرم وشهر ربيع الأول فقال ابن عباس رضي الله عنهما : إنه
أنزل في رمضان ، وفي ليلة القدر ، وفي ليلة مباركة جملة واحدة ، ثم أنزل بعد ذلك على
مواقع النجوم : رسلا في الشهور والأيام
502- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ بْنِ
الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ،
عَنِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَأَةَ ، عَنْ جُبَيْرِ
بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلا : إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ
الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ
حَمِيدٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّكُمْ
لَنْ تَرْجِعُوا إِلَى اللهِ تَعَالَى بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ
خَرَجَ مِنْهُ يَعْنِي : الْقُرْآنَ
503- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَنَا
أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْعَدْلُ ، حَدَّثَنَا
جَدِّي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ
، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
مَهْدِيٍّ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَارِثِ ،
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَأَةَ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ
الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
إِنَّكُمْ لا تَرْجِعُونَ إِلَى اللهِ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ
مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ يَعْنِي : الْقُرْآنَ ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ : هَذَا
حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ قُلْتُ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ.
رَوَاهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ ، عَنْ
أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ دُونَ ذِكْرِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي
إِسْنَادُهُ ، وَقَوْلُهُ خَرَجَ مِنْهُ يُرِيدُ يُرِيدُ أَنَّهُ وَجَدَ مِنْهُ
بِأَنْ تَكَلَّمَ بِهِ ، وَأَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، وَأَفْهَمَهُ عِبَادَهُ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الْخُرُوجُ كَكَلامِنَا ،
فَإِنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَمَدٌ لا جَوْفَ لَهُ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ
شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ عُلُوًّا كَبِيرًا ، وَإِنَّمَا
كَلامُهُ صِفَةٌ لَهُ أَزَلِيَّةٌ مَوْجُودَةٌ بِذَاتِهِ لَمْ يَزَلْ كَانَ
مَوْصُوفًا
بِهِ ، وَلا يَزَالُ مَوْصُوفًا بِهِ ، فَمَا أَفْهَمَهُ
رُسُلَهُ وَعَلَّمَهُمْ إِيَّاهُ ، ثُمَّ تَلَوْهُ عَلَيْنَا وَتَلَوْنَا ،
وَاسْتَعْمَلْنَا مُوجِبَهُ وَمُقْتَضَاهُ ، فَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ
الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رُوِّينَا عَنْهُ ،
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
504- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُحَمَّدْأَبَاديُّ ، حَدَّثَنَا
حَامِدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ ،
قَالَ : سَمِعْتُ الْجَرَّاحَ الْكِنْدِيَّ ، يُحَدِّثُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ
مَرْثَدٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ
عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خِيَارُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ قَالَ
أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ : فَذَاكَ الَّذِي أَجْلَسَنِي هَذَا الْمَجْلِسَ ،
وَكَانَ يُقْرِئُ الْقُرْآنَ ، قَالَ : وَفَضَلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلامِ
كَفَضْلِ الرَّبِّ عَلَى خَلْقِهِ ، وَذَلِكَ بِأَنَّهُ مِنْهُ كَذَا.
رَوَاهُ حَامِدُ بْنُ مَحْمُودٍ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ
أَبِي طَالِبٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ ، فَجَعَلَ آخِرَ الْخَبَرِ مِنْ
قَوْلِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُبِيِّنًا ، وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُهُ
، وَرَوَاهُ الْحِمَّانِيُّ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ مُبِيِّنًا فِي
رَفْعِ آخِرِ الْخَبَرِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
505- أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
عَبْدَانَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ
بْنُ الْفَضْلِ ، حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ ، حَدَّثَنَا الْجَرَّاحُ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ
مَرْثَدٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: فَضْلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلامِ كَفَضْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى خَلْقِهِ
، وَذَاكَ أَنَّهُ مِنْهُ
تَابَعَهُ يَعْلَى بْنُ الْمِنْهَالِ ، عَنْ إِسْحَاقَ
فِي رَفْعَهِ ، وَيُقَالُ : إِنَّ الْحِمَّانِيَّ مِنْهُ أَخَذَ ذَلِكَ ،
وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَالْجَرَّاحُ هُوَ ابْنُ الضَّحَّاكِ الْكِنْدِيُّ قَاضِي
الرِّيِّ ، وَكَانَ كُوفِيًّا
506- أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْبِسْطَامِيُّ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحَضْرَمِيُّ ،
حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ الْمِنْهَالِ السَّكُونِيُّ ، حَدَّثَنَا السَّكُونِيُّ ،
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ ، عَنِ الْجَرَّاحِ بْنِ
الضَّحَّاكِ الْكِنْدِيِّ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ ، عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خَيْرُكُمْ مِنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ،
وَفَضَلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلامِ كَفَضْلِ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ ،
وَذَلِكَ أَنَّهُ مِنْهُ قَالَ الْحَضْرَمِيُّ سَمِعَهُ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ
مِنْ يَعْلَى بْنِ الْمِنْهَالِ هَذَا
507- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ ، ببغداد ، قَالا : أَخْبَرَنَا
أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَطَرٍ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ
حَمَّادٍ الْوَرَّاقُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ
الْهَمَذَانِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْقَيْسِ ، عَنْ عَطِيَّةَ ، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : مَنْ شَغَلَهُ قِرَاءَةُ
الْقُرْآنِ عَنْ ذِكْرِي وَمَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ ثَوَابِ
السَّائِلِينَ ، وَفَضَلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلامِ كَفَضْلِ اللهِ
عَلَى خَلْقِهِ لَفْظُ حَدِيثِهِمَا سَوَاءٌ ، إِلاَّ أَنَّ الْقَطَّانَ قَالَ فِي
رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ أَخُو خَطَّابٍ :
508- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَبُو
أُسَامَةَ الْكَلْبِيُّ ، حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْمِشْعَارِيُّ ، قَالَ أَبُو
أُسَامَةَ الْمِشْعَارُ فَخِذٌ مِنْ هَمَذَانَ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ
إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : أَفْضَلُ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ وَقَالَ : وَفَضَلُ كَلامِ
اللهِ وَلَمْ يَقُلْ : عَنْ ذِكْرِي قُلْتُ : تَابَعَهُ الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرٍ ، وَمُحَمَّدُ
بْنُ مَرْوَانَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخِرَ ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا
509- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمَالِينِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا
شَيْبَانُ ، حَدَّثَنَا عُمَرُ الأَبَحُّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ،
عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الأَشْعَثِ الأَعْمَى ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَضْلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلامِ كَفَضْلِ اللهِ
عَزَّ وَجَلَّ عَلَى خَلْقِهِ تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ الأَبَحُّ وَلَيْسَ
بِالْقَوِيِّ ، وَرُوِيَ عَنْ يُونُسَ بْنِ وَاقِدٍ الْبَصْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدٍ
دُونَ ذِكْرِ الأَشْعَثِ فِي إِسْنَادِهِ ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ
عَطَاءٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنِ الأَشْعَثَ دُونَ
ذِكْرِ قَتَادَةَ فِيهِ ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ : قَالَ الشَّيْخُ
أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ فَضْلَ كَلامِ اللهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلامِ كَفَضْلِهِ
عَلَى خَلْقِهِ ، وَكَانَ فَضْلُهُ لَمْ يَزَلْ ، فَكَذَلِكَ فَضْلُ كَلامَهُ لَمْ
يَزَلْ
قُلْتُ : وَنُقِلَ إِلَيْنَا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا : الْقُرْآنُ كَلامُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، وَرُوِيَ
ذَلِكَ أَيْضًا ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ،
وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَرْفُوعًا ، وَلا يَصِحُّ
شَيْءُ مِنْ ذَلِكَ ، أَسَانِيدُهُ مُظْلِمَةٌ لا يَنْبَغِي أَنْ يُحْتَجَّ
بِشَيْءٍ مِنْهَا ، وَلا أَنْ يُسْتَشْهَدَ بِشَيْءٍ مِنْهَا ، وَفِيمَا
ذَكَرْنَاهُ كِفَايَةٌ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
باب ما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين رضي
الله عنهم في أن القرآن كلام الله غير مخلوق
510- أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ،
أَخْبَرَنَا أحمد بن عبيد الصفار ، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل ،
أَخْبَرَنَا أبو معمر الهذلي ، عن سريج بن النعمان ، حدثني عبد الرحمن بن أبي
الزناد ، عن أبيه ، عن عروة بن الزبير ، عن نيار بن مكرم ، قال : إن أبا بكر رضي
الله عنه قاول قوما من أهل مكة على أن الروم تغلب فارس فغلبت الروم فارس فقرأها عليهم
، فقالوا : كلامك هذا أم كلام صاحبك ؟ ، قال : ليس بكلامي ولا كلام صاحبي ؛ ولكنه
كلام الله عز وجل تابعه محمد بن يحيى الذهلي ، عن سريج بن
النعمان ، إلا أنه قال : فقال رؤساء مشركي مكة : يا ابن
أبي قحافة ، هذا مما أتى به صاحبك ؟ ، قال : لا ولكنه كلام الله وقوله ، وهذا
إسناد صحيح
511- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
سَلَمَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْجَارُودِيُّ ، قَالا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، وَعُرْوَةُ بْنُ
الزُّبَيْرِ ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ ، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ
بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ
الإِفْكِ مَا قَالُوا ، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَكُلُّهُمْ
حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ حَدِيثِهَا ، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى
لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ ، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ
الَّذِي حَدَّثَنِي ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا ، ذَكَرُوا أَنَّ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ ، فَذَكَرَ حَدِيثَ الإِفْكِ بِطُولِهِ
، وَفِيهِ قَالَتْ : أَنَا وَاللَّهِ حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ ،
وَأَنَّ اللَّهَ يُبَرِّئُنِي ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يَنْزِلَ
فِي شَأْنِي وَحْيٌ يُتْلَى ، وَلَشَأْنِي كَانَ أَحْقَرَ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ
يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى ، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ
يَرَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا
يُبَرِّئُنِي اللَّهُ تَعَالَى بِهَا ، وَقَالَتْ : فَوَاللَّهِ مَا قَامَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَجْلِسِهِ ، وَلا خَرَجَ مِنْ
أَهْلِ الْبَيْتِ أَحَدٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ عِنْدَ الْوَحْيِ
، حَتَّى إِنَّهُ لَيَنْحَدِرُ مِنْهُ مِثْلَ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِي
الْيَوْمِ الشَّاتِي مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ ، قَالَتْ ،
فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ
يَضْحَكُ ، فَكَانَ أَوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ : أَبْشِرِي يَا
عَائِشَةُ ، أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ فَقَالَتْ لِي أُمِّي : قَوْمِي
إِلَيْهِ ، قُلْتُ : وَاللَّهِ لا أَقُومُ وَلا أَحْمَدُ إِلاَّ اللَّهَ الَّذِي
أَنْزَلَ بَرَاءَتِي ، قَالَتْ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِنَّ
الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ، عَشْرُ آيَاتٍ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ.
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
512- أخبرنا أبو علي الروذباري ، أَخْبَرَنَا أبو بكر بن
داسة ، حَدَّثَنَا أبو داود ، أَخْبَرَنَا إبراهيم بن موسى ، أَخْبَرَنَا ابن أبي زائدة
، عن مجالد ، عن عامر يعني الشعبي- عن عامر بن شهر ، قال : كنت عند النجاشي ، فقرأ
ابن له آية من الإنجيل فضحكت ، فقال : أتضحك من كلام الله عز وجل ؟513- أخبرنا علي
بن أحمد بن عبدان ، أَخْبَرَنَا أحمد بن عبيد الصفار ، أَخْبَرَنَا الأسفاطي يعني
العباس بن الفضل ، حَدَّثَنَا أبو الوليد ، حَدَّثَنَا جرير ، عن منصور ، عن هلال
بن يساف ، عن فروة بن نوفل ، قال : أخذ حباب بيدي ، فقال : تقرب إلى الله ما
استطعت واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه
514- وأخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الأصبهاني
، أَخْبَرَنَا أبو محمد بن حيان يعني أبا الشيخ ، حَدَّثَنَا عبدان الأهوازي ،
حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة ، حَدَّثَنَا عبيدة بن حميد ، عن منصور بن المعتمر
، عن هلال بن يساف ، عن فروة بن نوفل ، قال : قال لي خباب بن الأرت- وأقبلت معه من
المسجد إلى منزله- فقال لي : إن استطعت أن تقرب إلى الله تعالى ، فإنك لن تقرب إليه بشيء
أحب إليه من كلامه ، هذا إسناد صحيح
515- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو صادق محمد بن
أبي الفوارس ، قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس هو الأصم حَدَّثَنَا الحسن بن علي بن
عفان ، حَدَّثَنَا ابن نمير ، حَدَّثَنَا سفيان الثوري ، عن عبد الرحمن بن عابس ،
قال : حدثني أناس ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ؛ أنه كان يقول في خطبته
: إن أصدق الحديث كلام الله عز وجل وذكر الحديث
516- وأخبرنا أبو بكر بن الحارث ، أَخْبَرَنَا أبو محمد
بن حيان ، حَدَّثَنَا محمد بن الحسين الطبركي ، حَدَّثَنَا محمد بن مهران الجمال ،
حَدَّثَنَا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن جامع بن شداد ، عن الأسود بن هلال ، عن
عبد الله وهو ابن مسعود- رضي الله عنه ، قال : إن أحسن الكلام كلام الله عز وجل
وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم
517- وأخبرنا أبو الحسن المقرئ ، أَخْبَرَنَا أبو عمرو
الصفار ، حَدَّثَنَا أبو عوانة ، حَدَّثَنَا يوسف بن مسلم ، حَدَّثَنَا ابن أكثم ،
حَدَّثَنَا أحمد بن بشير ، حَدَّثَنَا مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عبد الله
، رضي الله عنه ، قال : إن القرآن كلام الله تعالى فمن كذب على القرآن فإنما يكذب على
الله عز وجل
518- أخبرنا الإمام أبو عثمان ، أَخْبَرَنَا أبو طاهر بن
خزيمة ، حَدَّثَنَا محمد بن حمدون بن خالد بن يزيد ، حَدَّثَنَا أبو هارون إسماعيل
بن محمد ، حَدَّثَنَا أبو صالح ، حَدَّثَنَا معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل : {قرآنا عربيا غير ذي عوج} قال : غير
مخلوق قال الأستاذ أبو عثمان وروي عن حرملة بن يحيى ، عن عبد الله بن وهب ، عن
معاوية بن صالح قلت : وأبو هارون هذا هو إسماعيل بن محمد بن يوسف بن يعقوب الجبريني
الشامي ، يروي عن أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث
519- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ، أَخْبَرَنَا أبو
محمد بن حيان ، حَدَّثَنَا محمد بن العباس ، حَدَّثَنَا إسحاق بن حاتم العلاف ،
حَدَّثَنَا علي بن عاصم ، عن عمران بن حدير ، عن
عكرمة ، قال : حمل ابن عباس رضي الله عنهما جنازة ، فلما
وضع الميت في قبره ، قال له رجل : اللهم رب القرآن اغفر له ، فقال له ابن عباس رضي
الله عنهما : مه} ، لا تقل له مثل هذا ، منه بدأ ، ومنه يعود
تابعه أحمد بن منصور الرمادي ، عن علي بن عاصم ، وقال في
متنه : صلى ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة ، فقال رجل من القوم : اللهم رب
القرآن العظيم ، اغفر له ، فقال له ابن عباس رضي الله عنهما : ثكلتك أمك ، إن القرآن
منه وهو فيما
520- أجازني أبو عبد الله الحافظ روايته عنه أن أبا بكر
بن إسحاق الفقيه أخبرهم ، قال : أنا حمويه بن يونس بن هارون ، حَدَّثَنَا أحمد بن
منصور الرمادي ، حَدَّثَنَا علي بن عاصم ، فذكره ، وروي في ذلك ، عن عمر ، وعثمان
، وعلي رضي الله عنهم
521- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ، أَخْبَرَنَا أبو
محمد بن حيان الأصبهاني ، حَدَّثَنَا الحسن بن هارون بن سليمان ، حَدَّثَنَا عثمان
بن أبي شيبة ، حَدَّثَنَا جرير بن عبد الحميد ، عن ليث بن أبي سليم ، عن سلمة بن
كهيل ، عن أبي الزعراء عبد الله بن هانئ ، قال : قال عمر
بن الخطاب رضي الله عنه : القرآن كلام الله ورواه يحيى
بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، عن مجاهد ، قال
قال عمر رضي الله عنه : القرآن كلام الله
522- قال أبو عبد الله الحافظ : أنا أبو بكر بن إسحاق ،
أَخْبَرَنَا الحسن بن علي بن زياد ، حَدَّثَنَا يحيى الحماني ، حَدَّثَنَا يحيى بن
زكريا بن أبي زائدة ، عن يحيى بن سلمة بن كهيل ، فذكره
523- وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ ،
أَخْبَرَنَا أبو عمرو أحمد بن محمد بن عيسى الصفار الضرير ، حَدَّثَنَا أبو عوانة
الإسفراييني ، حَدَّثَنَا عثمان بن خرزاذ ، حَدَّثَنَا خالد بن خداش ، قال حدثني
ابن وهب ، أَخْبَرَنَا يونس بن يزيد ، عن الزهري ، قال : قال عمر رضي الله عنه :
القرآن كلام الله
524- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ، أَخْبَرَنَا أبو
محمد بن حيان ، حَدَّثَنَا محمد بن عباس بن أيوب ، حَدَّثَنَا أبو عمر بن أيوب
الصريفيني ، حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة ، حَدَّثَنَا إسرائيل أبو موسى ، قال :
سمعت الحسن ، يقول : قال أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه : لو أن قلوبنا
طهرت ما شبعت من كلام ربنا ، وإني لأكره أن يأتي علي يوم لا أنظر في المصحف وما
مات عثمان رضي الله عنه حتى خرق مصحفه من كثرة ما كان يديم النظر فيه
525- وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ، أَخْبَرَنَا
أبو محمد بن حيان ، أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس ، حَدَّثَنَا محمد بن
الحجاج الحضرمي البصري ، حَدَّثَنَا المعلى بن الوليد بن عبد العزيز بن القعقاع
العبسي ، حَدَّثَنَا عتبة بن السكن الفراري ، ثنا
الفرج بن يزيد الكلاعي ، قال : قالوا لعلي رضي الله عنه
: حكمت كافرا ومنافقا ، فقال : ما حكمت مخلوقا ما حكمت إلا القرآن هذه الحكاية عن
علي رضي الله عنه شائعة فيما بين أهل العلم ، ولا أراها شاعت إلا عن أصل- والله
أعلم- وقد رواها عبد الرحمن بن أبي حاتم بإسناده هذا
526- أخبرنا أبو سعد الماليني ، أنبأنا أبو أحمد بن عدي
الحافظ ، حدثنا أحمد بن حفص السعدي ، حَدَّثَنَا العباس بن الوليد النرسي ،
حَدَّثَنَا يحيى بن سليم الطائفي ، عن الأزور بن غالب ، عن سليمان التيمي ، عن أنس
، رضي الله عنه أنه قال : القرآن كلام
الله ، وليس كلام الله بمخلوق قال أبو أحمد : هذا الحديث
وإن كان موقوفا على أنس رضي الله عنه ، فهو منكر ؛ لأنه لا يعرف للصحابة رضي الله
عنهم الخوض في القرآن قلت : إنما أراد به أنه لم يقع في الصدر الأول ، ولا الثاني
من يزعم أن القرآن مخلوق حتى يحتاج إلى إنكاره ، فلا يثبت عنهم شيء بهذا اللفظ
الذي روينا عن أنس رضي الله عنه ، لكن قد ثبت عنهم إضافة القرآن إلى الله تعالى ،
وتمجيده بأنه كلام الله تعالى ، كما روينا عن أبي بكر وعائشة وخباب بن الأرت وابن
مسعود والنجاشي وغيرهم ، والله أعلم
527- وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أَخْبَرَنَا أحمد
بن عبيد الصفار ، حَدَّثَنَا عبيد بن شريك ، حَدَّثَنَا عبد الوهاب ، حَدَّثَنَا
بقية بن الوليد ، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم ، عن عطية بن قيس ، قال : ما
تكلم العباد بكلام أحب إلى الله تعالى من كلامه ، وما أناب العباد إلى الله عز وجل
بكلام أحب إليه من كلامه يعني : القرآن قال : وحدثنا عبيد ، حَدَّثَنَا عبد الوهاب
، حَدَّثَنَا عيسى بن يونس ، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم ، عن عطية بن قيس
، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
528- أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ، حَدَّثَنَا
إسماعيل بن محمد الصفار.
ثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد ، حَدَّثَنَا سعيد بن
عامر ، حَدَّثَنَا جويرية بن أسماء ، عن نافع ، قال : خطب الحجاج ، فقال : إن ابن
الزبير يبدل كلام الله تعالى ، قال فقال ابن عمر رضي الله عنهما : كذب الحجاج ؛ إن
ابن الزبير لا يبدل كلام الله تعالى ، ولا يستطيع ذلك
529- أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة ، أَخْبَرَنَا
أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أَخْبَرَنَا العباس بن الفضل ، حَدَّثَنَا أحمد بن يونس
، حَدَّثَنَا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن الحسن ، قال : فضل القرآن على
الكلام كفضل الله تعالى على عباده
530- وأخبرنا أبو الحسن المقرئ ، أَخْبَرَنَا أبو عمرو
الصفار ، حَدَّثَنَا أبو عوانة الإسفراييني ، حدثني عثمان بن خرزاذ ، حَدَّثَنَا
أبو معاوية الغلابي ، حَدَّثَنَا صالح المري ، قال : سمعت الحسن ، يقول : القرآن كلام
الله تعالى إلى القوة والصفاء ، وأعمال بني آدم إلى الضعف والتقصير
531- أخبرنا أبو منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد
الفقيه ، حَدَّثَنَا أبو أحمد الحافظ النيسابوري ، أَخْبَرَنَا أبو عروبة السلمي ،
حَدَّثَنَا سلمة بن شبيب ، حَدَّثَنَا الحكم بن محمد ، ثنا
سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، قال : سمعت مشيختنا
منذ سبعين سنة ، يقولون ح قال : أبو أحمد الحافظ ، وأخبرنا أبو أحمد محمد بن
سليمان بن فارس واللفظ له ، حَدَّثَنَا محمد بن إسماعيل البخاري ، حَدَّثَنَا
الحكم بن محمد أبو مروان الطبري ، حدثناه سمع ابن عيينة قال : أدركت مشيختنا منذ
سبعين سنة منهم عمرو بن دينار ، يقولون : القرآن كلام الله ليس بمخلوق كذا قال البخاري
عن الحكم بن محمد ، ورواه غير الحكم ، عن سفيان بن عيينة نحو رواية سلمة بن شبيب ،
عن الحكم بن محمد
532- أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو
محمد الحسن بن حليم بن محمد بن حليم بن إبراهيم بن ميمون الصائغ ، حَدَّثَنَا أبو
الحسن محمد بن إسحاق بن راهويه القاضي بمرو ، قال : سئل أبي وأنا أسمع ، عن القرآن
، وما حدث فيه من القول بالمخلوق ، فقال : القرآن كلام الله وعلمه ووحيه ليس
بمخلوق ولقد ذكر سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، قال : أدركت مشيختنا منذ
سبعين سنة ، فذكر معنى هذه الحكاية ، وزاد : فإنه منه خرج وإليه يعود قال أبي :
وقد أدرك عمرو بن دينار أجلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من البدريين والمهاجرين
والأنصار مثل جابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن عمرو ، وعبد الله بن
عباس ، وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم ، وأجلة التابعين رحمة الله عليهم ،
وعلى هذا مضى صدر هذه الأمة لم يختلفوا في ذلك
قلت : قوله منه خرج فمعناه منه سمع وبتعليمه تعلم
وبتفهيمه فهم ، وقوله : وإليه يعود فمعناه إليه تعود تلاوتنا لكلامه ، وقيامنا بحقه
كما قال : إليه يصعد الكلم الطيب على معنى القبول له والإثابة عليه وقيل معناه هو
الذي تكلم به وهو الذي أمر بما فيه ونهى عما حظر فيه ، وإليه يعود هو الذي يسألك عما
أمرك به ونهاك عنه ورواه أيضا صالح بن الهيثم أبو شعيب الواسطي ، عن سفيان بن
عيينة ، عن عمرو بن دينار على اللفظ الأول
533- أخبرنا أبو القاسم ، نذير بن الحسين بن جناح
المحاربي بالكوفة ، أَخْبَرَنَا أبو الطيب محمد بن الحسين بن جعفر التيملي ،
أَخْبَرَنَا أبو محمد بن زيدان البجلي ، حَدَّثَنَا هارون بن حاتم البزاز ،
حَدَّثَنَا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب ، عن الزهري ، قال :
سألت علي بن الحسين رضي الله عنهما عن القرآن ، فقال : كتاب الله وكلامه
534- وفيما أجازني أبو عبد الله الحافظ روايته عنه ، قال
: أنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق ، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حَدَّثَنَا
محمد بن الحسين ، حَدَّثَنَا عباس العنبري ، حَدَّثَنَا رويم بن يزيد المقرئ ،
حَدَّثَنَا عبد الله بن عياش الخزاز ، عن يونس بن بكير ، عن جعفر بن محمد ، عن
أبيه ، قال : سئل علي بن الحسين رضي الله عنهما عن القرآن ، فقال : ليس بخالق ولا
مخلوق ، وهو كلام الخالق
ورواه أيضا محمد بن نصر المروزي ، عن عباس بن عبد العظيم
العنبري وروي عن جعفر وهو صحيح أيضا
535- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو عثمان سعيد بن
محمد بن محمد بن عبدان وأبو عبد الرحمن السلمي ، قالوا : حَدَّثَنَا أبو العباس
محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا حسنون البناء الكوفي ، حَدَّثَنَا عمر بن إبراهيم بن خالد
، حَدَّثَنَا قيس بن الربيع ، قال : سألت جعفر بن محمد ، عن القرآن ، فقال : كلام
الله تعالى ، قلت : فمخلوق ؟ قال : لا ، قلت : فما تقول فيمن زعم أنه مخلوق ؟ ،
قال : يقتل ولا يستتاب
536- وأخبرنا أبو الحسن المقرئ ، أَخْبَرَنَا أبو عمرو
الصفار ، حَدَّثَنَا أبو عوانة ، حَدَّثَنَا أبو زرعة الرازي ، حَدَّثَنَا سويد بن
سعيد ، عن معاوية بن عمار ، قال
: سئل جعفر بن محمد الصادق عن القرآن خالق أو مخلوق ؟
قال : ليس بخالق ولا مخلوق ؛ ولكنه كلام الله تعالى
537- أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي طاهر
الدقاق ببغداد ، حَدَّثَنَا أحمد بن عثمان الآدمي ، حَدَّثَنَا ابن أبي العوام ،
حَدَّثَنَا موسى بن دواد الضبي ، عن معبد أبي عبد الرحمن ، عن معاوية بن عمار ،
قال : سمعت جعفر بن محمد ، رضي الله عنهما ، فقلت : إنهم يسألوننا عن القرآن أمخلوق هو ؟
قال : ليس بخالق ولا مخلوق ؛ ولكنه كلام الله تعالى تابعه سعدان بن نصر ، عن موسى
بن داود
538- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو الحسن
أحمد بن محمد بن عبدوس ، قال : سمعت عثمان بن سعيد الدرامي ، يقول : سمعت عليا
يعني ابن المديني يقول في حديث جعفر بن محمد ليس القرآن بخالق ولا مخلوق ؛ ولكنه
كلام الله تعالى قال علي : لا أعلم أنه تكلم بهذا الكلام في زمان أقدم من هذا قال
علي : هو كفر ، قال : أبو سعيد : يعني من قال : القرآن مخلوق ، فهو كافر
539- أخبرنا أبو الفرج الحسن بن علي بن أحمد التميمي
الرازي ، بنيسابور ، أَخْبَرَنَا أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يزيد بن
كيسان القزويني بها ، ثنا
أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي أبو العباس ، حَدَّثَنَا إبراهيم
بن موسى أبو عياش ، صاحب الثوري ، حَدَّثَنَا عباس بن إبراهيم حَدَّثَنَا محمد بن
مهدي الكوفي ، حَدَّثَنَا حنان بن سدير ، عن أبيه ، قال لجعفر بن محمد رضي الله
عنهما : يا ابن رسول الله ، ما تقول في القرآن خالق أم مخلوق ؟ قال : أقول فيه ما
يقول أبي وجدي : ليس بخالق ولا مخلوق ، ولكنه كلام الله عز وجل
540- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر أحمد بن
الحسن ، قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا أبو أمية
الطرطوسي ، حَدَّثَنَا يحيى بن خلف المقرئ ، قال : كنت عند مالك بن أنس ، فجاءه
رجل ، فقال : ما تقول فيمن يقول : القرآن مخلوق ؟ ، فقال : هو عندي كافر فاقتلوه
وقال يحيى بن خلف وسألت الليث بن سعد وابن لهيعة عمن قال
: القرآن مخلوق ، فقال : هو كافر ورواه أبو بكر محمد بن دلويه بن منصور ، عن يحيى
بن خلف المروزي فزاد فيه ، قال : ثم لقيت ابن عيينة وأبا بكر بن
عياش وهشيما وعلي بن عاصم وحفص بن غياث وعبد السلام الملائي
وحسين الجعفي ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة وعبد الله بن إدريس وأبا أسامة وعبدة بن
سليمان ووكيع بن الجراح وابن المبارك والفزازي والوليد بن مسلم ، فذكروا ما ذكر
مالك بن أنس رضي الله عنه وعن أبيه
541- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ، أَخْبَرَنَا أبو
محمد بن حيان ، حَدَّثَنَا أبو همام البكراوي ، قال : سمعت أبا مصعب ، يقول : سمعت
مالك بن أنس رضي الله عنه يقول : القرآن كلام الله ليس بمخلوق ، وروي عن ابن أبي
أويس ، عن مالك رضي الله عنه
542- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا زكريا
يحيى بن محمد العنبري ، يقول : سمعت عمران بن موسى الجرجاني ، بنيسابور يقول :
سمعت سويد بن
سعيد ، يقول : سمعت مالك بن أنس ، وحماد بن زيد ، وسفيان
بن عيينة ، والفضيل بن عياض ، وشريك بن عبد الله ، ويحيى بن سليم ، ومسلم بن خالد
، وهشام بن سليمان المخزومي ، وجرير بن عبد الحميد ، وعلي بن مسهر ، وعبدة ، وعبد
الله بن إدريس ، وحفص بن غياث ، ووكيعا ، ومحمد بن فضيل ، وعبد الرحيم بن سليمان ،
وعبد العزيز بن أبي حازم ، والدراوردي ، وإسماعيل بن جعفر ، وحاتم بن إسماعيل ،
وعبد الله بن يزيد المقرئ ، وجميع من حملت عنهم العلم ، يقولون : الإيمان قول وعمل
، ويزيد وينقص ، والقرآن كلام الله تعالى ، وصفة ذاته غير مخلوق ، من قال : إنه مخلوق
، فهو كافر بالله العظيم ، وأفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر
وعثمان وعلي رضي الله عنهم . قال عمران : وبذلك أقول ، وبه أدين الله عز وجل ، وما
رأيت محمديا قط إلا وهو يقوله
543- أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي طاهر
الدقاق ببغداد ، أخبرنا أحمد بن سلمان ، أَخْبَرَنَا عبد الله بن أحمد ، حدثني
محمد بن إسحاق ، حَدَّثَنَا محمود بن غيلان ، حَدَّثَنَا علي بن الحسن بن شقيق ،
عن ابن المبارك ، قال : القرآن كلام الله عز وجل ليس بخالق ، ولا مخلوق
544- أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ ، أَخْبَرَنَا
أبو عمرو ، أحمد بن محمد بن عيسى الصفار الضرير ، حَدَّثَنَا أبو عوانة ، حدثني
أيوب بن إسحاق ، حَدَّثَنَا أحمد بن شبويه ، حَدَّثَنَا أبو الوزير محمد بن أعين
وصي ابن المبارك ، قال : قلت لابن المبارك : إن النضر بن محمد المروزي يقول : من قال إن
هذا مخلوق : {إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني} فهو كافر ، قال ابن المبارك :
صدق النضر عافاه الله ، ما كان الله ليأمر موسى عليه السلام بعبادة مخلوق
545- أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق
ببغداد ، أَخْبَرَنَا أحمد بن سلمان ، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ،
قال : سمعت عبد الرحمن بن
مهدي ، يقول : من زعم أن الله تعالى لم يكلم موسى بن
عمران يستتاب ؛ فإن تاب وإلا ضربت عنقه
546- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي
عمرو ، قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن علي
الوراق ، حَدَّثَنَا عمرو بن العباس ، قال : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، يقول :
وذكر الجهمية ، فقال : أرى أن يعرضوا على السيف
قال : وسمعت عبد الرحمن بن مهدي ، وقيل له : إن الجهمية
يقولون : إن القرآن مخلوق ، فقال : إن الجهمية لم يريدوا ذا ، وإنما أرادوا أن
ينفوا أن يكون الرحمن على العرش استوى ، وأرادوا أن ينفوا أن يكون الله تعالى كلم
موسى ، وقال الله تعالى : {وكلم الله موسى تكليما} وأرادوا أن ينفوا أن يكون
القرآن كلام الله تعالى ، أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم
547- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي
عمرو ، قال : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق
الصاغاني ، حَدَّثَنَا حسين بن علي بن الأسود ، قال : سمعت وكيعا ، يقول : القرآن
كلام الله تعالى ليس بمخلوق ، فمن زعم أنه
مخلوق فقد كفر بالله العظيم وفي رواية محمد بن نصر المروزي
عن أبي هشام الرفاعي ، عن وكيع ، قال : من زعم أن القرآن مخلوق ، فقد زعم أن
القرآن محدث ، ومن زعم أن القرآن محدث فقد كفر
548- أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي ،
حَدَّثَنَا أبو الحسن محمد بن محمود المروزي ، حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن
علي الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو موسى محمد بن المثنى ، قال : سألت عبد الله بن داود ،
فقلت ، يا أبا عبد الرحمن ، ما تقول في القرآن ؟ قال : هو كلام الله عز وجل ، قال
: وسألت أبا الوليد ، فقال : هو كلام الله تعالى
قال أبو موسى : وحدثني سعيد بن نوح أبو حفص ، قال :
حدثني محمد بن نوح ، حَدَّثَنَا إسحاق بن حكيم ، قال : قلت لعبد الله بن إدريس
الأودي : قوم عندنا يقولون : القرآن مخلوق ، ما تقول في قبول شهادتهم ؟ فقال : لا
، هذه من المقاتل لا يقال لهذه المقالة بدعة ، هذه من المقاتل قال إسحاق : وسألت
أبا بكر بن عياش ، عن شهادة من قال : القرآن مخلوق فقال : ما لي ولك ، لقد أدرت في
صماخي شيئا لم أسمع به قط ، لا تجالس هؤلاء ، ولا تكلمهم ولا تناكحهم ، قال إسحاق : وسألت حفص بن
غياث ، فقال : أما هؤلاء فلا أرى الصلاة خلفهم ، ولا قبول شهادتهم ، قال إسحاق :
وسألت وكيع بن الجراح ، فقال : يا أبا يعقوب من قال : القرآن مخلوق فهو كافر
قال أبو موسى : كتب إلى أحمد بن سنان الواسطي ، قال :
حدثني شاذ بن يحيى ، قال : سمعت يزيد بن هارون يقول : من زعم أن كلام الله تعالى
مخلوق فهو والذي لا إله إلا هو عندي زنديق قال : وكتب إلي أحمد بن سنان ، قال : سمعت
عبد الرحمن بن مهدي يقول : القرآن كله كلام الله
قال أبو موسى : بلغني عن مسلم بن أبي مسلم الجرمي ، قال : سمعت سفيان بن
عيينة وسأله رجل عن القرآن ، فقال ابن عيينة أما سمعت قوله : {ألا له الخلق والأمر} الخلق الخلق
والأمر الأمر
549- أخبرنا أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد ،
أَخْبَرَنَا إسماعيل بن أحمد الجرجاني ، حدثنا عبد الملك بن محمد الفقيه ،
حَدَّثَنَا سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الكوفي ، قال : سمعت كادح بن رحمة ،
يقول : سمعت أبا بكر بن عياش ، يقول : من قال : القرآن مخلوق فهو زنديق قال :
وسمعت سليمان يقول : سمعت الحارث بن إدريس يقول : سمعت محمد بن الحسن الفقيه يقول
: من قال : القرآن مخلوق ، فلا تصل خلفه
550- وقرأت في كتاب أبي عبد الله محمد بن محمد بن يوسف
بن إبراهيم الدقاق بروايته عن القاسم بن أبي صالح الهمذاني ، عن محمد بن أيوب
الرازي ، قال : سمعت محمد بن سابق ، يقول : سألت أبا يوسف ، فقلت : أكان أبو حنيفة
يقول القرآن مخلوق ؟ ، قال : معاذ الله ، ولا أنا أقوله ، فقلت : أكان يرى رأي جهم
؟ فقال : معاذ الله ولا أنا أقوله رواته ثقات
551- وأنبأني أبو عبد الله الحافظ ، إجازة ، أَخْبَرَنَا
أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي ، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن بن
عبد الله الدشتكي ، قال : سمعت أبي يقول : سمعت أبا يوسف القاضي ، يقول : كلمت أبا
حنيفة رحمه الله تعالى سنة جرداء في أن القرآن مخلوق أم لا ؟ فاتفق رأيه ورأيي على
أن من قال : القرآن مخلوق ، فهو كافر قال أبو عبد الله رواة هذا كلهم ثقات
552- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد الله
بن محمد الفقيه ، أَخْبَرَنَا أبو جعفر الأصبهاني ، أَخْبَرَنَا أبو يحيى الساجي ،
إجازة ، قال : سمعت أبا شعيب المصري ، يقول : سمعت محمد بن إدريس الشافعي ، رضي
الله عنه يقول : القرآن كلام الله غير مخلوق
553- وأخبرنا أبو عبد الله قال : أخبرني أبو أحمد بن أبي
الحسن ، أَخْبَرَنَا عبد الرحمن يعني ابن محمد بن إدريس الرازي قال : في كتابي عن
الربيع بن سليمان ، قال : حضرت الشافعي رضي الله عنه وحدثني أبو شعيب إلا أني أعلم
أنه حضر عبد الله بن عبد الحكم ويوسف بن عمرو بن يزيد وحفص الفرد وكان الشافعي رضي
الله عنه يسميه المنفرد ، فسأل حفص عبد الله بن عبد الحكم ، فقال : ما تقول في
القرآن ؟ فأبى} أن يجيبه ، فسأل يوسف بن عمرو فلم يجبه ، وكلاهما أشار إلى الشافعي
رضي الله عنه ، فسأل الشافعي فاحتج الشافعي وطالت المناظرة ، وغلب
الشافعي بالحجة عليه بأن القرآن كلام الله غير مخلوق ،
وكفر حفصا الفرد ، قال الربيع : فلقيت حفصا الفرد ، فقال : أراد الشافعي قتلي
554- أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي ، قال : سمعت عبد
الله بن محمد بن علي بن زياد ، يقول : سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة ، يقول : سمعت
الربيع ، يقول : لما كلم الشافعي رضي الله عنه حفصا الفرد ، فقال حفص : القرآن
مخلوق ، فقال له الشافعي : كفرت بالله العظيم
555- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو الفضل بن
أبي نصر العدل ، حدثني حمك بن عمرو العدل ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن فورش ،
عن علي بن سهل الرملي ، أنه قال
: سألت الشافعي عن القرآن ، فقال : كلام الله تعالى منزل
غير مخلوق ، قلت : فمن قال بالمخلوق فما هو عندك ؟ قال لي : كافر قال : وقال
الشافعي رضي الله عنه ما لقيت أحدا منهم يعني من أساتذته إلا قال : من قال في
القرآن إنه مخلوق فهو كافر
556- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا أحمد الحسين
بن علي ، يقول : سمعت أبا بكر بن إسحاق ، يقول : سمعت الربيع ، يقول : سمعت
البويطي ، يقول :
من قال : القرآن مخلوق فهو كافر قال الله عز وجل : {إنما
قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} فأخبرنا الله عز جل أنه يخلق الخلق
بكن ، فمن زعم أن كن مخلوق فقد زعم أن الله تعالى يخلق الخلق بخلق
557- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت الشيخ
أبا محمد المزني ، يقول : سمعت يوسف بن موسى المروزي ، يقول : سمعت أبا إبراهيم
المزني ، يقول : القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال إن القرآن مخلوق فهو كافر
558- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت الزبير بن
عبد الواحد الأستر آبادي ، يقول : سمعت سعيد بن أحمد القضاعي ، يقول : سمعت المزني ،
يقول : القرآن كلام الله غير مخلوق ، ومن قال : مخلوق ، فهو كافر
559- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا جعفر
، محمد بن صالح
بن هانئ يقول : سمعت أبا سليمان داود بن الحسين البيهقي
يقول : سمعت محمود بن غيلان ، يقول : سمعت يحيى بن يحيى ، يقول : من قال : القرآن
مخلوق ، فهو كافر بالله العظيم ، وعصى ربه وبانت منه امرأته
560- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو صادق بن أبي
الفوارس ، وأبو حامد أحمد بن محمد بن موسى النيسابوري ، قالوا : حَدَّثَنَا أبو
العباس محمد بن يعقوب ، قال : سمعت محمد بن إسحاق الصاغاني ، يقول : سمعت أبا عبيد القاسم بن
سلام ، يقول : من قال : القرآن مخلوق فقد افترى على الله تبارك وتعالى ، وقال
عليه ما لم تقله اليهود ولا النصارى
561- أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا جعفر ،
محمد بن صالح بن هانئ يقول : سمعت محمد بن علي المشيخاني ، يقول : سمعت محمد بن
إسماعيل البخاري ، يقول : القرآن كلام الله تعالى ليس
بمخلوق ، عليه أدركنا علماء الحجاز أهل مكة والمدينة ، وأهل الكوفة والبصرة ، وأهل
الشام ومصر ، وعلماء أهل خراسان
562- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو بكر
محمد بن أبي الهيثم الدهقان ، ببخارى ، حَدَّثَنَا محمد بن يوسف الفربري ، قال :
سمعت محمد بن إسماعيل الجعفي يعني البخاري رحمه الله يقول : نظرت في كلام اليهود والنصارى
والمجوس فما رأيت قوما أضل في كفرهم من الجهمية ، وإني لأستجهل من لا يكفرهم إلا
من لا يعرف كفرهم قال : وقال عبد الرحمن بن عفان : سمعت سفيان بن عيينة في السنة
التي ضرب فيها المريسي ، قال : ويحكم ، القرآن كلام الله قد صحبت الناس وأدركتهم ،
هذا عمرو بن دينار ، وهذا ابن المنكدر ، حتى ذكر منصورا والأعمش ومسعر بن كدام قال
ابن عيينة : فما نعرف القرآن إلا كلام الله عز وجل ، ومن قال غير هذا ، فعليه لعنة
الله لا تجالسوهم ، ولا تسمعوا كلامهم ، قال : وقال عبد الرحمن بن مهدي : لو رأيت
رجلا على الجسر وبيدي سيف يقول : القرآن مخلوق ؛ لضربت عنقه قال أبو عبد الله البخاري
: وما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي ، أم صليت خلف اليهود والنصارى ، لا يسلم
عليهم ، ولا يعادون ، ولا يناكحون ، ولا يشهدون ، ولا تؤكل ذبائحهم قال البخاري :
وحدثني أبو جعفر محمد بن عبد الله ، قال : حدثني محمد بن قدامة الدلال الأنصاري
، قال : سمعت وكيعا يقول : لا تستخفوا بقولهم : القرآن مخلوق ، فإنه من شر قولهم ،
وإنما يذهبون إلى التعطيل
قلت : وقد روينا نحو هذا عن جماعة أخرى من فقهاء الأمصار
وعلمائهم رضي الله عنهم ، ولم يصح عندنا خلاف هذا القول عن أحد من الناس في زمان
الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين وأول من خالف الجماعة في ذلك الجعد بن درهم
، فأنكره عليه خالد بن عبد الله القسري وقتله ، وذلك فيما
563- أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن عثمان بن
قتادة من أصل سماعه ، أَخْبَرَنَا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدة
، حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي ، حَدَّثَنَا أبو رجاء قتيبة
بن سعيد ، حَدَّثَنَا القاسم بن محمد ، قال : هو بغدادي ثقة ، حَدَّثَنَا عبد الرحمن
بن حبيب بن أبي حبيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : شهدت خالد بن عبد الله القسري وقد
خطبهم في يوم أضحى بواسط ، فقال : ارجعوا أيها الناس فضحوا ، تقبل الله منكم ،
فإني مضح بالجعد بن درهم ؛ فإنه زعم أن الله تعالى لم
يتخذ إبراهيم خليلا ، ولم يكلم موسى تكليما ، سبحانه
وتعالى عما يقول الجعد بن درهم علوا كبيرا قال : ثم نزل فذبحه قال أبو رجاء : وكان
الجهم يأخذ هذا الكلام من الجعد بن درهم رواه البخاري في كتاب التاريخ ، عن قتيبة ،
عن القاسم بن محمد ، عن عبد الرحمن بن حبيب بن أبي حبيب ، عن أبيه ، عن جده هكذا
564- أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا
عبد الرحمن محمد بن إبراهيم بن حمش ، يقول : سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة
، يقول : سمعت محمد بن إسماعيل البخاري ، يقول : سمعت علي بن المديني ، يقول :
اختصم مسلم ويهودي إلى بعض قضاتهم بالبصرة ، فصارت اليمين على المسلم ، فقال
اليهودي : حلفه ، فقال المخاصم إليه أحلف بالله الذي لا إله إلا هو ، فقال اليهودي
: أنت تزعم أن القرآن مخلوق ، والله في القرآن ، يعني ذكره ، حلفه بالخالق لا
بالمخلوق ، قال : فتحير القاضي ، وقال : قوما حتى أنظر في أمركما
565- أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، حَدَّثَنَا أبو
العباس محمد بن يعقوب ، أَخْبَرَنَا الربيع بن سليمان ، قال : قال الشافعي رضي الله عنه من حلف بالله
أو باسم من أسماء الله تعالى فحنث فعليه الكفارة ، فإن قال : وحق الله وعظمة الله
وجلال الله وقدرة الله ، يريد بهذا كله اليمين أو لا نية له ، فهي يمين وفيما حكى
الشافعي ، عن مالك : لو قال وعزة الله ، أو وقدرة الله ، أو وكبرياء الله ، إن
عليه في ذلك كله كفارة مثل ما عليه في قوله : والله ، قال الشافعي رضي الله عنه : ومن حلف بشيء
غير الله تعالى ؛ مثل أن يقول الرجل : والكعبة ، وأبي ، وكذا وكذا ، ما كان ، فحنث
فلا كفارة} عليه . زاد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الحنظلي في هذه الحكاية ، عن
الربيع ، عن الشافعي رضي الله عنه : لأن هذا مخلوق وذلك غير مخلوق
566- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد محمد بن
موسى قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا عبد الملك بن عبد
الحميد الميموني ، حَدَّثَنَا سليم بن منصور بن
عمار ، في مجلس روح بن عبادة قال : كتب بشر المريسي إلى
أبيه منصور بن عمار أخبرني : القرآن ، خالق أو مخلوق ؟ قال : فكتب إليه ، عافانا
الله وإياك من كل الفتنة ، وجعلنا وإياك من أهل السنة والجماعة ، فإنه إن يفعل
فأعظم به من نعمة ، وإلا فهي الهلكة وليست لأحد على الله تعالى ، بعد المرسلين حجة
، نحن نرى أن الكلام في القرآن بدعة يشارك فيها السائل والمجيب ، تعاطى السائل ما
ليس له ، وتكلف المجيب ما ليس عليه وما أعرف خالقا إلا الله وما دون الله فمخلوق
والقرآن كلام الله عز وجل ، فانته بنفسك وبالمختلفين فيه معك إلى أسمائه التي سماه
الله تعالى بها تكن من المهتدين ولا تسم القرآن باسم من عندك فتكون من الضالين ،
جعلنا الله وإياك من الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون
567- وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ، أَخْبَرَنَا
أبو محمد بن حيان الأصبهاني ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن محمد القطان ، حَدَّثَنَا
الحسن بن الصباح ، قال : حدثت أن بشرا لقي منصور بن عمار ، فقال له : أخبرني عن
كلام الله تعالى أهو الله ؟ أم غير الله ؟ ، أم دون الله ؟ فقال : إن كلام الله
تعالى لا ينبغي أن يقال : هو الله ، ولا يقال : هو غير الله ، ولا هو
دون الله ، ولكنه كلامه.
وقوله
: {وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله} أي لم يقله
أحد إلا الله ، فرضينا حيث رضي لنفسه ، واخترنا له من حيث اختار لنفسه ، فقلنا :
كلام الله تعالى ليس بخالق ولا مخلوق ، فمن سمى القرآن بالاسم الذي سماه الله به
كان من المهتدين ، ومن سماه باسم من عنده كان من الضالين ، فانه عن هذا} {وذروا الذين
يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون} ، فإن تأبى كنت من الذين} {يسمعون كلام
الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون} قال أحمد هو البيهقي رضي الله عنه :
قد روينا عن جماعة من علمائنا رحمهم الله تعالى أنهم أطلقوا القول بتكفير من قال
بخلق القرآن ، وحكيناه أيضا عن الشافعي رحمنا الله وإياه.ورويناه في كتاب القدر عن
جماعة منهم أنهم كانوا لا يرون الصلاة خلف القدري ، ولا يجيزون شهادته ، وحكينا عن
الشافعي في كتاب الشهادات ما دل على قبول شهادة أهل الأهواء ما لم تبلغ بهم
العصبية مبلغ العداوة ، فحينئذ ترد بالعداوة وحكينا عنه في كتاب الصلاة ، أنه قال : وأكره إمامة
الفاسق والمظهر للبدع ، ومن صلى خلف واحد منهم أجزأته صلاته ، ولم تكن عليه إعادة
إذا أقام الصلاة وقد اختلف علماؤنا في تكفير أهل الأهواء : منهم من كفرهم على
تفصيل ذكره في أهوائهم ، ومن قال بهذا زعم أن قول الشافعي في الصلاة والشهادات ورد
في مبتدع لا يخرج ببدعته وهواه عن الإسلام ، ومنهم من لا يكفرهم وزعم أن قول
الشافعي في تكفير من قال بخلق القرآن أراد به كفرا دون كفر ، كقول الله عز وجل :
{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ومن قال بهذا جرى في قبول
شهاداتهم وجواز الصلاة خلفهم مع الكراهية على ما قال الشافعي ، رحمه الله ، في أهل
الأهواء أو المظهر للبدع وكان أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى ، لا يكفر أهل الأهواء
الذين تأولوا فأخطئوا ، ويجيز شهادتهم ما لم يبلغ من
الخوارج والروافض في مذهبه أن يكفر الصحابة ، ومن
القدرية أن يكفر من خالفه من المسلمين ، ولا يرى أحكام قضاتهم جائزة ، ورأى السيف
واستباح الدم ، فمن بلغ منهم هذا المبلغ فلا شهادة له ، وليس هو من الجملة التي
أجاز الفقهاء شهادتهم قال : وكانت المعتزلة في الزمان الأول على خلاف هذه الأهواء
، وإنما أحدثها بعضهم في الزمان المتأخر قال أحمد رضي الله عنه : وفي كلام
الشافعي في شهادة أهل الأهواء إشارة إلى بعض هذا والله أعلم ، ومن ابتلي بالصلاة
خلفهم فالذي اختار له ما
568- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، ومحمد بن موسى ، قالا
: حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، قال : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل ،
يقول : سمعت أبي يقول : وأملاه علي إملاء فقال : اكتب وأما من قال ذاك القول لم
تصل خلفه الجمعة ولا غيرها ، إلا أنا لا ندع إتيانها ، فإن صلى رجل أعاد الصلاة
يعني خلف من قال : القرآن مخلوق قلت : ومن فعل هذا الذي اختاره أحمد بن حنبل من
إتيان الجمعة والجماعات سواها ، ثم أعاد ما صلى خلفهم خرج من اختلاف العلماء في
ذلك ، وأخذ بالوثيقة وتخلص من الوقيعة وبالله التوفيق والعصمة
الجزء الثاني
باب : الفرق بين التلاوة والمتلو
قال الله جل ثناؤه : {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من
مدكر}.
وقال تعالى : {والطور وكتاب مسطور في رق منشور}.
وقال جَلَّ وعلا : {بل هو آيات بينات في صدور الذين
أوتوا العلم}.
وقال تعالى : {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى
يسمع كلام الله}.
وقال عز وجل : {قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن
فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا} .
فالقرآن الذي نتلوه كلام الله تعالى ، وهو متلو بألسنتنا على الحقيقة مكتوب في
مصاحفنا ، محفوظ في صدورنا ، مسموع بأسماعنا غير حال في شيء منها ، إذ هو من صفات ذاته
غير بائن منه ، وهو كما أن الباري عز وجل معلوم بقلوبنا ، مذكور بألسنتنا ، مكتوب
في كتبنا ، معبود في مساجدنا ، مسموع بأسماعنا ، غير حال في شيء منها ، وأما
قراءتنا وكتابتنا وحفظنا فهي من اكتسابنا ، واكتسابنا مخلوق لا شك فيه.
قال الله عز وجل : {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} وسمى
رسول الله صلى الله عليه وسلم تلاوة القرآن فعلا .
569- أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ الأَدِيبُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيُّ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ الْفِرْيَابِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، وَعُثْمَانُ ، قَالَ
إِسْحَاقُ : أنا ، وَقَالَ عُثْمَانُ : حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ :
رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ
، فَيَقُولُ : لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ
، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا فَهُوَ يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ ، فَيَقُولُ :
لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا عَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، وَقُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ
570- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْهَيْثَمِ الْمُطَّوِعِيُّ ،
بِبُخَارَى ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ ، يَقُولُ : أَمَّا
أَفْعَالُ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ ، فَقَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ
، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ ، عَنْ
رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ
النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ
تَعَالَى يَصْنَعُ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ وَتَلا بَعْضُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ :
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ
قال أبو عبد الله البخاري : وسمعت عبيد الله بن سعيد يقول
: سمعت يحيى بن سعيد يقول : ما زلت أسمع أصحابنا يقولون : أفعال العباد مخلوقة.
قال البخاري : حركاتهم وأصواتهم وأكسابهم وكتابتهم مخلوقة
، فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب ، الموعى في
القلوب ، فهو كلام الله تعالى ليس بخلق.
قال الله عز وجل : {بل هو آيات بينات في صدور الذين
أوتوا العلم}.
قال البخاري : وقال إسحاق بن إبراهيم : فأما الأوعية فمن
يشك في خلقها ؟ قال الله عز وجل : {وكتاب مسطور في رق منشور}.
وقال تعالى : {بل هو قرآن مجيد ، في لوح محفوظ} فذكر أنه
يحفظ ويسطر قال : {وما يسطرون}
قال محمد بن إسماعيل : حَدَّثَنَا روح بن عبد المؤمن ،
حَدَّثَنَا يزيد بن زريع ، حَدَّثَنَا سعيد عن قتادة : {والطور وكتاب مسطور} قال :
المسطور المكتوب} {في رق منشور} ، وهو الكتاب
571- وقرأت في كتاب محمد بن نصر عن أحمد بن عمر ، عن
عبدان ، عن ابن المبارك ، قال : الورق والمداد مخلوق ، فأما القرآن فليس بخالق ولا
مخلوق ، ولكنه كلام الله عز وجل
572- وفيما أجازني محمد بن عبد الله الحافظ روايته عنه
أن أبا بكر بن إسحاق الفقيه أخبرهم : أنا محمد بن الفضل بن موسى ، حَدَّثَنَا
شيبان ، حَدَّثَنَا يحيى بن كثير ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، رضي الله
عنهما في قوله عز وجل : {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} قال : لولا أن يسره
على لسان الآدميين ما استطاع أحد أن يتكلم بكلام الله عز وجل
573- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد
الرحمن بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا آدم بن أبي
إياس ، حَدَّثَنَا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله تعالى : {ولقد يسرنا
القرآن للذكر} ، قال : هونا قراءته ، وفي قوله : {وكتاب مسطور} يعني صحفا مكتوبة}
{في رق منشور} يعني في صحف . وقال في قوله عز وجل : {وإن أحد من المشركين استجارك
فأجره حتى يسمع كلام الله} يقول : إنسان يأتي فيستمع ما نقول ويسمع ما أنزل الله
فهو آمن حتى يسمع كلام الله ، وحتى يبلغ مأمنه من حيث جاء
574- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ
، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةُ ، عَنْ أَبِي
بِشْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا ، قَالَ : انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ
الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ ، فَرَجَعَتِ
الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ ، فَقَالُوا : مَا لَكُمْ ؟ فَقَالُوا : حِيلَ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ ،
قَالُوا : مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلاَّ شَيْءٌ حَدَثَ
، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا وَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي
حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، فَانْطَلَقُوا يَضْرِبُونَ
مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ، يَبْتَغُونَ مَا هَذَا الَّذِي حَالَ
بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ النَّفَرُ
الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ بِنَخْلَةَ ، وَادٍ قُرْبَ مَكَّةَ ، عَامِدًا إِلَى سُوقِ
عُكَاظٍ ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلاةَ الْفَجْرِ ، فَلَمَّا سَمِعُوا
الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ ، فَقَالُوا : هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ
بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَهُنَاكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ
، قَالُوا : يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْأَنَا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى
الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ
تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ
أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ ، وَإِنَّمَا أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَ الْجِنِّ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ مُسَدَّدٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ شَيْبَانَ ، عَنْ أَبِي
عَوَانَةَ
575- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ
، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ
، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ،
قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مُتَوَارٍ بِمَكَّةَ ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى رَفَعَ صَوْتَهُ ، فَإِذَا سَمِعَ
ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ نَزَلَ بِهِ وَمَنْ جَاءَ بِهِ ،
فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا أَسْمِعْ أَصْحَابَكَ وَابْتَغِ
بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ، أَسْمِعْهُمْ بِالْقُرْآنِ حَتَّى يَأْخُذُوا عَنْكَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ ،
وَالنَّاقِدُ ، عَنْ هُشَيْمِ بْنِ بَشِيرٍ وَفِي هَذَا دَلالَةٌ عَلَى أَنَّ
الْقُرْآنَ مَسْمُوعٌ بِأَسْمَاعِنَا
576- وأخبرنا أبو الحسن المقرئ ، أَخْبَرَنَا أبو عمرو
الصفار ، حَدَّثَنَا أبو عوانة ، حَدَّثَنَا عثمان بن خرزاذ ، قال : سمعت الوليد
بن عتبة ، يقول : سمعت ابن عيينة ، يقول : أو ليس من نعم الله عليكم أن جعلكم أن
تستطيعوا أن تسمعوا كلامه ..
ورويناه في الحديث الثابت عن عائشة رضي الله عنها أنها
قالت : والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى ، ولشأني كان أحقر في نفسي من
أن يتكلم الله في بأمر يتلى . وفي ذلك دلالة على أن كلام الله تعالى متلو بألسنتنا
، وفي هذا المعنى
577- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي
إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ ،
حَدَّثَنَا جَدِّي ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ ، أَيِ
اسْتَمَعَ يَعْنِي لِنَبِيٍّ حَسَنَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ
578- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي ، قَالا : أنا الْقَاضِي
أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلِ بْنِ خَلَفِ بْنُ سُجْرَةَ ، بِبَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ يَعْنِي الْعَوْفِيَّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ
سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ ، قَالَ : سَمِعْتُ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، قَالَ : لا حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ : رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ
الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ، فَسَمِعَهُ
جَارٌ لَهُ ، فَقَالَ : لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلَتُ
مِثْلَ مَا يَعْمَلُ ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي
الْحَقِّ ، فَقَالَ رَجُلٌ :
يَا لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ
فَعَمِلَتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ رَوْحٍ
579- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدِيُّ ،
حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ
يَحْيَى ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَثَلُ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ
الأُتْرُجَّةِ ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنُ
الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلا
رِيحَ لَهَا ، وَمَثَلُ الْفَاجِرُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ، كَمَثَلِ
الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مَرٌّ ، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي
لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ ، طَعْمُهَا مَرٌّ وَلا رِيحَ لَهَا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي
"الصَّحِيحِ" ، عَنْ هُدْبَةَ بْنِ خَالِدٍ
580- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلانِسِيُّ ، حَدَّثَنَا آدَمُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، حَدَّثَنَا
قَتَادَةُ ، قَالَ : سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى ، يُحَدِّثُ عَنْ
سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ لَهُ حَافَظٌ مَثَلُ السَّفَرَةِ
الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَؤُهُ وَيَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ
عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ آدَمَ وَفِيهِ دَلالَةٌ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ مَقْرُوءٌ بِأَلْسِنَتِنَا
مَحْفُوظٌ فِي صُدُورِنَا
581- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
الْبَغْدَادِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ السَّهْمِيُّ ،
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ يَزِيدَ ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَقَدِ
اسْتَدْرَجَ النُّبُوَّةَ بَيْنَ جَنْبَيْهِ ، غَيْرَ أَنَّهُ لا يُوحَى إِلَيْهِ
، لا يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ أَنْ يَحِدَّ مَعَ مَنْ حَدَّ ، وَلا
يَجْهَلَ مَعَ مَنْ جَهْلِ وَفِي جَوْفِهِ كَلامُ اللهِ
عَزَّ وَجَلَّ قُلْتُ : وَمَعْنَى هَذَا : وَفِي جَوْفِهِ حَفِظُ كَلامِ اللهِ
عَزَّ وَجَلَّ ، وَفِي ذَلِكَ ، إِنْ ثَبَتَ مَعَ الثَّابِتِ قَبْلَهُ ، دَلالَةٌ
عَلَى أَنَّ كَلامَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَحْفُوظٌ فِي صُدُورِنَا كَمَا قَالَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا
الْعِلْمَ ، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى
582- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ ،
حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ ، عَنْ
عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ كَانَ الْقُرْآنُ فِي إِهَابٍ
مَا مَسَّتْهُ النَّارُ
583- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ الإِسْفَرَايِينِي
، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ
إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَانِئٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ
حَنْبَلٍ ، يَقُولُ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لَوْ كَانَ
الْقُرْآنُ فِي إِهَابٍ يَعْنِي : فِي جِلْدٍ فِي قَلْبِ رَجُلٍ ، يُرْجَى لِمَنِ
الْقُرْآنُ فِي قَلْبِهِ مَحْفُوظٌ أَنْ لا تَمَسَّهُ النَّارُ
584- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى ، يَقُولُ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الْبُوشَنْجِيَّ ، يَقُولُ فِي مَعْنَى قَوْلِ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ كَانَ الْقُرْآنُ فِي
إِهَابٍ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ قَالَ : مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ حَمَلَ الْقُرْآنَ وَقَرَأَهُ
لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ
585- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، أَخْبَرَنَا
يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي السَّائِبُ
بْنُ يَزِيدَ ، أَنَّ شُرَيْحًا الْحَضْرَمِيَّ ذُكِرَ
عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : ذَاكَ رَجُلٌ
لا يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ
586- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أحمد بن
محمد الخطيب بمرو ، حَدَّثَنَا عبد الله بن يحيى القاضي السرخسي ، حَدَّثَنَا محمد
بن النضر ، حَدَّثَنَا منصور بن خالد ، قال : سمعت ابن المبارك ، يقول : لا أقول القرآن
خالق ولا مخلوق ، ولكنه كلام الله تعالى ليس منه ببائن . قلت : هذا هو مذهب السلف
والخلف من أصحاب الحديث أن القرآن كلام الله عز وجل ، وهو صفة من صفات ذاته ليست
ببائنة منه ، وإذا كان هذا أصل مذهبهم في القرآن ، فكيف يتوهم عليهم خلاف ما ذكرنا
في تلاوتنا وكتابتنا وحفظنا ، إلا أنهم في ذلك على طريقتين ، منهم من فصل بين
التلاوة والمتلو كما فصلنا ، ومنهم من أحب ترك الكلام فيه مع إنكار قول من زعم أن
لفظي بالقرآن غير مخلوق . وبصحة ذلك
587- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي
عمرو قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب قال : سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق
يقول : سمعت أبا محمد فوران يقول : جاءني ابن شداد برقعة فيها مسائل ، وفيها : إن
لفظي بالقرآن غير مخلوق . فدفعتها إلى أبي بكر المروزي ، فقلت له : اذهب بها إلى
أبي عبد الله وأخبره أن ابن شداد ها هنا ، وهذه الرقعة قد جاء بها ، فما كرهت منها
أو أنكرته فاضرب عليه . فجاءني بالرقعة وقد ضرب على موضع : لفظي بالقرآن غير مخلوق
، وكتب : القرآن حيث يصرف غير مخلوق
. قلت : أبو عبد الله هذا هو أحمد بن حنبل رضي الله عنه
588- وأخبرنا أبو عبد الله ، وأبو سعيد قالا :
حَدَّثَنَا أبو العباس ، قال : سمعت محمدا ، يقول : سمعت أبا محمد فوزان يقول :
جاءني صالح بن أحمد ، وأبو بكر المروزي عندي فدعاني إلى أبي عبد الله وقال لي :
إنه قد بلغ أبي أن أبا طالب قد حكي عنه أنه يقول : لفظي بالقرآن غير مخلوق .
فقوموا إليه ، فقمت واتبعني صالح
وأبو بكر ، فدار صالح من بابه فدخلنا على أبي عبد الله
ووافانا صالح من بابه ، فإذا أبو عبد الله غضبان شديد الغضب يتبين} الغضب في وجهه
، فقال لأبي بكر : اذهب جئني بأبي طالب . فجاء أبو طالب ، وجعلت أسكن أبا عبد الله
قبل مجيء أبي طالب ، وأقول : له حرمة . فقعد بين يديه وهو يرعد متغير الوجه ، فقال
له أبو عبد الله : حكيت عني أني قلت : لفظي بالقرآن غير مخلوق ؟ قال : إنما حكيت
عن نفسي ، فقال له : لا تحك هذا عنك ولا عني ، فما سمعت عالما يقول هذا . وقال له
: القرآن كلام الله غير مخلوق حيث يصرف . فقلت لأبي طالب وأبو عبد الله يسمع : إن
كنت حكيت هذا لأحد فاذهب حتى تخبره أن أبا عبد الله قد نهى عن هذا . قال الشيخ :
فهاتان الحكايتان تصرحان بأن أبا عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه بريء مما
خالف مذهب المحققين من أصحابنا ، إلا أنه كان يستحب قلة الكلام في ذلك ، وترك
الخوض فيه ، مع إنكار ما خالف مذهب الجماعة ، وفي مثل ذلك :
589- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : قرأت بخط أبي
عمرو المستملي.
سمعت أبا عثمان سعيد بن إشكاب الشاشي يقول : سألت إسحاق
بن راهويه بنيسابور عن اللفظ بالقرآن ، فقال : لا ينبغي أن يناظر في هذا ، القرآن كلام
الله تعالى غير مخلوق
590- سمعت أبا عمرو محمد بن عبد الله البسطامي ، يقول :
سمعت أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، يقول : سمعت عبد الله بن محمد بن ناجية ، يقول
: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل ، يقول : سمعت أبي يقول : من قال لفظي بالقرآن
مخلوق يريد به القرآن ، فهو كافر . قلت
: هذا تقييد حفظه عنه ابنه عبد الله وهو قوله : يريد به
القرآن فقد غفل عنه غيره ممن حكى عنه في اللفظ خلاف ما حكينا حتى نسب إليه ما تبرأ
منه فيما ذكرنا
591- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال ، سمعت محمد بن
يوسف المؤذن الدقاق ، قال : سمعت أبا حامد بن الشرقي ، يقول : حضرت مجلس محمد بن يحيى
يعني الذهلي فقال : ألا من قال لفظي بالقرآن مخلوق فلا يحضر مجلسنا . فقام
مسلم بن الحجاج من المجلس . قلت : ولمحمد بن يحيى مع
محمد بن إسماعيل البخاري رحمهما الله تعالى في ذلك قصة طويلة ، فإن البخاري كان يفرق
بين التلاوة والمتلو ، ومحمد بن يحيى كان ينكر التفصيل ، ومسلم بن الحجاج رحمه
الله كان يوافق البخاري في التفصيل . ثم تكلم محمد بن أسلم الطوسي في ذلك بعبارة
رديئة ، فقال فيما بلغني عنه : الصوت من المصوت كلام الله . وأخذه عنه فيما بلغني
محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمه الله ، وعندي أن مقصود من قال ذلك منهم نفي الخلق عن
المتلو من القرآن ، إلا أنه لم يحسن العبارة عما كان في ضميره من ذلك ، فتكلم بما
هو خطأ في العبارة والله أعلم
592- وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا
عبد الله محمد بن العباس الضبي يقول : سمعت أبا الفضل البطاييني ، ونحن بالري يقول
ـ وكان أبو الفضل يحجب بين يدي أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة إذا ركب ـ قال : خرج أبو بكر
محمد بن إسحاق يوما قرب العصر من منزله فتبعته وأنا لا أدري أين مقصده ، إلى أن
بلغ باب معمر ، فدخل دار أبي عبد الرحمن ثم خرج وهو منقسم القلب ، فلما بلغ
المربعة الصغيرة وقرب من خان مكي وقف وقال لمنصور الصيدلاني : تعال . فعدا إليه
منصور ، فلما وقف بين يديه قال له : ما صنعتك ؟ قال : أنا عطار . قال : تحسن صنعة
الأساكفة ؟ قال : لا . قال : تحسن صنعة النجارين ؟ قال : لا . فقال لنا : إذا كان
العطار لا يحسن غير ما هو فيه ، فما تنكرون على فقيه راوي حديث أنه لا يحسن
الكلام وقد قال لي مؤدبي ـ يعني المزني رحمه الله ـ غير
مرة : كان الشافعي رضي الله عنه ينهانا عن الكلام . قلت : أبو عبد الرحمن هذا كان
معتزليا ألقى في سمع الشيخ شيئا من بدعته وصور له من أصحابه ، يريد أبا علي محمد
بن عبد الوهاب الثقفي ، وأبا بكر بن إسحاق الصبغي ، وأبا محمد بن يحيى بن منصور
القاضي ، وأبا بكر بن أبي عثمان الحيري رحمهم الله أجمعين ، أنهم يزعمون أن الله تعالى
لا يتكلم بعدما تكلم في الأزل ، حتى خرج عليهم وطالت خصومتهم ، وتكلم بما يوهم
القول بحدوث الكلام ، مع اعتقاده قدمه ، ثم إن أبا بكر أحمد بن إسحاق الفقيه أملى
اعتقاده واعتقاد رفقائه على أبي بكر بن أبي عثمان ، وعرضه على محمد بن إسحاق بن
خزيمة فاستصوبه محمد بن إسحاق وارتضاه واعترف فيما حكينا عنه بأنه إنما أتى ذلك من
حيث إنه لم يحسن الكلام ، وكان فيما أملى من اعتقادهم فيما أخبرنا أبو عبد الله
الحافظ عن نسخة ذلك الكتاب : من زعم أن الله تعالى جل ذكره لم يتكلم إلا مرة ولا
يتكلم إلا ما تكلم به ثم انقضى كلامه كفر بالله ، بل لم يزل الله متكلما ، ولا
يزال متكلما ، لا مثل لكلامه لأنه صفة من صفات ذاته ، نفى الله تعالى المثل عن
كلامه ، كما نفى المثل عن نفسه ، ونفى النفاد عن كلامه كما نفى الهلاك عن نفسه ،
فقال عز وجل : {كل شيء هالك إلا وجهه}.
وقال تعالى : {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد
البحر قبل أن تنفد كلمات ربي} فكلام الله عز وجل غير بائن عن الله ليس هو دونه ولا
غيره ولا هو هو ، بل هو صفة من صفات ذات كعلمه الذي هو صفة من صفات ذاته ، لم يزل
ربنا عالما ، ولا يزال عالما ، ولم يزل يتكلم ، ولا يزال يتكلم ، فهو الموصوف
بالصفات العلى ، ولم يزل بجميع صفاته التي هي صفات ذاته واحدا ولا يزال ، وهو
اللطيف الخبير . وكان فيما
كتب : القرآن كلام الله تعالى وصفة من صفات ذاته ، ليس
شيء من كلامه خلقا ولا مخلوقا ، ولا فعلا ولا مفعولا ، ولا محدثا ولا حدثا ولا
أحداثا
593- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا
الحسن علي بن أحمد الزاهد البوشنجي يقول : دخلت على عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي
بالري فأخبرته بما جرى بنيسابور بين أبي بكر بن خزيمة وبين أصحابه ، فقال : ما لأبي
بكر والكلام ؟ إنما الأولى بنا وبه أن لا نتكلم فيما لم نتعلمه . فخرجت من عنده
حتى دخلت على أبي العباس القلانسي فقال : كان بعض القدرية من المتكلمين وقع إلى
محمد بن إسحاق فوقع لكلامه عنده قبول . ثم خرجت إلى بغداد فلم أدع بها فقيها ولا
متكلما إلا عرضت عليه تلك المسائل ، فما منهم أحد إلا وهو يتابع أبا العباس
القلانسي على مقالته ، ويغتم لأبي بكر محمد بن إسحاق فيما أظهره . قلت : القصة فيه
طويلة ، وقد رجع محمد بن إسحاق إلى طريقة السلف وتلهف على ما قال والله أعلم
باب : قول الله عز وجل {قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني
وبينكم} قول الله عز وجل : {قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي
إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ}.
وقوله : {لتنذر أم القرى ومن حولها}
594- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي ،
أَخْبَرَنَا أبو الحسن الطرائفي ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد ، حَدَّثَنَا عبد الله
بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما
قال : قوله تعالى : {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ} يعني أهل مكة} {ومن
بلغ} يعني من بلغه القرآن من الناس فهو له نذير وقوله : {لتنذر أم القرى ومن
حولها} يعني بأم القرى مكة ، ومن حولها من القرى إلى المشرق والمغرب
595- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد
الرحمن بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا آدم ،
حَدَّثَنَا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله تعالى : {وأوحي إلي هذا
القرآن لأنذركم به ومن بلغ} يعني ومن أسلم من العجم
وغيرهم قلت : وقد يكون أعجميا لا يعرف العربية فإذا بلغه
معناه بلسانه فهو له نذير
596- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الأَدِيبُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ الإِسْمَاعِيلِيُّ ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ
زَكَرِيَّا ، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَأُونَ التَّوْرَاةَ
بِالْعِبْرَانِيَّةِ ، فَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلامِ ،
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ
الْكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ ، وَقُولُوا : آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ
إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ
لَهُ مُسْلِمُونَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ قُلْتُ : وَفِي هَذَا
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ إِنْ صَدَقُوا فِيمَا فَسَّرُوا مِنْ كِتَابِهِمْ
بِالْعَرَبِيَّةِ ، كَانَ ذَلِكَ مِمَّا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ عَلَى مَعْنَى
الْعِبَارَةِ عَمَّا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ ، وَكَلامُ اللهِ تَعَالَى وَاحِدٌ لا يَخْتَلِفُ
بِاخْتِلافِ الْعِبَارَاتِ ، فَبِأَيِّ لِسَانٍ قُرِئَ كَانَ قَدْ قُرِئَ كَلامُ
اللهِ تَعَالَى ، إِلاَّ أَنَّهُ إِنَّمَا يُسَمَّى تَوْرَاةً إِذَا قُرِئَ
بِالْعِبْرَانِيَّةِ ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى إِنْجِيلا إِذَا قُرِئَ
بِالسُّرْيَانِيَّةِ ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى قُرْآنَا إِذَا قُرِئَ
بِالْعَرَبِيَّةِ عَلَى اللُّغَاتِ السَّبْعِ الَّتِي أَذِنَ صَاحِبُ الشَّرْعِ
فِي قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِنَّ ، لِنُزُولِهِ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ
الصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى تِلْكَ اللُّغَاتِ دُونَ غَيْرِهِنَّ وَلِمَا فِي
نَظْمِهِ مِنَ الإِعْجَازِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ
رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ
عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ
عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا : وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا
عَرَبِيًّا ، وَقَالَ تَعَالَى : وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا
عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ، وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ
الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ،
وَقَالَ جَلَّ وَعَلا : قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ
يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ
بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا
597- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ
بْنِ فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ
حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ
كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَ إِضَاءَةِ بَنِي غِفَارٍ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ
السَّلامُ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ
أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ قَالَ : أَسْأَلُ اللَّهَ مُعَافَاتَهُ
وَمَغْفِرَتَهُ وَإِنَّ أُمَّتِي لا
تُطِيقُ ذَلِكَ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ ، فَقَالَ :
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى
حَرْفَيْنِ قَالَ : أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ
وَإِنَّ أُمَّتِي لا تُطِيقُ ذَلِكَ ثُمَّ جَاءَهُ الثَّالِثَةَ ، فَقَالَ : إِنَّ
اللَّهَ تَعَالَى يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى ثَلاثَةِ
أَحْرُفٍ فَقَالَ : أَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ
وَإِنَّ أُمَّتِي لا تُطِيقُ ذَلِكَ ثُمَّ جَاءَهُ الرَّابِعَةَ ، فَقَالَ : إِنَّ
اللَّهَ تَعَالَى يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ
أَحْرُفٍ فَأَيُّمَا حَرْفٍ قَرَؤُوا عَلَيْهِ فَقَدْ أَصَابُوا.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ
حَدِيثِ شُعْبَةَ وَأَخْرَجَا حَدِيثَ عُمَرَ ، وَهِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ
حِزَامٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ ،
فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ وَفِي ذَلِكَ دَلالَةٌ عَلَى قَصْرِ قِرَاءَتِهِ عَلَى
هَذِهِ اللُّغَاتِ السَّبْعِ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ شَرْعًا وَمَنْ بَلَغَهُ
مَعْنَاهُ فَأَسْلَمَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْهُ مَا تُجْزِئُ بِهِ
الصَّلاةُ وَعَلَى جَمَاعَتِهِمْ أَنْ يَتَعَلَّمُوا جَمِيعَهُ حَتَّى يَقُومَ
بِتَعَلُّمِهِ مَنْ فِيهِ الْكِفَايَةُ
598- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو طاهر الفقيه
وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أَخْبَرَنَا الشافعي محمد بن إدريس ،
حَدَّثَنَا إسماعيل بن قسطنطين ، قال : قرأت على شبل وأخبر الشبل ، أنه قرأ على
عبد الله بن كثير وأخبر عبد الله بن كثير ، أنه قرأ على مجاهد وأخبر مجاهد ، أنه
قرأ على ابن عباس وأخبر ابن عباس ، أنه قرأ على أبي ، قال ابن عباس : وقرأ أبي على
رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال الشافعي : وقرأت
على إسماعيل بن قسطنطين وكان يقول : القرآن اسم وليس بمهموز ، ولم يؤخذ من قرأت ،
ولو أخذ من قرأت ، كان كل ما قرئ قرآنا ، ولكنه اسم للقرآن مثل التوراة والإنجيل .
وكان يقول : وإذا قرأت القرآن تهمز قرأت ، ولا تهمز القرآن قلت : وذهب بعضهم إلى
أنه مشتق من القراءة ، يقال : قرأت قراءة وقرآنا ، كما يقال سبحت تسبيحا وسبحانا ،
وغفرت مغفرة وغفرانا.
قال الله عز وجل : {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان
مشهودا} وإنما أراد صلاة الفجر التي يقع فيها القراءة ، فسماها قرآنا يريد به
قراءة ، ثم كثر استعماله في كلام الله عز وجل فصار
مطلقة له ، وقد يسمى سائر ما أنزل الله عز وجل على سائر
رسله قرآنا
599- حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلالٍ الْبَزَّازُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ
طَهْمَانَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ عَطَاءِ
بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ
الصَّلاةُ وَالسَّلامُ الْقُرْآنُ ، فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَابَّتِهِ تُسْرَجُ
فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تُسْرَجَ ، وَكَانَ لا يَأْكُلُ إِلاَّ مِنْ
عَمَلِ يَدِهِ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
فَقَالَ : وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فَذَكَرَهُ قُلْتُ : الْكَلامُ هُوَ
نُطْقُ نَفْسِ الْمُتَكَلِّمِ بِدَلِيلِ مَا رُوِّينَا عَنْ أَمِيرِ
الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ السَّقِيفَةِ ، فَذَهَبَ
عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَكَانَ
عُمَرُ يَقُولُ : وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَاكَ إِلاَّ أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ
كَلامًا قَدْ أَعْجَبَنِي ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى : وَكُنْتُ زَوَّرْتُ
مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِي ، فَسَمَّى تَزْوِيرَ الْكَلامِ فِي نَفْسِهِ كَلامًا
قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِهِ ، ثُمَّ إِنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ ذَا مَخَارِجَ ،
سُمِعَ كَلامُهُ ذَا حُرُوفٍ وَأَصْوَاتٍ ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ غَيْرَ
ذِي مَخَارِجَ سُمِعَ كَلامُهُ غَيْرَ ذِي حُرُوفٍ وَأَصْوَاتٍ ، وَالْبَارِي
جَلَّ ثَنَاؤُهُ
لَيْسَ بِذِي مَخَارِجَ ، وَكَلامُهُ لَيْسَ بِحَرْفٍ
وَلا صَوْتٍ ، فَإِذَا فَهِمْنَاهُ ثُمَّ تَلَوْنَاهُ تَلَوْنَاهُ بِحُرُوفٍ
وَأَصْوَاتٍ
600- وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ
، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِي ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ
مَسْعُودٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ
يَحْيَى ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ
بْنِ عَقِيلٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ
، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي حَدِيثِ الْمَظَالِمِ ، قَالَ : يَحْشُرُ اللَّهُ تَعَالَى الْعِبَادَ ، أَوْ
قَالَ النَّاسَ ، عُرَاةً غُرْلا بُهْمًا ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ
يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ : أَنَا الْمَلِكُ أَنَا
الدَّيَّانُ وَهَذَا حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ
عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ وَابْنُ عَقِيلٍ ، وَالْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ
الْمَكِّيُّ لَمْ يُحْتَجَّ بِهِمَا الشَّيْخَانِ أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْبُخَارِيُّ وَأَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ النَّيْسَابُورِيُّ
، وَلَمْ يُخْرِجَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي "الصَّحِيحِ" بِإِسْنَادِهِ ، وَإِنَّمَا
أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَيْهِ فِي تَرْجَمَةِ الْبَابِ وَاخْتَلَفَ الْحُفَّاظُ
فِي الاحْتِجَاجِ بِرِوَايَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ لِسُوءِ حِفْظِهِ ، وَلَمْ تَثْبُتْ
صِفَةُ الصَّوْتِ فِي كَلامِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ حَدِيثِهِ ، وَلَيْسَ بِنَا
ضَرُورَةٌ إِلَى إِثْبَاتِهِ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الصَّوْتُ فِيهِ إِنْ
كَانَ ثَابِتًا رَاجِعًا إِلَى
غَيْرِهِ كَمَا رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
مَسْعُودٍ ، مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ
أَهْلُ السَّمَاءِ صَلْصَلَةً كَجَرِّ السِّلْسَلَةِ عَلَى الصَّفَا وَفِي حَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا
قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا
خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانَ فَفِي هَذَيْنِ
الْحَدِيثَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ دَلالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ عِنْدَ
الْوَحْيِ صَوْتًا لَكِنْ لِلسَّمَاءِ ، وَلأَجْنِحَةِ الْمَلائِكَةِ ، تَعَالَى
اللَّهُ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ عُلُوًّا كَبِيرًا وَأَمَّا الْحَدِيثُ
الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَقُولُ اللَّهُ : يَا آدَمُ ، فَيَقُولُ
: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، فَيُنَادِي بِصَوْتٍ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ
فَهَذَا لَفْظٌ تَفَرَّدَ بِهِ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، وَخَالَفَهُ وَكِيعٌ
وَجَرِيرٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِ الأَعْمَشِ فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ
لَفْظَ الصَّوْتِ ، وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ حَفْصٍ ، فَقَالَ :
كَانَ يُخْلِطُ فِي حَدِيثِهِ ، ثُمَّ إِنْ كَانَ حَفِظَهُ فَفِيهِ مَا دَلَّ
عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لآدَمَ يَكُونُ عَلَى لِسَانِ مَلَكٍ يُنَادِيهِ
بِصَوْتٍ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَأْمُرُكَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ :
فَيُنَادِي بِصَوْتٍ يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ : يُنَادِيهِ مَلَكٌ بِصَوْتٍ
وَهَذَا ظَاهَرٌ فِي الْخَبَرِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي :
601- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ
بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ
بْنُ عَاصِمٍ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَيْسٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ الْمُنْكَدِرِ ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى
يَوْمَ الطُّورِ كَلَّمَهُ بِغَيْرِ الْكَلامِ الَّذِي كَلَّمَهُ بِهِ يَوْمَ
نَادَاهُ ، قَالَ لَهُ
مُوسَى : يَا رَبِّ ، هَذَا كَلامُكَ الَّذِي كَلَّمْتَنِي
بِهِ يَوْمَ نَادَيْتَنِي ؟ قَالَ : يَا مُوسَى لا ، إِنَّمَا كَلَّمْتُكَ
بِقُوَّةِ عَشْرَةِ آلافِ لِسَانٍ ، وَلِي قُوَّةُ الأَلْسِنَةِ كُلُّهَا ،
وَأَنَا أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ ، فَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ
قَالُوا : يَا مُوسَى صِفْ لَنَا كَلامَ الرَّحْمَنِ قَالَ : سُبْحَانَ اللهِ ،
وَمَنْ يُطِيقُ ؟ قَالُوا : فَشَبِّهْهُ لَنَا ، قَالَ : أَلَمْ تَرَوْا إِلَى أَصْوَاتِ
الصَّوَاعِقِ حِينَ تُقْبِلُ فِي أَحْلَى حَلاوَةٍ سَمِعْتُمُوهُ ، فَإِنَّهُ
قَرِيبٌ مِنْهُ وَلَيْسَ بِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ : فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ
فِي مَجْلِسِ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَعِنْدَهُ خَتَنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ
الزُّهْرِيِّ ، فَقَالَ خَتَنُ سُلَيْمَانَ : حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ ، عَنْ
رَجُلٍ ، عَنْ كَعْبٍ ، قَالَ : لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى يَوْمَ الطُّورِ
كَلَّمَهُ بِغَيْرِ الْكَلامِ الَّذِي كَلَّمَهُ بِهِ يَوْمَ نَادَاهُ ، فَقَالَ
لَهُ مُوسَى : يَا رَبِّ هَذَا الَّذِي كَلَّمْتَنِي بِهِ يَوْمَ نَادَيْتَنِي ؟
قَالَ : يَا مُوسَى ، إِنَّمَا كَلَّمْتُكَ بِمَا تُطِيقُ بِهِ بَلْ أَخَفَّهَا
لَكَ ، وَلَوْ كَلَّمْتُكَ بِأَشَدَّ مِنْ هَذَا لَمِتَّ لَفْظُ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ
أَبِي طَالِبٍ.
فَهَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ الْفَضْلُ بْنُ عِيسَى الرَّقَاشِيُّ
ضَعِيفُ الْحَدِيثِ جَرَّحَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ ، وَحَدِيثُ كَعْبٍ مُنْقَطِعٌ ،
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَوْصُولا
602- أخبرناه أبو محمد السكري ، أَخْبَرَنَا إسماعيل بن
محمد الصفار ، حَدَّثَنَا أحمد بن منصور ، حَدَّثَنَا عبد الرزاق ، أَخْبَرَنَا
معمر ، عن الزهري ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، عن جرير بن جابر الخثعمي
، عن كعب ، قال : إن الله عز وجل لما كلم موسى كلمه بالألسنة كلها سوى كلامه ، قال
له موسى : أي رب هذا كلامك ؟ قال : لا ، لو كلمتك بكلامي لم تستقم له . قال : أي
رب فهل من خلقك شيء يشبه كلامك ؟ قال : لا ، وأشد خلقي شبها بكلامي أشد ما تسمعون
من هذه الصواعق . ورواه ابن أخي الزهري عنه عن أبي بكر فقال عن جرير بن جابر
الخثعمي . وقال البخاري وقال يونس وابن أخي الزهري والزبيدي : جرو . وقال شعيب :
جرز بن جابر . وهو رجل
مجهول ، ثم يحتمل أنه أراد : ما سمع للسماوات والأرض من
الأصوات عند إسماع الرب جل ذكره إياه كلامه ، كما روينا عن أهل السماوات أنهم
يسمعون عند نزول الوحي للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا ، وكما روينا في الحديث
الصحيح عن أبي هريرة عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا قضى الله الأمر في السماء
ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله ، كأنه سلسلة على صفوان . وكما روينا عن
نبينا صلى الله عليه وسلم أنه كان يأتيه الوحي أحيانا في مثل صلصلة الجرس ، وكل
ذلك مضاف إلى غير الله سبحانه وتعالى ، وكذلك الصوت المذكور في هذا الحديث ، إن
كان صحيحا ، ولا أراه يصح إلا وهو مضاف إلى غير الله سبحانه وتعالى ، وأما قول كعب
الأحبار فإنه يحدث عن التوراة التي أخبر الله تعالى عن أهلها أنهم حرفوها وبدلوها
، فليس من قوله ما يلزمنا توجيهه ، إذا لم يوافق أصول الدين والله أعلم
باب : جماع أبواب ما يجوز تسمية الله سبحانه ، ووصفه به
سوى ما مضى في الأبواب قبلها وما لا يجوز وتأويل ما يحتاج فيه إلى التأويل وحكاية
قول الأئمة فيه قول الله تعالى : {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} قال أهل النظر
: معناه ليس كهو شيء ؛ ونظير قوله عز وجل : {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به} أي بالذي
آمنتم به ، ويذكر عن ابن عباس أنه قرأها : بالذي آمنتم به
603- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو
العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا أبو عتبة أحمد بن الفرج ، حَدَّثَنَا بقية ،
حَدَّثَنَا شعبة ، حدثني أبو حمزة ، عن ابن عباس ، قال : لا تقولوا : {فإن آمنوا
بمثل ما آمنتم به} فإن الله ليس له مثل ، ولكن قولوا : بالذي آمنتم به . تابعه علي
بن نصر الجهضمي عن شعبة . وقال أهل النظر : يقول القائل : مثلي لا يقابل بمثل هذا الكلام
، ومثلي لا يعاب عليه ، يريد نفسه ، قالوا : ويحتمل أن يكون الكاف فيه زيادة كما
يقول في الكلام : كلمني فلان بلسان كمثل السنان ، ولهذه الجارية بنان كمثل العندم
، ومعناه : مثل العندم ـ العندم دم الأخوين ـ . وقد قيل : العرب إذا أرادت
التأكيد في إثبات التشبيه كررت حرف التشبيه ، فقالت :
هذا كهكذا . قال الشاعر :
وصاليات ككما يؤثفين
يعني هكذا . وكما جمعت بين اسم التشبيه وحرف التشبيه
فقالت : هذا كمثل هذا ، فلما أراد الله سبحانه أن ينفي التشبيه على آكد ما يكون من
النفي جمع في قراءتنا بين حرف التشبيه ، واسم التشبيه حتى يكون النفي مؤكدا على المبالغة
604- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، حَدَّثَنَا
أَبُو سَعِيدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى الجوهري ،
بِالْبَصْرَةِ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ
الْبَزَّارُ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ ح
وَأَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الشَّالَنْجِيُّ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ ، أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا
مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عَامِرٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ
: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ زَيْدِ بْنِ
عَمْرٍو ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ كَانَ يَسْتَقْبِلُ الْبَيْتَ وَيَقُولُ : اللَّهُمَّ
إِلَهِي إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ ، وَدِينِي دَيْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَيُصَلِّي
وَيَسْجُدُ ، قَالَ : فَقَالَ : ذَاكَ أُمَّةٌ وَحْدَهُ ، يُحْشَرُ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ قَالَ : فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ،
أَفَرَأَيْتَ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ ؟ ، فَإِنَّهُ كَانَ يَسْتَقْبِلُ الْبَيْتَ
، وَيَقُولُ : اللَّهُمَّ دِينِي دِينُ زَيْدٍ ، وَإِلَهِي إِلَهُ زَيْدٍ ، وَقَدْ
كَانَ يَمْتَدِحُهُ : رَشَدْتَ وَأَنْعَمْتَ ابْنَ عَمْرٍو وَإِنَّمَا تَجَنَّبْتَ
تَنُّورًا مِنَ النَّارِ حَامِيًا فَرَبُّكَ رَبٌّ لَيْسَ كَمِثْلِهِ وَتَرَكُكَ
جِنَانُ الْجِبَالِ كَمَا هِيَ قَالَ : رَأَيْتُهُ فِي بُطْنَانِ الْجَنَّةِ ، عَلَيْهِ
حُلَّةٌ مِنْ سُنْدُسٍ قَالَ : وَسُئِلَ عَنْ خَدِيجَةَ ، فَقَالَ : رَأَيْتُهَا
عَلَى نَهَرٍ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةَ ، فِي بَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ ، لا لَغْوٌ
فِيهِ وَلا نَصَبٌ لَفْظُ حَدِيثِ عِمْرَانَ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ
الْخَالِقِ : وَدِينُكَ دَيْنٌ لَيْسَ دِينٌ كَمِثْلِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ : وَقَدْ كَانَ تَنَصَّرَ زَيْدٌ
وَآمَنَ بِعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ قَبْلَ بِعْثَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَأَرَادَ
بِقَوْلِهِ : دِينِي دَيْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي خَلْعِ الأَنْدَادِ وَاللَّهُ
أَعْلَمُ
قَالَ الشَّيْخُ : وَالَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
مِنْ نَهْيِهِ عَنِ الْقِرَاءَةِ الْعَامَّةِ لِقَوْلِهِ : فَإِنْ آمَنُوا
بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ شَيْءٌ ذَهَبَ إِلَيْهِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي نَفْيِ
التَّشْبِيهِ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَالْقِرَاءَةُ الْعَامَّةُ أَوْلَى ،
وَمَعْنَاهَا مَا ذَكَرْنَاهُ ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ : فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ
إِيمَانِكُمْ مِنَ الإِقْرَارِ وَالتَّصْدِيقِ فَقَدِ اهْتَدَوْا
605- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ
، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا دَيْلَمُ بْنُ غَزْوَانَ ،
عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى رَأْسٍ مِنْ رُؤُوسِ
الْمُشْرِكِينَ يَدْعُوهُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَقَالَ لَهُ الْمُشْرِكُ :
هَذَا الإِلَهُ الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ مَا هُوَ ؟ مِنْ ذَهَبٍ هُوَ أُمْ مِنْ
فِضَّةٍ ؟
قَالَ : فَتَعَاظَمَ مَقَالَةُ الْمُشْرِكِ فِي صَدْرِ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَاللَّهِ
لَقَدْ بَعَثْتَنِي إِلَى رَجُلٍ سَمِعْتُ مِنْهُ مَقَالَةً لَهُ لَيَتَّكَادُنِي
أَنْ أَقُولَهَا ، قَالَ لَهُ : ارْجِعْ إِلَيْهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ
مِثْلَ ذَلِكَ ، فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، فَقَالَ : وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا زَادَنِي عَلَى مَا قَالَ لِي قَالَ
: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، قَالَ :
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ صَاعِقَةً مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَتْهُ
، وَرَسُولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَدْرِي ،
فَانْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
قَدْ أَهْلَكَ صَاحِبَكَ بَعْدَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَيُرْسِلُ
الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ
شَدِيدُ الْمِحَالِ
606- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ
، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ
أَبِي عَاصِمٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى يَعْنِي الْحَرَشِيَّ ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي
هِنْدَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ الْيَهُودَ جَاءَتِ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ كَعْبُ بْنُ الأَشْرَفِ
وَحُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ ، فَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ ، صِفْ لَنَا رَبَّكَ
الَّذِي بَعَثَكَ
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
اللَّهُ الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ ، وَلَمْ يُولَدْ ،
فَيَخْرُجُ مِنْ شَيْءٍ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وَلا شَبَهٌ فَقَالَ
: هَذِهِ صِفَةُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَتَقَدَّسَ عُلُوًّا كَبِيرًا
607- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو
سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُيَسَّرٍ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ
الرَّازِيُّ ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ، عَنْ
أَبِي كَعْبٍ ، قَالَ : قَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : قُلْ هُوَ اللَّهُ
أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ
يُولَدُ إِلاَّ سَيَمُوتُ ، وَلَيْسَ شَيْءٌ يَمُوتُ إِلاَّ سَيُورَثُ ، وَاللَّهُ
عَزَّ وَجَلّ لا يَمُوتُ وَلا يُورَثُ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ،
قَالَ : لَمْ يَكُنْ لَهُ شَبَهٌ وَلا عِدْلٌ ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
608- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ
بْنُ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ،
عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ
: انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، اللَّهُ
الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ ، وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ
609- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ
سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ ،
قَالَ : وَأنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ
بَحْرٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ ، حَدَّثَنَا
عَمِّي ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ ، أَنَّ
أَبَا الرِّجَالِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ ، عَنْ أُمِّهِ
عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَتْ فِي حِجْرِ عَائِشَةَ ، عَنْ
عَائِشَةَ أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلا
عَلَى سَرِيَّةٍ فَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ فِي صَلاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بقُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : سَلُوهُ لأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ هَذَا ؟
فَسَأَلُوهُ فَقَالَ : لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ
بِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَخْبَرُوهُ أَنَّ
اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّهُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ
أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ
أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ
610- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أَخْبَرَنَا أبو
الحسن الطرائفي ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد ، حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح ، عن
معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في قوله عز وجل : {ولله
المثل الأعلى} قال : يقول : ليس كمثله شيء . وفي قوله : {هل تعلم له سميا} يقول : هل تعلم للرب مثلا
أو شبها
611- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق ، حَدَّثَنَا الحسن بن موسى ،
حَدَّثَنَا أبو هلال محمد بن سليم ، حَدَّثَنَا رجل ، أن ابن رواحة البصري ، سأل
الحسن فقال : يا أبا سعيد هل تصف لنا ربك ؟ قال : نعم ، أصفه بغير مثال
612- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي ، أَخْبَرَنَا
أبو الحسن الطرائفي ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد ، حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح ،
عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في قوله :} {وكذلك نري
إبراهيم ملكوت السموات والأرض} يعني به : الشمس والقمر والنجوم ، لما رأى كوكبا
قال : هذا ربي ، حتى غاب فلما غاب قال : لا أحب الآفلين ، فلما رأى القمر بازغا
قال : هذا ربي هذا أكبر ، حتى غاب فلما غاب قال : لئن لم يهدني ربي لأكونن من
القوم الضالين ، فلما رأى الشمس بازغة} قال : هذا ربي هذا أكبر حتى غابت ، قال :
يا قوم إني برئ مما تشركون
613- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد
الرحمن بن الحسن ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا آدم ، حَدَّثَنَا
ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : الملكوت الآيات . قال أبو سليمان الخطابي
رحمه الله : كل وقت وزمان أو حال ومقام حكم الامتحان فيها قائم فللاجتهاد
والاستدلال فيها مدخل ، وقد قال إبراهيم عليه السلام حين رأى الكوكب : هذا ربي ،
ثم تبين فساد هذا القول لما رأى القمر أكبر جرما وأبهر نورا ، فلما رأى
======================
ج4. كتاب : الأسماء والصفات البيهقي أحمد بن الحسين أبو
بكر
الشمس وهي أعلاها في منظر العين وأجلاها للبصر ، وأكثرها
ضياء وشعاعا ، قال : هذا ربي هذا أكبر ، فلما رأى أفولها وزوالها وتبين له كونها
محل الحوادث والتغيرات ، تبرأ منها كلها ، وانقطع عنها إلى رب هو خالقها ومنشئها
لا تعترضه الآفات ، ولا تحله الأعراض والتغيرات
باب قول الله عز وجل {قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد
بيني وبينكم} قول الله عز وجل : {قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم}
614- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ ،
حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ
: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قَالَ : أَمَرَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنْ يَسْأَلَ قُرَيْشًا أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ؟ ، ثُمَّ
أَمَرَهُ أَنْ يُخْبِرَهُمُ فَيَقُولُ : اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ
615- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ عَبْدَانَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا
بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، نا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ : إِنَّ أَشْعَرَ بَيْتٍ تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ :
أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللَّهَ بَاطِلٌ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ
يَحْيَى بْنِ يَحْيَى.
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ
عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ
باب ما ذكر في الذات
616- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ
وَهْبٍ ، حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لَمْ يَكْذِبْ
إِبْرَاهِيمُ قَطُّ إِلاَّ ثَلاثَ كَذَبَاتٍ ، ثِنْتَيْنِ فِي ذَاتِ اللهِ
قَوْلُهُ : إِنِّي سَقِيمٌ ، وَقَوْلُهُ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ،
وَوَاحِدَةٌ فِي شَأْنِ سَارَةَ إِنَّكِ أُخْتِي وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ
سَعِيدِ بْنِ تَلِيدٍ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي طَاهِرٍ
617- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي
عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَةً ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ
الأَنْصَارِيُّ ، فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عِيَاضٍ ، أَنَّ ابْنَةَ
الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا ، تَعْنِي لِقَتْلِهِ ،
اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا ، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْحَرَمِ
لِيَقْتُلُوهُ
قَالَ خُبَيْبٌ : وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ
مُسْلِمًا عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ فِي اللهِ مَصْرَعِي وَذَلِكَ فِي ذَاتِ
الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعٍ فَقَتَلَهُ
ابْنُ الْحَارِثِ ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ يَوْمَ أُصِيبُوا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ أَبِي
الْيَمَانِ ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ مَعْمَرٌ ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ مَعْمَرٌ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ مُدْرِجًا فِي الإِسْنَادِ الأَوَّلِ وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ
618- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق ، أَخْبَرَنَا عاصم بن علي ،
حَدَّثَنَا أبي ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال :
تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله
619- أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أَخْبَرَنَا إسماعيل
بن محمد الصفار ، حَدَّثَنَا أحمد بن منصور ، حَدَّثَنَا عبد الرزاق ، أَخْبَرَنَا
معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي الدرداء ، قال : لا تفقه كل الفقه حتى
تمقت الناس في ذات الله ، ثم تقبل على نفسك فتكون لها أشد مقتا منك للناس
باب ما ذكر في النفس قال الله عز وجل : {ويحذركم الله
نفسه}.
وقال : {كتب ربكم على نفسه الرحمة}.
وقال : {واصطنعتك لنفسي}.
وقال فيما أخبر به عن عيسى عليه السلام أنه قال : {إن
كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب
620- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ غَالِبٍ الْخَوَارِزْمِيُّ ، بِبَغْدَادَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ، يَعْنِي ابْنَ حَمْدَانَ النَّيْسَابُورِيَّ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ
، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : لا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ ،
وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهْرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَلا شَيْءَ
أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللهِ ، وَلِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ قَالَ :
قُلْتُ : سَمِعْتَهُ مِنْ عَبْدِ اللهِ ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : وَرَفَعَهُ ؟ ،
قَالَ : نَعَمْ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ
حَفْصِ بْنِ عُمَرَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ
621- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ :
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ
الْمَدْحُ مِنَ اللهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ ، وَمَا أَحَدٌ
أَغْيَرَ مِنَ اللهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ تَابَعَهُ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
622- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
شَاذَانَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو ضَمْرَةَ ، عَنِ
الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءٍ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابٍ يَكْتُبُهُ عَلَى نَفْسِهِ
وَهُوَ مَرْفُوعٌ فَوْقَ الْعَرْشِ : إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ
عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ من حديث أبي صالح ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ
623- حَدَّثَنَا الإِمَامُ أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ
بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَصْرِيُّ
، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ ، عَنْ أَبِيهِ ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ كَتَبَ بِيَدِهِ عَلَى
نَفْسِهِ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي
624- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي ، أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، عَنْ مَهْدِيِّ
بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
الْتَقَى آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ مُوسَى لآدَمَ : أَنْتَ الَّذِي أَشْقَيْتَ
النَّاسَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ : فَقَالَ آدَمُ لِمُوسَى :
أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَاصْطَفَاكَ لِنَفْسِهِ ،
وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ التَّوْرَاةَ ؟ ، قَالَ :
نَعَمْ قَالَ
: فَهَلْ وَجَدْتَهُ كَتَبَ عَلِيَّ قَبْلَ أَنْ
يَخْلُقَنِيَ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" عَنِ
الصَّلْتِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مَهْدِيٍّ
625- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ
، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ ذَكَرَنِي ، فَإِنْ
ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ
ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُ ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا
تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ
مِنْهُ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً.
أَخْرِجَاهُ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ أَوْجُهٍ
عَنِ الأَعْمَشِ
626- وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أَخْبَرَنَا إسماعيل
بن محمد الصفار ، حَدَّثَنَا أحمد بن منصور ، حَدَّثَنَا عبد الرزاق ، أَخْبَرَنَا
معمر ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن آدم ، اذكرني
في نفسك أذكرك في نفسي ، فإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ} من الملائكة ـ أو قال
ملأ خير منه ـ . ثم ذكر ما بعده بمعنى ما تقدم ، زاد ، قال قتادة : والله أسرع
بالمغفرة
627- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنَ
يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
التَّرْقُفِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الأَعْلَى بْنِ مُسْهِرٍ ،
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ
أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ ، عَنْ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : إِنِّي حَرَّمَتُ
الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلا تَظَّالَمُوا
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ أَبِي
بَكْرٍ الصَّاغَانِيِّ ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ
628- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ
الْعَبْدِيُّ ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
عَنْ أَبِي رِشْدِينَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ ، أَنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهَا حِينَ صَلَّى الْغَدَاةَ
أَوْ بَعْدَمَا صَلَّى الْغَدَاةَ وَهِيَ تَذْكُرُ اللَّهَ ، ثُمَّ مَرَّ بِهَا
بَعْدَ مَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ أَوْ بَعْدَ مَا انْتَصَفَ النَّهَارُ ، وَهِيَ
كَذَلِكَ ، فَقَالَ لَهَا : لَقَدْ قُلْتُ مُنْذُ وَقَفْتُ عَلَيْكِ كَلِمَاتٍ ، ثَلاثَ
مَرَّاتٍ هِيَ أَكْثَرُ أَوْ أَرْجَحُ أَوْ أَوْزَنُ مِمَّا كُنْتِ فِيهِ مُنْذُ
الْغَدَاةِ ، سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَى نَفْسِهِ ،
سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ
إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ
629- أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ
نَصْرَوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ خَنْبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مَيْمُونٍ
الْحَرْبِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ يَعْنِي ابْنَ مُوسَى الأَشْيَبَ ،
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ مَرَّةً عَلَى مِنْبَرِهِ
: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ ،
فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : كَذَا
يُمَجِّدُ نَفْسَهُ عَزَّ وَجَلَّ ، أَخْبَرَنَا الْجَبَّارُ ، أَخْبَرَنَا الْعَزِيزُ
الْمُتَكَبِّرُ فَرَجَفَ بِهِ الْمِنْبَرَ حَتَّى قُلْنَا لَيَخِرَّنَّ بِهِ
الأَرْضَ.
قَالَ الشَّيْخُ : وَمَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ :
اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِنَّهُ نَفْسٌ ، إِنَّهُ مَوْجُودٌ ثَابِتٌ
غَيْرُ مُنْتَفٍ ، وَلا مَعْدُومٍ ، وَكُلُّ مَوْجُودٍ نَفْسٌ ، وَكُلُّ مَعْدُومٍ
لَيْسَ بِنَفْسٍ وَالنَّفْسُ فِي كَلامِ الْعَرَبِ عَلَى وُجُوهٍ فَمِنْهَا :
نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ مُجَسَّمَةٌ مُرَوَّحَةٌ.
وَمِنْهَا : مُجَسَّمَةٌ غَيْرُ مُرَوَّحَةٍ ، تَعَالَى
اللَّهُ عَنْ هَذَيْنِ عُلُوًّا كَبِيرًا.
وَمِنْهَا : نَفْسٌ بِمَعْنَى إِثْبَاتِ الذَّاتِ كَمَا
تَقُولُ فِي الْكَلامِ : هَذَا نَفْسُ الأَمْرِ ، تُرِيدُ إِثْبَاتَ الأَمْرِ لا
أَنَّ لَهُ نَفْسًا مَنْفُوسَةً أَوْ جِسْمًا مُرَوَّحًا ، فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى
يُقَالُ فِي اللهِ سُبْحَانَهُ إِنَّهُ نَفْسٌ ، لا أَنَّ لَهُ نَفْسًا
مَنْفُوسَةً أَوْ جِسْمًا مُرَوَّحًا ، وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ، أَيْ تَعْلَمُ مَا
أُكِنُّهُ وَأُسِرُّهُ وَلا عِلْمَ لِي بِمَا تَسْتُرُهُ عَنِّي وَتُغَيِّبُهُ ،
وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا
رُوِّينَاهُ عَنْهُ فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ
فِي نَفْسِي أَيْ حَيْثُ لا يَعْلَمُ بِهِ أَحَدٌ وَلا
يَطَّلِعُ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا الاقْتِرَابُ وَالإِتْيَانُ الْمَذْكُورَانِ فِي
الْخَبَرِ فَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِمَا إِخْبَارًا عَنْ سُرْعَةِ الإِجَابَةِ
وَالْمَغْفِرَةِ كَمَا رُوِّينَاهُ عَنْ قَتَادَةَ وَأَمَّا الْغَيْرَةُ
الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، فَإِنَّمَا يَعْنِي بِهَا الزَّجْرَ
فَقَوْلُهُ : لا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ تَعَالَى يَعْنِي لا أَحَدَ أَزْجَرُ
مِنَ اللهِ تَعَالَى ، وَاللَّهُ غَيُورٌ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ زَجُورٌ يَزْجُرُ
عَنِ الْمَعَاصِي ، وَلا يُحِبُّ دَنِيءَ الأَفْعَالِ وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ الْحَدِيثَ
عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي
بَكْرٍ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ
: لا شَيْءَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ ، عَنْ
وَرَّادٍ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، عَلَى لَفْظٍ لَمْ يُتَابَعْ
عَلَيْهِ
630- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ ، حَدَّثَنَا
عَوَانَةُ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ وَرَّادٍ ، كَاتَبِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ : قَالَ سَعْدُ بْنُ
عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلا لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ
مُصْفَحٍ قَالَ : فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ؟ فَوَاللَّهِ لأَنَا
أَغْيَرُ مِنْهُ ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي ، وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللهِ
حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ
مَا ظَهْرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَلا شَخَصَ أَغْيَرُ
مِنَ اللهِ ، وَلا شَخَصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ ، مِنْ أَجْلِ
ذَلِكَ بَعَثَ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ، وَلا شَخَصَ أَحَبُّ
إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللهِ ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ الْجَنَّةَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْ أَبِي
كَامِلٍ ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ
الْقَوَارِيرِيِّ وَعُبَيْدِ اللهِ الْقَوَارِيرِيِّ.
وكذلك رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ
، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ دُونَ ذِكْرِ الشَّخْصِ فِيهِ قَالَ : وَقَالَ عُبَيْدُ
اللهِ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَلِكِ وَلا شَخَصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ
631- أَخْبَرَنَا محمد بن عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ
أَبِي أُسَامَةَ ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ
اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ وَرَّادٍ ، عَنِ
الْمُغِيرَةِ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ نَحْوَهُ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ زَائِدَةَ عَنْ
عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ فِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُ : إِطْلاقُ الشَّخْصِ فِي صِفَةِ اللهِ
سُبْحَانَهُ غَيْرُ جَائِزٍ ، وَذَلِكَ لأَنَّ الشَّخْصَ لا يَكُونُ إِلاَّ
جِسْمًا مُؤَلَّفًا ، وَإِنَّمَا سُمِيَّ شَخْصًا مَا كَانَ لَهُ شُخُوصٌ وَارْتِفَاعٌ
، وَمِثْلُ هَذَا النَّعْتِ مَنْفِيُّ عَنِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ،
وَخَلِيقٌ أَنْ لا تَكُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةً ، وَأَنْ تَكُونَ
تَصْحِيفًا مِنَ الرَّاوِي ، وَالشَّيْءُ وَالشَّخْصُ فِي الشَّطْرِ الأَوَّلِ
مِنَ الاسْمِ سَوَاءٌ ، فَمَنْ لَمْ يَنْعَمِ الاسْتِمَاعَ لَمْ يَأْمَنِ
الْوَهْمَ ، قَالَ : وَلَيْسَ كُلُّ الرُّوَاةِ يُرَاعُونَ لَفْظَ الْحَدِيثِ
حَتَّى لا يَتَعَدَّوْهُ ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يُحَدِّثُ عَلَى الْمَعْنَى ،
وَلَيْسَ كُلُّهُمْ بِفَقِيهٍ
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ فِي كَلامٍ لَهُ : نِعْمَ
الْمَرْءُ رَبُّنَا لَوْ أطَعنْاهُ مَا عَصَانَا وَلَفْظُ الْمَرْءِ إِنَّمَا يُطْلَقُ
فِي الْمَذْكُورِ مِنَ الآدَمَيِّينَ ، يَقُولُ الْقَائِلُ : الْمَرْءُ بِأَصْغَرَيْهِ ،
وَالْمَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ كَلامِهِمِ
وَقَائِلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْمَعْنَى الَّذِي لا يَلِيقُ
بِصِفَاتِ اللهِ سُبْحَانَهُ ، وَلَكِنَّهُ أَرْسَلَ الْكَلامَ عَلَى بَدِيهَةِ
الطَّبْعِ ، مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ وَلا تَنْزِيلٍ لَهُ عَلَى الْمَعْنَى الأَخْصِ
بِهِ ، وَحَرِيُّ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الشَّخْصِ إِنَّمَا جَرَى مِنَ الرَّاوِي
عَلَى هَذَا السَّبِيلِ إِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ غَلَطًا مِنْ قِبَلِ الصَّحِيفِ.
قَالَ الشَّيْخُ : وَلَوْ ثَبَتَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ
لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ شَخْصًا ،
فَإِنَّمَا قَصَدَ إِثْبَاتَ صِفَةِ الْغَيْرَةِ لِلَّهِ تَعَالَى
وَالْمُبَالَغَةَ فِيهِ ، وَأَنَّ أَحَدًا مِنَ الأَشْخَاصِ لا يَبْلُغُ
تَمَامَهَا ، وَإِنْ كَانَ غَيُورًا ، فَهِيَ مِنَ الأَشْخَاصِ جِبِلَّةٌ
جَبَلَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا ، فَيَكُونُ كُلُّ شَخْصٍ فِيهَا
بِمِقْدَارِ مَا جَبَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنْهَا ، وَهِيَ مِنَ اللهِ
عَلَى طَرِيقِ الزَّجْرِ عَمَّا يَغَارُ عَلَيْهِ وَقَدْ زَجَرَ عَنِ الْفَوَاحِشِ
كُلِّهَا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَحَرَّمَهَا ، فَهُوَ أَغْيَرُ مِنْ
غَيْرِهِ فِيهَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
632- وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ الأَدِيبُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيُّ ، رَحِمَهُ
اللَّهُ ، قَالَ : قَوْلُهُ : لا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ لَيْسَ فِيهِ
إِيجَابٌ أَنَّ اللَّهَ شَخْصٌ ، وَهَذَا كَمَا رُوِيَ : مَا خَلَقَ اللَّهُ
شَيْئًا أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ فَلَيْسَ فِيهِ إِثْبَاتُ خَلْقِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ
، وَلَيْسَ فِيهِ إِلاَّ أَنْ لا خَلْقَ فِي الْعِظَمِ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ ، لا
أَنَّ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مَخْلُوقَةٌ ، وَهَكَذَا يَقُولُ النَّاسُ : مَا فِي
النَّاسِ رَجُلٌ يُشْبِهُهَا ، وَهُوَ يَذْكُرُ امْرَأَةً فِي خُلُقِهَا أَوْ
فَضْلِهَا ، لا أَنَّ الْمَمْدُوحَ بِهِ رَجُلٌ.
قَالَ الشَّيْخُ : هَذَا الأَثَرُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ
بِهِ إِنَّمَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ،
وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي لَفْظِهِ ، وَرُوِيَ عَنْهُ
633- كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ
، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا
عَاصِمُ ابْنُ بَهْدَلَةٍ ، عَنْ أَبِي الضُّحَى ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ
عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ ، يَقُولُ : مَا مِنْ سَمَاءٍ وَلا أَرْضٍ وَلا
سَهْلٍ وَلا جَبَلٍ أَعْظَمُ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ قَالَ شُتَيْرٌ : وَأَنَا
قَدْ سَمِعْتُهُ.
قَالَ الشَّيْخُ : فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَوْضَحُ
لِلاسْتِشْهَادِ بِهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ ، وَأَبْعَدُ مِنْ أَنْ تَكُونَ آيَةُ
الْكُرْسِيِّ دَاخِلَةً فِي جُمْلَةِ مَا ذُكِرَ وَأَمَّا الأَثَرُ الَّذِي
اسْتَشْهَدَ بِهِ الْخَطَّابِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَرِهَ قَوْلَ قَائِلِهِ
634- وذلك فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا
أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، حَدَّثَنَا جعفر
بن عون ، أَخْبَرَنَا الأعمش ، عن أبي وائل ، قال : بينما
عبد الله يمدح ربه إذ قال معضد : نعم المرء هو قال :
فقال عبد الله : إني لأجله ، ليس كمثله شيء
باب ما ذكر في الصورة الصورة هي التركيب ، والمصور
المركب ، والمصور هو المركب.
قال الله عز وجل : {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم
الذي خلقك فسواك فعدلك ، في أي صورة ما شاء ركبك} ولا يجوز أن يكون الباري تعالى
مصورا ولا أن يكون له صورة ، لأن الصورة مختلفة ، والهيئات متضادة ، ولا يجوز
اتصافه بجميعها لتضادها ، ولا يجوز اختصاصه ببعضها إلا بمخصص ، لجواز جميعها على من
جاز عليه بعضها ، فإذا اختص ببعضها اقتضى مخصصا خصصه به ، وذلك يوجب أن يكون
مخلوقا وهو محال ، فاستحال أن يكون مصورا ، وهو الخالق البارئ المصور . ومعنى هذا فيما
كتب إلي الأستاذ أبو منصور محمد بن الحسن بن أبي أيوب الأصولي رحمه الله ، الذي
كان يحثني على تصنيف هذا الكتاب لما في الأحاديث المخرجة فيه من العون على ما كان
فيه من نصرة السنة وقمع البدعة ، ولم يقدر في أيام حياته لاشتغالي بتخريج الأحاديث
في الفقهيات ، على مبسوط أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله ، الذي
أخرجته على ترتيب مختصر أبي إبراهيم المزني رحمه الله ، ولكل أجل كتاب
635- فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو
طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ
الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّازَّقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ :
هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
636- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ
، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خَلَقَ
اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، فَلَمَّا خَلَقَهُ ،
قَالَ : اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفْرِ وَهُمْ نَفَرٌ مِنَ
الْمَلائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُجِيبُونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ
وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ قَالَ : فَذَهَبَ فَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ ،
فَقَالُوا : وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ ، فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللهِ ، فَكُلُّ
مَنْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، فَلَمْ
يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآنَ.
فَهَذَا حَدِيثٌ مَخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَقَدْ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ ، قَوْلُهُ : خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ الْهَاءُ وَقَعَتْ
كِنَايَةً بَيْنَ اسْمَيْنِ ظَاهِرَيْنِ ، فَلَمْ تَصْلُحْ أَنْ تُصْرَفَ إِلَى
اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ،
لَقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِذِي
صُورَةٍ سُبْحَانَهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، فَكَانَ مَرْجِعُهَا إِلَى آدَمَ عَلَيْهِ
السَّلامُ ، فَالْمَعْنى أَنَّ ذُرِّيَّةَ آدَمَ إِنَّمَا خُلِقُوا أَطْوَارًا
كَانُوا فِي مَبْدَأِ الْخِلْقَةِ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ، ثُمَّ
صَارُوا صُوَرًا أَجَنَّةً إِلَى أَنْ تَتِمَّ مُدَّةُ الْحَمْلِ ، فَيُولَدُونَ
أَطْفَالا ، وَيَنْشَأُونَ صِغَارًا ، إِلَى أَنْ يَكْبَرُوا فَتَطُولَ
أَجْسَامُهُمْ ، يَقُولُ : إِنَّ آدَمَ لَمْ يَكُنْ خَلْقُهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ ،
لَكِنَّهُ ، أَوْ لَمَّا تَنَاوَلَتْهُ الْخِلْقَةُ وُجِدَ خَلْقًا تَامًّا ،
طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا.
قَالَ الشَّيْخُ : فَذَكَرَ الأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ
رَحِمَهُ اللَّهُ مَعْنَاهُ ، وَذَكَرَ مِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّ الْحَيَّةَ لَمَّا
أُخْرِجَتْ مِنَ الْجَنَّةِ شُوِّهَتْ خِلْقَتُهَا ، وَسُلِبَتْ قَوَائِمُهَا ،
فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ
آدَمَ كَانَ مَخْلُوقًا عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا بَعْدَ
الْخُرُوجِ مِنَ الْجَنَّةَ ، لَمْ تُشَوَّهْ صُورَتُهُ ، وَلَمْ تُغَيَّرْ
خِلْقَتُهُ
637- وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي
أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ ، فَإِنَّ
اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ.
فَهَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ مَهْدِيٍّ ، وَرُوِيَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا
638- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا
الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ ، عَنِ
الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَجَنَّبِ الْوَجْهَ ،
فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ قَالَ : وَإِنَّمَا أَرَادَ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ : فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ هَذَا
الْمَضْرُوبِ
639- وَهَكَذَا الْمُرَادُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ ، أَخْبَرَنَا
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ
الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ
: إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَجَنَّبِ الْوَجْهَ ، وَلا يَقُلْ : قَبَّحَ اللَّهُ
وَجْهَكَ ، وَوَجْهَ مَنْ أَشْبَهَ وَجْهَكَ ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى
صُورَتِهِ قَالَ : وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ إِلَى أَنَّ الصُّوَرَ
كُلَّهَا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَعْنَى الْمِلْكِ وَالْفِعْلِ ، ثُمَّ وَرَدَ
التَّخْصِيصُ فِي بَعْضِهَا
بِالإِضَافَةِ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا ، كَمَا يُقَالُ
: نَاقَةُ اللهِ ، وَبَيْتُ اللهِ ، وَمَسْجِدُ اللهِ ، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ
بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ ابْتَدَأَ صُورَةَ آدَمَ لا عَلَى مِثَالٍ سَبَقَ ، ثُمَّ اخْتَرَعَ
مَنْ بَعْدَهُ عَلَى مِثَالِهِ ، فَخُصَّ بِالإِضَافَةِ وَاللَّهُ وَأَعْلَمُ
640- وَعَلَى هَذَا حَمَّلُوا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ
، أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ
بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ
أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا تُقَبِّحُوا
الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ وَيُحْتَمَلُ
أَنْ
يَكُونَ لَفْظُ الْخَبَرِ فِي الأَصْلِ كَمَا رُوِّينَا
فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَأَدَّاهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَلَى مَا وَقَعَ
فِي قَلْبِهِ مِنْ مَعْنَاهُ
641- وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ يُوسُفَ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، وَعَطَاءُ بْنُ
يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، أَخْبَرَهُمَا أَنَّ النَّاسَ
قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللهِ ،
هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ : هَلْ تُمَارُونَ في القمر ليلة
البدر لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ ؟ قَالُوا : لا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ : فَهَلْ
تُمَارُونَ الشَّمْسَ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ ؟ قَالُوا : لا يَا رَسُولَ اللهِ
قَالَ : فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ ، يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
، فَيُقَالُ : مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ فَمِنْهُمْ مَنْ
يَتْبَعُ الشَّمْسَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الْقَمَرَ ، وَمِنْهُمْ مِنْ
يَتْبَعُ الطَّوَاغِيتَ ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا
فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي
يَعْرِفُونَ ، فَيَقُولُ : أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ : نَعُوذُ بِاللَّهِ
مِنْكَ ، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا ، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا
عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمُ
اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ ، فَيَقُولُ
: أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ : أَنْتَ رَبُّنَا ، وَيَدْعُوهُمُ وَيُضْرَبُ
الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ ، فَأَكُونُ أَوَّلُ مَنْ يُجِيزُ
بِأُمَّتِي مِنَ الرُّسُلِ ، وَلا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلاَّ الرُّسُلُ
، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ : اللَّهُمَّ سَلِّمَ سَلِّمْ وَفِي جَهَنَّمَ
كَلالِيبٌ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ ، هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ ؟
قَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ : فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ
أَنَّهُ لا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلاَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، تَخْطَفُ
النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُوثَقُ بِعَمَلِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ
يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ رَحْمَةً مَنْ أَرَادَ مِنْ
أَهْلِ النَّارِ ، أَمَرَ الْمَلائِكَةَ أَنْ أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ
اللَّهَ ، فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِأَثَرِ السُّجُودِ ، وَحَرَّمَ اللَّهُ
عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ
قَدِ امْتُحِشُوا ، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا
تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ، ثُمَّ يَفْرَغُ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ
بَيْنَ الْعِبَادِ ، وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، فَهُوَ
آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولا الْجَنَّةَ ، مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ إِلَى النَّارِ
، يَقُولُ : يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ ، فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَنِي
رِيحُهَا ، وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : فَهَلْ عَسَيْتَ
إِنْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ ؟ فَيَقُولُ : لا وَعِزَّتِكَ
، فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ
وَجْهَهُ
عَنِ النَّارِ ، فَإِذَا أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى
الْجَنَّةِ فَرَأَى بَهْجَتَهَا فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ،
ثُمَّ قَالَ : يَا رَبِّ قَدِّمْنِي عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ
لَهُ : أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ أَلا تَسْأَلَ غَيْرَ
الَّذِي كُنْتَ سَأَلْتَ ؟ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ لا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ ، فَيَقُولُ
: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَلا تَسْأَلَ غَيْرَهُ ؟ فَيَقُولُ : لا
وَعِزَّتِكَ لا أَسْأَلُكُ غَيْرَ ذَلِكَ ، فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ
عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابَ الْجَنَّةِ ، فَإِذَا بَلَغَ
بَابَهَا انْفَهَقَتْ لَهُ فَرَأَى زَهْرَتَهَا وَمَا فِيهَا مِنَ النَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ
، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ
أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ ، فَيَقُولُ : يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ ، أَوَ
لَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ أَلا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ
فَيَقُولُ : يَا رَبِّ لا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ فَيَضْحَكُ اللَّهُ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ ، ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ ،
فَيَقُولُ لَهُ : تَمَنَّ فَيَتَمَنَّى حَتَّى إِذَا انْقُطِعَ بِهِ ، قَالَ
اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : مِنْ كَذَا وَكَذَا فَسَلْ ، يُذَكِّرُهُ رَبُّهُ
، حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ لأَبِي
هُرَيْرَةَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ : لَكَ
ذَلِكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : لَمْ أَحْفَظْ مِنْ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ قَوْلَهُ : لَكَ ذَلِكَ
وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ذَلِكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ.
فَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
"الصَّحِيحِ" عَنْ أَبِي الْيَمَانِ دُونَ ذِكْرِ الصُّورَةِ عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ ، وَفِيهِ ذِكْرُ الصُّورَةِ وَأَخْرَجَهُ
أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، وَرَوَاهُ
مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الدَّارِمِيِّ ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ نَحْوَ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ وَفِيهِ ذِكْرُ الصُّورَةِ.
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، إِلاَّ أَنَّ حَدِيثَهُ فِي أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ
الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا وَقَدْ تَكَلَّمَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ
رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَتَأْوِيلِهِ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ
، فَقَالَ : قَوْلُهُ هَلْ تُمَارُونَ مِنَ الْمِرْيَةِ وَهِيَ الشَّكُّ فِي
الشَّيْءِ وَالاخْتِلافُ
فِيهِ ، وَأَصْلُهُ تَتَمَارَوْنَ ، فَأُسْقِطَ إِحْدَى
التَّاءَيْنِ وَأَمَّا قَوْلُهُ
: فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ إِلَى تَمَامِ الْفَصْلِ
فَإِنَّ هَذَا مَوْضِعٌ يَحْتَاجُ الْكَلامُ فِيهِ إِلَى تَأْوِيلٍ وَتَخْرِيجٍ ،
وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّنَا نُنْكِرُ رُؤْيَةَ اللهِ سُبْحَانَهُ ، بَلْ
نُثْبِتُهَا ، وَلا مِنْ أَجْلِ أَنَّا نَدْفَعُ مَا جَاءَ فِي الْكِتَابِ وَفِي
أَخْبَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ
الْمَجِيءِ وَالإِتْيَانِ ، غَيْرَ أَنَّا لا نُكَيِّفُ ذَلِكَ وَلا نَجْعَلُهُ
حَرَكَةً وَانْتِقَالا كَمَجِيءِ الأَشْخَاصِ وَإِتْيَانِهَا ، فَإِنَّ غَيْرَ
ذَلِكَ مِنْ نُعُوتِ الْحَدَثِ ، وَتَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا
كَبِيرًا وَيَجِبُ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الرُّؤْيَةَ الَّتِي هِيَ ثَوَابٌ
لِلأَوْلِيَاءِ وَكَرَامَةٌ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ غَيْرُ هَذِهِ الرُّؤْيَةِ
الْمَذْكُورَةِ فِي مَقَامِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ
صُهَيْبٍ فِي الرُّؤْيَةِ بَعْدَ دُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ ، وَإِنَّمَا
تَعرِيضُهُمْ لِهَذِهِ الرُّؤْيَةِ امْتِحَانٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ ،
يَقَعُ بِهَا التَّمْيِيزُ بَيْنَ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ ، وَبَيْنَ مَنْ عَبْدَ
الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالطَّوَاغِيتَ ، فَيَتَّبِعُ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ
مَعْبُودَهُ ، وَلَيْسَ نُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ الامْتِحَانُ إِذْ ذَاكَ يُعَدُّ
قَائِمًا ، وَحُكْمُهُ عَلَى الْخَلْقِ جَارِيًا ، حَتَّى يَفْرَغَ مِنَ
الْحِسَابِ وَيَقَعَ الْجَزَاءُ بِمَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنَ الثَّوَابِ
وَالْعِقَابِ ، ثُمَّ يَنْقَطِعَ إِذَا حُقَّتِ الْحَقَائِقُ ، وَاسْتَقَرَّتْ
أُمُورُ الْعِبَادِ قَرَارَهَا أَلا تَرَى قَوْلَهُ : يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ
إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ ، فَامْتُحِنُوا هُنَاكَ بِالسُّجُودِ
وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَسْجُدُونَ وَتَبْقَى ظُهُورُ
الْمُنَافِقِينَ طَبَقًا وَاحِدًا قَالَ : وَتَخْرِيجُ مَعْنَى إِتْيَانِ اللهِ
فِي هَذَا إِيَّاهُمْ أَنَّهُ يُشْهِدُهُمْ رُؤْيَتَهُ لِيُثْبِتُوهُ فَتَكُونَ
مَعْرِفَتُهُمْ لَهُ فِي الآخِرَةِ عَيَانًا كَمَا كَانَ اعْتِرَافُهُمْ
بِرُؤْيَتِهِ فِي الدُّنْيَا عِلْمًا وَاسْتِدْلالا ، وَيَكُونَ طُرُوءُ
الرُّؤْيَةِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ بِمَنْزِلَةِ إِتْيَانِ الآتِي مِنْ حَيْثُ
لَمْ يَكُونُوا شَاهَدُوهُ فِيهِ قِيلَ : وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
، إِنَّمَا حَجَبَهُمْ عَنْ تَحْقِيقِ الرُّؤْيَةِ فِي الْكَرَّةِ الأُولَى حَتَّى
قَالُوا : هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا مِنْ أَجْلِ مَنْ
مَعَهُمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ لا يَسْتَحِقُّونَ الرُّؤْيَةَ ، وَهُمْ
عَنْ رَبِّهِمْ مَحْجُوبُونَ ، فَلَمَّا تَمَيَّزُوا عَنْهُمُ ارْتَفَعَ
الْحِجَابُ ، فَقَالُوا عِنْدَ مَا رَأَوْهُ : أَنْتَ رَبُّنَا وَقَدْ يُحْتَمَلُ
أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَوْلَ الْمُنَافِقِينَ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ :
وَأَمَّا ذِكْرُ الصُّورَةِ
فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَإِنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْنَا
وَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَعْلَمَهُ : أَنَّ رَبَّنَا لَيْسَ بِذِي صُورَةٍ
وَلا هَيْئَةٍ ، فَإِنَّ الصُّورَةَ تَقْتَضِي الْكَيْفِيَّةَ وَهِيَ عَنِ اللهِ
وَعَنْ صِفَاتِهِ مَنْفِيَّةٌ ، وَقَدْ يُتَأَوَّلُ مَعْنَاهَا عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ تَكُونَ الصُّورَةُ بِمَعْنَى الصِّفَةِ ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ
: صُورَةُ هَذَا الأَمْرِ كَذَا وَكَذَا ، يُرِيدُ صِفَتَهُ فَتُوضَعُ الصُّورَةُ
مَوْضِعَ الصِّفَةِ وَالْوَجْهُ الآخَرُ : أَنَّ الْمَذْكُورَ مِنَ
الْمَعْبُودَاتِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ إِنَّمَا هِيَ صُوَرٌ وَأَجْسَامٌ
كَالشَّمسِ وَالْقَمَرِ وَالطَّوَاغِيتِ وَنَحْوِهِمَا ، ثُمَّ لَمَّا عَطَفَ عَلَيْهَا
ذِكْرُ اللهِ سُبْحَانَهُ خَرْجَ الْكَلامُ فِيهِ عَلَى نَوْعٍ مِنَ
الْمُطَابَقَةِ ، فَقِيلَ : يَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَةِ كَذَا إِذْ كَانَتِ
الْمَذْكُورَاتُ قَبْلَهُ صُوَرًا وَأَجْسَامًا ، وَقَدْ يُحْمَلُ آخِرُ الْكَلامِ
عَلَى أَوَّلِهِ فِي اللَّفْظِ وَيُعْطَفُ بِأَحَدِ الاسْمَيْنِ عَلَى الآخَرِ
وَالْمَعْنَيَانِ مُتَبَايِنَانِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلامِهِمْ ، كَالْعُمَرَيْنِ
وَالأَسْوَدَيْنِ وَالْعَصْرَيْنِ ، وَمِثْلُهُ فِي الْكَلامِ كَثِيرٌ وَمِمَّا
يُؤَكِّدُ التَّأْوِيلَ الأَوَّلَ هُوَ أَنَّ مَعْنَى الصُّورَةِ الصِّفَةُ ، قَوْلُهُ
مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ : فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي أَدْنَى
صُورَةٍ مِنَ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا وَهُمْ لَمْ يَكُونُوا رَأَوْهُ قَطُّ
قَبْلَ ذَلِكَ ، فَعَلِمْتُ أَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ الصِّفَةُ الَّتِي
عَرَفُوهُ بِهَا ، وَقَدْ تَكُونُ الرُّؤْيَةُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ ، كَقَوْلِهِ
وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا ، أَيْ : عَلِّمْنَا.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَمِنَ الْوَاجِبِ فِي هَذَا
الْبَابِ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الأَلْفَاظِ الَّتِي تَسْتَشْنِعُهَا
النُّفُوسُ إِنَّمَا خَرَجَتْ عَلَى سَعَةِ مَجَالِ كَلامِ الْعَرَبِ وَمَصَارِفِ
لُغَاتِهَا ، وَأَنَّ مَذْهَبَ كَثِيرٍ
مِنَ الصَّحَابَةِ وَأَكْثَرِ الرُّوَاةِ مِنْ أَهْلِ
النَّقْلِ الاجْتِهَادُ فِي أَدَاءِ الْمَعْنَى دُونَ مُرَاعَاةِ أَعْيَانِ الأَلْفَاظِ
، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَرْوِيهِ عَلَى حَسْبِ مَعْرِفَتِهِ وَمِقْدَارِ فَهْمِهِ
وَعَادَةِ الْبَيَانِ مِنْ لُغَتِهِ ، وَعَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَلْزَمُوا
أَحْسَنَ الظَّنِّ بِهِمْ ، وَأَنْ يُحْسِنُوا التَّأَنِّي لِمَعْرِفَةِ مَعَانِي
مَا رَوَوْهُ ، وَأَنْ يُنْزِلُوا كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ مَنْزِلَةَ مِثْلِهِ ،
فِيمَا تَقْتَضِيهِ أَحْكَامُ الدِّينِ وَمَعْانِيهَا ، عَلَى أَنَّكَ لا تَجِدُ
بِحَمْدِ اللهِ وَمَنِّهِ شَيْئًا صَحَّتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ وَلَهُ تَأْوِيلٌ يَحْتَمِلُهُ وَجْهُ الْكَلامِ
وَمَعْنًى لا يَسْتَحِيلُ فِي عَقْلٍ أَوْ مَعْرِفَةٍ
642- أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أَخْبَرَنَا أحمد بن
عبيد الصفار ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن عبد الله ، حَدَّثَنَا أبو الوليد ، وسليمان
بن حرب ، قالا : حدثنا شعبة ، حدثني عمرو بن مرة ، قال : سمعت أبا البختري ، يحدث عن
أبي عبد الرحمن السلمي ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه وكرم وجهه أنه قال :
إذا حدثتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فظنوا برسول الله صلى الله عليه
وسلم أهيأه وأهداه
643- أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أَخْبَرَنَا أبو
الحسن المصري ، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن أبي مريم ، حَدَّثَنَا نعيم بن
حماد ، حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة ، سمع مسعر بن كدام ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد
الله بن سلمة ، عن علي ، ومحمد بن عجلان ، عن عون بن عبد الله ، عن عبد الله بن مسعود
، أنهما قالا : إذا حدثتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فظنوا به الذي هو
أهيأ وأهدى وأتقى قال الشيخ : وأما الضحك المذكور في الخبر فقد روى الفربري عن
محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله أنه قال : معنى الضحك فيه الرحمة . ونحن نبسط الكلام
فيه إن شاء الله عند ذكر صفات الفعل
644- وَأَمَّا الصُّورَةُ الْمُذْكُورَةُ فِيمَا
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ
مُوسَى ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ،
أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزِيدٍ
الْبَيْرُوتِيُّ ، أَخْبَرَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا ابْنُ
جَابِرٍ ، قَالَ : ونَا الأَوْزَاعِيُّ أَيْضًا ، قَالا ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ
اللَّجْلاجِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَائِشِ الْحَضْرَمِيَّ ،
يَقُولُ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ
غَدَاةٍ ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ : مَا رَأَيْتُكَ أَصْفَرَ وَجْهًا مِنْكَ
الْغَدَاةَ فَقَالَ : مَا لِي وَقَدْ تَبَدَّى لِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ ،
فَقَالَ : فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ الأَعْلَى يَا مُحَمَّدُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَنْتَ أَعْلَمُ
أَيْ رَبِّ ، قَالَ : فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ الأَعْلَى يَا مُحَمَّدُ ؟ قُلْتُ
: أَنْتَ أَعْلَمُ أَيْ رَبِّ ، فَوَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ فَوَجَدْتُ
بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ ، فَعَلِمْتُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَتَلا
هَذِهِ الآيَةَ : {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} قَالَ : فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ
الأَعْلَى يَا مُحَمَّدُ ؟ قُلْتُ : فِي الْكَفَّارَاتِ رَبِّ قَالَ : وَمَا هُنَّ
؟ قُلْتُ : الْمَشْيُ عَلَى الأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ ، وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ
خِلافَ الصَّلَوَاتِ ، وَإِبْلاغُ الْوَضُوءِ أَمَاكِنَهُ فِي الْمَكَارِهِ قَالَ
: مَنْ يَفْعَلْ يَعِشْ بِخَيْرٍ وَيَمُتْ بِخَيْرٍ ، وَيَكُنْ مِنْ خَطِيئَتِهِ
كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ، وَمِنَ الدَّرَجَاتِ إِطْعَامُ الطَّعَامِ ،
وَبَذْلُ السَّلامِ ، وَأَنْ تَقُومَ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، سَلْ
تُعْطَهْ قُلْتُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الطَّيِّبَاتِ ،
وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ ،
وَأَنْ تَتُوبَ عَلَيَّ ، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً بِقَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ
مَفْتُونٍ فَتَعْلَمُوهُنَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُنَّ لَحَقٌ.
فَهَذَا حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي إِسْنَادِهِ فَرُوِيَ
هَكَذَا ، وَرَوَاهُ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ
جَابِرٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلاجِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ
، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَرَوَاهُ جَهْضَمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ
زَيْدِ بْنِ سَلامٍ ، عَنْ أَبِي سَلامٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ
الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ خَلَفٍ الْعَمِّيُّ
، عَنْ يَحْيَى ، عَنْ زَيْدٍ ، عَنْ جَدِّهِ مَمْطُورٍ ، وَهُوَ أَبُو سَلامٍ ،
عَنِ ابْنِ السَّكْسَكِيِّ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ وَقِيلَ فِيهِ غَيْرُ
ذَلِكَ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَالَ
فِيهِ : أَحْسَبُهُ يَعْنِي : فِي الْمَنَامِ وَرَوَاهُ قَتَادَةُ يَعْنِي ، عَنْ أَبِي
قِلابَةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلاجِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
645- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ الأَصْبَهَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ
سُلَيْمَانَ بْنِ فَارِسٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ
، قَالَ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِشٍ الْحَضْرَمِيُّ لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ
إِلاَّ أَنَّهُمْ يَضْطَرِبُونَ فِيهِ ، وَهُوَ حَدِيثُ الرُّؤْيَةِ.
قَالَ الشَّيْخُ : وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، وَكُلُّهَا
ضَعِيفٌ ، وَأَحْسَنُ طَرِيقٍ فِيهِ رِوَايَةُ جَهْضَمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ثُمَّ
رِوَايَةُ مُوسَى بْنِ خَلَفٍ وَفِيهِمَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي
النَّوْمِ ثُمَّ تَأْوِيلُهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ
: وَأَنَا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ ، كَأَنَّهُ زَادَهُ
كَمَالا وَحُسْنًا وَجَمَالا عِنْدَ رُؤْيَتِهِ ، وَإِنَّمَا التَّغَيُّرُ وَقَعَ
بَعْدَهُ لِشِدَّةِ الْوَحْيِ وَثِقَلِهِ وَالثَّانِي : أَنَّهُ بِمَعْنَى
الصِّفَةِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ تَلَقَّاهُ بِالإِكْرَامِ وَالإِجْمَالِ ،
فَوَصَفَهُ
بِالْجَمَالِ ، وَقَدْ يُقَالُ فِي صِفَاتِ اللهِ
تَعَالَى إِنَّهٌ جَمِيلٌ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مُجْمِلٌ فِي أَفْعَالِهِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ : فَوَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ فَكَذَا فِي رِوَايَتِنَا ،
وَفِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ : يَدَهُ وَتَأْوِيلُهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ إِكْرَامُ
اللهِ إِيَّاهُ وَإِنْعَامُهُ عَلَيْهِ ، حَتَّى وَجَدَ بَرَدَ النِّعْمَةِ
يَعْنِي رُوحَهَا وَأَثَرَهَا فِي قَلْبِهِ ، فَعَلِمَ مَا فِي السَّمَاءِ
وَالأَرْضِ ، وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْيَدِ الصِّفَةَ ، وَيَكُونُ
الْمُرَادُ بِالْوَضْعِ تَعَلُّقَ تِلْكَ الصِّفَةِ بِمَا وَجَدَ مِنْ زِيَادَةِ
الْعِلْمِ كَتَعَلُّقِ الْيَدِ الَّتِي هِيَ صِفَةٌ لِخَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ
السَّلامُ ، تَعَلَّقِ الصِّفَةِ بِمُقْتَضَاهَا لا عَلَى مَعْنَى الْمُبَاشَرَةِ
، فَإِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنَّ فَيَكُونُ ،
لا تَجُوزُ عَلَيْهِ وَلا عَلَى صِفَاتِهِ الَّتِي هِيَ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ
مُمَاسَّةٌ أَوْ مُبَاشَرَةٌ ، تَعَالَى اللَّهُ عَزَّ اسْمُهُ عَنْ شَبِهِ
الْمَخْلُوقِينَ عُلُّوًا كَبِيرًا وَفِي ثُبُوتِ هَذَا الْحَدِيثِ نَظَرٌ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
باب ما جاء في إثبات الوجه صفة لا من حيث الصورة لورود
خبر الصادق به
قال الله عز وجل : {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}.
وقال : {كل شيء هالك إلا وجهه}.
وقال : {وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله}.
وقال : {إنما نطعمكم لوجه الله}.
وقال : {والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم}.
وقال : {إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى}.
وقال : {يريدون وجهه} .
646- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ
بْنِ يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ ،
حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو ، سَمِعَ
جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، يَقُولُ : لَمَّا نَزَلَ
عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ
فَوْقِكُمْ} ، قَالَ : أَعُوذُ بِوَجْهِكَ ، {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} ، قَالَ
: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}
، قَالَ : هَاتَانِ أَهْوَنُ وَأَيْسَرُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَلِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ
647- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
الْحَسَنِ بْنِ الشَّرْقِيِّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ عَمْرِو
بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ {قُلْ
هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : {أَعُوذُ بِوَجْهِكَ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قَالَ : أَعُوذُ بِوَجْهِكَ
، {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} ، قَالَ :
هَذَا أَهْوَنُ ، أَوْ هَذَا أَيْسَرُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ ، وَقُتَيْبَةَ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ
648- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ
الإِسْفَرَايِينِيُّ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا
نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ ، حَدَّثَنَا
أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى ، عَنْ
أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا ، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبَ
: آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا ، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا
إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي
جَنَّةِ عَدْنٍ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
الْمَدِينِيِّ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ.
قَالَ الشَّيْخُ : قَوْلُهُ : رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ
يُرِيدُ بِهِ صِفَةَ الْكِبْرِيَاءِ فَهُوَ بِكِبْرِيَائِهِ وَعَظَمَتِهِ لا يُرِيدُ
أَنْ يَرَاهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ بَعْدَ رُؤْيَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، حَتَّى
يَأْذَنَ لَهُمْ بِدُخُولِ جَنَّةِ عَدْنٍ ، فَإِذَا دَخَلُوهَا أَرَادَ أَنْ
يَرَوْهَ فَيَرَوْهُ وَهُمْ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
649- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّزَازُ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ ،
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ
، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ ، عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى
النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَبْتَغِي بِهِ
وَجْهَ اللَّهِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنِ الْقَعْنَبِيِّ
650- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ
بْنِ فُورَكٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ،
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ سَعْدٍ ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ، وَغَيْرُهُمَا ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : مَرِضْتُ
مَرَضًا شَدِيدًا أُشْفِيتُ مِنْهُ ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أُخَلَّفُ دُونَ
هِجْرَتِي قَالَ : إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِي فَتَعْمَلَ عَمَلا تَبْتَغِي
بِهِ وَجْهَ اللهِ إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ رِفْعَةً وَدَرَجَةً ، وَلَعَلَّكَ إِنْ
تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ قَوْمٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ ، اللَّهُمَّ
أمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ ، وَلا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ ، لَكِنِ الْبَائِسُ
سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ كَانَ يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ
651- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ ، حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ ، عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ ، عَنْ نُعَيْمِ
بْنِ أَبِي هِنْدَ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ :
أَسْنَدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَدْرِي ، فَقَالَ
: مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا
دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ صَلَّى صَلاةً ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ لَهُ
بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ خُتِمَ
لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ
اللهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ
652- وَقَدْ قِيلَ عَنْ نُعَيْمٍ ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ
حِرَاشٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
مُحَمَّدٍ السَّرَّاجُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي
، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ
الْحَوْضِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، نا
مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي
هِنْدَ ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يَا حُذَيْفَةُ ، مَنْ خُتِمَ لَهُ
بِشَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ ، يَا حُذَيْفَةُ
مَنْ خُتِمَ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ بِإِطْعَامِ مِسْكِينٍ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ
دَخَلَ الْجَنَّةَ ؟ قَالَ : وَالأَخْبَارُ فِي مِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ وَفِي
بَعْضِ مَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
639- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، إِمْلاءً ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلالِيُّ ،
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنِ
الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ،
قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ سِتَّةُ
نَفَرٍ ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : اطْرُدْ هَؤُلاءِ عَنْكَ وَلا يَجْتَرِئُونَ
عَلَيْنَا ، وَكُنْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَظُنُّهُ ، قَالَ :
وَبِلالٌ وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ وَرَجُلانِ قَدْ نَسِيتُ اسْمَهُمَا فَوَقَعَ فِي
نَفْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحَدَّثَ
بِهِ نَفْسَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ
يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ، وَكَذَلِكَ
فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ
مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ
حَدِيثِ إِسْرَائِيلَ ، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : وَرَجُلانِ نَسِيتُ اسْمَيْهِمَا
654- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
بِنِ دَلُّوَيْهِ الدَّقَّاقُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الأَزْهَرِ بْنِ مَنِيعٍ
، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلامٍ ، حَدَّثَنِي
أَخِي زَيْدُ بْنُ سَلامٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ أَبَا سَلامٍ ، يَقُولُ :
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ الأَشْعَرِيُّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
أَوْحَى إِلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَامَ فَحَمِدَ
اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى
أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ
يُصَلِّي اسْتَقْبَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِوَجْهِهِ ، فَلا يَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْهُ
حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي يَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْهُ وَرُوِيَ فِي
مِثْلِ هَذَا عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ قَوْلِهِمَا
655- أخبرنا أبو الحسن العلوي ، أَخْبَرَنَا أبو حامد
أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال البزاز ، حَدَّثَنَا أحمد بن حفص بن عبد الله ،
حدثني أبي ، حدثني إبراهيم بن طهمان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، أنه قال : كنا في
بيت حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فقام شبث بن ربعي فصلى ، فتفل بين يديه . قال : فقال له حذيفة
رضي الله عنه : لا تتفل بين يديك ولا عن يمينك ؛ فإن عن يمينك كاتب الحسنات ، فإن
الرجل إذا توضأ فأحسن الوضوء ، ثم قام فصلى أقبل الله تعالى إليه بوجهه يناجيه فلا
يصرفه عنه حتى ينصرف أو يحدث حدث سوء
656- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : حَدَّثَنَا أبو
العباس محمد بن يعقوب قال : حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، حَدَّثَنَا يحيى
بن أبي بكير ، حَدَّثَنَا مهدي بن ميمون ، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ، حدثني
ابن أبي نعيم ، عن عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما : أنه رأى رجلا يصلي يلتفت في
صلاته فقال ابن عمر رضي الله عنهما إن الله عز وجل مقبل على عبده بوجهه ما أقبل
إليه ، فإذا التفت انصرف عنه . قلت : ليس في صفات ذات الله عز وجل إقبال ولا إعراض
ولا صرف ، وإنما ذلك في صفات فعله ، وكأن الرحمة التي للوجه تعلق بها تعلق الصفة
بمقتضاها ، تأتيه من قبل وجه
المصلي ، فعبر عن إقبال تلك الرحمة وصرفها بإقبال الوجه
وصرفه لتعلق الوجه الذي هو صفة بها ، والله أعلم
657- وَالَّذِي يُبَيِّنُ صِحَّةَ هَذَا التَّأْوِيلِ :
مَا أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ
بِلالٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ الْمَكِّيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ
الزُّهْرِيُّ ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِذَا
قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ فَلا يَمَسَّ
الْحَصَا قُلْتُ : وَشَائِعٌ فِي كَلامِ النَّاسِ : الأَمِيرُ مُقْبِلٌ عَلَى
فُلانٍ ، وَهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ إِقْبَالَهُ عَلَيْهِ بِالإِحْسَانِ ، وَمُعْرِضٌ
عَنْ فُلانٍ وَهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ تَرَكَ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ ، وَصَرْفَ
إِنْعَامِهِ عَنْهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
658- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ
، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ أَبَانَ الْعُقَيْلِيُّ ، بِحَلَبَ ، حَدَّثَنَا
عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، أَنْبَأَنِيهِ عَطَاءُ بْنُ
السَّائِبِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ
، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ
: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ : وَارْزُقْنِي لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ
659- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ،
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ ،
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي
نَهِيكٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : إِنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح
660- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ ، حَدَّثَنَا الْبُرْسَانِيُّ
، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي
سُفْيَانَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : إِنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَنِ اسْتَعَاذَ
بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ ، وَمَنْ سَأَلَكُمْ بِوَجْهِ اللهِ فَأَعْطُوهُ
661- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ ،
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي
حَمْزَةَ ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْعُصْفُرِيُّ الْبَصْرِيُّ ،
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ التَّمِيمِيُّ.
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ
عَبْدِ اللهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَسْأَلَ بِوَجْهِ اللهِ
شَيْئًا إِلاَّ الْجَنَّةَ.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ ، عَنْ
أَبِي الْعَبَّاسِ الْعُصْفُرِيِّ
662- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا الصاغاني ، حَدَّثَنَا حجاج بن محمد ، قال : قال ابن
جريج : قال عطاء : بلغنا أنه يكره أن يسأل الله تعالى شيئا من الدنيا بوجهه
قال :
وقال ابن جريج : أخبرني ابن طاووس ، عن أبيه أنه كان
يكره أن يسأل الإنسان بوجه الله . قال : وقال ابن جريج عن عمرو بن دينار قال :
بلغنا ذلك
قال : وقال ابن جريج : أخبرني عبد الكريم بن مالك قال :
إن رجلا جاء إلى عمر بن عبد العزيز فرفع إليه حاجته ثم قال : أسألك بوجه الله
تعالى ، فقال عمر رضي الله عنه : قد سألت بوجهه فلم يسأل شيئا إلا أعطاه إياه ، ثم
قال عمر رضي الله عنه : ويحك ألا سألت بوجهه الجنة
663- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا
الْقَاسِمُ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى بْنِ رَامِكٍ الشَّيْبَانِيُّ
النَّيْسَابُورِيُّ ، مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ
بْنُ عَلِيٍّ الْخَزَّازُ ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ مِهْرَانَ الدِّبَاغُ ،
حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ
سَعِيدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَجُلا
مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ الْعَبَّاسُ ، يُحَدِّثُ
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْجِنِّ أَقْبَلَ
عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ فِي يَدِهِ شُعْلَةٌ مِنَ النَّارِ ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَلا يَزْدَادُ إِلاَّ
قُرْبًا ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ : أَلا
أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ يُنْكَبُ مِنْهَا لَفِيهِ ، وَتُطْفَأُ
شُعْلَتُهُ ؟ قُلْ : أَعُوذُ بِوَجْهِ اللهِ الْكَرِيمِ ، وَبِكَلِمَاتِ اللهِ
التَّامَّاتِ الَّتِي لا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا
يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ
فِي الأَرْضِ ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا ، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَمِنْ شَرِّ طَوَارِقِ اللَّيْلِ ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ
طَارِقٍ إِلاَّ طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ فَقَالَهَا ، فَانْكَبَّ
لَفِيهِ وَطُفِئَتْ شُعْلَتُهُ.
أَخْرَجَهُ مَالِكٌ ، عَنْ أَنَسٍ فِي الْمُوَطَّأِ
إِلاَّ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ
664- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
الدُّنْيَا ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُبَيْدٍ ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ
، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَلْبِيِّ ،
حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمَذَانِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَتَبَ لِي
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كِتَابًا ، قَالَ : أَمَرَنِي
بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِذَا أَخَذْتَ
مَضْجَعَكَ فَقُلْ : أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ ،
مِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ ، اللَّهُمَّ أَنْتَ تَكْشِفُ
الْمَغْرَمَ وَالْمَأْثَمَ ، اللَّهُمَّ لا يُهْزَمُ جُنْدُكَ ، وَلا يُخْلَفُ
وَعْدُكَ ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ ، سُبْحَانَكَ
وَبِحَمْدِكَ وَقَدْ رُوِّينَا فِي بَابِ الْكَلامِ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ
بْنِ رُزَيْقٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْحَارِثِ
، وَأَبِي مَيْسَرَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ ، فَأَبُو مَيْسَرَةَ
عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ مِنَ الثِّقَاتِ ، وَمَنْ دُونَهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ
وَكَأَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ سَمِعَهُ مِنْهُمَا ، وَمِنْ أَبِيهِ ، إِنْ كَانَ
حَمَّادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَفِظَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
665- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ
، مِنْ أَصْلِهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ
رَجَاءٍ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ
أَبُو عَامِرٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ صُهَيْبٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ
: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ
وَجَلَّ : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ، قَالَ : النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ
رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ
666- أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري ،
أَخْبَرَنَا الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي ، حَدَّثَنَا أبو خالد يزيد بن محمد
العقيلي بمكة ، حَدَّثَنَا عبد الله بن رجاء ، أَخْبَرَنَا إسرائيل ، عن أبي إسحاق
، عن عامر بن سعد ، عن أبي بكر يعني الصديق رضي الله عنه ـ وعن مسلم : عن حذيفة
رضي الله عنه ـ في قول الله عز وجل : {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} قالا : النظر
إلى وجه ربهم .
قلت : الآثار في معنى هذا عن الصحابة والتابعين رضي الله
عنهم أجمعين كثيرة ، وهي في باب الرؤية مذكورة بإذن الله عز وجل
667- أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن المؤمل ،
حَدَّثَنَا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب ،
أَخْبَرَنَا جعفر بن عون ، أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن
عبد الله هو المسعودي ، عن عبد الله بن المخارق ، عن
المخارق بن سليم ، قال : قال عبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنه : إذا حدثناكم
بحديث أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب الله عز وجل ؛ إن العبد المسلم إذا قال : الحمد
لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر وتبارك الله ، أخذها ملك فجعلها تحت
جناحه ثم صعد بها فلا يمر بها على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يجيء
بها وجه الرحمن ، قال : ثم قرأ عبد الله : {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح
يرفعه
668- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ
، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ
عُمَرَ الضَّبِّيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ
، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ خَبَّابٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، قَالَ : هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَنَحْنُ نَبْتَغِي وَجْهَ اللهِ تَعَالَى ، فَوَجَبَ
أَجَرُنَا عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَمِنَّا مِنْ
ذَهَبَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا ، كَانَ مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ
عُمَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ
إِلاَّ نَمِرَةٌ كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاهُ ، وَإِذَا
غَطَّيْنَا رِجْلَهُ خَرَجَ رَأْسُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ
الإِذْخِرِ وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يُهْدِي بِهَا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ ، عَنِ
الأَعْمَشِ
669- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنُ دُرُسْتَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْمُنَادِي ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ
، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ
، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ
، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ
أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ
غُلامًا لَهُ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
أَمَا وَاللَّهِ ، لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ فَقَالَ : يَا
نَبِيَّ اللهِ فَإِنِّي أَعْتَقْتُهُ لِوَجْهِ اللهِ وَفِي رِوَايَةِ وَهْبٍ قَالَ : فَإِنِّي
أَعْتِقُهُ لِوَجْهِ اللَّهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
بِشْرِ بْنِ خَالِدٍ.
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ ،
عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ ، وَفِيهِ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ هُوَ حُرٌّ
لِوَجْهِ اللهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ
فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللَّهَ ، فَقَدْ حَكَى
الْمُزَنِيُّ ، عَنِ الشَّافِعِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ فِي
هَذِهِ الآيَةِ : يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ : فَثَمَّ الْوَجْهُ الَّذِي
وَجَّهَكُمُ اللَّهُ إِلَيْهِ
670- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر القاضي
قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا الحسن بن علي بن عفان ،
حَدَّثَنَا أبو أسامة ، عن النضر ، عن مجاهد ، في قوله عز وجل : {فأينما تولوا فثم
وجه الله} قال : قبلة الله فأينما كنت في شرق أو غرب فلا توجهن إلا إليها
671- وَأَمَّا نُورُ الْوَجْهِ فَقَدِ احْتَجَّ
بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ بِمَا أَخْبَرَنَا الأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا
يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ،
وَالْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عُبَيْدَةَ
، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
لا يَنَامُ وَلا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ،
يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمِلُ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ ، وَعَمِلُ النَّهَارِ
بِاللَّيْلِ زَادَ الْمَسْعُودِيُّ : وَحِجَابُهُ النَّارُ لَوْ كَشَفَهَا
لأَحْرَقَتْ
سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ الْبَصَرُ
ثُمَّ قَرَأَ أَبُو عُبَيْدَةَ : بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ
اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ
وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ شُعْبَةَ ، وَأَخْرَجَهُ بِطُولِهِ مِنْ حَدِيثِ الأَعْمَشِ ،
عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، دُونَ قِرَاءَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ
672- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكَازَرُونِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ ، قَالَ : قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : يُقَالُ
السُّبْحَةُ : إِنَّهَا جَلالُ وَجْهِهِ وَنُورُهُ ، وَمِنْهُ قِيلَ : سُبْحَانَ
اللهِ إِنَّمَا هُوَ تَعْظِيمٌ لَهُ وَتَنْزِيهٌ قُلْتُ : إِذَا كَانَ قَوْلُهُ :
سُبُحَاتُ مِنَ التَّسْبِيحِ ، وَالتَّسْبِيحُ تَنْزِيهُ اللهِ تَعَالَى عَنْ
كُلِّ سُوءٍ ، فَلَيْسَ فِيهِ إِثْبَاتُ النُّورِ لِلْوَجْهِ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ
لَوْ كَشَفَ الْحِجَابَ الَّذِي عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ وَلَمْ يُثَبِّتْهُمْ
لِرُؤْيَتِهِ لاحْتَرَقُوا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ عِبَارَةٌ أُخْرَى وَهِيَ
أَنَّهُ لَوْ كَشَفَ عَنْهُمُ الْحِجَابَ لأَفْنَى جَلالُهُ وَهَيْبَتُهُ
وَقَهْرُهُ مَا أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ يَعْنِي كُلَّ مَا أَوْجَدَ مِنَ الْعَرْشِ
إِلَى الثَّرَى فَلا نِهَايَةَ لِبَصَرِهِ
673- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ
، بِبَغْدَادَ أنا دَعْلجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَعْلجٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ
اللهِ الْبُوشَنْجِيُّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا
الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي
رَبَاحٍ ، وَعِكْرِمَةَ ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا.
أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ ، تَفَلَّتَ
هَذَا الْقُرْآنُ مِنْ صَدْرِي ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ ، وَذَكَرَ فِيمَا
عَلَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُعَاءِ حِفْظِ
الْقُرْآنِ : أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ يَا رَحْمَنُ بِجَلالِكَ وَنَوِّرِ وَجْهِكَ
أَنْ تُلْزِمَ قَلْبِي حَفِظَ كِتَابِكَ كَمَا عَلَّمْتَنِي ، وَارْزُقْنِي أَنْ
أَتْلُوَهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي يُرْضِيكَ عَنِّي ، اللَّهُمَّ بَدِيعَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ وَالْعِزَّةِ الَّتِي لا
تُرَامُ ، أَسْأَلُكَ يَا رَحْمَنُ بِجَلالِكَ وَنُورِ وَجْهِكَ أَنْ تُنَوِّرَ بِكِتَابِكَ
بَصَرِي ، وَأَنْ تُطْلِقَ بِهِ لِسَانِي ، وَأَنْ تُفَرِّجَ بِهِ عَنْ قَلْبِي ،
وَأَنْ تَشْرَحَ بِهِ صَدْرِي ، وَأَنْ تَسْتَعْمِلَ بِهِ بَدَنِي ، فَإِنَّهُ لا
يُعِينُنِي عَلَى الْحَقِّ غَيْرُكَ ، وَلا يُؤْتِيهِ إِلاَّ أَنْتَ ، وَلا
قُوَّةَ إِلا
بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ،
وَهَذَا حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ ، فَإِنْ كَانَ لَفْظُ النُّورِ
مَحْفُوظًا فِيهِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ وَيُرِيدُونَ بِهِ نَفْيَ
النَّقْصِ عَنْهُ لا غَيْرَ
ثُمَّ قَدْ حَكَى أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ،
فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ ، عَنِ ابْنِ
الأَنْبَارِيِّ ، عَنْ ثَعْلَبٍ ، فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : اللَّهُ نُورُ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، يَعْنِي أَنَّهُ حَقٌّ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ ، وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِ الْعَرَبِ إِذَا سَمِعُوا قَوْلَ الْقَائِلِ
: حَقًّا : كَلامُكَ هَذَا عَلَيْهِ نُورٌ ، أَيْ هُوَ حَقٌّ فَيُحْتَمَلَ أَنْ
يَكُونَ قَوْلُهُ إِنْ كَانَ ثَابِتًا : أَسْأَلُكَ بِجَلالِكَ وَنَورِ وَجْهِكَ
أَيْ وَحَقِّ وَجْهِكَ ، وَالْحَقُّ هُوَ الْمُتَحَقَّقُ كَوْنُهُ وَوُجُودُهُ ،
وَكَانَ الأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَقُولُ فِي مَعْنَى
النُّورِ : إِنَّهُ الَّذِي لا يَخْفَى عَلَى أَوْلِيَائِهِ بِالدَّلِيلِ ،
وَيَصِحُّ رُؤْيَتُهُ بِالأِبْصَارِ ، وَيَظْهَرُ لِكُلِّ ذِي لُبٍّ بِالْعَقْلِ ،
فَيَكُونُ قَوْلُهُ : أَسْأَلُكَ بِجَلالِكَ وَنَورِ وَجْهِكَ رَاجِعًا فِي
النُّورِ إِلَى أَحَدِ هَذِهِ الْمَعَانِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ
674- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس
هو الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، حَدَّثَنَا روح بن عبادة ،
حَدَّثَنَا حماد بن سلمة ، حَدَّثَنَا الزبير أبو عبد السلام ، عن أيوب بن عبد
الله بن مكرز ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه قال : إن ربكم ليس
عنده ليل ولا نهار ، نور السماوات والأرض من نور وجهه
هذا موقوف وراويه غير معروف
675- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أَخْبَرَنَا أبو
عبد الله محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الوهاب ، أَخْبَرَنَا جعفر بن
عون ، أَخْبَرَنَا مسعر ، عن عمرو بن مرة ، قال : قلت لسعيد بن المسيب : علمني كلمات
أقولهن عند المساء . قال : قل : أعوذ بوجهك الكريم ، وباسمك العظيم ، وبكلماتك
التامة من شر السامة والعامة ، ومن شر ما خلقت أي رب ، ومن شر ما أنت آخذ بناصيته}
، ومن شر هذه الليلة ، ومن شر ما بعدها ، وشر الدنيا وأهلها
676- أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن
المهرجاني العدل ، أَخْبَرَنَا أبو بكر محمد بن جعفر المزكي ، حَدَّثَنَا محمد بن إبراهيم
البوشنجي ، حَدَّثَنَا ابن بكير ، حَدَّثَنَا مالك ، عن سمي مولى أبي بكر بن عبد
الرحمن ، عن القعقاع بن حكيم ، قال : إن كعب الأحبار
قال : لولا كلمات أقولهن لجعلتني يهود حمارا . فقيل له :
ما هي ؟ فقال : أعوذ بوجه الله العظيم الذي ليس شيء أعظم منه ، وبكلمات الله
التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر ، وبأسماء الله الحسنى كلها ما علمت منها وما
لم أعلم ، من شر ما خلق وذرأ} وبرأ}
677- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو
العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، حَدَّثَنَا سريج بن
يونس ، حَدَّثَنَا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن حميد بن هلال ، قال : قال
رجل : رحم الله رجلا أتى على هذه الآية
: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} فيسأل الله تبارك
وتعالى بذاك الوجه الباقي الجميل . قلت : الجميل في أسماء الله تعالى قد ذكرنا ،
وهو عند أهل النظر بمعنى المجمل المحسن . قال أبو سليمان : وقد يكون الجميل معناه
ذو النور . قلت : ثم يكون ذلك أيضا من صفات الفعل.
قال الله عز وجل : {ومن لم يجعل الله له نورا فما له من
نور}.
وقال تعالى : {يخرجهم من الظلمات إلى النور} ، وقد يجوز
أن يستعمل النور في صفات الذات ، بمعنى أنه لا يخفى على أوليائه بالدليل ، وهذا
أشبه بمعنى الجميل في هذا الموضع والله أعلم
باب ما جاء في إثبات العين
صفة لا من حيث الحدقة.
قال الله عز وجل : {ولتصنع على عيني}.
وقال تعالى : {فإنك بأعيننا}.
وقال : {واصنع الفلك بأعيننا}.
وقال تبارك وتعالى : {تجري بأعيننا} .
678- أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ
بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
هَاشِمٍ الْبَغَوِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءٍ ، حَدَّثَنَا
عَمِّي ، جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءٍ عَنْ نَافِعٍ ، قَالَ : إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ
أَخْبَرَهُ ، أَنَّ الْمَسِيحَ ذُكِرَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ ، فَقَالَ
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ
بِأَعْوَرَ ، أَلا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى
كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ ، وَقَالَ فِي مَتْنِهِ ، فَقَالَ
إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْكُمْ ، إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَأَشَارَ
بِيَدِهِ إِلَى عَيْنِهِ
679- أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ
، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ
الْفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسًا ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يُحَدِّثُ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : مَا بُعِثَ
نَبِيُّ إِلاَّ وَقَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الْكَذَّابَ : أَلا إِنَّهُ أَعْوَرُ
وَإِنَّ رَبُّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ : كَافِرٌ
680- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ النِّجَّادُ ، حَدَّثَنَا
جَعْفَرُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ
الْحَوْضِيُّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
مَا بُعِثَ نَبِيُّ إِلاَّ قَدْ أُنْذِرَ الدَّجَّالَ أَلا وَإِنَّهُ أَعْوَرُ ،
وَإِنَّ رَبُّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ
681- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
جَعْفَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، فَذَكَرَهُ وَزَادَ : وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ
مَكْتُوبٌ كَ فَ رَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ أَبِي عُمَرَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى
682- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ
مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَاصْنَعِ
الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا ، قَالَ : بِعَيْنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قُلْتُ : وَمِنْ
أَصْحَابِنَا مَنْ حَمَلَ الْعَيْنَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْكِتَابِ عَلَى
الرُّؤْيَةِ ، وَقَالَ : قَوْلُهُ : وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ، مَعْنَاهُ :
بِمَرْأَى مِنِّي وَقَوْلُهُ : وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ
بِأَعْيُنِنَا ، أَيْ : بِمَرْأَى مِنَّا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : تَجْرِي
بِأَعْيُنِنَا ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ وَتَكُونُ صِفَةً
وَاحِدَةً وَالْجَمْعُ فِيهَا عَلَى مَعْنَى التَّعْظِيمِ ، كَقَوْلِهِ : مَا
نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ ، وَمِنْهُمْ مِنْ حَمْلَهَا عَلَى الْحِفْظِ
وَالْكِلاءَةِ ، وَزَعَمَ أَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ ، وَالْجَمْعُ فِيهَا
سَائِغٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَمَنْ قَالَ بِأَحَدِ هَذَيْنِ زَعَمَ أَنَّ
الْمُرَادَ بِالْخَبَرِ نَفْيُ نَقْصِ الْعَوَرِ عَنِ اللهِ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى ، وَأَنَّهُ لا يَجُوزُ عَلَى الْمَخْلُوقِينَ مِنَ الآفَاتِ
وَالنَّقَائِصِ ، وَالَّذِي يَدُلُّ
عَلَيْهِ ظَاهَرُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ
إِثْبَاتِ الْعَيْنِ لَهُ صِفَةً لا مِنْ حَيْثُ الْحَدَقَةِ أَوْلَى وَبِاللَّهِ
التَّوْفِيقُ
683- وأخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن محمد
بن محبور الدهان ، حَدَّثَنَا أبو العباس أحمد بن هارون الفقيه ، حَدَّثَنَا أبو
يحيى زكريا بن يحيى البزاز ، حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن الموفق ، حَدَّثَنَا
إسحاق بن موسى الأنصاري ، قال : سمعت سفيان بن عيينة ، يقول : ما وصف الله تبارك
وتعالى به نفسه في كتابه فقراءته تفسيره ، ليس لأحد أن يفسره بالعربية ولا
بالفارسية
باب ما جاء في إثبات اليدين
صفتين لا من حيث الجارحة لورود الخبر الصادق به.
قال الله عز وجل : {يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت
بيدي}.
وقال تعالى {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم
ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} .
684- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّبَّاحُ الزَّعْفَرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ
عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ
أَنَسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
فَيَهْتَمُّونَ لِذَلِكَ ، فَيَقُولُونَ : لَوِ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا
حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا ، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ : يَا
آدَمُ أَنْتَ أَبُو النَّاسِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدَيْهِ ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلائِكَتَهُ
، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا
مِنْ مَكَانِنَا هَذَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ فِي
"الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ
685- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ السَّعْدِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِلَحْمٍ فَدُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ ، وَكَانَتْ
تُعْجِبُهُ ، فَنَهِسَ مِنْهَا نَهْسَةً ، ثُمَّ قَالَ : أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَهَلْ تَدْرُونَ لِمَ ذَاكْ ؟ قَالَ : فَذَكَرَ حَدِيثَ
الشَّفَاعَةِ وَفِيهِ : فَيَأْتُونَ آدَمَ ، فَيَقُولُونَ : يَا آدَمُ ، أَنْتَ
أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ تَعَالَى بِيَدِهِ ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ
، أَظُنُّهُ قَالَ : وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى
رَبِّكَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ نَصْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ أَبِي
حَيَّانَ
686- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الأحَجْمِ ، حَدَّثَنَا
النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلِ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي
سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ
مُوسَى : أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ
وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَأَمَرَ الْمَلائِكَةَ
فَسَجَدُوا لَكَ وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ ثُمَّ أَخْرَجْتَنَا مِنْهَا ؟ فَقَالَ
آدَمُ : أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالاتِهِ وَقَرَّبَكَ نَجِيًّا
وَكَلَّمَكَ تَكْلِيمًا ، وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ التَّوْرَاةَ ، فَبِكَمْ تَجِدُ فِي
التَّوْرَاةِ أَنَّهُ كَتَبَ عَلَيَّ الْعَمَلَ الَّذِي عَمِلْتُهُ قَبْلَ أَنْ
أُخْلَقَ ؟ قَالَ مُوسَى : بِأَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ آدَمُ : فَكَيْفَ
تَلُومُنِي عَلَى عَمَلٍ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِيَ
بِأَرْبَعِينَ سَنَةً ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هُرْمُزَ ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، ذَكَرَا
فِيهِ قَوْلَ مُوسَى لآدَمَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ : أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ
بِيَدِهِ وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" وَقَدْ مَضَى
ذِكْرُهُ ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا أَبُو صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَأَبِي
سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
687- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ
مُوسَى ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، عَنْ
طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلامُ ، فَقَالَ مُوسَى
لآدَمَ : يَا آدَمُ ، أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ
الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ آدَمُ : أَنْتَ مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلامِهِ
وَخَطَّ لَكَ فِي الأَلْوَاحِ بِيَدِهِ ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَضَاهُ اللَّهُ
عَلِيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِيَ بِأَرْبَعِينَ عَامًا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى
قَالَ : وَحَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ
، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ سُفْيَانَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ ، عَنْ
سُفْيَانَ بِالإِسْنَادِ الأَوَّلِ ، وَعَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ ، عَنْ سُفْيَانَ بِالإِسْنَادِ
الثَّانِي ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ فِي الإِسْنَادِ الثَّانِي وَكَتَبَ لَكَ
التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ وَلَيْسَ بَيْنَ هَذَيْنِ الإِسْنَادَيْنِ وَبَيْنَ مَا مَضَى
اخْتِلافٌ إِلاَّ أَنَّ هَذَيْنِ الإِسْنَادَيْنِ حُفِظَ فِيهِمَا كِتَابَةُ
التَّوْرَاةِ بِيَدِهِ ، وَلَمْ يُحْفَظْ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ ،
وَحُفِظَ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ قَوْلُ مُوسَى لآدَمَ : خَلَقَكَ اللَّهُ
بِيَدِهِ وَلَمْ يُحْفَظْ فِي هَذَيْنِ ، وَجَمِيعُ ذَلِكَ ثَابِتٌ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
688- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ
اللهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الرَّازِيُّ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ ، حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ
رُوَيْمٍ.
عَنِ الأَنْصَارِيِّ ، قَالَ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ
، قَالَتِ الْمَلائِكَةُ : يَا رَبُّ خَلَقْتُهُمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ
وَيَنْكَحُونَ وَيَرْكَبُونْ ، فَاجْعَلْ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ ،
فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : لا أَجْعَلُ مَنْ خَلَقْتُهُ بِيَدِيَّ وَنَفَخْتُ
فِيهِ مِنْ رُوحِي كَمَنْ قُلْتُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
689- وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا
جُنَيْدُ بْنُ حَكِيمٍ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
رَبِّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ رُوَيْمٍ
اللَّخْمِيُّ ، يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَذَكَرَ نَحْوَهُ ، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : وَيَرْكَبُونَ
الْخَيْلَ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ : وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي
690- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو عبد
الله محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن محمد الصيدلاني ، وإبراهيم بن أبي
طالب ، قالا : حَدَّثَنَا بشر بن الحكم ، حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة ، حدثنا مطرف
، وابن أبجر أنهما سمعا الشعبي ، يقول : سمعت المغيرة بن شعبة ، يخبر الناس على
المنبر قال سفيان : رفعه أحدهما ، أراه قال : ابن أبجر ـ قال : سأل موسى ربه عز
وجل ما أدنى أهل الجنة منزلة ؟ قال : هو رجل يجيء بعد ما دخل أهل الجنة الجنة ، فيقال
له : ادخل الجنة ، فيقول : أي ربي ، وكيف أدخل وقد نزل الناس منازلهم ، وقد أخذوا
أخاذاتهم ، فيقال له : أترضى أن يكون لك مثل ما كان يكون لملك من ملوك الدنيا ؟
فيقول : رضيت رب فيقال : لك مثل هذا ومثله و مثله و مثله ، حتى عقد خمسا ، فيقول :
رضيت ، فيقول : لك هذا وعشرة أمثاله ، فيقول : رب رضيت.
فيقال : لك هذا وما اشتهت نفسك ولذت عينك ، قال : يا رب أخبرني
بأعلاهم منزلة ، قال : أولئك الذين أردت وسوف أخبرك ، غرست كرامتهم بيدي وختمت
عليها ، فلم تر عين ولم تسمع أذن ، ولم يخطر على قلب ، ومصداقه في كتاب الله عز
وجل : {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} . رواه مسلم
في الصحيح عن بشر بن الحكم
691- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، أَخْبَرَنَا
حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ
: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خَلَقَ اللَّهُ
تَعَالَى جَنَّةَ عَدْنٍ وَغَرَسَ أَشْجَارَهَا بِيَدِهِ ، فَقَالَ لَهَا : تَكَلَّمِي ،
فَقَالَتْ : قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ
692- أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى
، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ
الْهَاشِمِيِّ ، مِنْ بَنِي نَوْفَلٍ ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ
اللهِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ أَبِيهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ
ثَلاثَةَ أَشْيَاءَ بِيَدِهِ : خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ ، وَكَتَبَ التَّوْرَاةَ
بِيَدِهِ ، وَغَرَسَ الْفِرْدَوْسَ بِيَدِهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَعِزَّتِي لا
يَسْكُنُهَا مُدْمِنُ خَمْرٍ وَلا دَيُّوثٌ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدْ عَرَفْنَا مُدْمِنَ الْخَمْرِ ، فَمَا
الدَّيُّوثُ ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الَّذِي يُيَسِّرُ
لأَهْلِهِ السُّوءَ هَذَا مُرْسَلٌ ، وَفِيهِ إِنْ ثَبَتَ دَلالَةٌ عَلَى أَنَّ الْكَتْبَ
هَهُنَا بِمَعْنَى الْخَلْقِ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ : خَلَقَ رُسُومَ التَّوْرَاةِ
، وَهِيَ حُرُوفُهَا ، وَأَمَّا الْمَكْتُوبُ فَهُوَ كَلامُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ،
صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ ، غَيْرُ بَائِنٍ مِنْهُ
693- أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
بكر بن إسحاق ، أَخْبَرَنَا محمد بن ربح السماك ، حَدَّثَنَا يزيد بن هارون ،
أَخْبَرَنَا سفيان بن سعيد ، عن عبيد المكتب ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، رضي الله
عنهما قال : خلق الله تبارك وتعالى أربعة أشياء بيده : العرش ، وجنات عدن ، وآدم ، والقلم ؛
واحتجب من الخلق بأربعة : بنار ، وظلمة ، ونور ، وظلمة . هذا موقوف ، والحجاب يرجع
إلى الخلق لا إلى الخالق
694- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ مَحْمَشٍ
الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْبَزَّازُ
، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ
، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَتَبَ رَبُّكُمْ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى
عَلَى نَفْسِهِ بِيَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ
: إِنَّ رَحْمَتِي تَسْبِقُ ، أَوْ قَالَ : سَبَقَتْ غَضَبِي.
قُلْتُ : وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ فِي مَعْنَى
الْيَدِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ : إِنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى
الْقُوَّةِ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا
دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ} ، أَيْ ذَا الْقُوَّةِ.
وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْمُلْكِ وَالْقُدْرَةِ ؛
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ
بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}.
وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى النِّعْمَةِ ؛
تَقُولُ الْعَرَبُ : كَمْ يَدٌ لِي عِنْدَ فُلانٍ ، أَيْ
كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ لِي قَدْ أَسْدَيْتُهَا إِلَيْهِ.
وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الصِّلَةِ ؛
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا
أَنْعَامًا} ، أَيْ مِمَّا عَمِلْنَا نَحْنُ.
وَقَالَ جَلَّ وَعَلا : {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ
عُقْدَةُ النِّكَاحِ} ، أَيِ : الَّذِي لَهُ عُقْدَةُ النِّكَاحِ.
وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْجَارِحَةِ ؛
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا
فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ}.
فَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {يَا إِبْلِيسُ مَا
مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}.
فَلا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْجَارِحَةِ ، لأَنَّ
الْبَارِي جَلَّ جَلالُهُ وَاحِدٌ ، لا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّبْعِيضُ.
وَلا عَلَى الْقُوَّةِ وَالْمُلْكِ وَالنِّعْمَةِ
وَالصِّلَةِ ، لأَنَّ الاشْتِرَاكَ يَقَعُ حِينَئِذٍ بَيْنَ وَلِيِّهِ آدَمُ
وَعَدُوِّهِ إِبْلِيسُ.
فَيَبْطُلُ مَا ذَكَرَ مِنْ تَفْضِيلِهِ عَلَيْهِ لِبُطْلانِ
مَعْنَى التَّخْصِيصِ ، فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَنْ يُحْمَلا عَلَى صِفَتَيْنِ
تَعَلَّقَتَا بِخَلْقِ آدَمَ تَشْرِيفًا لَهُ ، دُونَ خَلْقِ إِبْلِيسَ ،
تَعَلُّقَ الْقُدْرَةِ بِالْمَقْدُورِ ، وَلا مِنْ طَرِيقِ الْمُبَاشَرَةِ ، وَلا
مِنْ حَيْثُ الْمُمَاسَّةِ ، وَكَذَلِكَ تَعَلَّقَتْ بِمَا رُوِّينَا فِي
الأَخْبَارِ مِنْ خَطِّ التَّوْرَاةِ وَغَرْسِ الْكَرَامَةِ لأَهْلِ الْجَنَّةِ
وَغَيْرِ ذَلِكَ تَعَلُّقَ الصِّفَةِ بِمُقْتَضَاهَا.
وَقَدْ رُوِّينَا ذِكْرَ الْيَدِ فِي أَخْبَارٍ أُخَرَ
إِلاَّ أَنَّ سِيَاقَهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمُلْكُ ،
وَالْقُدْرَةُ ، وَالرَّحْمَةُ ، وَالنِّعْمَةُ ، أَوْ جَرَى ذِكْرُهَا صِلَةً فِي
الْكَلامِ.
فَأَمَّا فِيمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فَإِنَّهُ يُوجِبُ
التَّفْضِيلَ ، وَالتَّفْضِيلُ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّخْصِيصِ ، فَلَمْ يَجُزْ
حَمْلُهَا فِيهِ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ.
وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَرَى ذَكَرُهَا عَلَى طَرِيقِ
التَّخْصِيصِ ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَعَلُّقَ الصِّفَةِ الَّتِي تُسَمَّى
بِالسَّمْعِ يَدًا بِالْكَائِنِ فِيمَا خَصَّ بِذِكْرِهَا فِيهِ تَعَلُّقَ الصَّفْحَةِ
بِمُقْتَضَاهَا ، ثُمَّ لا يَكُونُ فِي ذَلِكَ بُطْلانُ مَوْضِعِ تَفْضِيلِ آدَمَ
عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى إِبْلِيسَ ، لأَنَّ التَّخْصِيصَ إِذَا وُجِدَ لَهُ فِي
مَعْنًى دُونَ إِبْلِيسَ لَمْ يَضُرَّ مُشَارَكَةُ غَيْرِهِ إِيَّاهُ فِي ذَلِكَ
الْمَعْنَى ، بَعْدَ أَنْ لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهِ إِبْلِيسُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
695- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ
، عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ ، عَنْ زَيْدِ
بْنِ أَسْلَمَ ، عَنِ ابْنِ يَسَارٍ يَعْنِي عَطَاءً ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : تَكُونُ الأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
خُبْزَةً وَاحِدَةً يَتَكَفَّؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَتَكَفَّأُ
أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ نُزُلا لأَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ : فَأَتَى
رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ ، فَقَالَ : بَارَكَ الرَّحْمَنُ عَلَيْكَ يَا
أَبَا الْقَاسِمِ ، أَلا أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ : بَلَى قَالَ
: تَكُونُ الأَرْضُ خُبْزَةً كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ، ثُمَّ
قَالَ : أَلا أُخْبِرُكَ بِإِدَامِهِمْ ؟ قَالَ : إِدَامُهُمْ بِاللامِ وَنُونٌ
قَالَ : وَمَا هَذَا ؟ قَالَ : ثَوْرٌ وَنُونٌ يَأْكُلُ مِنْ زِيَادَةِ
كَبِدَيْهِمَا سَبْعُونَ أَلْفًا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنِ
اللَّيْثِ
696- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ،
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ : يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا
الدَّهْرُ ، بِيَدِيَ الأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ
وَالنَّهَارَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنِ الْحُمَيْدِيِّ
697- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ،
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ،
حَدَّثَنَا يُوسُفُ الْمَاجِشُونُ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ
، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ قَالَ فَذَكَرَ دُعَاءَ الاسْتِفْتَاحِ
، وَفِيهِ قَالَ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ
698- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ
السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ
هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : هَذَا مَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى ، وَلَكِنْ لا
أَجِدُ سَعَةً
فَأَحْمِلُهُمْ ، وَلا يَجِدُونَ سَعَةً فَيَتَّبِعُونِي
، وَلا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَقْعُدُوا بَعْدِي
قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَانِي
أَنْ يَسْتَعِدُّوا لِي حُزَمًا مِنْ حَطَبٍ ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلا يُصَلِّي
بِالنَّاسِ ، ثُمَّ أُحَرِّقَ بُيُوتًا عَلَى مَنْ فِيهَا
قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِكُمْ يَوْمٌ
لا يَرَانِي ، ثُمَّ لأَنْ يَرَانِي أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مِثْلِ أَهْلِهِ
وَمَالِهِ مَعَهُمْ.
رَوَاهُنَّ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَالأَحَادِيثُ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ
699- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ
فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الأَصْبَهَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَمْرِو
بْنِ مُرَّةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عُبَيْدَةَ ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى
الأَشْعَرِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْسُطَ يَدَهُ بِاللَّيْلِ
لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ ، وَبِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ ،
حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
بُنْدَارٍ ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ
700- وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ الْمُزَكِّي ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّيْسَابُورِيُّ
، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ
، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيِّ الْهَجَرِيِّ ، عَنْ أَبِي
الأَحْوَصِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، رَضِيَ الله عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
الأَيْدِي ثَلاثٌ : يَدُ اللهِ الْعُلْيَا ، وَيَدُ
الْمُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا ، وَيَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ ، فَاسْتَعْفِفْ عَنِ السُّؤَالِ مَا اسْتَطَعْتَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ
عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ وَخَالَفَهُمَا جَعْفَرُ
بْنُ عَوْنٍ فَرَوَاهُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَوْقُوفًا عَلَى عَبْدِ اللهِ ،
وَرَوَاهُ أَبُو الزَّعْرَاءِ ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِيهِ مَالِكِ
بْنِ نَضْلَةَ مَرْفُوعًا ، فَإِنْ صَحَّ فَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
تَعْظِيمَ أَمَرِ الصَّدَقَةِ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ : يَدُ اللهِ فَوْقَ
أَيْدِيهِمْ ، أَرَادَ تَعْظِيمَ أَمَرِ الْبَيْعَةِ
701- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ
الْمَدِينِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : لا يَجْمَعُ اللَّهُ هَذِهِ الأُمَّةَ عَلَى الضَّلالَةِ أَبَدًا ،
وَيَدُ اللهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ ، فَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي
النَّارِ أَبُو سُفْيَانَ الْمَدِينِيُّ يُقَالُ :
إِنَّهُ سُلَيْمَانُ بْنُ سُفْيَانَ ، وَاخْتُلِفَ فِي كُنْيَتِهِ وَلَيْسَ
بِمَعْرُوفٍ
وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ :
702- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَسَّانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ ، أَخْبَرَنِي
عَبْدُ اللهِ بْنُ طَاوُسٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ ، يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ
ابْنَ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لا يَجْمَعُ اللَّهُ أُمَّتِي ، أَوْ قَالَ
هَذِهِ الأُمَّةَ ، عَلَى الضَّلالَةِ أَبَدًا ، وَيَدُ اللهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ
تَفَرَّدَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ الْعَدَنِيُّ
703- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ
الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَ مَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ الصَّاغَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّالَحِينِيُّ
، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَدُ اللهِ مَعَ الْقَاضِي
حِينَ يَقْضِي ، وَيَدُ اللهِ مَعَ الْقَاسِمِ حِينَ يَقْسِمُ تَفَرَّدَ بِهِ
ابْنُ لَهِيعَةَ فَإِنْ صَحَّ فَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ
مَعَهُ بِالتَّأْيِيدِ وَالنُّصْرَةِ ، وَكَذَلِكَ هُوَ مَعَ الْجَمَاعَةِ
بِالتَّأْيِيدِ وَالنُّصْرَةِ
باب ما ذكر في اليمين والكف
قال الله عز وجل : {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا
قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون} ، وقال}
{ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين} .
704- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ الْجَوْهَرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
مُقَاتِلٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ ، أَخْبَرَنِي
يُونُسُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : يَقْبِضُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ
مُلُوكُ الأَرْضِ ؟.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ.
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ ، عَنْ يُونُسَ
، وَرَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ فِي آخَرِينَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ،
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَكَأَنَّهُ
سَمِعَهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا
705- وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ ،
أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ ، أَخْبَرَهُمْ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ ، قَالَ : قَالَ
سَالِمٌ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَطْوِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ،
ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ ؟ أَيْنَ
الْمُتَكَبِّرُونَ ؟ ثُمَّ يَطْوِي الأَرَضِينَ يَأْخُذُهُنَّ قَالَ ابْنُ
الْعَلاءِ : بِيَدِهِ الأُخْرَى ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ ، أَيْنَ
الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ؟
706- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، إِمْلاءً ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ ، وَمُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيُّ ، قَالا : حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ فَذَكَرَهُ
بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ ، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : ثُمَّ يَطْوِي الأَرَضِينَ
بِشِمَالِهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ أَبِي
بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ هَكَذَا وَذِكْرُ الشِّمَالِ فِيهِ تَفَرَّدَ بِهِ
عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ عَنْ سَالِمٍ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ نَافِعٌ ،
وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، لَمْ يَذْكُرَا فِيهِ
الشِّمَالَ ، وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَغَيْرُهُ ،
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْهُمُ الشِّمَالَ ،
وَرُوِيَ ذِكْرُ الشِّمَالِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ ،
إِلاَّ أَنَّهُ ضَعِيفٌ بِمَرَّةٍ تَفَرَّدَ بِأَحَدِهِمَا جَعْفَرُ بْنُ الزُّبَيْرِ
، وَبِالآخَرِ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ ، وَهُمَا مَتْرُوكَانِ ، وَكَيْفَ يَصِحُّ
ذَلِكَ ؟ وَصَحِيحٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمَّى
كِلْتَيْ يَدَيْهِ يَمِينًا ، وَكَأَنَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ أَرْسَلَهُ مِنْ
لَفْظِهِ عَلَى مَا وَقَعَ لَهُ ، أَوْ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي ذِكْرِ
الشِّمَالِ فِي مُقَابَلَةِ الْيَمِينِ
707- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ الْبَزَّازُ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
الرَّبِيعِ الْمَكِّيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، أُرَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ
دِينَارٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الْمُقْسِطُونَ
عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَلَى يَمِينِ
الرَّحْمَنِ ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ
وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ سُفْيَانَ
708- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا بَكَّارُ
بْنُ قُتَيْبَةَ الْقَاضِي بِمِصْرَ ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى الْقَاضِي
، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ مِنَ الرُّوحِ عَطَسَ ، فَقَالَ :
الْحَمْدُ لِلَّهِ فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِإِذْنِ اللهِ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ : رَحِمَكَ رَبُّكَ يَا آدَمُ وَقَالَ لَهُ :
يَا آدَمُ اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ الْمَلائِكَةِ ، إِلَى مَلأٍ مِنْهُمْ جُلُوسٍ
، فَقُلِ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ ، فَذَهَبَ فَقَالُوا : وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ
اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ ، فَقَالَ : هَذِهِ تَحِيَّتُكَ
وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ بَيْنَهُمْ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ
وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ ، فَقَالَ : اخْتَرْتُ يَمِينَ
رَبِّي ، وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ ، ثُمَّ بَسَطَهَا فَإِذَا فِيهَا
آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَوْلُهُ : رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ يَعْنِي : إِلَى
مُسَاءَلَةِ رَبِّهِ أَوْ إِلَى مَقَامِ نَفْسِهِ الَّذِي يُسْمِعُهُ خِطَابَهُ ،
وَآدَمُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ
709- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس
محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، حَدَّثَنَا أحمد بن يونس ،
حَدَّثَنَا إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد ، قال : {والسماوات مطويات بيمينه} قال : وكلتا
يدي الرحمن يمين . قال : قلت : فأين الناس يومئذ ؟ قال : على جسر جهنم
710- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ
الشَّيْبَانِيُّ ، حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ أَبِي حَامِدٍ الْمُقْرِئُ ،
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ
أَنَسٍ ، يَذْكُرُ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ مُوسَى بْنِ عِيسَى الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ،
فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي
أُنَيْسَةَ ، قَالَ : إِنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَخْبَرَهُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ
يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ ، قَالَ : إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ
مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ
بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسُئِلَ
عَنْهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خَلَقَ
اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَمِينِهِ
فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً ، فَقَالَ : خَلَقْتُ هَؤُلاءِ لِلْجَنَّةِ
وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ وَاسْتَخْرَجَ
مِنْهُ ذُرِّيَّةً ، فَقَالَ : خَلَقْتُ هَؤُلاءِ لِلنَّارِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ
النَّارِ يَعْمَلُونَ فَقَالَ رَجُلٌ :
يَا رَسُولَ اللهِ فَفِيمَ الْعَمَلُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا خَلَقَ الرَّجُلَ
لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى
عَمِلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَيُدْخِلَهُ بِهِ الْجَنَّةَ ،
وَإِذَا خَلَقَ الرَّجُلَ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ
فَيُدْخِلَهُ بِهِ النَّارَ فِي هَذَا إِرْسَالٌ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ لَمْ
يُدْرِكْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
711- أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِيَّا الأَدِيبُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْقَبَّانِيُّ
، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ
، حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ
سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ النَّصْرِيِّ ، عَنْ
أَبِيهِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ ، قَالَ : إِنَّ
رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ أَيُبْتَدَأُ
الأَعْمَالُ أُمْ قَدْ قُضِيَ الْقَضَاءُ ؟ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
لَمَّا أَخْرَجَ ذُرِّيَّةَ آدَمَ مِنْ ظَهْرِهِ أُشْهِدُهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ح.
712- وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ
إِمْلاءً ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
بْنِ أَبِي حَسَّانَ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ ،
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ ، حَدَّثَنِي رَاشِدُ بْنُ
سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَتَادَةَ النَّصْرِيِّ ، عَنْ هِشَامِ
بْنِ حَكِيمٍ ، قَالَ : إِنَّ رَجُلا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُبْتَدَأُ الأَعْمَالُ أَوْ قَدْ
قُضِيَ الْقَضَاءُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخَذَ ذُرِّيَّةَ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ
وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ أَفَاضَ بِهِمْ فِي كَفَّيْهِ ،
فَقَالَ : هَؤُلاءِ لِلْجَنَّةِ ، وَهَؤُلاءِ لِلنَّارِ ، فَأَهَلُ الْجَنَّةِ
مُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَأَهْلُ النَّارِ مُيَسَّرُونَ
لِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ
713- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا الصاغاني ، حَدَّثَنَا أبو صالح ، حَدَّثَنَا يحيى
بن أيوب ، عن يحيى بن أبي أسيد ، عن أبي فراس ، مولى عبد الله بن
عمرو عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال : لما
خلق الله عز وجل آدم نفضه نفض المزود فخر منه مثل النغف ، فقبض قبضتين ، فقال لما
في اليمين في الجنة ، وقال لما في الأخرى في النار . هذا موقوف
714- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَزْهَرِ ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ
جَرِيرٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ح وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُكْرَمٍ بِبَغْدَادَ ،
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ كُلْثُومِ
بْنِ جَبْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَخَذَ
اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِنَعْمَانَ
، يَعْنِي بِعَرَفَةَ ، فَلَمَّا أَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ
ذَرَأَهَا نَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلا ،
فَقَالَ : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا
يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، إِلَى قَوْلِهِ بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ
715- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْحُسَيْنُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ سَلَمَةَ الْهَمَذَانِيُّ ، بِهَا ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
جَعْفَرٍ هُوَ الْقَطِيعِيُّ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا
هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ.
قَالَ : سَمِعْتُ الأَشْعَرِيَّ ، يَقُولُ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الأَرَضِينَ فَجَاءَ بَنُو
آدَمَ عَلَى قَدْرِ الأَرْضِ ، فَمِنْهُمُ الأَحْمَرُ وَالأَبْيَضُ وَالأَسْوَدُ
وَبَيْنَ ذَلِكَ وَالسَّهْلُ وَالْحَزِنُ وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ
716- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ الْمَلِكِ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ
التَّيْمِيُّ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنِ ابْنِ
مَسْعُودٍ ، أَوْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
قَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَمَّرَ طِينَةَ آدَمَ عَلَيْهِ
السَّلامُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، شَكَّ يَزِيدُ ، ثُمَّ
ضَرَبَ بِيَدِهِ فَمَا كَانَ مِنْ طَيِّبٍ خَرَجَ بِيَمِينِهِ ، وَمَا كَانَ مِنْ
خَبِيثٍ خَرَجَ بِيَدِهِ الأُخْرَى ، ثُمَّ خَلَطَهُ ، فَمِنْ ثَمَّ يُخْرِجُ
الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ، وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ
717- وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ
، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ،
عَنْ أَبِي ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، أَوْ
سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ أَبِي ، وَلا أُرَاهُ إِلاَّ
سَلْمَانَ ، قَالَ : خَمَّرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى طِينَةَ آدَمَ عَلَيْهِ
السَّلامُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ فَخَرَجَ
كُلُّ طَيِّبٍ بِيَمِينِهِ ، وَكُلُّ خَبِيثٍ بِيَدِهِ الأُخْرَى ، ثُمَّ خَلَطَ
بَيْنَهُمَا ، فَمِنْ ثَمَّ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَالْمَيِّتَ مِنَ
الْحَيِّ هَذَا مَوْقُوفٌ ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ
، فَقَالَ : عَنْ سَلْمَانَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ سَلْمَانَ
كَانَ قَدْ أَخَذَ أَمْثَالَ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى أَسْلَمَ بَعْدُ
وَرُوِيَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ عَنِ التَّيْمِيِّ مَرْفُوعًا ،
وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ، ثُمَّ تَأْوِيلُهُ مَذْكُورٌ فِي آخِرِ الْبَابِ ،
وَسَنَرْوِي فِيمَا بَعْدُ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَابْنِ
عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ : أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ مَلَكَ
الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلامُ بِذَلِكَ ، فَأَخَذَ مِنْ وَجْهِ الأَرْضِ وَخَلَطَ
718- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ ، ثنا
دَاوُدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ
حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ الشَّيْبَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو الْمُسْتَمْلِيُّ ، وَإِبْرَاهِيمُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلانِيُّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ
شَاذَانَ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ
، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ ،
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ
بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ ، وَلا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ ، إِلاَّ
أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو فِي كَفِّ
الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ
فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ من حديث عبد الله بن دينار ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْكَفِّ فِي حَدِيثِهِ
719- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو
هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَمِينُ اللهِ مَلأَى لا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ
اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ
مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِمَّا فِي
يَمِينِهِ ، قَالَ : وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَبِيَدِهِ الأُخْرَى الْقَبْضُ ،
يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ،
كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ من حديث شعيب بن أبي حمزة ،
عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَقَالَ :
يَدُ اللهِ مَلأَى ، وَقَالَ : وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ
720- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالا : حَدَّثَنَا أًبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَسَدٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، يُبَلِّغُ بِهِ ، عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ ، وَقَالَ : يَمِينُ اللهِ مَلأَى
سَحَّاءُ لا يَغِيضُهَا شَيْءٌ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ
721- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ
الرَّمَادِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَنَسٍ.
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَنِي أَنْ
يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : زِدْنَا يَا
رَسُولَ اللهِ ، وَقَالَ : وَهَكَذَا وَجَمَعَ يَدَيْهِ ، قَالَ : زِدْنَا يَا
رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : وَهَكَذَا فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
حَسْبُكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : دَعْنِي يَا عُمَرُ وَمَا
عَلَيْكَ أَنْ يُدْخِلَنَا الْجَنَّةَ كُلَّنَا ؟ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ : إِنْ شَاءَ أَدْخَلَ خَلْقَهُ الْجَنَّةَ بِكَفٍّ وَاحِدَةٍ ، فَقَالَ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ عُمَرُ وَرَوَاهُ خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ ،
عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَوْ
عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالشَّكِّ
722- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا خَلَفٌ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، فَذَكَرَهُ
وَرَوَاهُ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
قَتَادَةَ بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ
عُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَمَرَّةً ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِي عُمَيْرٍ ، وَقَالَ : فَقَالَ عُمَرُ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِنْ شَاءَ أَدْخَلَ النَّاسَ
الْجَنَّةَ جُمْلَةً وَاحِدَةً ، وَقَالَ فِي ابْتِدَائِهِ فَقَالَ عُمَيْرٌ ،
بَدَلَ أَبِي بَكْرٍ
723- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْفَضْلِ بْنِ نَظِيفٍ ، بِمَكَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ
أَحْمَدُ بْنُ مَحْمُودٍ الشَّمْعِيُّ ، إِمْلاءً ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ
عَمْرٍو الْعَكْبُرِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا أُمَامَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ
أَلْفًا كُلَّ وَاحِدٍ سَبْعِينَ أَلْفًا وَثَلاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ
رَبِّي قَالَ تَابَعَهُ بَقِيَّةٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ رَجُلٍ
مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالشَّكِّ ، وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِمَا
عَنْهُ بِلا شَكٍّ وَفِيهِ ضَعْفٌ قُلْتُ : أَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ هَذِهِ
الأُمَّةِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُفَسِّرُوا مَا كَتَبْنَا مِنَ الآيَتَيْنِ وَالأَخْبَارِ
فِي هَذَا الْبَابِ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ بِأَجْمَعِهِمْ
أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَاحِدٌ لا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّبْعِيضُ
724- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي
عمرو ، قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن عبيد
الله المنادي ، حَدَّثَنَا يونس بن محمد ، حَدَّثَنَا شيبان النحوي ، عن قتادة ،
قوله : {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات
بيمينه} لم يفسرها قتادة
725- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا عبد
الله محمد بن إبراهيم بن حمش ، سمعت أبا العباس الأزهري ، سمعت سعيد بن يعقوب
الطالقاني ، سمعت سفيان بن عيينة ، يقول : كل ما وصف الله تعالى من نفسه في كتابه
فتفسيره تلاوته والسكوت عليه
726- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال سمعت خلف بن محمد
البخاري.
سمعت محمد بن هارون الكرابيسي ، يقول : سمعت أبا عبد
الله محمد بن أبي حفص قال ـ قال الشيخ : يعني أباه ـ : قال أفلح بن محمد : قلت
لعبد الله بن المبارك : يا أبا عبد الرحمن ، إني أكره الصفة ـ عنى صفة الرب تبارك
وتعالى ـ . فقال له عبد الله : أنا أشد الناس كراهية لذلك ، ولكن إذا نطق الكتاب بشيء
جسرنا عليه ، وإذا جاءت الأحاديث المستفيضة الظاهرة تكلمنا به . قلت : وإنما أراد
والله أعلم الأوصاف الخبرية ، ثم تكلمهم بها على نحو ما ورد به الخبر لا يجاوزونه
. وذهب بعض أهل النظر منهم إلى أن اليمين يراد به اليد والكف عبارة عن اليد ،
واليد لله تعالى صفة بلا جارحة ، فكل موضع ذكرت فيه من كتاب وسنة صحيحة فالمراد بذكرها
تعلقها بالكائن المذكور معها ، من الطي والأخذ ، والقبض والبسط ، والمسح ، والقبول
، والإنفاق ، وغير ذلك تعلق الصفة الذاتية بمقتضاها من غير مباشرة ولا مماسة ،
وليس في ذلك تشبيه بحال . وذهب آخرون إلى أن القبضة في غير هذا الموضع قد يكون بالجارحة
تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، وقد يكون بمعنى الملك والقدرة يقال : ما فلان إلا
في قبضتي . يعني : ما فلان إلا في قدرتي . والناس يقولون : الأشياء في قبضة الله .
يريدون في ملكه وقدرته ، وقد تكون بمعنى إفناء الشيء وإذهابه ، يقال : فلان قبضه الله
بمعنى أنه أفناه وأذهبه من دار الدنيا فقوله جل ثناؤه} {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة}
يحتمل أن يكون المراد به : والأرض جميعا ذاهبة فانية يوم القيامة بقدرته على
إفنائها وقوله} {والسماوات مطويات بيمينه} ، ليس يريد به طيا بعلاج وانتصاب ،
وإنما المراد به الفناء والذهاب .
يقال : قد انطوى عنا ما كنا فيه ، وجاءنا غيره ، وانطوى
عنا دهر بمعنى المضي والذهاب.
وقوله : {بيمينه} ، يحتمل أن يكون إخبارا عن الملك
والقدرة ، كقوله : {من ما ملكت أيمانكم} يريد به الملك ، وقد قيل : قوله : {مطويات
بيمينه} يريد به ذاهبات بقسمه ، أي أقسم ليفنيها.
وقوله : {لأخذنا منه باليمين} أي بالقوة والقدرة ، أي :
أخذنا قدرته وقوته . وقال ابن عرفة : أي لأخذنا بيمينه ، فمعناه التصرف {ثم لقطعنا
منه الوتين} أي عرقا في القلب . وقيل
: هو حبل القلب إذا انقطع مات صاحبه . أخبرنا أبو سعيد
بن أبي عمرو ، حَدَّثَنَا أبو العباس الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن الجهم قال : قال
الفراء : اليمين : القوة والقدرة ، قال الشاعر : إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة
باليمين وقال في قوله : {لأخذنا منه باليمين} بالقدرة والقوة ، وقال في قوله :
{كنتم تأتوننا عن اليمين} يقول : كنتم تأتوننا من قبل الدين . أي تأتوننا تخدعوننا
بأقوى الوجوه . قالوا : واليمين المذكور في الأخبار التي ذكرناها محمول في بعضها
على القوة والقدرة ، وهو ما في الأخبار التي وردت على وفق الآية ، وفي بعضها على
حسن القبول ، لأن في عرف الناس أن أيمانهم تكون مرصدة لما عز من الأمور ، وشمائلهم
لما هان منها ، والعرب تقول : فلان عندنا باليمين ، أي بالمحل الجليل . ومنه قول
الشاعر :
أقول لناقتي إذ بلغتني لقد أصبحت عندي باليمين أي بالمحل
الجليل.
وأما قوله : كلتا يديه يمين . فإنه أراد بذلك التمام
والكمال ، وكانت العرب تحب التيامن وتكره التياسر لما في التياسر من النقصان وفي
التيامن من التمام . وقال أبو سليمان الخطابي رحمه الله : ليس فيما يضاف إلى الله
عز وجل من صفة اليدين شمال لأن الشمال محل النقص والضعف ، وقد روي كلتا يديه يمين
، وليس معنى اليد عندنا الجارحة ، إنما هو صفة جاء بها التوقيف ، فنحن نطلقها على
ما جاءت ولا نكيفها ، وننتهي إلى حيث انتهى بنا الكتاب والأخبار المأثورة الصحيحة
وهو مذهب أهل السنة والجماعة . قلت : وأما قوله : في كف الرحمن . فمعناه عند أهل النظر
: في ملكه وسلطانه
728- ومنه قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، إن صح ،
فيما أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أَخْبَرَنَا أبو العباس محمد بن إسحاق الضبعي ،
حَدَّثَنَا الحسن بن علي بن زياد ، حَدَّثَنَا إسماعيل بن أبي أويس ، حدثني محمد
بن عتبة الخزاز ، عن حماد بن عمرو الأسدي ، عن حماد بن ثلج ، عن ابن مسعود قال :
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثيرا ما يخطب كان يقول على المنبر
خفض عليك فإن الأمور بكف الإله مقاديرها فليس بآتيك
منهيها ولا قاصر عنك مأمورها قال أهل النظر : قوله : بكف الإله . أي في ملك الإله
وقدرته ، وقد تكون الكف في مثل ما ورد في الخبر المرفوع بمعنى النعمة والله أعلم .
وقوله : يمين الله ملأى . يريد كثرة نعمائه قال أبو سليمان رحمه الله : وقوله : لا
يغيضها نفقة . يريد : لا ينقصها ، وأصله من غاض الماء إذا ذهب في الأرض ، ومنه
قولهم : هذا غيض من فيض ، أي : قليل من كثير . وقوله : سحاء السح السيلان : يريد
كأنها لامتلائها تسيل بالعطاء أبدا . والسح والصب مثل في هذا . وقوله : بيده
الميزان يخفض ويرفع ، فالميزان ههنا أيضا مثل ، وإنما هو قسمته بالعدل بين الخلق ،
يخفض من يشاء أن يضعه ، ويرفع من يشاء أن يرفعه ، ويوسع الرزق على من يشاء ، ويقتر
على من يشاء ، كما يصنعه الوزان عند الوزن ، يرفع مرة ويخفض أخرى
729- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ ح قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ
الْفَقِيهُ ، بِبُخَارَى ، أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ
الْحَافِظُ ، قَالا : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ ، سَمِعْتُ عَطَاءً ، يُحَدِّثُ عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : يَأْتِي الرُّكْنُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ ، أَعْظَمُ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ ، لَهُ
لِسَانٌ وَشَفَتَانِ ، يَتَكَلَّمُ عَمَّنِ اسْتَلَمَهُ بِالنِّيَّةِ ، وَهُوَ
يَمِينُ اللهِ الَّتِي يُصَافِحُ بِهَا خَلْقَهُ قَالَ أَهْلُ النَّظَرِ :
الْيَمِينُ هَهُنَا عِبَارَةٌ عَنِ النِّعْمَةِ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ تَمْثِيلٌ ،
فَإِنَّ الْمَلِكَ إِذَا صَافِحَ رَجُلا قَبَّلَ الرَّجُلُ يَدَهُ ، وَفِي
إِسْنَادِ الْحَدِيثِ ضَعْفٌ
باب ما ذكر في الأصابع
730- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا
سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَقَالَ : يَا
أَبَا الْقَاسِمِ أَبَلَغَكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَحْمِلُ السَّمَاوَاتِ
عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ ،
وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالْخَلائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ ؟ فَضَحِكَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ
جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا
قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ
731- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحَ بْنَ هَانِئٍ ، وَأَبُو
الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ ، وَأَبُو إسحاق إبراهيم بن محمد ، قَالُوا :
نا
السَّرِيُّ بْنُ خُزَيْمَةَ ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ
حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، قَالَ :
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ ، يَقُولُ : قَالَ عَبْدُ اللهِ
: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ ، لَمْ يَقُلْ : أَبَلَغَكَ ؟ زَادَ ثُمَّ يَقُولُ :
أَنَا الْمَلِكُ ، أَخْبَرَنَا الْمَلِكُ ، قَالَ : فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ : ثُمَّ
قَالَ : وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي
"الصَّحِيحِ" جَمِيعًا ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ،
وَكَذَلِكَ.
رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ ، وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ ،
وغيرهما ، عَنِ الأَعْمَشِ وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنِ
الأَعْمَشِ ، وَزَادَ فِيهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ : تَصْدِيقًا لَهُ : تَعَجُّبًا
لِمَا قَالَ
732- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ
سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ،
عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ،
قَالَ : جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولَ اللَّهَ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ :
إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَعَلَ اللَّهُ
السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ ، فَذَكَرَهُ ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِ :
وَالْخَلائِقُ عَلَى إِصْبَعٍ وَلَكِنْ فِي حَدِيثِهِ : وَالْجِبَالُ عَلَى
إِصْبَعٍ ، وَزَادَ مَا ذَكَرْنَا.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ
733- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عُبَيْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ
، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبِيدَةَ
السَّلْمَانِيَّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : جَاءَ حَبْرٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَوْ يَا رَسُولَ
اللهِ ، إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالأَرَضِينَ عَلَى
إِصْبَعٍ ، وَالْجِبَالَ وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى
عَلَى إِصْبَعٍ ، وَسَائِرَ الْخَلْقِ عَلَى إِصْبَعٍ ، فَيَهُزُّهُنَّ فَيَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ
، قَالَ : فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ
نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ ، ثُمَّ قَالَ : وَمَا قَدَرُوا
اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ،
إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ آدَمَ ، عَنْ شَيْبَانَ
734- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ
الْقَطَّانُ ، بِبَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا
أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التِّرْمِذِيُّ ، حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ ، ثنا
عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ
الْحَمِيدِ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ إِلاَّ أَنَّهُ
قَالَ : جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ ، فَقَالَ : يَضَعُ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
عَلَى إِصْبَعٍ ، وَقَالَ تَعَجُّبًا لَهُ : تَصْدِيقًا لَهُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي
"الصَّحِيحِ" ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ جَرِيرٍ ،
وَكَذَلِكَ.
رَوَاهُ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ مَنْصُورٍ ،
وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبِيدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ لَمْ يَقُلْ : تَصْدِيقًا لَهُ
735- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو
حَامِدِ بْنُ الشَّرْقِيِّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَزْهَرِ السَّلِيطِيِّ ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ الْغَنَوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ
نَصْرٍ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ :
كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُ حَبْرٌ
مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ ، فَجَلَسَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَدَّثَنَا قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَعَلَ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ ،
وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْمَاءَ
وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَجَمِيعَ الْخَلائِقِ عَلَى إِصْبَعٍ ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ
يَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِمَا قَالَ ثُمَّ قَرَأَ الآيَةَ : وَمَا قَدَرُوا
اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ،
إِلَى قَوْلِهِ : سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ، قَرَأَهَا كُلَّهَا
، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الْحُنَيْنِ الْكُوفِيِّ ، عَنِ الْغَنَوِيِّ
قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا
فَإِنَّهُمْ لَمْ يَشْتَغِلُوا بِتَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَمَا جَرَى
مَجْرَاهُ ، وَإِنَّمَا فَهِمُوا مِنْهُ وَمِنْ أَمْثَالِهِ مَا سَيقَ لأَجْلِهِ
مِنْ إِظْهَارِ قُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى وَعِظَمِ شَأْنِهِ ، وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ
مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِي تَأْوِيلِهِ بِمَا يَحْتَمِلُهُ فَذَهَبَ
أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى أَنَّ الأَصْلَ فِي
هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ فِي إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ الصِّفَاتِ أَنَّهُ لا يَجُوزُ
ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بِكِتَابٍ نَاطِقٍ أَوْ خَبَرٍ مَقْطُوعٍ بِصَحَّتِهِ
، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فِيمَا يَثْبُتُ مِنْ أَخْبَارِ الآحَادِ الْمُسْتَنِدَةِ
إِلَى أَصْلٍ فِي الْكِتَابِ أَوْ فِي السُّنَّةِ الْمَقْطُوعِ بِصِحَّتِهَا أَوْ بِمُوَافَقَةِ
مَعَانِيهَا ، وَمِمَّا كَانَ بِخِلافِ ذَلِكَ فَالتَّوَقُّفُ عَنْ إِطْلاقِ
الاسْمِ بِهِ هُوَ الْوَاجِبُ ، وَيُتَأَوَّلُ حِينَئِذٍ عَلَى مَا يَلِيقُ
بِمَعَانِي الأُصُولِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا مِنْ أَقَاوِيلِ أَهْلِ الدِّينِ
وَالْعِلْمِ مَعَ نَفْيِ التَّشْبِيهِ فِيهِ ، هَذَا هُوَ الأَصْلُ الَّذِي نَبْنِي
عَلَيْهِ الْكَلامَ
وَنَعْتَمِدُهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَذِكْرُ الأَصَابِعِ
لَمْ يُوجَدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكِتَابِ وَلا مِنَ السُّنَّةِ الَّتِي شَرْطُهَا
فِي الثُّبُوتِ مَا وَصَفْنَاهُ ، وَلَيْسَ مَعْنَى الْيَدِ فِي الصِّفَاتِ ،
بِمَعْنَى الْجَارِحَةِ حَتَّى يُتَوَهَّمَ بِثُبُوتِهَا الأَصَابِعُ ، بَلْ هُوَ
تَوْقِيفٌ شَرْعِيُّ ، أَطْلَقْنَا الاسْمَ فِيهِ عَلَى مَا جَاءَ بِهَ الْكِتَابُ
أَوِ السُّنَّةُ أَوْ أَنْ يَكُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَعَانِيهَا ، وَقَدْ رَوَى
هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ
عُبَيْدَةَ ، فَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ قَوْلُهُ : تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ.
قَالَ الشَّيْخُ : قَدْ رُوِّينَا مُتَابَعَةَ
عَلْقَمَةَ إِيَّاهُ فِي ذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَالْيَهُودُ مُشَبِّهَةٌ ،
وَفِيمَا يَدَّعُونَهُ مَنَزَّلا فِي التَّوْرَاةِ أَلْفَاظٌ تَدْخُلُ فِي بَابِ التَّشْبِيهِ
، لَيْسَ الْقَوْلُ بِهَا مِنْ مَذَاهِبِ الْمُسْلِمِينَ ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : مَا حَدَّثَكُمْ
أَهْلُ الْكِتَابِ فَلا تُصَدِّقُوهُمْ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا
بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَوْلَى الْخَلْقِ بِأَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَعْمَلَهُ مَعَ هَذَا
الْحَبْرِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَنْطِقْ فِيهِ
بِحَرْفٍ تَصْدِيقًا لَهُ أَوْ تَكْذِيبًا ، إِنَّمَا ظَهْرَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ
الضَّحِكُ الْمُخَيِّلُ لِلرِّضَا مَرَّةً ، وَالتَّعَجُّبِ وَالإِنْكَارِ أُخْرَى
، ثُمَّ تَلا الآيَةَ ، وَالآيَةُ مُحْتَمِلَةٌ لِلْوَجْهَيْنِ مَعًا وَلَيْسَ
فِيهَا لِلأَصَابِعِ ذِكْرٌ ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ مِنَ الرُّوَاةِ : تَصْدِيقًا
لِقَوْلِ الْحَبْرِ ظَنٌّ وَحُسْبَانٌ ، وَالأَمْرُ فِيهِ ضَعِيفٌ ، إِذْ كَانَ لا
تُمَحَّضُ شَهَادَتُهُ لأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، وَرُبَّمَا اسْتَدَلَّ
الْمُسْتَدِلُّ بِحُمْرَةِ اللَّوْنِ عَلَى الْخَجَلِ ، وَبِصُفْرَتِهِ عَلَى
الْوَجَلِ ، وَذَلِكَ غَالِبٌ
مَجْرَى الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ ، ثُمَّ لا يَخْلُو ذَلِكَ
مِنِ ارْتِيَابٍ وَشَكٍّ فِي صَدْقِ الشَّهَادَةِ مِنْهَا بِذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ
تَكُونَ الْحُمْرَةُ لِهَيَاجِ دَمٍ وَزِيَادَةِ مِقْدَارٍ لَهُ فِي الْبَدَنِ ،
وَأَنْ تَكُونَ الصُّفْرَةُ لِهَيَاجِ مَوَادٍّ وَثَوَرَانِ خَلْطٍ ، وَنَحْوَ
ذَلِكَ ، فَالاسْتِدْلالِ بِالتَّبَسُّمِ وَالضَّحِكِ فِي مِثْلِ هَذَا الأَمْرِ
الْجَسِيمِ قَدْرُهُ ، الْجَلِيلِ خَطَرُهُ غَيْرُ سَائِغٍ مَعَ تَكَافُؤِ
وَجْهَيِ الدَّلالَةِ الْمُتَعَارِضَيْنِ فِيهِ ، وَلَوْ صَحَّ الْخَبَرُ مِنْ
طَرِيقِ الرِّوَايَةِ كَانَ ظَاهَرَ اللَّفْظِ مِنْهُ مُتَأَوَّلا عَلَى نَوْعٍ مِنَ
الْمَجَازِ أَوْ ضَرْبٍ مِنَ التَّمْثِيلِ ، قَدْ جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْكَلامِ
بَيْنَ النَّاسِ فِي عُرْفِ تَخَاطُبِهِمْ ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ
عَلَى تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ
بِيَمِينِهِ أَيْ قَدَّرْتُهُ عَلَى طَيِّهَا ، وَسُهُولَةُ الأَمْرِ فِي
جَمْعِهَا ، وَقِلَّةُ اعْتِيَاصِهَا عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَمَعَ شَيْئًا
فِي كَفِّهِ فَاسْتَخَفَّ حِمْلَهُ فَلَمْ يَشْتَمِلْ بِجَمِيعِ كَفِّهِ عَلَيْهِ
لَكِنَّهُ يُقِلُّهُ بِبَعْضِ أَصَابِعِهِ ، فَقَدْ يَقُولُ الإِنْسَانُ فِي
الأَمْرِ الشَّاقِ إِذَا أُضِيفَ إِلَى الرَّجُلِ الْقَوِيِّ الْمُسْتَقِلُّ
بِعِبْئِهِ : إِنَّهُ لَيَأْتِي عَلَيْهِ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَنَّهُ يَعْمَلُهُ
بِخِنْصَرِهِ ، أَوْ أَنَّهُ يَكْفِيهِ بِصُغْرَى أَصَابِعِهِ ، أَوْ مَا أَشْبَهَ
ذَلِكَ مِنَ الْكَلامِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الاسْتِظْهَارُ فِي الْقُدْرَةِ
عَلَيْهِ ، وَالاسْتِهَانَةُ بِهِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ : الرُّمْحُ لا أَمْلأُ كَفِّي بِهِ
وَاللِّبْدُ لا أَتْبَعُ تَزَاوُلَهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لا يَتَكَلَّفُ أَنْ
يَجْمَعَ كَفَّهُ فَيَشْتَمِلُ بِهَا كُلِّهَا عَلَى الرُّمْحِ لَكِنْ يَطْعُنُ
بِهِ خِلْسًا بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَيُؤَكِّدُ مَا ذَهَبْنَا
إِلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَعْنِي مَا
736- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ
أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ ،
حَدَّثَنَا ابْنُ عُفَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ وَيَطْوِي
السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ
الأَرْضِ ؟.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَهَذَا
قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَفْظُهُ جَاءَ عَلَى وِفَاقِ
الآيَةِ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ،
لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الأَصَابِعِ ، وَتَقْسِيمُ الْخَلِيقَةِ عَلَى أَعْدَادِهَا ،
فَدُلَّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَخْلِيطِ الْيَهُودِ وَتَحْرِيفِهِمْ ، وَأَنَّ ضَحِكَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ عَلَى مَعْنَى
التَّعَجُّبِ مِنْهُ وَالنَّكِيرُ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
737- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر القاضي قالا
: حَدَّثَنَا أبو العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا الحسن بن علي بن عفان ، حَدَّثَنَا
الحسن يعني ابن عطية ، عن يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير
، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما قال : إن اليهود والنصارى وصفوا الرب عز وجل فأنزل
الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم : {وما قدروا الله حق قدره} ثم بين للناس
عظمته ، فقال : {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة
والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون} فجعل
وصفهم ذلك شركا . هذا الأثر عن ابن عباس إن صح يؤكد ما قاله أبو سليمان رحمه الله
. وقال أبو الحسن علي بن محمد بن مهدي الطبري رحمه الله : إنا لا ننكر هذا الحديث
ولا نبطله لصحة سنده ، ولكن ليس فيه أنه يجعل ذلك على إصبع نفسه ، وإنما فيه أنه
يجعل ذلك على إصبع ، فيحتمل أنه أراد إصبعا من أصابع خلقه قال : وإذا لم يكن ذلك
في الخبر لم يجب أن يجعل لله إصبعا
738- وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ ، قَالا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ،
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ
مِقْسَمٍ ، أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ كَيْفَ يَحْكِي رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يَأْخُذُ اللَّهُ سَمَاوَاتِهِ
وَأَرَاضِيهِ بِيَدَيْهِ فَيَقُولُ أَنَا اللَّهُ ، وَيَقْبِضُ أَصَابِعَهُ وَيَبْسُطُهَا
، أَخْبَرَنَا الْمَلِكُ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ
أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ ، حَتَّى إِنِّي لأَقُولُ أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟
739- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ،
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ
، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
عُمَرَ ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى
الْمِنْبَرِ ، وَهُوَ يَقُولُ : يَأْخُذُ الْجَبَّارُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ
بِيَدِهِ قَالَ : ثُمَّ ذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ فَقَدْ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ بِالإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا هَكَذَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبِضُ أَصَابِعَهُ وَيَبْسُطُهَا
، ثُمَّ تَأْوِيلُهُ مَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
740- وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو
طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ الْعَدْلُ ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ
بْنُ أَبِي أُسَامَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ ،
حَدَّثَنَا حَيْوَةُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا
عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، يَقُولُ ، إِنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ ، يَقُولُ ، إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ
أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهَا حَيْثُ يَشَاءُ ثُمَّ قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ
الْقُلُوبِ اصْرِفْ قُلُوبَنَا إِلَى طَاعَتِكَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ وَغَيْرِهِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئِ
741- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الأَصَمُّ ، أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ
الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ
جَابِرٍ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ
، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلابِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : الْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ
يَرْفَعُ أَقْوَامًا وَيَضَعُ آخَرِينَ ، وَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ بَيْنَ
إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ
أَزَاغَهُ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ :
يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ فَقَدْ قَرَأْتُ بِخَطِّ
أَبِي حَاتِمٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَأْوِيلِ
هَذَا الْخَبَرِ ، قِيلَ : مَعْنَاهُ تَحْتَ قَدْرَتِهِ وَمُلْكِهِ ، وَفَائِدَةُ
تَخْصِيصِهَا بِالذِّكْرِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْقُلُوبَ مَحِلا لِلْخَوَاطِرِ
وَالإِيرَادَاتِ وَالْعُزُومِ وَالنِّيَّاتِ ، وَهِيَ مُقَدِّمَاتُ الأَفْعَالِ ،
ثُمَّ جَعَلَ سَائِرَ الْجَوَارِحِ تَابَعَةٌ لَهَا فِي الْحَرَكَاتِ
وَالسَّكَنَاتِ ، وَدُلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَفْعَالا مَقْدُورَةٌ لِلَّهِ
تَعَالَى مَخْلُوقَةٌ ، لا يَقَعُ شَيْءٌ دُونَ إِرَادَتِهِ ، وَمَثَّلَ
لأَصْحَابِهِ قُدْرَتَهُ الْقَدِيمَةَ بِأَوْضَحِ مَا يَعْقِلُونَ مِنْ
أَنْفُسِهِمْ ، لأَنَّ الْمَرْءَ لا يَكُونُ أَقْدَرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى
مَا بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا بَيْنَ نِعْمَتَيِ النَّفْعِ
وَالدَّفْعِ ، أَوْ بَيْنَ أَثَرَيْهِ فِي الْفَضْلِ وَالْعَدْلِ ، يُؤَيِّدُهُ
أَنَّ فِي بَعْضِ هَذِهِ الأَخْبَارِ : إِذَا شَاءَ أَزَاغَهُ وَإِذَا شَاءَ أَقَامَهُ
وَيُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ فِي سِيَاقِ الْخَبَرِ : يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ
قَلْبِي وَإِنَّمَا ثَنَّى لَفْظَ الإِصْبَعَيْنِ وَالْقُدْرَةُ وَاحِدَةٌ
لأَنَّهُ جَرَى عَلَى الْمَعْهُودِ مِنْ لَفْظِ الْمَثَلِ وَزَادَ عَلَيْهِ
غَيْرُهُ فِي تَأْكِيدِ التَّأْوِيلِ الأَوَّلِ بِقَوْلِهِمْ : مَا فُلانٌ إِلاَّ
فِي يَدِي ، وَمَا فُلانٌ إِلاَّ فِي كَفِّي ، وَمَا فُلانٌ إِلاَّ فِي خِنْصَرِي
، يُرِيدُ بِذَلِكَ إِثْبَاتَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ ، لا أَنَّ خِنْصَرَهُ يَحْوِي
فُلانًا ، وَكَيْفَ يَحْوِيهِ وَهِيَ بَعْضٌ مِنْ جَسَدِهِ ؟ وَقَدْ يَكُونُ
فُلانٌ أَشَدَّ بَطْشًا وَأَعْظَمَ مِنْهُ جِسْمًا
باب ما ذكر في الساعد والذراع
742- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيِّ
بْنِ رُسْتُمَ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح وَأَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ الْعَدْلُ ، حَدَّثَنَا
أَبُو الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو
الْوَلِيدُ الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ
أَبِي الأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا قَشِفُ الْهَيْئَةِ ، فَقَالَ : هَلْ
لَكَ مِنْ مَالٍ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ قَالَ : مِنْ أَيِّ
الْمَالِ ؟ قُلْتُ : مِنْ كُلٍّ مِنَ الإِبِلِ وَالْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ
وَالْغَنَمِ قَالَ : فَإِذَا آتَاكَ اللَّهُ مَالا فَلْيُرَ عَلَيْكَ قَالَ :
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ تُنْتِجُ إِبِلُ
قَوْمِكَ صِحَاحًا آذَانُهَا فَتَعْمَدُ إِلَى الْمُوسَى فَتَقْطَعُ آذَانَهَا ،
وَتَقُولُ : هِيَ بَحْرٌ ، وَتَشُقُّهَا أَوْ تَشُقُّ جُلُودَهَا وَتَقُولُ : هِيَ حُرُمٌ
فَتُحَرِّمُهَا عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِكَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ قَالَ : فَكُلُّ مَا آتَاكَ
اللَّهُ لَكَ حِلٌّ ، وَسَاعِدُ اللهِ أَشَدُّ مِنْ سَاعِدِكَ ، وَمُوسَى اللهِ
أَحَدُّ مِنْ مُوسَاكَ تَابَعَهُ أَبُو الزَّعْرَاءِ ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ ،
وَأَبُوهُ مَالِكُ بْنُ نَضْلَةَ الْجُشَمِيُّ لَيْسَ لَهُ رَاوٍ غَيْرَ ابْنِهِ
أَبِي الأَحْوَصِ
743- وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيُّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ
مُوسَى ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
إِنَّ غِلَظَ جِلْدِ الْكَافِرِ اثَنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ
الْجَبَّارِ ، وَضِرْسُهُ مِثْلُ أُحُدٍ قَالَ بَعْضُ
أَهْلِ النَّظَرِ فِي قَوْلِهِ : سَاعِدُ اللهِ أَشَدُّ مِنْ سَاعِدِكَ مَعْنَاهُ
: أَمَرُهُ أَنْفَذُ مِنْ أَمْرِكَ ، وَقُدْرَتُهُ أَتَمُّ مِنْ قُدْرَتِكَ ، كَقَوْلِهِمْ
: جَمَعْتُ هَذَا الْمَالَ بِقُوَّةِ سَاعِدِي ، يَعْنِي بِهِ رَأْيَهُ
وَتَدْبِيرَهُ وَقُدْرَتَهُ ، فَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِالسَّاعِدِ
لِلتَّمْثِيلِ لأَنَّهُ مَحِلُّ الْقُوَّةِ ، يُوَضِّحُ ذَلِكَ قَوْلُهُ :
وَمُوسَاهُ أَحَدُّ مِنْ مُوسَاكَ يَعْنِي قَطْعُهُ أَسْرَعُ مِنْ قَطْعِكَ ،
فَعَبَّرَ عَنِ الْقَطْعِ بِالْمُوسَى لِمَا كَانَ سَبَبًا عَلَى مُذْهِبِ
الْعَرَبِ فِي تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا يُجَاوِرُهُ ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ
، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ ، كَمَا سُمِّيتِ الْبَصَرُ عَيْنًا وَالسَّمْعُ أُذُنًا ،
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ : بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ إِنَّ الْجَبَّارَ
هَهُنَا لَمْ يَعْنِ بِهِ الْقَدِيمَ ، وَإِنَّمَا عَنَى
بِهِ رَجُلا جَبَّارًا كَانَ يُوصَفُ بِطُولِ الذِّرَاعِ وَعِظَمِ الْجِسْمِ ،
أَلا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ : {كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ}.
وَقَوْلِهِ : {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} ،
فَقَوْلُهُ : بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ أَيْ بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ الْمَوْصُوفِ
بِطُولِ الذِّرَاعِ وَعِظَمِ الْجَسَدِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ
ذِرَاعًا طَوِيلا يُذْرَعُ بِهِ يُعْرَفُ بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ ، عَلَى مَعْنَى
التَّعْظِيمِ وَالتَّهْوِيلِ ، لا أَنَّ لَهُ ذِرَاعًا كَذِرَاعِ الأَيْدِي
الْمَخْلُوقَةِ
744- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو
العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، حَدَّثَنَا سعيد بن
أبي مريم ، حَدَّثَنَا نافع بن يزيد ، حدثني يحيى بن أيوب ، أن ابن جريج ، حدثه عن
رجل ، عن عروة بن الزبير ، أنه سأل عبد الله بن عمرو بن العاص : أي الخلق أعظم ؟
قال : الملائكة . قال : من ماذا خلقت ؟ قال : من نور الذراعين
والصدر . قال فبسط ذراعين ، فقال : كونوا ألفي ألفين .
قال ابن أيوب : فقلت لابن جريج
: ما ألفا ألفين ؟ قال : ما لا تحصى كثرته . هذا موقوف
على عبد الله بن عمرو وراويه رجل غير مسمى ، فهو منقطع.
وقد بلغني أن ابن عيينة رواه عن هشام بن عروة ، عن أبيه
، عن عبد الله بن عمرو.
فإن صح ذلك فعبد الله بن عمرو وقد كان ينظر في كتب
الأوائل ، فما لا يرفعه إلى النبي عليه السلام يحتمل أن يكون مما رآه فيما وقع
بيده من تلك الكتب ، ثم لا ينكر أن يكون الصدر والذراعان من أسماء بعض مخلوقاته ،
وقد وجد في النجوم ما سمي ذراعين.
وفي الحديث الثابت عن عروة ، عن عائشة قالت : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : خلقت الملائكة من نور.
هكذا مطلقا
باب ما ذكر في الساق
قال الله عز وجل : {يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود
فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم} الآية
745- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ الضَّبِّيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا
الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ،
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
أَبِي هِلالٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَنَرَى
رَبَّنَا تَعَالَى ذِكْرُهُ ؟ قَالَ : هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ
إِذَا كَانَ صَحْوًا ؟ قُلْنَا : لا ، قَالَ : فَتَضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ
الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ إِذَا كَانَ صَحْوًا ؟ قُلْنَا : لا ، قَالَ :
فَإِنَّكُمْ لا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ إِلاَّ كَمَا تُضَارُّونَ فِي
رُؤْيَتِهِمَا ، ثُمَّ نَادَى مُنَادٍ : لِيَذْهِبَ كُلُّ قَوْمٍ مَعَ مَنْ كَانُوا
يَعْبُدُونَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَيَقُولُ هَلْ بَيْنَكُمْ
وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهَا ؟ فَيَقُولُونَ :
السَّاقُ ، فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَيَبْقَى
مَنْ كَانَ يَسْجُدُ رِيَاءً وَسُمْعَةً فَيَذْهَبُ كَيْمَا يَسْجُدُ فَيَعُودُ
ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا قَالَ
:
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ ، وَرَوَاهُ عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسَ ، عَنِ اللَّيْثِ
مُخْتَصَرًا ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ؛ عَنْ عِيسَى بْنِ حَمَّادٍ ، عَنِ
اللَّيْثِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ
اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ : هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا تَهَيَّبَ الْقَوْلَ فِيهِ شُيُوخُنَا ،
فَأَجَرَوْهُ عَلَى ظَاهَرِ لَفْظِهِ ، وَلَمْ يَكْشِفُوا عَنْ بَاطِنِ مَعْنَاهُ
، عَلَى نَحْوِ مَذْهَبِهِمْ فِي التَّوَقُّفِ
عَنْ تَفْسِيرِ كُلِّ مَا لا يُحِيطُ الْعِلْمُ
بِكُنْهِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ ، وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَعْنَى
قَوْلِهِ : يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ
قَالَ : عَنْ شِدَّةٍ وَكَرْبٍ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ
مَعْنَى قَوْلِهِ : يَوْمَ يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ أَيْ عَنْ قَدْرَتِهِ
الَّتِي تَنْكَشِفُ عَنِ الشِّدَّةِ وَالْمَعَرَّةِ
746- وذكر الأثر الذي حدثناه أبو عبد الله الحافظ ،
أَخْبَرَنَا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري ، حَدَّثَنَا الحسين بن محمد القباني
، حَدَّثَنَا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، حَدَّثَنَا عبد الله بن المبارك ، أَخْبَرَنَا
أسامة بن زيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه سئل عن قوله تبارك وتعالى : {يوم
يكشف عن ساق} قال : إذا خفي عليكم شيء من القرآن ، فابتغوه من الشعر ، فإنه ديوان
العرب . أما سمعتم قول الشاعر :
اصبر عناق إنه شر باق قد سن قومك ضرب الأعناق وقامت
الحرب بنا على ساق قال ابن عباس : هذا يوم كرب وشدة . تابعه أبو كريب عن ابن
المبارك . وقال أبو سليمان ، وقال غيره من أهل التفسير والتأويل في قوله : {يوم
يكشف عن ساق} أي : عن الأمر الشديد ، وأنشدوا : قد شمرت عن ساقها فشدوا وجدت الحرب بكم فجدوا
وقال بعض الأعراب ، وكان يطرد الطير عن الزرع في سنة جدب : عجبت من نفسي ومن
إشفاقها ومن طرادي الطير عن أرزاقها في سنة قد كشفت عن ساقها قال الشيخ رضي الله
عنه : هذا وما روينا عن ابن عباس في المعنى يتقاربان ، وقد روي عن ابن عباس بهذا
اللفظ ، وروي بمعناه
747- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي ،
أَخْبَرَنَا أبو الحسن الطرائفي ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد ، حَدَّثَنَا عبد الله
بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في قوله عز وجل
: {يوم يكشف عن ساق} قال : هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة
748- وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حَدَّثَنَا أبو
العباس الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن الجهم ، حَدَّثَنَا يحيى بن زياد الفراء ،
حدثني سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، أنه قرأ} {يوم يكشف عن
ساق} يريد : القيامة والساعة لشدتها . قال الفراء : أنشدني بعض العرب لجد طرفة :
كشفت لهم عن ساقها وبدا من الشر الصراح
749- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أحمد بن
كامل القاضي ، أَخْبَرَنَا أبو جعفر محمد بن سعد بن محمد بن الحسين بن عطية ، حدثني
أبي ، حدثني عمي الحسين بن الحسن بن عطية ، حدثني أبي ، عن جدي عطية بن سعد ، عن
ابن عباس ، في قوله : {يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود} يقول : حين يكشف الأمر وتبدو الأعمال ،
وكشفه دخول الآخرة وكشف الأمر عنه
750- أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أَخْبَرَنَا أبو منصور
النضروي ، حَدَّثَنَا أحمد بن نجدة ، حَدَّثَنَا سعيد بن منصور ، حَدَّثَنَا خالد
بن عبد الله ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : قال ابن مسعود :
يكشف عن ساقه ، فيسجد كل مؤمن ، ويقسو ظهر الكافر فيصير
عظما واحدا
751- وعن إبراهيم قال : قال ابن عباس : يكشف عن أمر شديد
؛ يقال : قد قامت الحرب على ساق
731- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي
عمرو قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا أبو بكر يحيى بن أبي طالب ، أَخْبَرَنَا
حماد بن مسعدة ، أَخْبَرَنَا عمر بن أبي زائدة ، قال : سمعت عكرمة ، سئل عن قوله
سبحانه : {يوم يكشف عن ساق} قال : إذا اشتد الأمر في الحرب قيل : كشفت الحرب عن
ساق . قال : فأخبرهم عن شدة ذلك . قال أبو سليمان رحمه الله : فإنما جاء ذكر الكشف
عن الساق على معنى الشدة ، فيحتمل والله أعلم أن يكون معنى الحديث أنه يبرز من أمر
القيامة وشدتها ما
ترتفع معه سواتر الامتحان ، فيميز عند ذلك أهل اليقين
والإخلاص ، فيؤذن لهم في السجود ، وينكشف الغطاء عن أهل النفاق فتعود ظهورهم طبقا
لا يستطيعون السجود ، قال : وقد تأوله بعض الناس فقال : لا ننكر أن يكون الله سبحانه
قد يكشف لهم عن ساق لبعض المخلوقين من ملائكته أو غيرهم ، فيجعل ذلك سببا لبيان ما
شاء من حكمه في أهل الإيمان وأهل النفاق قال أبو سليمان رحمه الله : وفيه وجه آخر
لم أسمعه من قدوة ، وقد يحتمله معنى اللغة ، سمعت أبا عمر يذكر عن أبي العباس أحمد
بن يحيى النحوي فيما عد من المعاني المختلفة الواقعة تحت هذا الاسم ، قال : والساق
النفس ، قال : ومنه قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين راجعه أصحابه عن قتل
الخوارج فقال : والله لأقاتلنهم ولو تلفت ساقي . يريد نفسه . قال أبو سليمان : فقد
يحتمل على هذا أن يكون المراد به التجلي لهم وكشف الحجب ، حتى إذا رأوه سجدوا له .
قال : ولست أقطع به القول ولا أراه واجبا فيما أذهب إليه من ذلك ، وأسأل الله أن
يعصمنا من القول بما لا علم لنا به
752- وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدَانَ
، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَسَنِيُّ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ
مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ جُنَاحٍ ، عَنْ مَوْلَى ، عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ، قَالَ :
عَنْ نُورٍ عَظِيمٍ يَخِرُّونَ لَهُ سُجَّدًا تَفَرَّدَ
بِهِ رَوْحُ بْنُ جُنَاحٍ ، وَهُوَ شَامِيُّ يَأْتِي
بِأَحَادِيثَ مُنْكَرَةٍ لا يُتَابَعُ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَوَالِي
عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيهِمْ كَثْرَةٌ
باب ما ذكر في القدم والرجل
753- أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ
، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، غَيْرَ مَرَّةٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ الطُّوسِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو
حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ ، قَالا : أنا آدَمُ بْنُ أَبِي
إِيَاسَ الْعَسْقَلانِيُّ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ : هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى
يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَقُولُ : قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ ،
وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ، وَلا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى
يُنْشِئَ اللَّهُ خَلْقًا فَيُسْكِنَهُ فُضُولَ الْجَنَّةِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ ، عَنْ آدَمَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ
شَيْبَانَ ، وَقَدْ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ ، عَنْ قَتَادَةَ ، وَقَالَ
فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَدَمَهُ
وَفِي الرِّوَايَةِ الأُخْرَى عَنْهُ : حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا قَدَمَهُ
وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ ،
عَنْ قَتَادَةَ ، وَقَالا فِي الْحَدِيثِ : رَبَّ الْعَالَمِينَ الْعَالَمِينَ
وَرَوَاهُ شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ
754- كَمَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
بَالَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ
اللهِ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ،
عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يُلْقَى فِي النَّارِ وَتَقُولُ : هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى
يَضَعَ قَدَمَهُ أَوْ رِجْلَهُ عَلَيْهِ ، فَتَقُولُ قَطْ قَطْ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ ، عَنْ حَرَمِيِّ بْنِ عُمَارَةَ
755- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ،
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : هَذَا مَا
حَدَّثَنَا
أَبُو هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ ، فَقَالَتِ
النَّارُ : أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ ، وَقَالَتِ
الْجَنَّةُ : فَمَا لِي لا يُدْخِلُنِي إِلاَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ وَغِرَّتُهُمْ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْجَنَّةِ : أَنْتِ رَحْمَتِي
أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مَنْ عِبَادِي ، وَقَالَ لِلنَّارِ : إِنَّمَا أَنْتِ
عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءِ مِنْ عِبَادِي ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ
مِنْكُمَا مِلْؤُهَا ، فَأَمَّا النَّارُ فَلا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ
فِيهَا رِجْلَهُ ، فَتَقُولُ : قَطْ قَطْ قَطْ ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى
بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ، وَلا يَظْلِمُ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا ، وَأَمَّا
الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ
كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ : حَتَّى يَضَعَ الرَّبُّ قَدَمَهُ فِيهَا وَرَوَاهُ
عَوْفٌ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ ، وَقَالَ : فَيَضَعُ
الرَّبُّ قَدَمَهُ عَلَيْهَا وَرَوَاهُ الأَعْرَجُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ :
فَأَمَّا النَّارُ فَلا تَمْتَلِئُ فَيَضَعُ قَدَمَهُ عَلَيْهَا فَتَقُولُ قَطْ
قَطْ ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ
756- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ
سَوَّارٍ ، حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوٍ مِنْ حَدِيثِ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، إِلاَّ
أَنَّهُ قَالَ :
وَسَقَطُهُمْ وَعَجَزُهُمْ وَانْتَهَى حَدِيثُهُ عِنْدَ
قَوْلِهِ : وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ
غَيْرِ إِضَافَةٍ ، فَقَالَ : حَتَّى يَضَعَ فِيهَا قَدَمًا.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ : فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ ذَكَرِ الْقَدَمَ وَالرِّجْلَ ، وَتَرَكِ
الإِضَافَةِ إِنَّمَا تَرَكَهَا تَهَيُّبًا لَهَا ، وَطَلَبًا لِلسَّلامَةِ مِنْ
خَطَأِ التَّأْوِيلِ فِيهَا ، وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ ، وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ
أَهْلِ الْعِلْمِ ، يَقُولُ : نَحْنُ نَرْوِي هَذِهِ الأَحَادِيثَ وَلا نُرِيغُ لَهَا
الْمَعَانِيَ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَنَحْنُ أَحْرَى بِأَنْ لا
نَتَقَدَّمَ فِيمَا تَأَخَّرَ عَنْهُ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ عِلْمًا وَأَقْدَمُ
زَمَانًا وَسِنًّا ، وَلَكِنَّ الزَّمَانَ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ قَدْ صَارَ
أَهْلُهُ حِزْبَيْنِ : مُنْكَرٌ لِمَا يُرْوَى مِنْ نَوْعِ هَذِهِ الأَحَادِيثِ
رَأْسًا ، وَمُكَذِّبٌ بِهِ أَصْلا ، وَفِي ذَلِكَ تَكْذِيبُ الْعُلَمَاءِ
الَّذِينَ رَوَوْا هَذِهِ الأَحَادِيثَ وَهُمْ أَئِمَّةُ الدِّينِ وَنَقَلَةُ
السُّنَنِ ، وَالْوَاسِطَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالطَّائِفَةُ الأُخْرَى مُسَلِّمَةٌ لِلرِّوَايَةِ فِيهَا
ذَاهِبَةٌ فِي تَحْقِيقِ الظَّاهِرِ مِنْهَا مَذْهَبًا يَكَادُ يُفْضِي بِهِمْ
إِلَى الْقَوْلِ بِالتَّشْبِيهِ ، وَنَحْنُ نَرْغَبُ عَنِ الأَمْرَيْنِ مَعًا ، وَلا
نَرْضَى بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَذْهَبًا ، فَيَحِقُّ عَلَيْنَا أَنْ نَطْلُبَ لِمَا
يَرِدُ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ إِذَا صَحَّتْ مِنْ طَرِيقِ النَّقْلِ
وَالسَّنَدِ.
تَأْوِيلا يَخْرُجُ عَلَى مَعَانِي أُصُولِ الدِّينِ ،
وَمَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ ، وَلا نُبْطِلُ الرِّوَايَةَ فِيهَا أَصْلا ، إِذَا
كَانَتْ طُرُقُهَا مُرْضِيَّةً وَنَقَلَتُهَا عُدُولا.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَذِكْرُ الْقَدَمِ هَهُنَا
يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ : مَنْ قَدَّمَهُمُ اللَّهُ لِلنَّارِ
مِنْ أَهْلِهَا ، فَيَقَعُ بِهِمُ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ أَهْلِ النَّارِ وَكُلُّ
شَيْءٍ قَدَّمْتُهُ فَهُوَ قَدَمٌ ، كَمَا قِيلَ لِمَا هَدَمْتُهُ : هَدْمٌ ،
وَلِمَا قَبَضْتُهُ : قَبْضٌ ، وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَّ
لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، أَيْ مَا قَدَّمُوهُ مِنَ الأَعْمَالِ
الصَّالِحَةِ وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَى هَذَا عَنِ الْحَسَنِ ، وَيُؤَيِّدُهُ
قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ : وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ لَهَا
خَلْقًا فَاتَّفَقَ الْمَعْنَيَانِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ
وَالنَّارِ تُمَدُّ بِزِيَادَةِ عَدَدٍ يَسْتَوْفِي بِهَا عِدَّةَ أَهْلِهَا ،
فَتَمْتَلِئُ عِنْدَ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ : وَفِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ
أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، مِنْ كِتَابِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيِّ
حِكَايَةً ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ ، أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ : حَتَّى
يَضَعَ الْجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ أَيْ مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ مِنْ
أَهْلِ النَّارِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : قَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمُ الرِّجْلَ
عَلَى نَحْو مِنْ هَذَا ، قَالَ
: وَالْمُرَادُ بِهِ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ الْجَمَاعَةِ
الَّذِينَ اسْتُوجِبُوا دُخُولَ النَّارِ قَالَ : وَالْعَرَبُ تُسَمِّي جَمَاعَةَ
الْجَرَادِ رِجْلا كَمَا سَمَّوْا جَمَاعَةَ الظِّبَاءِ سِرْبًا وَجَمَاعَةَ النَّعَامِ
خَيْطًا ، وَجَمَاعَةَ الْحَمِيرِ عَانَةً ، قَالَ : وَهَذَا وَإِنْ كَانَ اسْمًا
خَاصًّا لِجَمَاعَةِ الْجَرَادِ ، فَقَدْ يُسْتَعَارُ لِجَمَاعَةِ النَّاسِ عَلَى
سَبِيلِ التَّشْبِيهِ وَالْكَلامُ الْمُسْتَعَارُ وَالْمَنْقُوُلُ مِنْ مَوْضِعِهِ
كَثِيرٌ ، وَالأَمْرُ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مَشْهُورٌ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَفِيهِ
وَجْهٌ آخَرُ ، وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الأَسْمَاءَ أَمْثَالٌ يُرَادُ بِهَا
إِثْبَاتُ مَعَانٍ لا حَظَّ لِظَاهِرِ الأَسْمَاءِ فِيهَا مِنْ طَرِيقِ
الْحَقِيقَةِ ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِوَضْعِ الرِّجْلِ عَلَيْهَا نَوْعٌ مِنَ
الزَّجْرِ لَهَا وَالتَّسْكِينُ مِنْ غَرَبِهَا كَمَا
يَقُولُ الْقَائِلُ لِلشَّيْءِ يُرِيدُ مَحْوَهُ
وَإِبْطَالَهُ : جَعَلْتُهُ تَحْتَ رِجْلَيَّ ، وَوَضَعْتُهُ تَحْتَ قَدَمَيَّ
وَخَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ ،
فَقَالَ : أَلا إِنَّ كُلَّ دَمِ وَمَأْثُرَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ تَحْتَ
قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ ، إِلاَّ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَسِدَانَةَ الْبَيْتِ يُرِيدُ
مَحْوَ تِلْكَ الْمَآثِرِ وَإِبْطَالِهَا ، وَمَا أَكْثَرُ مَا تَضْرِبُ الْعَرَبُ
الأَمْثَالَ فِي كَلامِهَا بِأَسْمَاءِ الأَعْضَاءِ ، وَهِيَ لا تُرِيدُ أَعْيَانَهَا
، كَمَا تَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَسْبِقُ مِنْهُ الْقَوْلُ أَوِ الْفِعْلُ ثُمَّ
يَنْدَمُ عَلَيْهِ : قَدْ سُقِطَ فِي يَدِهِ أَيْ نَدِمَ وَكَقَوْلِهِمْ : رَغِمَ
أَنْفُ الرَّجُلِ ، إِذَا ذُلَّ وَعَلا كَعْبُهُ إِذَا جَلَّ وَجَعَلْتُ كَلامَ
فُلانٍ دُبُرَ أُذُنِي ، وَجَعَلْتُ يَا هَذَا حَاجَتِي بِظَهْرٍ ، وَنَحْوُهَا
مِنْ أَلْفَاظِهِمُ الدَّائِرَةِ فِي كَلامِهِمْ وَكَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ فِي
وَصْفِ طُولِ اللَّيْلِ : فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّى بِصُلْبِهِ وَأَرْدَفَ أَعْجَازًا
وَنَاءَ بِكَلْكَلِ وَلَيْسَ هُنَاكَ صُلْبٌ ، وَلا عَجُزٌ ، وَلا كَلْكَلٌ
وَإِنَّمَا هِيَ أَمْثَالٌ ضَرَبَهَا لِمَا أَرَادَ مِنْ بَيَانِ طُولِ اللَّيْلِ
وَاسْتِقْصَاءِ الْوَصْفِ لَهُ ، فَقَطَّعَ اللَّيْلَ تَقْطِيعَ ذِي أَعْضَاءٍ
مِنَ الْحَيَوَانِ ، وَقَدْ تَمَطَّى عِنْدَ إِقْبَالِهِ وَامْتَدَّ بَعْدُ
بِدِوَامِ رُكُودِهِ ، وَطُولِ سَاعَاتِهِ ، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ الرِّجْلُ
أَيْضًا فِي الْقَصْدِ لِلشَّيْءِ وَالطَّلَبِ لَهُ عَلَى سَبِيلِ جِدٍّ
وَإِلحَاحٍ ، يُقَالُ : قَامَ فُلانٌ فِي هَذَا الأَمْرِ عَلَى رِجْلٍ ، وَقَامَ عَلَى
سَاقٍ إِذَا جَدَّ فِي الطَّلَبِ ، وَبَالَغَ فِي السَّعْيِ وَهَذَا الْبَابُ
كَثِيرُ التَّصَرُّفِ فَإِنْ قِيلَ : فَهَلا تَأَوَّلَتَ الْيَدَ وَالْوَجْهَ
عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّأْوِيلِ ، وَجَعَلْتَ الأَسْمَاءَ فِيهِمَا أَمْثَالا
كَذَلِكَ ؟ فَإِنْ قِيلَ : إِنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ مَذْكُورَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ
عَزَّ وَجَلَّ بِأَسْمَائِهَا ، وَهِيَ صِفَاتُ مَدْحٍ ، وَالأَصْلُ أَنَّ كُلَّ
صِفَةٍ جَاءَ بِهَا الْكِتَابُ أَوْ صَحَّتْ بِأَخْبَارِ التَّوَاتُرِ أَوْ
رُوِيَتْ مِنْ طَرِيقِ الآحَادِ وَكَانَ لَهَا أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ ، أَوْ
خَرَجَتْ عَلَى بَعْضِ مَعَانِيهِ فَإِنَّا نَقُولُ بِهَا وَنُجْرِيهَا عَلَى
ظَاهِرِهَا مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ ، وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْكِتَابِ ذِكْرٌ
، وَلا فِي التَّوَاتُرِ أَصْلٌ ، وَلا لَهُ بِمَعَانِي الْكِتَابِ تَعَلُّقٌ ، وَكَانَ
مَجِيئُهُ مِنْ طَرِيقِ الآحَادِ وَأَفْضَى بِنَا الْقَوْلُ إِذَا أَجْرَيْنَاهُ
عَلَى ظَاهِرَهِ إِلَى
التَّشْبِيهِ فَإِنَّا نَتَأَوْلُهُ عَلَى مَعْنًى
يَحْتَمِلُهُ الْكَلامُ وَيَزُولُ مَعَهُ مَعْنَى التَّشْبِيهُ ، وَهَذَا هُوَ
الْفَرَقُ بَيْنَ مَا جَاءَ مِنْ ذِكْرِ الْقَدَمِ وَالرِّجْلِ وَالسَّاقِ ،
وَبَيْنَ الْيَدِ وَالْوَجْهِ وَالْعَيْنِ ، وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ ،
وَنَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ لِصَوَابِ الْقَوْلِ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ
الْخَطَأِ وَالزَّلَلِ فِيهِ ، إِنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ
757- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ ، حَدَّثَنَا
أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ ، وَعَنْ أَبِي
صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ ، عَنِ ابْنِ
مَسْعُودٍ ، وَنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلا : اللَّهُ لا إِلَهَ
إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، إِلَى قَوْلِهِ : وَهُوَ الْعَلِيُّ
الْعَظِيمُ ، أَمَّا قَوْلُهُ : الْقَيُّومُ : هُوَ الْقَائِمُ ، وَأَمَّا سِنَةٌ
: فَهُوَ رِيحُ النَّوْمِ الَّتِي تَأْخُذُ فِي الْوَجْهِ فَيَنْعَسُ الإِنْسَانُ
، وَأَمَّا مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ : فَالدُّنْيَا ، وَأَمَّا مَا خَلْفَهُمْ : فَالآخِرةُ ،
وَأَمَّا لا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ يَقُولُ : لا
يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنْ عِلْمِهِ
إِلا بِمَا شَاءَ ، هُوَ يُعَلِّمُهُمْ ، وَأَمَّا
وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ : فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
فِي جَوْفِ الْكُرْسِيِّ ، وَالْكُرْسِيُّ بَيْنَ يَدَيِ الْعَرْشِ ، وَهُوَ
مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ ، وَأَمَّا لا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ، فَلا يَثْقُلُ
عَلَيْهِ ، كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ
758- وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو
مُسْلِمٍ الْكِجِّيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ
عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ، قَالَ : مَوْضِعُ
الْقَدَمَيْنِ قَالَ : وَلا يُقَدَّرُ قَدْرَ عَرْشِهِ كَذَا قَالَ : مَوْضِعُ
الْقَدَمَيْنِ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ وَقَالَهُ أَيْضًا أَبُو مُوسَى
الأَشْعَرِيُّ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ ، وَكَأَنَّهُ أَصَحُّ
، وَتَأْويلُهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ مِقْدَارُ الْكُرْسِيِّ مِنَ الْعَرْشِ ،
كَمِقْدَارِ كُرْسِيٍّ يَكُونُ عِنْدَ سَرِيرٍ قَدْ وُضِعَ لِقَدَمَيِ الْقَاعِدِ
عَلَى السَّرِيرِ ، فَيَكُونُ السَّرِيرُ أَعْظَمَ قَدْرًا مِنَ الْكُرْسِيِّ
الْمَوْضُوعِ دُونَهُ مَوْضِعًا لِلْقَدَمَيْنِ ، هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ
الْخَبَرِ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَالْخَبَرُ مَوْقُوفٌ لا
يَصِحُّ رَفْعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ
مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُمْ لَمْ يُفَسِّرُوا أَمْثَالَ هَذِهِ ، وَلَمْ
يَشْتَغِلُوا بِتَأْوِيلِهَا ، مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى
وَاحِدٌ غَيْرُ مُتَبَعِّضٍ ، وَلا ذُو جَارِحَةٍ
759- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ
مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ ، يَقُولُ : شَهِدْتُ
زَكَرِيَّا بْنَ عَدِيٍّ ، سَأَلَ وَكِيعًا ، فَقَالَ : يَا أَبَا سُفْيَانَ ، هَذِهِ
الأَحَادِيثُ يَعْنِي مِثْلَ : الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ وَنَحْوَ هَذَا
؟ فَقَالَ وَكِيعٌ : أَدْرَكْنَا إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ ، وَسُفْيَانَ ،
وَمِسْعَرًا يُحَدِّثُونَ بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ وَلا يُفَسِّرُونَ شَيْئًا
760- وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ
الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ الأَصْبَهَانِيُّ ،
فِيمَا أَجَازَ لَهُ جَدُّهُ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ ، يَقُولُ : هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا
: ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غَيْرِهِ ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لا
تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رَبُّكَ قَدَمَهُ فِيهَا ، وَالْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ
الْقَدَمَيْنِ وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ فِي الرِّوَايَةِ هِيَ عِنْدَنَا حَقٌّ ،
حَمَلَهَا بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ ، غَيْرَ أَنَّا إِذَا سُئِلْنَا عَنْ
تَفْسِيرِهَا لا نُفَسِّرُهَا وَمَا أَدْرَكْنَا أَحَدًا يُفَسِّرُهَا
761- وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْحَارِثِ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ ، قَالَ : بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ ،
فِي الْمَسْجِدِ إِذْ جَاءَ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ ، فَجَلَسَ فَتَحَدَّثَ
فَثَابَ إِلَيْهِ أُنَاسٌ ، ثُمّ قَالَ : انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ ، فَإِنِّي قَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ قَدِ اشْتَكَى ، فَانْطَلَقْنَا
حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَوَجَدْنَاهُ مُسْتَلْقِيًا
وَاضِعًا رِجْلَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى ، فَسَلَّمْنَا وَجَلَسْنَا ،
فَرَفَعَ قَتَادَةُ يَدَهُ إِلَى رِجْلِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَقَرَصَهَا
قَرْصَةً شَدِيدَةً ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : سُبْحَانَ اللهِ يَا ابْنَ آدَمَ ،
أَوْجَعَتْنِي قَالَ : ذَاكَ أَرَدْتُ ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا قَضَى خَلْقَهُ
، اسْتَلْقَى ثُمَّ وَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى ، ثُمَّ قَالَ : لا يَنْبَغِي
لأَحَدٍ مِنْ خَلْقِي أَنْ يَفْعَلَ هَذَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : لا جَرَمَ لا
أَفْعَلُهُ أَبَدًا.
فَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَلَمْ أَكْتُبْهُ إِلاَّ مِنْ
هَذَا الْوَجْهِ ، وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ شَرْطِ
الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٍ ، فَلَمْ يُخْرِجَا حَدِيثَهُ هَذَا فِي
"الصَّحِيحِ" ، وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ الْحُفَّاظِ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ
762- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ
بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ ، يَقُولُ : فُلَيْحُ
بْنُ سُلَيْمَانَ لا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ
763- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الأُشْنَانِيُّ ، قَالُوا : أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ
يَقُولُ : فُلَيْحٌ ضَعِيفٌ ، قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ : وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي
عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ
لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.
قَالَ الشَّيْخُ : فَإِذَا كَانَ فُلَيْحُ بْنُ
سُلَيْمَانَ الْمَدَنِيُّ مُخْتَلِفًا فِي جَوَازِ الاحْتِجَاجِ بِهِ عِنْدَ
الْحُفَّاظِ لَمْ يَثْبُتْ بِرِوَايَتِهِ مِثْلُ هَذَا الأَمْرِ الْعَظِيمِ
وَفِيهِ عِلَّةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ مَاتَ فِي
خِلافَةِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَصَلَّى عَلَيْهِ
عُمَرُ ، وَعُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ ، وَلَهُ خَمْسٌ
وَسَبْعُونَ سَنَةً فِي قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ وَابْنِ بُكَيْرٍ ، فَتَكُونُ
رِوَايَتُهُ عَنْ قَتَادَةَ مُنْقَطِعَةً ، وَقَوْلُ الرَّاوِي : وَانْطَلَقْنَا
حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ لا يَرْجِعُ إِلَى عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ ،
وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى مَنْ أَرْسَلَهُ عَنْهُ ، وَنَحْنُ لا نَعْرِفُهُ ،
فَلا نَقْبَلُ الْمَرَاسِيلَ فِي الأَحْكَامِ ، فَكَيْفَ فِي هَذَا الأَمْرِ
الْعَظِيمِ ؟ ثُمَّ إِنْ صَحَّ طَرِيقُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَ بِهِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ
عَلَى طَرِيقِ الإِنْكَارِ ، فَلَمْ يَفْهَمْ عَنْهُ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ إِنْكَارَهُ
764- أخبرنا أبو جعفر العزايمي ، أَخْبَرَنَا أبو العباس
الصبغي ، حَدَّثَنَا الحسن بن علي بن زياد ، حَدَّثَنَا ابن أبي أويس ، حدثني ابن
أبي الزناد عبد الرحمن ، عن هشام بن عروة ، عن
عبد الله بن عروة بن الزبير ، أن الزبير بن العوام سمع
رجلا يحدث حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستمع الزبير له حتى إذا قضى
الرجل حديثه قال له الزبير : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال
الرجل : نعم . قال : هذا وأشباهه مما يمنعنا أن نحدث عن النبي صلى الله عليه
وسلم ، قد لعمري سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا يومئذ حاضر ، ولكن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدأ هذا الحديث فحدثناه عن رجل من أهل الكتاب حدثه
إياه ، فجئت أنت يومئذ بعد أن قضى صدر الحديث ، وذكر الرجل الذي من أهل الكتاب
فظننت أنه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الشيخ : ولهذا الوجه من
الاحتمال ترك أهل النظر من أصحابنا الاحتجاج بأخبار الآحاد في صفات الله تعالى ،
إذا لم يكن لما انفرد منها أصل في الكتاب أو الإجماع ، واشتغلوا بتأويله ، وما نقل
في هذا الخبر إنما يفعله في الشاهد من الفارغين من أعمالهم من مسه لغوب ، أو أصابه
نصب مما فعل ، ليستريح بالاستلقاء ووضع إحدى رجليه على الأخرى ، وقد كذب الله
تعالى اليهود ، حين وصفوه بالاستراحة بعد خلق السماوات والأرض وما بينهما فقال :
ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب فاصبر على ما
يقولون
765- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الأَحْمَسِيُّ ، بِالْكُوفَةِ ، حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ ، حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ
، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ الْيَهُودَ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلَتْ عَنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، فَقَالَ
: خَلَقَ الأَرْضَ يَوْمَ الأَحَدِ وَالاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ
وَمَا فِيهِنَّ مِنَ الْمَنَافِعِ ، وَخَلَقَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ الشَّجَرَ
وَالْمَاءَ وَالْمَدَائِنَ وَالْعُمْرَانَ وَالْخَرَابَ ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ ،
فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلِ : قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ
الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ
الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا
وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ،
وَخَلَقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ السَّمَاءَ ، وَخَلَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ النُّجُومَ وَالشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ وَالْمَلائِكَةَ إِلَى ثَلاثِ سَاعَاتٍ بَقَيْنَ مِنْهُ ، فَخَلَقَ
فِي أَوَّلِ سَاعَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلاثِ السَّاعَاتِ الآجَالَ حِينَ يَمُوتُ
مَنْ مَاتَ ، وَفِي الثَّانِيَةِ أَلْقَى الآفَةَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا
يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ ، وَفِي الثَّالِثَةِ آدَمَ وَأَسْكَنَهُ الْجَنَّةَ
وَأَمَرَ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ لَهُ ، وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا فِي آخِرِ
السَّاعَةِ ثُمَّ قَالَتِ الْيَهُودُ
: ثُمَّ مَاذَا يَا مُحَمَّدُ ؟
قَالَ : ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ قَالُوا : قَدْ
أَصَبْتَ لَوْ أَتْمَمْتَ قَالُوا : ثُمَّ اسْتَرَاحَ قَالَ : فَغَضِبَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضَبًا شَدِيدًا ، فَنَزَلَتْ : وَلَقَدْ
خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا
مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ
766- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد
الرحمن بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا آدم ،
حَدَّثَنَا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله تعالى {وما مسنا من لغوب}
قال : اللغوب النصب} ، تقول اليهود إنه أعيي بعد ما خلقهما . قال الشيخ رضي الله
عنه : وأما النهي عن وضع الرجل إحدى رجليه على الأخرى فقد رواه أبو الزبير عن جابر
، عن النبي صلى الله عليه وسلم دون هذه القصة ، وحمله أهل العلم على ما يخشى من
انكشاف العورة ، وهي الفخذ إذا رفع إحدى رجليه على الأخرى مستلقيا والإزار ضيق ،
وهو جائز عند الجميع إذا لم يخش ذلك
767- أَخبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكي ، قَالا : أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ
وَهْبٍ ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبَّادُ
بْنُ تَمِيمٍ ، عَنْ عَمِّهِ ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، كَانَ يَسْتَلْقِي فِي
الْمَسْجِدِ وَإِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى
وَزَادَ زَكَرِيَّا فِي رِوَايَتِهِ ، قَالَ : وَزَعَمَ عَبَّادٌ أَنَّ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَا يَفْعَلانِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي طَاهِرٍ ، وَحَرْمَلَةُ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ
768- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَوْذَبٍ الْوَاسِطِيُّ ، بِهَا ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
سَعْدٍ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ ، عَنْ عَمِّهِ
وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ ، أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ
عَلَى الأُخْرَى لَفْظُ حَدِيثِ مَالِكٍ ، زَادَ إِبْرَاهِيمُ فِي رِوَايَتِهِ : وَأَنَّهُ
فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، وَعُثْمَانُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنِ الْقَعْنَبِيِّ ، عَنْ مَالِكٍ ، وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى ، عَنْ
مَالِكٍ
769- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ ، نا
الْقَعْنَبِيُّ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، وَعُثْمَانَ بْنَ
عَفَّانَ ، رضي الله عنهما كانا يفعلان ذلك
770- وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، حَدَّثَنَا أبو
العباس الأصم ، حَدَّثَنَا بحر بن نصر ، حَدَّثَنَا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن
ابن شهاب ، قال : حدثني عمر بن عبد العزيز ، أن محمد بن نوفل ، أخبره أنه رأى
أسامة بن زيد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا وإحدى رجليه على الأخرى
. قال الشيخ : وقال بعض أهل النظر في حديث قتادة بن النعمان معناه : لما خلق ما
أراد خلقه ترك إدامة مثله ولو شاء لأدام . هذا مثل جار في من فرغ مما قصده ، فلان
استلقى على ظهره ، وإن لم يكن اضطجع ، ويحتمل أن يكون استلقى بمعنى ألقى ، فيكون
معناه أنه ألقى بعض السماوات فوق بعض ، وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ، وتكون السين
بمثابته في استدعى واستبرى . وأما تأويل قوله : ثم وضع إحدى رجليه على الأخرى . أي
: رفع قوما على قوم ، فجعل بعضهم سادة وبعضهم عبيدا ، والرجل جماعة ، أو جعلهم
صنفين في الشقاوة والسعادة أو الغنى والفقر ، أو الصحة والسقم ، يؤيده حديث الزهري
، عن عباد بن تميم المازني عن عبد الله بن زيد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم
مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى ، وكان أبو بكر وعمر وعثمان رضي
الله عنهم يفعلون ذلك
771- وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ
، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ
، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أُنْشِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِ أُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ : رَجُلٌ وَثَوْرٌ
تَحْتَ رِجْلِ يَمِينِهِ وَالنَّسْرُ لِلأُخْرَى وَلَيْثٌ مُرْصَدُ فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صَدَقَ وَأُنْشِدَ قَوْلَهُ :
وَالشَّمْسُ تَطْلُعُ كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ حَمْرَاءَ يُصْبِحُ لَوْنُهَا
يَتَوَرَّدُ
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : صَدَقَ تَأْبَى فَمَا تَبْدُو لَنَا فِي رِسْلِهَا إِلاَّ مُعَذَّبَةً
وَإِلا تَجَلَّدُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
صَدَقَ.
فَهَذَا حَدِيثٌ يَتَفَرَّدُ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ مَا جَاءَ
فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْكُرْسِيَّ يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةُ مَلائِكَةَ
: مَلَكٌ فِي صُورَةِ رَجُلٍ ، وَمَلَكٌ فِي
صُورَةِ أَسَدٍ ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ ثَوْرٍ ،
وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ نَسْرٍ ، فَكَأَنَّهُ إِنْ صَحَّ بَيَّنَ أَنَّ الْمَلَكَ
الَّذِي فِي صُورَةِ رَجُلٍ وَالْمَلَكَ الَّذِي فِي صُورَةِ ثَوْرٍ يَحْمِلانِ
مِنَ الْكُرْسِيِّ مَوْضِعَ الرِّجْلِ الْيُمْنَى ، وَالْمَلَكُ الَّذِي صُورَةِ النَّسْرِ
وَالَّذِي فِي صُورَةِ الأَسَدِ وَهُوَ اللَّيْثُ يَحْمِلانِ مِنَ الْكُرْسِيِّ
مَوْضِعَ الرِّجْلِ الأُخْرَى ، أَنْ لَوَ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ ذَا رِجْلَيْنِ
ما جاء في تفسير قوله عز وجل {أن تقول نفس يا حسرتى على
ما فرطت في جنب الله} ما جاء في تفسير قوله عز وجل : {أن تقول نفس يا حسرتى على ما
فرطت في جنب الله}
772- أخبرنا محمد بن عبد الله ، أَخْبَرَنَا عبد الرحمن
بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين الكسائي ، حَدَّثَنَا آدم بن أبي
إياس ، حَدَّثَنَا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله عز وجل : {أن
تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله} يعني ما ضيعت من أمر الله
باب ما جاء في تفسير الروح وقوله عز وجل : {إذ قال ربك
للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} ،
وقول الله عز وجل : {إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم
وروح منه فآمنوا بالله و
773- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو أحمد
محمد بن محمد بن إسحاق الصفار ، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن نصر اللباد ، حَدَّثَنَا
عمرو بن حماد بن طلحة ، حَدَّثَنَا أسباط بن نصر ، عن السدي ، عن أبي مالك ، وعن
أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، في قصة خلق آدم عليه
السلام ، قال : فبعث جبريل عليه السلام إلى الأرض ليأتيه بطين منها ، فقالت الأرض
: إني أعوذ بالله منك أن تنقص مني أو تشينني . فرجع ولم يأخذه ، وقال : رب إنها
عاذت} بك فأعذتها ، فبعث ميكائيل فعاذت منه فأعاذها ، فرجع فقال كما قال جبريل ،
فبعث ملك الموت فعاذت منه فأعاذها فرجع فقال : وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ
أمره . فأخذ من وجه الأرض ، وخلط فلم يأخذ من مكان واحد ، وأخذ من تربة حمراء وبيضاء
وسوداء . فلذلك خرج بنو آدم مختلفين ، ولذلك سمي آدم لأنه أخذ من أديم} الأرض ،
فصعد به فبل التراب حتى عاد طينا لازبا- اللازب هو الذي يلزق بعضه ببعض- ثم ترك
حتى أنتن فذلك
حيث يقول {من حمإ مسنون} قال : منتن ، ثم قال للملائكة : {إني خالق
بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} فخلقه الله بيده لئلا
يتكبر إبليس عنه ليقول له : أتتكبر عما عملت بيدي ، ولم أتكبر أنا عنه ، فخلقه بشرا فكان
جسدا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة : فمرت به الملائكة ففزعوا منه لما
رأوه ، وكان أشدهم فزعا منه إبليس ، وكان يمر به فيضربه فيصوت الجسد كما يصوت الفخار
، تكون له صلصلة} ، فذلك حين يقول} {من صلصال كالفخار} ويقول لأمر ما : خلقت ،
ودخل من فمه فخرج من دبره ، فقال للملائكة : لا ترهبوا من هذا فإنه أجوف ، ولئن
سلطت عليه لأهلكنه . فلما بلغ الحين الذي أريد أن ينفخ فيه الروح ، قال للملائكة :
إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له ، فلما نفخ فيه الروح فدخل الروح في رأسه عطس ،
فقالت له الملائكة : قل الحمد لله ، فقال : الحمد لله ، فقال الله له : رحمك ربك ،
فلما دخل الروح في عينيه نظر إلى ثمار الجنة ، فلما دخل في جوفه اشتهى الطعام فوثب
قبل أن يبلغ الروح رجليه عجلان إلى ثمار الجنة ، فذلك حين يقول} {خلق الإنسان من
عجل} {فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين} . وذكر القصة . وبهذا الإسناد
في قصة مريم وابنها ، قالوا : خرجت مريم إلى جانب المحراب لحيض أصابها ، فلما طهرت
إذا هي برجل معها ، وهو قوله عز وجل {فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا}
وهو جبريل عليه السلام ، ففزعت منه وقالت} {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} قال
: {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} {11} الآية فخرجت وعليها جلبابها ، فأخذ
بكمها فنفخ في جيب درعها وكان مشقوقا من قدامها ، فدخلت النفخة صدرها فحملت ،
فأتتها أختها امرأة زكريا ليلة لتزورها ، فلما فتحت لها الباب التزمتها ، فقالت
امرأة زكريا : يا مريم أشعرت أني حبلى ؟ قالت مريم : أشعرت أيضا أني حبلى ؟ قالت
امرأة زكريا : فإنى وجدت ما في بطني يسجد للذي في بطنك ،
فذلك قوله عز وجل : {مصدقا بكلمة من الله} وذكر القصة قال الشيخ رضي الله عنه :
فالروح الذي منه نفخ في آدم عليه السلام كان خلقا من خلق الله تعالى ، جعل الله عز
وجل حياة الأجسام به ، وإنما أضافه إلى نفسه على طريق الخلق والملك ، لا أنه جزء
منه ، وهو كقوله عز وجل : {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} أي من
خلقه
774- أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ ، أَخْبَرَنَا
الحسن بن محمد بن إسحاق ، حَدَّثَنَا يوسف بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن أبي بكر
، حَدَّثَنَا وكيع ، حَدَّثَنَا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ،
قال : كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث} بالمدينة ، وهو متوكئ} على
عسيب} ، فمر بقوم من اليهود ، فقال بعضهم لبعض : سلوه عن الروح . وقال بعضهم : لا
تسألوه . فسألوه فقالوا : يا محمد ، ما الروح ؟ فوقف . قال عبد الله : فظننت أنه يوحى
إليه ، فقرأ : {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي} الآية . فقال بعضهم :
قد قلنا لكم لا تسألوه . أخرجاه في الصحيح من حديث وكيع وغيره . قال أبو سليمان الخطابي
رحمه الله : أما الروح فقد اختلفوا فيما وقعت عنه المساءلة من الأرواح ؛ فقال
بعضهم : الروح ههنا جبريل عليه السلام ، وقال بعضهم : هو ملك من الملائكة بصفة
وصفوها من عظم الخلقة . قال : وذهب أكثر أهل التأويل إلى أنهم سألوه عن الروح الذي
به تكون حياة الجسد ، وقال أهل النظر منهم : إنما سألوه
عن كيفية الروح ومسلكه في بدن الإنسان وكيف امتزاجه بالجسم
، واتصال الحياة به ، وهذا شيء لا يعلمه إلا الله عز وجل . وقد ثبت عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال : الأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر
منها اختلف ، وقال : أرواح الشهداء في صور طير خضر تعلق من ثمر الجنة . فأخبر أنها
كانت منفصلة من الأبدان فاتصلت بها ، ثم انفصلت عنها ، وهذا من صفة الأجسام
775- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْحِيرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ
الْقُطْنِ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ
بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ
أُمَيَّةَ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لَمَّا
أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ
أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ ،
وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا ، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ
فِي ظِلِّ الْعَرْشِ ، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ
وَمَقِيلِهِمْ ، قَالُوا : مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّا أَحْيَاءُ
فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ ، لِئَلا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ ، وَلا يَنْكُلُوا فِي
الْحَرْبِ ؟ فَقَالَ اللَّهُ : أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ : وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ
أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ وَقَدْ ثَبَتَ
مَعْنَى هَذَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ
776- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، حَدَّثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ الْهَمَذَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، قَالَ : الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا
ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ
777- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْفَوَارِسِ الْحَافِظُ رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ
الأَنْبَارِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ ،
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ ،
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ
عَمْرَةَ ، قَالَتْ : كَانَتْ بِمَكَّةَ امْرَأَةٌ مَزَّاحَةٌ فَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ
فَنَزَلَتْ عَلَى امْرَأَةٍ مِثْلِهَا ، فَبَلَغَ عَائِشَةَ وقَالَتْ : سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَكَرَهُ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ ، فَقَالَ : وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ
فَذَكَرَهُ ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ
سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ
778- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ
، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ
شَرِيكٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْجَمَاهِرِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ ح أَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالا :
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
مُحَمَّدٍ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا
تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
قُتَيْبَةَ.
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ
الأَصَمِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ : هَذَا يُتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ
إِشَارَةً إِلَى مَعْنَى التَّشَاكُلِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، وَالصَّلاحِ
وَالْفَسَادِ ، فَإِنَّ الْخَيِّرَ مِنَ النَّاسِ يَحِنُّ إِلَى شَكْلِهِ ، وَالشِّرِّيرَ
يَمِيلُ إِلَى نَظِيرِهِ وَمِثْلِهِ ، وَالأَرْوَاحُ إِنَّمَا تَتَعَارَفُ
بِضَرَائِبِ طِبَاعِهَا الَّتِي جُبِلَتْ عَلَيْهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ،
فَإِذَا اتَّفَقَتِ
الأَشْكَالُ تَعَارَفَتْ وَتَآلَفَتْ ، وَإِذَا
اخْتَلَفَتْ تَنَافَرَتْ وَتنَاكَرَتْ وَلِذَلِكَ صَارَ الإِنْسَانُ يُعْرَفُ
بِقَرِينِهِ ، وَيُعْتَبَرُ حَالُهُ بِإِلْفِهِ وَصَحْبِهِ وَالْوَجْهُ الآخَرُ :
أَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ فِي حَالِ الْغَيْبِ عَلَى مَا رُوِيَ
فِي الأَخْبَارِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ : خَلَقَ الأَرْوَاحَ قَبْلَ
الأَجْسَامِ ، وَكَانَتْ تَلْتَقِي فَتُشَامُّ كَمَا تُشَامُّ الْخَيْلُ فَلَمَّا الْتَبَسَتْ
بِالأَجْسَامِ تَعَارَفَتْ بِالذِّكْرِ الأَوَّلِ فَصَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا
إِنَّمَا يُعْرَفُ وَيُنْكَرُ عَلَى مَا سَبَقَ لَهُ الْعَهْدُ الْمُتَقَدِّمُ ،
وَاللَّهُ أَعْلَمُ قُلْتُ : وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلاةُ
وَالسَّلامُ : فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا ، يُرِيدُ جَيْبَ دِرْعِ مَرْيَمَ
عَلَيْهَا السَّلامُ ، وَقَوْلُهُ : فِيهِ ، يُرِيدُ نَفْسَ مَرْيَمَ ، وَذَلِكَ
أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ نَفَخَ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا
فَوَصَلَ النَّفْخُ إِلَيْهَا ، وَقَوْلُهُ : مِنْ رُوحِنَا ، أَيْ مِنْ نَفْخِ جِبْرِيلَ
عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ : الرُّوحُ النَّفْخُ ، سُمِّيَ رُوحًا
لأَنَّهُ رِيحٌ يَخْرُجُ مِنَ الرُّوحِ ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ : فَقُلْتُ لَهُ :
ارْفَعْهَا إِلَيْكَ وَأَحْيِهَا بِرُوحِكَ وَاجْعَلْهُ لَهَا قِيتَةً قِدْرًا
قَوْلُهُ : أَحْيِهَا بِرُوحِكَ : أَيْ أَحْيِهَا بِنَفْخِكَ فَالْمَسِيحُ ابْنُ
مَرْيَمَ رُوحُ اللهِ لأَنَّهُ كَانَ بِنَفْخَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ
وَالسَّلامُ فِي دِرْعِ مَرْيَمَ ، وَنَسَبَ الرُّوحَ إِلَيْهِ لأَنَّهُ
بِأَمْرِهِ كَانَ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ : وَقَدْ تَكُونُ الرُّوحُ
بِمَعْنَى الرَّحْمَةِ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ
مِنْهُ ، أَيْ قَوَّاهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ ، فَقَوْلُهُ : فَنَفَخْنَا فِيهِ
مِنْ رُوحِنَا ، أَيْ : مِنْ رَحْمَتِنَا وَيُقَالُ لَعِيسَى : رُوحُ اللهِ أَيْ : رَحْمَةُ اللهِ
عَلَى مَنْ آمَنَ بِهِ وَقِيلَ : قَدْ يَكُونُ الرُّوحُ بِمَعْنَى الْوَحْيِ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ
أَمَرِهِ عَلَى مِنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، وَقَالَ : يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ
بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ ، يَعْنِي بِالْوَحْيِ ، وَإِنَّمَا سَمَّى الْوَحْيَ
رُوحًا لأَنَّهُ حَيَاةٌ مِنَ الْجَهْلِ ، فَكَذَلِكَ سُمِّيَ الْمَسِيحُ عِيسَى
ابْنُ مَرْيَمَ رُوحًا ، لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى
يَهْدِي بِهِ مَنِ اتَّبَعَهُ فَيُحْيِيهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالضَّلالَةِ ، وَقَالَ
: فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا ، أَيْ : صَارَ بِكَلِمَتِنَا كُنْ بَشَرًا
مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَسُمِّيَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ رُوحًا ، فَقَالَ : قُلْ
نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ ، يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَقَالَ :
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ ، يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَقَالَ : وَأَيَّدْنَاهُ
بِرُوحِ الْقُدُسِ ، يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَقَالَ :
فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا ، يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ،
وَقَالَ : تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ، قِيلَ : أَرَادَ بِهِ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَقِيلَ : أَرَادَ بِهِ الْمَلَكَ الْمُعَظَّمَ
الَّذِي أَرَادَ بِقَوْلِهِ : يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا.
وَقَوْلِهِ : وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ
الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي
779- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد
الرحمن بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا آدم بن أبي
إياس ، حَدَّثَنَا هشيم ، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما قال
: الروح أمر من أمر الله عز وجل ، وخلق من خلق الله تعالى ، صورهم على صورة بني
آدم ، وما نزل من السماء ملك إلا ومعه واحد من الروح
780- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أَخْبَرَنَا أبو
الحسن الطرائفي ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد ، حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح ، عن
معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما في قوله : {ويسألونك عن
الروح} يقول : الروح ملك
781- وبإسناده عن معاوية بن صالح ، قال : حدثني أبو هزان
يزيد بن سمرة ، عمن حدثه ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في قوله :
{ويسألونك عن الروح} قال : هو ملك من الملائكة ، له سبعون ألف وجه بكل وجه منها
سبعون ألف لسان ، لكل لسان منها سبعون ألف لغة ، يسبح الله تعالى بتلك اللغات كلها
، يخلق من كل تسبيحة ملك يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة
782- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، ومحمد بن موسى بن
الفضل ، حَدَّثَنَا أبو العباس
محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار ،
حَدَّثَنَا أبو معاوية ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، في قوله : {يوم
يقوم الروح والملائكة} قال : الروح خلق كالناس وليسوا بالناس لهم أيد وأرجل
783- وأخبرنا أبو نصر بن قتادة ، حَدَّثَنَا أبو الحسين
محمد بن عبد الله القهستاني ، حَدَّثَنَا محمد بن أيوب ، أَخْبَرَنَا نصر بن علي
الجهضمي ، أخبرني أبي ، عن شعبة ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، قال : الروح نحو خلق الإنسان
784- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أحمد بن
كامل القاضي ، حَدَّثَنَا محمد بن سعد العوفي ، حدثني أبي ، حدثني عمي الحسين بن الحسن
بن عطية ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما في قوله : {يوم
يقوم الروح والملائكة صفا} قال : يعني حين يقوم أرواح الناس مع الملائكة فيما بين
النفختين قبل أن ترد الأرواح إلى الأجساد وفي كيفية حمل مريم عليها الصلاة والسلام
قول آخر عن أبي بن كعب رضي الله عنه
.
785- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني محمد بن علي
الشيباني بالكوفة ، أَخْبَرَنَا أحمد بن حازم الغفاري ، حَدَّثَنَا عبيد الله بن
موسى ، أَخْبَرَنَا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي
بن كعب ، رضي الله عنه ، قال : كان روح عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام من
تلك الأرواح التي أخذ الله عليها الميثاق في زمن آدم عليه الصلاة والسلام ، فأرسله
إلى مريم في صورة بشر {فتمثل لها بشرا سويا} ، تلا إلى قوله : {فحملته} قال : حملت
الذي خاطبها ، وهو روح عيسى ، قال : فدخل من فيها
باب ما روي في الرحم أنها قامت فأخذت بحقو الرحمن
786- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ ،
أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ مُنِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ
بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ
، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ ، حَدَّثَنِي
أَبُو الْحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ
اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ ، قَامَتِ
الرَّحِمُ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ : مَهْ ، فَقَالَتْ : هَذَا
مَكَانُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ قَالَ : نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ
أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ؟ قَالَتْ : بَلَى ، قَالَ : فَذَلِكَ لَكِ
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْرَؤُوا إِنْ
شِئْتُمْ : فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ
وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ
فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلا
يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ،
عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ حَاتِمٍ ،
وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ ، فَقَالَ
: فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ وَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ :
أَنَّهَا اسْتَجَارَتْ وَاعْتَصَمَتْ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، كَمَا تَقُولُ
الْعَرَبُ : تَعَلَّقْتُ بِظِلِّ جَنَاحِهِ أَيِ : اعْتَصَمْتُ بِهِ وَقِيلَ : الْحَقْوُ
الإِزَارُ ، وَإِزَارُهُ عِزَّةٌ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِالْعِزِّ ،
فَلاذَتِ الرَّحِمُ بِعِزِّهِ مِنَ الْقَطِيعَةِ وَعَاذَتْ بِهِ
وَقَدْ رَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ
الرَّحِمَ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ : مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ ،
وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ
787- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي
أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ
مُعَاوِيَةَ ، فَذَكَرَهُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادَهُ بِالْخَبَرِ
الأَوَّلِ
788- وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ ، حَدَّثَنَا
يَزِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الرَّحَبِيُّ ، عَنْ أَبِي
الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ
الصَّنْعَانِيِّ ، عَنْ ثَوْبَانَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ثَلاثٌ مُعَلَّقَاتٌ
بِالْعَرْشِ : الرَّحِمُ تَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي بِكَ فَلا أُقْطَعُ ،
وَالأَمَانَةُ تَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي بِكَ فَلا أُخْتَانُ ، وَالنِّعْمَةُ
تَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي بِكَ فَلا أُكْفَرُ
789- وَأَمَّا مَا أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
اللهِ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
الْقُرَشِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالُوا : حَدَّثَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، أَخْبَرَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
، قَالَتْ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ اللهِ ، وَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ ، وَمَنْ
قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ لَفْظُ حَدِيثِ الصَّاغَانِيِّ وَفِي رِوَايَةِ
الدَّارِمِيِّ : الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ ،
وَرَوَاهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ ، فَقَالَ : الرَّحِمُ
شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ وَكَذَلِكَ رُوِيَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنَّ
اسْمَ الرَّحِمَ شُعْبَةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَسْمِيَةِ الرَّحْمَنِ
790- وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو
الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ ، ثنا
أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، حَدَّثَنِي أَبُو
سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، أَنَّ أَبَا الرَّدَّادِ
اللَّيْثِيَّ ، أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ
: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَا الرَّحْمَنُ ، خَلَقْتُ الرَّحِمَ
وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنَ اسْمِي ، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ ، وَمَنْ
قَطَعَهَا بَتَتُّهُ كَذَا قَالَ الرَّمَادِيُّ ، وَجَمَاعَةٌ ، عَنْ عَبْدِ
الرَّزَّاقِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ أَبَا الرَّدَّادِ اللَّيْثِيَّ
أَخْبَرَهُ وَكَذَلِكَ قَالَهُ جَمَاعَةٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
باب ما روي في الإظلال بظله يوم لا ظل إلا ظله
791- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْفَضْلِ بْنِ نَظِيفٍ الْمِصْرِيُّ ، بِمَكَّةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمَوْتِ ، إِمْلاءً ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ
بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَكِّيُّ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، عَنْ مَالِكٍ ،
عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي
ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ : إِمَامٌ عَادِلٌ ، وَشَابٌّ نَشَأَ
فِي عِبَادَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ
عَيْنَاهُ ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ حَسَبٍ وَجَمَالٍ ، فَقَالَ :
إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لا
تَعْلَمُ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ كَانَ قَلْبُهُ مُعَلَّقًا بِالْمَسْجِدِ
إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللهِ
تَعَالَى اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ".
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ
بْنِ عُمَرَ ، عَنْ خُبَيْبٍ وَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ
النَّظَرِ إِدْخَالُهُ إِيَّاهُمْ فِي رَحْمَتِهِ وَرِعَايَتِهِ ، كَمَا يُقَالُ أَسْبَلَ
الأَمِيرُ ، أَوِ الْوَزِيرُ ظِلَّهُ عَلَى فُلانٍ بِمَعْنَى الرِّعَايَةِ وَقَدْ
قِيلَ : الْمُرَادُ بِالْخَبَرِ ظِلُّ الْعَرْشِ ، وَإِنَّمَا الإِضَافةُ إِلَى
اللهِ تَعَالَى وَقَعَتْ عَلَى مَعْنَى الْمِلْكِ
792- واحتج من قال ذلك بما أخبرنا أبو الحسين بن بشران ،
أَخْبَرَنَا إسماعيل الصفار ، حَدَّثَنَا أحمد بن منصور ، حَدَّثَنَا عبد الرزاق ،
أَخْبَرَنَا معمر ، عن قتادة ، قال : إن سلمان قال : التاجر الصدوق مع السبعة في
ظل عرش الله تعالى يوم القيامة ... ثم ذكر السبعة المذكورين في الخبر المرفوع ،
وروي لفظ العرش في الحديث المرفوع
793- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ ،
بِنَيْسَابُورَ ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ ،
بِهَمَذَانَ ، وَأَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْعَدْلُ ، قَالُوا :
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اللَّيْثِ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ
، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ حَفْصِ
بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ
تَعَالَى تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ : رَجُلٌ قَلْبُهُ
مُعَلَّقٌ بِالْمَسَاجِدِ ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ ، فَقَالَ
: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللهِ ، وَرَجُلٌ
غَضَّ عَيْنَيْهِ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ تَعَالَى ، وَعَيْنٌ حَرَسَتْ فِي سَبِيلِ اللهِ
،
وَعَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَرُوِيَ ذَلِكَ
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ ، عَنْ خُبَيْبٍ ، وَرُوِيَ أَيْضًا ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
باب ذكر الحديث المنكر الموضوع على حماد بن سلمة عن أبي
المهزم في إجراء الفرس
794- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمَالِينِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَدِيٍّ
الْحَافِظُ ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ ، وَكَانَ يَضَعُ
أَحَادِيثَ فِي التَّشْبِيهِ نَسَبَهَا إِلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لِيَثْلِبَهُمْ
بِهَا ، رُوِيَ عَنْ حَبَّانَ بْنِ هِلالٍ ، وَحَبَّانُ ثقة ، عَنْ حَمَّادِ
بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ
اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْفَرَسَ فَأَجْرَاهَا فَعَرَقَتْ ، ثُمَّ خَلَقَ نَفَسَهُ
مِنْهَا مَعَ أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ وَضَعَهَا مِنْ هَذَا النَّحْوِ تَعَصُّبًا
لِيَثْلِبَ أَهْلَ الأَثَرِ بِذَلِكَ
795- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ
الْقَاسِمِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الأَشْيَبَ ، يَقُولُ : كَانَ ابْنُ
الثَّلْجِيِّ ، يَقُولُ : مَنْ كَانَ الشَّافِعِيُّ ؟ وَيَقَعُ فِيهِ ، فَلَمْ يَزَلْ
يَقُولُ هَذَا حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، فَقَالَ : رَحِمَ اللَّهُ أَبَا
عَبْدِ اللهِ ، يَعْنِي الشَّافِعِيَّ ، وَذَكَرَ عِلْمَهُ وَقَالَ : وَقَدْ رَجَعْتُ
عَمَّا كُنْتُ أَقُولُ فِيهِ.
قُلْتُ : وَأَبُو الْمُهَزِّمِ ، وَإِنْ كَانَ
مَتْرُوكًا ، فَلا يُحْتَمَلُ مِثْلُ هَذَا ، وَلا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ
يَسْتَجِيزُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ مِثْلَ هَذَا ، فَإِنَّمَا الْحَمْلُ مِنْهُ
عَلَى مَنْ دُونَ حَبَّانَ بْنِ هِلالٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَدِيٍّ ، ثُمَّ حَالِ
أَبِي الْمُهَزِّمِ وَاسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ الْبَصْرِيُّ عِنْدَ أَهْلِ
الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ
796- كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ
بِشْرَانَ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرُو بْنُ السَّمَّاكِ ،
حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، سَمِعْتُ مُسْلِمَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ ،
قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ شُعْبَةَ عَنْ حَدِيثٍ لأَبِي الْمُهَزِّمِ ، فَقَالَ
شُعْبَةُ : أَبُو الْمُهَزِّمِ رَأَيْتُهُ مَطْرُوحًا فِي مَسْجِدِ ثَابِتٍ ،
وَلَوْ أَعْطَاهُ إِنْسَانٌ فِلْسَيْنِ ، أَوْ قَالَ دِرْهَمَيْنِ ، حَدَّثَهُ سَبْعِينَ
حَدِيثًا
797- وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا ابْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا
مُعَاوِيَةُ ، عَنْ يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ مَعِينٍ ، قَالَ : أَبُو الْمُهَزِّمِ
يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ قَالَ : وَسَمِعْتُ ابْنَ
حَمَّادٍ ، يَقُولُ : قَالَ الْبُخَارِيُّ : تَرَكَهُ شُعْبَةُ ، يَعْنِي أَبَا
الْمُهَزِّمِ قَالَ أَبُو أَحْمَدَ : وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
النَّسَائِيُّ : يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ أَبَوِ الْمُهَزِّمِ بَصْرِيٌ
مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ ، قُلْتُ : وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لا
يَرْوِي مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا
جماع أبواب إثبات صفات الفعل قال الله عز وجل : {الله
خالق كل شيء}.
وقال تعالى : {وخلق كل شيء فقدره تقديرا}.
وقال جَلَّ وعلا : {فعال لما يريد}.
وقال تبارك وتعالى : {إن الله يفعل ما يريد} إلى سائر ما
ورد في كتاب الله تعالى من الآيات التي تدل على أن مصدر ما سوى الله من الله ، على
معنى أنه هو الذي أبدعه واخترعه ، لا إله غيره ، ولا خالق سواه .
باب بدء الخلق قال الله عز وجل : {وهو الذي يبدأ الخلق
ثم يعيده} .
798- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ الْبَزَّازُ ، حَدَّثَنَا فَتْحُ بْنُ
نُوحٍ أَبُو نَصْرٍ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ الْفَقِيهُ ، إِمْلاءً ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ،
قَالا : أنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ ، وَابْنُ
لَهِيعَةَ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ
الْخَوْلانِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ ، قَالَ
: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ،
يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ :
قَدَّرَ اللَّهُ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
بِخَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنِ
ابْنِ أَبِي عُمَرَ ، عَنِ الْمُقْرِئِ ، عَنْ حَيْوَةَ وَحْدَهُ
799- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الْخَوَّاصُ ، حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّجِيبِيُّ ، بِمِصْرَ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو
عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ
بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ ، قَالا : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ
، وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو هَانِئٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : فَرَغَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْمَقَادِيرِ وَأُمُورِ
الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ، وَعَرْشُهُ عَلَى
الْمَاءِ بِخَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ التَّمِيمِيِّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَقَوْلُهُ
: فَرَغَ : أَيْ يُرِيدُ بِهِ تَمَامَ خَلْقِ الْمَقَادِيرِ ، لا أَنَّهُ كَانَ
مَشْغُولا بِهِ فَفَرَغَ مِنْهُ ، لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ
عَنْ شَيْءٍ ، فَإِنَّمَا أَمَرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ
فَيَكُونُ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أَبِي هَانِئٍ ، فَقَالَ : كَتَبَ ،
وَزَادَ أَيْضًا مَا زَادَ مِنْ قَوْلِهِ : وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ
800- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ ،
أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ،
حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ جَامِعِ بْنِ
شَدَّادٍ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَعَقَلْتُ نَاقَتِي بِالْبَابِ ثُمَّ دَخَلْتُ ، فَأَتَاهُ نَفَرٌ
مِنْ بَنِي تَمِيمٍ ، فَقَالَ : اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ قَالُوا :
قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا ، فَجَاءَهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنٍ ، فَقَالَ
: اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ إِذْ لَمْ يَقْبَلُوهَا
إِخْوَانُكُمْ بَنُو تَمِيمٍ قَالُوا : قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ ، أَتَيْنَاكَ
لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الأَمْرِ كَيْفَ
كَانَ ؟ قَالَ : كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرَهُ ،
وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، ثُمَّ كَتَبَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي الذِّكْرِ
كُلَّ شَيْءٍ ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَالَ : ثُمَّ أَتَانِي
رَجُلٌ ، فَقَالَ : أَدْرِكْ نَاقَتَكَ فَقَدْ ذَهَبَتْ فَخَرَجْتُ فَوَجَدْتُهَا يَنْقَطِعُ
دُونَهَا السَّرَابُ ، وَايْمُ اللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ تَرَكْتُهَا.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ"
مِنْ حَدِيثِ الأَعْمَشِ وَقَوْلُهُ : كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يَكُنْ
شَيْءٌ غَيْرَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرَهُ عَلَى الْمَاءِ
وَلا الْعَرْشِ وَلا غَيْرِهُمَا ، فَجَمِيعُ ذَلِكَ غَيْرُ اللهِ تَعَالَى
وَقَوْلُهُ : كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ يَعْنِي : ثُمَّ خَلَقَ الْمَاءَ
وَخَلَقَ الْعَرْشَ عَلَى الْمَاءِ ، ثُمَّ كَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ ،
كَمَا رُوِّينَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ،
وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ
801- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ
بْنِ فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ ،
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ ، عَنْ أَبِي
رَزِينٍ يَعْنِي الْعُقَيْلِيَّ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ أَنْ يُسْأَلَ ، فَإِذَا سَأَلَهُ أَبُو رَزِينٍ
أَعْجَبَهُ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ
يَخْلُقَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ ، وَمَا تَحْتَهُ
هَوَاءٌ ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْشَ عَلَى الْمَاءِ هَذَا حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ
يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ ، وَيُقَالُ : ابْنُ عُدُسٍ ، وَلا
نَعْلَمُ لِوَكِيعِ بْنُ عُدُسٍ هَذَا رَاوِيًا غَيْرَ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ،
وَوَجَدْتُهُ فِي كِتَابِي فِي عَمَاءٍ مُقَيْدًا بِالْمَدِّ ، فَإِنْ كَانَ فِي
الأَصْلِ مَمْدُودًا فَمَعْنَاهُ سَحَابٌ رَقِيقٌ وَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ فِي
عَمَاءٍ أَيْ : فَوْقَ سَحَابٍ مُدْبِرًا لَهُ وَعَالِيًا عَلَيْهِ ، كَمَا قَالَ
تَعَالَى : أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ، يَعْنِي : مَنْ فَوْقَ السَّمَاءِ
وَقَالَ : وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ يَعْنِي : عَلَى جُذُوعِهَا وَقَوْلُهُ
: مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ أَيْ مَا فَوْقَ السَّحَابِ هَوَاءٌ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ
: وَمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ أَيْ : مَا تَحْتَ السَّحَابِ هَوَاءٌ ، وَقَدْ قِيلَ :
إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْعَمَى مَقْصُورًا ، وَالْعَمَى إِذَا كَانَ مَقْصُورًا ،
فَمَعْنَاهُ : لا شَيْءَ ثَابِتٌ ، لأَنَّهُ مِمَّا يُعْمَى عَلَى الْخَلْقِ
لِكَوْنِهِ غَيْرَ شَيْءٍ ، وَكَأَنَّهُ قَالَ فِي جَوَابِهِ : كَانَ قَبْلَ أَنْ
يَخْلُقَ خَلْقَهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرَهُ كَمَا قَالَ فِي حَدِيثِ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، ثُمَّ قَالَ فَمَا فَوْقَهُ وَلا
تَحْتَهُ هَوَاءٌ أَيْ : لَيْسَ فَوْقَ الْعَمَى الَّذِي لا شَيْءَ مَوْجُودٌ
هَوَاءٌ ، وَلا تَحْتَهُ هَوَاءٌ ، لأَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ غَيْرَ شَيْءٍ
فَلَيْسَ يَثْبُتُ لَهُ هَوَاءٌ بِوَجْهٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ
الْهَرَوِيُّ صَاحِبُ الْغَرِيبَيْنِ ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ :
مَعْنَاهُ أَيْنَ كَانَ عَرْشُ رَبِّنَا ؟ فَحُذِفَ اخْتِصَارًا ، كَقَوْلِهِ :
وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ، أَيْ :
أَهْلَ الْقَرْيَةِ ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ :
وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ
802- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
بْنُ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنِ
الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَكَانَ
عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، عَلَى أَيْ شَيْءٍ كَانَ الْمَاءُ ؟ قَالَ : عَلَى
مَتْنِ الرِّيحِ
803- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
أَبِي طَالِبٍ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
الْمُبَارَكِ ، حَدَّثَنَا رَبَاحُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ
حَبِيبٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ،
أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
قَالَ : إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ خَلْقَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْقَلَمَ ، وَأَمَرَهُ
فَكَتَبَ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ وَيُرْوَى ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عُبَادَةَ بْنِ
الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا وَإِنَّمَا أَرَادَ ، وَاللَّهُ
أَعْلَمُ ، أَوَّلَ شَيْءٍ خَلْقَهُ بَعْدَ خَلْقِ الْمَاءِ وَالرِّيحِ
وَالْعَرْشِ الْقَلَمُ ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
وَفِي حَدِيثِ أَبِي ظَبْيَانَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، مَوْقُوفًا عَلَيْهِ : ثُمَّ خَلَقَ النُّونَ فَدَحَا
الأَرْضَ عَلَيْهَا
804- أَخْبَرَنَا أَبُو ذَرٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي
الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الْمُزَكِّي ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ
الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْعَبْسِيُّ
، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ مِنْ شَيْءٍ الْقَلَمُ ، فَقَالَ : اكْتُبْ فَقَالَ : يَا رَبِّ ،
وَمَا أَكْتُبُ ؟ قَالَ : اكْتُبِ الْقَدَرَ فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ ذَلِكَ
الْيَوْمِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ قَالَ : ثُمَّ خَلَقَ النُّونَ فَدَحَا
الأَرْضَ عَلَيْهَا فَارْتَفَعَ بُخَارُ الْمَاءِ فَفَتَقَ مِنْهُ السَّمَاوَاتِ ،
وَاضْطَرَبَ النُّونُ فَمَادَتِ الأَرْضُ فَأُثْبِتَتْ بِالْجِبَالِ ، وَإِنَّ
الْجِبَالَ لَتَفْخَرُ عَلَى الأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
805- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي
عمرو قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا الصاغاني ، أَخْبَرَنَا
الحسن بن موسى ، أَخْبَرَنَا أبو هلال محمد بن سليم ، حَدَّثَنَا حيان الأعرج ،
قال : كتب يزيد بن أبي مسلم إلى جابر بن زيد يسأله عن بدء الخلق ، قال : العرش و
الماء والقلم ، والله أعلم أي ذلك بدأ قبل
806- وأخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أَخْبَرَنَا أبو منصور
النضروي ، حَدَّثَنَا أحمد بن نجدة ، حَدَّثَنَا سعيد بن منصور ، حَدَّثَنَا أبو عوانة
، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، قال : بدء الخلق العرش
والماء والهواء ، وخلقت الأرضون من الماء . وقال : بدأ
الخلق يوم الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس ، وجمع الخلق يوم الجمعة ،
وتهودت اليهود يوم السبت ، ويوم من الستة الأيام كألف سنة مما تعدون
807- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو أحمد
محمد بن محمد بن إسحاق الصفار ، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن نصر ، حَدَّثَنَا عمرو
بن حماد بن طلحة ، حَدَّثَنَا أسباط ، عن السدي ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن
ابن عباس ، رضي الله عنهما ، وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ،
وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل : {هو الذي خلق لكم
ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات} ، قال : إن الله تبارك
وتعالى كان عرشه على الماء ، ولم يخلق شيئا قبل الماء ، فلما أراد أن يخلق الخلق
أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الماء ، فسما عليه فسماه سماء ، ثم أيبس الماء
فجعله أرضا واحدة ، ثم فتقها فجعلها سبع أرضين في يومين : في الأحد والإثنين ،
فخلق الأرض على الحوت والحوت هو النون الذي ذكره الله تعالى في القرآن يقول : {ن
والقلم} والحوت في الماء ، والماء على صفاة} ، والصفاة على ظهر ملك ، والملك على
الصخرة ، والصخرة في الريح وهي الصخرة التي ذكرها لقمان ليست في السماء ولا في
الأرض ، فتحرك الحوت فاضطرب فتزلزلت الأرض فأرسل عليها الجبال فقرت.
فالجبال تفخر على الأرض وذلك قوله تعالى : {وألقى في
الأرض رواسي أن تميد بكم} وخلق الجبال فيها ، وأقوات أهلها وشجرها وما ينبغي لها
في يومين في الثلاثاء والأربعاء ، وذلك حين يقول : {أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض
في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها}
يقول : أنبت شجرها} {وقدر فيها أقواتها} يقول : أقواتها لأهلها} {في أربعة أيام
سواء للسائلين} يقول : من سأل فهكذا الأمر} {ثم استوى إلى السماء وهي دخان} وكان ذلك
الدخان من تنفس الماء حين تنفس فجعلها سماء واحدة ، ثم فتقها فجعلها سبع سماوات في
يومين في الخميس والجمعة ، وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السماوات والأرض
: {وأوحى في كل سماء أمرها} ، قال : خلق في كل سماء خلقا من الملائكة ، والخلق
الذي فيها من البحار وجبال البر ، وما لا يعلم ، ثم زين السماء الدنيا بالكواكب ،
فجعلها زينة وحفظا يحفظ من الشياطين ، فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش
فذلك حين يقول : {خلق السماوات والأرض في ستة أيام} يقول : {كانتا رتقا ففتقناهما}
. وذكر القصة في خلق آدم عليه السلام ، وقد مضى ذكره في باب الروح
808- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ شَاكِرٍ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ،
عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا
رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي إِذَا رَأَيْتُكَ طَابَتْ نَفْسِي وَقَرَّتْ عَيْنِي ،
فَأَنْبِئْنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
كُلُّ شَيْءٍ خُلِقَ مِنَ الْمَاءِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
809- أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل
القطان ببغداد ، أَخْبَرَنَا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، حَدَّثَنَا يعقوب بن
سفيان ، حدثني يوسف بن عدي . وأخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي
ببغداد ، حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن أحمد النيسابوري ، حَدَّثَنَا محمد بن
إبراهيم البوشنجي ، حَدَّثَنَا أبو يعقوب
يوسف بن عدي ، حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمرو ، عن زيد بن
أبي أنيسة ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما
، قال سعيد : جاءه رجل ، فقال : يا أبا عباس ، إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي ،
فقد وقع} ذلك في صدري . فقال ابن عباس : أتكذيب ؟ فقال الرجل : ما هو بتكذيب ولكن
اختلاف . قال : فهلم ما وقع في نفسك . قال له الرجل : أسمع الله تعالى يقول : {فلا
أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون}.
وقال في آية أخرى : {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون}.
وقال في آية أخرى : {ولا يكتمون الله حديثا}.
وقال في آية أخرى : {والله ربنا ما كنا مشركين} فقد
كتموا في هذه الآية . وقال في قوله : {أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها ، رفع سمكها
فسواها ، وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها} فذكر في هذه الآية خلق السماء
قبل خلق الأرض ، ثم قال في الآية الأخرى : {أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في
يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها
وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال
لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين} فذكر في هذه الآية خلق الأرض
قبل السماء.
وقوله : {وكان الله غفورا رحيما}
{وكان الله عزيزا حكيما} {وكان الله سميعا بصيرا} وكأنه
كان ثم مضى ، وفي رواية الخوارزمي ثم تقضى . فقال ابن عباس رضي الله عنهما : هات
ما وقع في نفسك من هذا . فقال السائل : إذا أنت أنبأتني بهذا فحسبي . قال ابن عباس
رضي الله عنهما : قوله تعالى : {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} فهذه في
النفخة الأولى ، ينفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله
فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ، ثم إذا كان في النفخة الأخرى قاموا فأقبل
بعضهم على بعض يتساءلون.
وأما قوله : {والله ربنا ما كنا مشركين}.
وقوله : {ولا يكتمون الله حديثا} فإن الله تبارك وتعالى
يغفر يوم القيامة لأهل الإخلاص ذنوبهم ولا يتعاظم عليه ذنب أن يغفره ، ولا يغفر
الشرك ، فلما رأى المشركون ذلك قالوا : إن ربنا يغفر الذنوب ولا يغفر الشرك ،
فتعالوا نقول : إنا كنا أهل ذنوب ولم نكن مشركين . فقال الله تعالى : أما إذ كتمتم
الشرك فاختموا على أفواههم ، فيختم على أفواههم فتنطق أيديهم وتشهد أرجلهم بما
كانوا يكسبون ، فعند ذلك عرف المشركون أن الله لا يكتم حديثا ، فذلك قوله تعالى :
{يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا}.
وأما قوله : {أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها
فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها} فإنه خلق الأرض في يومين
قبل خلق السماء ، ثم استوى إلى السماء فسواهن في يومين آخرين ، ثم نزل إلى الأرض
فدحاها ، ودحوها أن أخرج منها الماء والمرعى وشق فيها الأنهار ، وجعل فيها السبل ،
وخلق الجبال والرمال والآكام وما فيها في يومين آخرين فذلك قوله : {والأرض بعد ذلك
دحاها} {11}.
وقوله : {أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين
وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين
وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها
في أربعة أيام سواء للسائلين} فجعلت الأرض وما فيها من شيء في أربعة أيام وجعلت
السماوات في يومين.
وأما قوله : {وكان الله غفورا رحيما} {وكان الله عزيزا حكيما}
{وكان الله سميعا بصيرا} فإن الله سمى نفسه ذلك ولم يجعله لأحد غيره . وفي رواية
الخوارزمي رحمه الله : ولم ينحله} أحدا غيره ، فذلك قوله : {وكان الله} . أي : لم يزل كذلك . ثم
قال ابن عباس رضي الله عنهما للرجل
: احفظ عني ما حدثتك ، واعلم أن ما اختلف عليك من القرآن
أشباه ما حدثتك ، فإن الله تعالى لم ينزل شيئا إلا قد أصاب به الذي أراد ، ولكن
الناس لا يعلمون فلا يختلفن عليك القرآن فإن كلا من عند الله تبارك وتعالى . أخرجه
البخاري في الترجمة ، فقال : وقال المنهال : فذكره : ثم قال في آخره : حدثنيه يوسف بن
عدي . قلت : وبلغني عن مجاهد وغيره من أهل التفسير في قوله : {والأرض بعد ذلك دحاها} معناه :
والأرض مع ذلك دحاها
810- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ ، بِبَغْدَادَ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْدَهَ الأَصْبَهَانِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
بُكَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ عَوْنِ
بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَخِيهِ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لا يُوَافِقُهَا أَحَدٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ قَالَ : وَقَالَ عَبْدُ اللهِ
بْنُ سَلامٍ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ابْتَدَأَ الْخَلْقَ فَخَلَقَ الأَرْضَ
يَوْمَ الأَحَدِ وَيَوْمَ الاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الثَّلاثِ
وَيَوْمَ الأَرْبَعَاءِ ، وَخَلَقَ الأَقْوَاتَ وَمَا فِي الأَرْضِ يَوْمَ الْخَمِيسِ
وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى صَلاةِ الْعَصْرِ ، وَهِيَ مَا بَيْنَ صَلاةِ
الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ ، عَنِ تَابَعَهُ وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ
، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
811- وأخبرنا أبو الحسن محمد بن أبي المعروف الفقيه ،
أَخْبَرَنَا أبو عمرو بن نجيد ، أَخْبَرَنَا أبو مسلم ، حَدَّثَنَا أبو عاصم ، عن
ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبيه ، عن عبد الله بن سلام ، قال : خلق الله الأرض
في يومين ، وقدر فيها أقواتها في يومين ثم استوى فخلق السماوات في يومين ، خلق
الأرض في يوم الأحد ويوم الإثنين وقدر فيها أقواتها يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ، وخلق
السماوات في يوم الخميس ويوم الجمعة ، وآخر ساعة في يوم الجمعة خلق الله آدم في
عجل ، وهي التي تقوم فيها الساعة ، وما خلق الله من دابة إلا وهي تفزع من يوم
الجمعة إلا الإنسان والشيطان
812- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ
بْنُ مُحَمَّدِ الدُّورِيُّ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : قَالَ
ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ
خَالِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعٍ ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِيَدِي ، فَقَالَ : خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ ،
وَخَلَقَ
فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الأَحَدِ ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ
يَوْمَ الإِثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ ، وَخَلَقَ
النُّورَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ ، وَبَثَّ فِيهَا مِنَ الدَّوَابِّ يَوْمَ
الْخَمِيسِ ، وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ آخِرَ
الْخَلْقِ ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ
إِلَى اللَّيْلِ هَذَا حَدِيثٌ قَدْ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِهِ ، عَنْ سُرَيْجِ بْنِ
يُونُسَ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ.
وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ
غَيْرُ مَحْفُوظٍ لِمُخَالَفَتِهِ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ التَّفْسِيرِ وَأَهْلُ
التَّوَارِيخِ.
وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ
إِنَّمَا أَخَذَهُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ
خَالِدٍ ، وَإِبْرَاهِيمُ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ
813- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ،
أَخْبَرَنِي أَبُو يَحْيَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ ،
بِبُخَارَى ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ
: سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ عَنْ حَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ
السَّبْتِ فَقَالَ عَلِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ مَدَنِيُّ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ
، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ
خَالِدٍ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِيَدِي قَالَ عَلِيُّ : وَشَبَّكَ بِيَدِي إِبْرَاهِيمُ بْنِ أَبِي
يَحْيَى ، وَقَالَ لِي : شَبَّكَ بِيَدِي أَيُّوبُ بْنُ خَالِدٍ ، وَقَالَ لِي :
شَبَّكَ بِيَدِي عَبْدُ اللهِ بْنُ رَافِعٍ ، وَقَالَ لِي شَبَّكَ بِيَدِي أَبُو
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَقَالَ لِي : شَبَّكَ بِيَدِي أَبُو
الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ لِي : خَلَقَ اللَّهُ
الأَرْضَ يَوْمَ السَّبْتِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ
الْمَدِينِيِّ : وَمَا أَرَى إِسْمَاعِيلَ بْنَ
أُمَيَّةَ أَخَذَ هَذَا إِلاَّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى قُلْتُ :
وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبْذِيُّ ، عَنْ
أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ ، إِلاَّ أَنَّ مُوسَى بْنَ عُبَيْدَةَ ضَعِيفٌ ، وَرُوِيَ
عَنْ بَكْرِ بْنِ الشَّرُّودِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ
صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
814- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا محمد بن
صالح بن هانئ ، وإبراهيم بن عصمة ، قالا : حَدَّثَنَا السري بن خزيمة ، حَدَّثَنَا
محمد بن سعيد الأصبهاني ، حَدَّثَنَا يحيى بن يمان ، حَدَّثَنَا سفيان ، عن ابن
جريج ، عن سليمان الأحول ، عن طاووس ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما : {فقال لها
وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين} قال للسماء : أخرجي شمسك وقمرك
ونجومك ، وقال للأرض : شققي أنهارك وأخرجي ثمارك . فقالتا : أتينا طائعين
815- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ
يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ ،
حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ ، عَنْ
عَوْفٍ الأَعْرَابِيِّ ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : خُلِقَ آدَمُ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الأَرْضِ ،
فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الأَرْضِ : مِنْهُمُ الأَحْمَرُ ، وَالأَسْوَدُ
، وَالأَبْيَضُ ، وَالسَّهْلُ ، وَالْحَزَنُ ، وَبَيْنَ ذَلِكَ ، وَالْخَبِيثُ ،
وَالطِّيبُ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ ، عَنْ عَوْفٍ ، فَزَادَ فِيهِ : الأَسْمَرُ
وَقَوْلُهُ : مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا يُرِيدُ بِهِ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِهِ بِأَمْرِهِ
وَقَدْ رَوِّينَا عَنِ السُّدِّيِّ بِأَسَانِيدِهِ أَنَّ الَّذِيَ قَبَضَهَا
مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلامُ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى
816- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو عبد
الله الصفار ، حَدَّثَنَا أحمد بن مهران ، حَدَّثَنَا أبو نعيم ، حَدَّثَنَا إبراهيم
بن نافع ، قال : سمعت الحسن بن مسلم ، يقول : سمعت سعيد بن جبير ، يحدث عن ابن
عباس ، رضي الله عنهما قال : خلق الله تعالى آدم من أديم} الأرض كلها
فسمي آدم قال إبراهيم : فسمعت سعيد بن جبير يقول : سألت ابن عباس
رضي الله عنهما فقال : خلق الله تعالى آدم فنسي فسمي الإنسان ، فقال عز وجل :
{ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما}
817- وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
الْحَرْبِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ ، عَنْ
هِشَامٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ يَوْمَ
الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ أَدِيمِ الأَرْضِ فَسُمِّيَ آدَمَ ، أَلا تَرَى
أَنَّ مِنَ وَلَدِهِ الأَبْيَضَ وَالأَسْوَدَ وَالطِّيبَ وَالْخَبِيثَ ، ثُمَّ
عَهِدَ إِلَيْهِ فَنَسِيَ فَسُمِّيَ الإِنْسَانَ قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا غَابَتِ
الشَّمْسُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى أُهْبِطَ
818- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ
الشَّرْقِيِّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، وَأَبُو الأَزْهَرِ ،
وَحَمْدَانُ السُّلَمِيُّ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ،
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ :
خُلِقْتِ الْمَلائِكَةُ مِنْ نُورٍ ، وَخُلِقَ الْجَانُّ
مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ، وَخُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ مِمَّا وُصِفَ
لَكُمْ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
819- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ،
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ
اللهِ بْنِ الْمُنَادِي ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
: لَمَّا صَوَّرَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ فِي الْجَنَّةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ
اللَّهُ أَنْ يَتْرُكَهُ ، فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ فَيَنْظُرُ مَا هُوَ ،
فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ أَجْوَفَ لا يَتَمَالَكُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ
820- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو أحمد
محمد بن محمد بن إسحاق الصفار ، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن نصر ، حَدَّثَنَا عمرو
بن حماد ، حَدَّثَنَا أسباط ، عن السدي ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن
عباس ، وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم ، فذكر القصة في خلق آدم عليه السلام ، ونفخ الروح فيه كما مضى في
باب الروح . قال : وأسكن آدم الجنة فكان يمشي فيها وحشيا ليس له زوج يسكن إليها ،
فنام نومة فاستيقظ ، وإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله تعالى من ضلعه ، فسألها
: ما أنت ؟ فقالت : امرأة . قال : ولم خلقت ؟ قالت : تسكن إلي ==
التالي ج5. وج6. بمشيئة الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق